الزمبو كرنفال مسيحي طرابلسي يسبق الصيام (دليل جديد على وثنية النصرانية)
http://www.aljazeera.net/mritems/ima...75350_1_34.jpg
نقولا طعمة-بيروت
اليوم هو الأخير قبل بدء الصوم لدى الطوائف المسيحية الشرقيّة. ينطلق أبناء الميناء في طرابلس بحركة احتفالية فريدة بعيدة من التقاليد الدينية، يسمونها "الزمبو"، يسبقها أسبوع من الاحتفالات المحليّة الفولكلورية يعرّفونها بـ"اللعّوبة".
يبدأ الزمبو صباحا، يتجمّع العشرات يطلون أوجههم، والأجزاء المتعريّة من أجسادهم بالأصباغ المختلفة الألوان يعدّونها بأيديهم محليّا، ويتنكرون أوجها وأجسادا بالريش والقصب وفضلات الأقمشة والخيش، يحملون العصي والرماح، ويجوبون الشوارع الداخليّة الضيّقة لمدينتهم التاريخية، يطلقون أهازيج تشبه تلك التي يطلقها السكان الأميركيون الأصليون، أو الزنوج الأفريقيون، وينتهون عند شاطئ البحر، ينزعون الزوائد، يغطسون في المياه مهما كان البرد شديدا، يسبحون، تأتي المياه المالحة على أصباغهم، ويعود الجميع إلى شكله الطبيعيّ.
تهتك فزهد
حركة تستغرق بضع ساعات، يكون النهار قد انتصف، وحلّ موعد الغداء. يبسطون الموائد والمشروبات، ويمضون على الطاولة حتى منتصف الليل حيث تكون أولى ساعات الصوم قد آنت، فيتحوّل "متهتّكو" الأمس إلى "زاهدي" اليوم.
يتوقّف الصخب، تسكت الأهازيج والأغاني، تغيب الملذّات والأطايب، تقفل الطاولة، ويمضي الجميع إلى الحياة الإيمانيّة لمدة خمسين يوما، تنتهي بعيد الفصح.
يتحدّث المعمّرون عن الزمبو الميناوي إن هي إلاّ حركة مصغّرة عن كرنفال ريو دي جانيرو البرازيلي. كلاهما انعتاق من القيود، وجنوح نحو الأهواء والملذات مع فارق نوعي وكمي بين الاحتفالين، وكلاهما استعداد مبالغ فيه لموسم واحد هو الصوم.
http://www.aljazeera.net/mritems/ima...75384_1_23.jpg
يصادف أحيانا أن يتلاقى التقويمان الشرقي والغربي على تحديد مواعيد الصوم والأعياد، فيترافق احتفال الزمبو هنا مع احتفال الريو هناك.
لكنّ بعض أبناء الميناء المتشددين إيمانيا، يفسّرون الزمبو على طريقتهم. يقول طوني صومعي للجزيرة نت إنه "حركة وثنيّة يرمز المؤمنون بها إلى الانتقال من مرحلة الخرافة الوثنيّة قبل بدء الصوم، إلى مرحلة الهداية والإيمان بعده".
عبّر المشرقيون عن الاستعداد لموسم الصوم بالإكثار من المأكولات المحرّمة فيه، خصوصا المشتقات الحيوانيّة، فيصنعون الأطايب قبل الصوم من حلوى دسمة، ومأكولات لحوم وأزباد، ومشروبات روحيّة، ويسمّى هذا الموسم الذي يستغرق ما بين الأسبوعين والعشرة أيام بالمرفع.
ويروي بشارة ميسي -وهو من الناشطين في إحياء الاحتفال سنويا- أنّ أحد المهاجرين حمل البدعة من الخارج، منذ نحو قرن، فاستحسنها أبناء المدينة، ووجدوا فيها تنويعا على تقليدهم المقتصر على عزف الموسيقى، والغناء العادي.
يوم الجنون
ويسمي بعض العامة اليوم بيوم الجنون، ففيه استعراض للقوة، والبرهان على أن ممارسيه هم الأصلب أمام الطبيعة.
وهو يوم جنون تشبّها بما كان يحصل في القرون الوسطى في أوروبا في ما عرف بيوم المجنون، وفيه تسلّم مقاليد الحكم لمجنون ليوم واحد في قرية أو مدينة لكسر رتابة الحياة.
وهو يشبه أيضا يوم الحمار الذي عبّر فيه صغار الكهنة عن انزعاجهم من كبار الأساقفة القدماء لممارسة هؤلاء التمايز الطبقي على أولئك.
المشرف على الاحتفال لهذا العام داني نادر يقول للجزيرة نت "نتمسّك بهذا الاحتفال. ورغم اضطرارنا لتوقيفه سنوات قليلة زمن الاضطراب الأمني اللبناني، أعدنا إحياءه، وبات يشارك فيه المئات، بعد أن كانوا بضع عشرات سابقا، وبعض النسوة وأبناء الطوائف الأخرى".
والتطوّر اللافت هذا العام إدخال مشاهد تمثيلية من قصص الخرافة التي اكتسبوها في الثقافة الشعبية مثل نزع الأرواح من قبل متوحشي الغابات حيث بدا حامل للرمح المثلّث يغرزه في صدور المنبطحين أرضا، فتدخل لعبة الدخان لتعبّر عن زهق الروح، وخروجها من الجسد.
http://www.aljazeera.net/NR/exeres/35F9B159-9DBE-48BC-B83E-9809148F6980.htm