مذهب المنع في تزويج الصغيرة
في الموضوع أورد مناقشة لأدلة الجمهور في تزويج الصغيرة و أدلة المنع مع التنبيه على أن الموضوع داخل بمشيئة الله في مسائل الخلاف و الاجتهاد فلا داعي للتطاول و الانكار على مذهب المنع أو الجواز:
أولا مناقشة أدلة القرآن الكريم:
الدليل الأول
( وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا)
و اليتيمة أي التي مات أبوها و لم تبلغ بعد قال صلى الله عليه و سلم ((..لا يتم بعد حلم..)).
سأل عروة بن الزبير السيدة عائشة عن قول الله تعالىقالت : يا ابن أختي هذه اليتيمة تكون في حجر وليها تشركه في ماله ويعجبه مالها وجمالها ، فيريد وليها أن يتزوجها بغير أن يقسط في صداقها فيعطيها مثل ما يعطيها غيره ، فنهوا أن ينكحوهن إلا أن يقسطوا لهن ، ويبلغوا بهن أعلى سنتهن في الصداق ، وأمروا أن ينكحوا ما طاب لهم من النساء سواهن . قال عروة : قالت عائشة : وإن الناس استفتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هذه الآية ، فأنزل الله(و يستفتونك في النساء) ....
تعلق أبو حنيفة بهذه الآية في تجويزه نكاح اليتيمة قبل البلوغ، وقال: إنما تكون يتيمه قبل البلوغ، وبعد البلوغ هي امرأة مطلقة لا يتيمة، بدليل أنه لو أراد البالغة لما نهى عن حطها عن صداق مثلها، لأنها تختار ذلك فيجوز إجماعاً.
مناقشة الدليل:
قال الامام الكيا الهراسي في احكام القرآن:
وروي عن سعيد بن جبير والضحاك والربيع غير هذا التأويل، وهو أن معنى الآية: «كما خفتم في حق اليتامى فخافوا في حق النساء الذي خفتم في اليتامى ألا تفسطوا فيهنوروي عن مجاهد: (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا) ، أي تحرجتم من أكل أموالهم، فتحرجوا من الزنا وانكحوا نكاحا طيبا مثنى وثلاث ورباع.
والمشكل أن عائشة رضي الله عنها قالت: نزلت هذه الآية في ذلك، وذلك لا يقال بالرأي وإنما يقال توقيفا، ولا يمكن أن يحمل على الجد، لأنه لا يجوز له نكاحها، فعلم أن المراد له ابن العم ومن هو أبعد منه من سائر الأولياء..و يمكن أن يحمل على البالغة لأن عائشة رضي الله عنها قالت ثم إن الناس استفتوا رسول الله صلّى الله عليه وسلم بعد هذه الآية فأنزل الله تعالى:(و يستفتونك في النساء_الى قوله_في يتامى النساء)والصغار لا يسمين نساء......فإن قيل: فالبالغة يجوز التزوج بها بدون مهر المثل برضاها، فأي معنى لذلك الجواب؟يقال إن معناه أن يستضعفها الولي ويستولى على مالها، وهي لا تقدر على مقاومته، ولذلك قال:(إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ)انتهى
http://shamela.ws/browse.php/book-23...e-322#page-320
وذهب مالك والشافعي والجمهور من العلماء إلى أن ذلك لا يجوز حتى تبلغ وتستأمر، لقوله تعالى:
(ويستفتونك في النساء.)والنساء اسم ينطلق على الكبار كالرجال في الذكور، واسم الرجل لا يتناول الصغير، فكذلك اسم النساء والمرأة لا يتناول الصغيرة.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((اليتيمة تستأمر في نفسها ، فإن صمتت فهو إذنها ، وأن أبت فلا جوار عليها))
واليتيمة في الأصل : الصغيرة لا أب لها ، ولكن هذا اللفظ قد يطلق ويراد به البكر البالغة التي مات أبوها قبل بلوغها ؛ فلزمها اسم اليتم ، فدعيت به وهي بالغة ، والعرب ربما دعت الشيء بالاسم الأول الذي إنما سمي به لمعنى متقدم ثم ينقطع الاسم و لا يزول المعنى.و لا يزول الاسم
ومن هنا اختلف العلماء في جواز نكاح اليتيمة التي لم تبلغ ، فذهب سفيان الثوري والشافعي إلى أن نكاحها لا يجوز حتى تبلغ ، قال صاحب عون المعبود ( 6 / 117 ) : ( والمراد باليتيمة في الحديث البكر البالغة ، سماها باعتبار ما كانت ، كقوله تعالى : ( وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ )
وفائدة التسمية مراعاة حقها والشفقة عليها في تحري الكفاية والصلاح ، فإن اليتم مظنة الرأفة والرحمة ، ثم هي قبل البلوغ لا معنى لإذنها ولا لإبائها ، فكأنه عليه الصلاة والسلام شرط بلوغها ، فمعناه : لا تنكح حتى تبلغ فتستأمر أي تستأذن.انتهى
و للمزيد حول أوجه تفسير الآية:
http://quran.ksu.edu.sa/tafseer/tabary/sura4-aya3.html
فتوى اسلام ويب في المسألة :http://fatwa.islamweb.net/fatwa/index.php?page=showfatwa&Option=FatwaId&Id=160717
الدليل الثاني
قوله تعالى (واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن)
فالآية نزلت غي عدة الصغيرة فذلك دليل على صحة نكاحها ثم طلاقها.
رد الاستدلال بالآية على صحة تزويج الصغيرة له مذهبان:
المذهب الأول الأول المسئلة تصدق ايضا على من لم تحض بعد أو تأخر حيضها من البالغات:
قال المعلمي اليماني في فوائد المجاميع ص114:
يقول كاتبه: أمّا الآية ففي دلالتها على صحة زواج الصغار نظر؛ وذلك أنّ قوله: {وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ} يصدق على اللائي لم يحضن لِعِلّة، مع أنهنَّ بالغات، وعلى اللائي لم يحضن لصغرهنّ، فليست خاصة بالصغار.فإن قيل: نعم، ولكنها تعمُّهنّ.
قلت: العموم هنا مقيّد بكونهن أزواجًا؛ لأنّ المعنى: واللائي لم يحضن من نسائكم المطلقات، فلا تعمّ إلا اللائي لم يحضن وهنّ أزواج.
فمعنى الآية: أن كل من لم تَحِضْ من أزواجكم عدتها ثلاثة أشهر. ولا يلزم من هذا أنّ كلّ مَنْ لم تحض يصحّ أن تكون زوجة، كما تقول: كل طويل من بني تميم شريف. فلا يلزم منه أنّ كل طويل من الناس يمكن أن يُجعل من بني تميم. فتأمّله، فإنّه دقيق!
ثم لو فرض أنّ الآية تدل بعمومها على صحة زواج الصغار، فللمخالف أن يقول: هي مخصصة بقوله - صلى الله عليه وسلم: "ولا تنكح البكر حتى تستأذن". إذ معناه: حتى يطلب منها الإذن فتأذن. والصغيرة إنّما يصدق عليها شرعًا أنها أذنت بعد بلوغها، فيلزم منه: لا تنكح الصغيرة حتى تبلغ، فتُستأذن فتأذن.
وقد تقدم في الكلام "الفتح" أنّه لا معنى لاستئذان الصغيرة، وأنّه لا عبارة لها.
ولكنهم حاولوا بذلك إخراجها من الحديث، وهو مردود لدخولها في عموم البكر. وعدمُ صحة استئذانها وإذنها في حال الصغر لا يكفي في إخراجها؛ لأنّ استئذانها وإذنها ممكن بعد أن تبلغ.
وفي كلام "الفتح" في باب تزويج الصغار من الكبار ما يتضمن الاعتراف بهذا، كما تقدم. فقد ثبت أن لا دلالة في الآية.انتهى
http://shamela.ws/browse.php/book-14381#page-9718
تعقيب معلوم أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب :
انظر الشرح الممتع على زاد المستقنع للامام ابن عثيمين:
قوله: «وعدة من بلغت ولم تحض» عدة من بلغت ولم تحض ثلاثة أشهر؛ لعموم قوله تعالى: {وَاللاَّئِي لَمْ يَحِضْنَ} [الطلاق: 4]، فهو عام حتى لو فرض أن هذه المرأة لها ثلاثون سنة، ولم يأتها الحيض فإنها تعتد بثلاثة أشهر، وإن قدر أن لها ثماني سنوات وفارقها زوجها فلا عدة عليها؛ لأنها ليست ممن يوطأ مثلها.
http://shamela.ws/browse.php/book-10649#page-5582
انظر الوسيط في المذهب لابي حامد الغزالي:
فَإِن تَأَخَّرت حَيْضَتهَا من الصغر فَلم تَحض أصلا فعدتها بِالْأَشْهرِ لعُمُوم قَوْله تَعَالَى (واللائي لم يحضن)
http://shamela.ws/browse.php/book-6128#page-2666
و استظهار العموم ورد في كتب التفسير كالبحر المحيط و نقله عنه الألوسي في تفسيره وورد في تفسير البقاعي و تفسير السعدي.
انظر ايضا شرح زاد المستقنع للشنقيطي:
فإذا ثبت أن المرأة في صغرها لم تحض فبالإجماع أنها تعتد بالأشهر، فإذا وصلت إلى سن الحيض ولم يجر معها دم حيض استصحب الأصل، فبلوغها لم يؤثر في الحكم شيئاً؛ لأنها لا زالت غير حائض، والله يقول: {وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ} [الطلاق:4] فبين أن اللائي لم يحضن عدتهن ثلاثة أشهر، وهذه لم تحض، فتبقى على حكم الأصل فتعتد ثلاثة أشهر، وهذا كما نص عليه المصنف رحمه الله وهو قول طائفة من أئمة العلم من السلف والخلف.
http://shamela.ws/browse.php/book-7696#page-5643
و وجه اخراج تزويج الصغيرة من دلالة الآية هو كون الآية مقيدة بكونهن ازواج و لا يعني ذلك أن العكس صواب بالضرورة و قد ضرب المثل على ذلك و استدل بحديث استئذان البكر و أن أذن الصغيرة غير ممكن الا بعد أن تبلغ كما هو في رأي الجمهور.
أما اخراج البكر الصغيرة من حديث (لا تنكح البكر حتى تستأذن)من حيث المعنى حيث أن لا اذن لها معتبر له وجه للرد عليه غير العموم هو ما أورده ابن عثيمين في الشرح الممتع:فإذا قال قائل: قوله( يستأذنها)يدل على أن المرأة لها رأي، فلا نجعل الحكم خاصاً بالصغيرة، ونقول: المكلفة لا تجبر، لكن الصغيرة تجبر.
قلنا: أي فائدة للصغيرة في النكاح؟! وهل هذا إلا تصرف في بضعها على وجه لا تدري ما معناه؟! لننتظر حتى تعرف مصالح النكاح، وتعرف المراد بالنكاح ثم بعد ذلك نزوجها، فالمصلحة مصلحتها.
http://shamela.ws/browse.php/book-10649#page-4781
مع التنبيه على أن اختياره رحمه الله هو مذهب ابن شبرمة مع اجازته نكاح بنت التسع فأكثر ولكن لابد من اذنها لكن اختياره علله بأنه قد بدأت تتحرك شهوتها و تحس النكاح فنقول من يفهم اختيار الشيخ ليس كل من وصلت تسع سنين اذنها معتبر اذ أن هناك من تصل هذا السن و مازالت في منتهى حال الطفولة و لاتدرك و لم تتحرك شهوتها لمثل هذه الأمور بالقدر الكافي فالأحوال تتفاوت لكن اختيار الشيخ يمكن توضيحه بما ورد في لسان العرب:
وراهق الغلام ، فهو مراهق إذا قارب الاحتلام . والمراهق : الغلام الذي قد قارب الحلم وجارية مراهقة . ويقال : جارية راهقة وغلام راهق ، وذلك ابن العشر إلى إحدى عشرة ، وأنشد :
وفتاة راهق علقتها في علالي طوال وظلل.
و لا أظن أن من يذهب للمنع أو الجواز يختلف على أن البنت اذا قدر لها قبل البلوغ ان عرفت النكاح و مصالح النكاح وأذنت بزواجها فهي الأدرى بمصلحتها و بحالها فلا أحد يستطيع المزايدة على ذلك..
انظر فتوى اسلام ويب في رأي المعلمي اليماني أن له حظ من النظر و أن المسئلة من مسائل الخلاف وليست مجمع عليها .
http://fatwa.islamweb.net/fatwa/inde...waId&Id=304396
المذهب الثاني في رد الاستدل بالآية :
قال الامام الكيا الهراسي في أحكام القرآن:
الوجه الثاني:الآية نزلت في عدة الصغيرة و ليس في طلاق الصغيرة.
قال الامام الكيا الهراسي:
ولما ثبت أن المراد باليتيمة البالغة، ولم يكن في كتاب الله دلالة على جواز تزويج الصغيرة،لا جرم صار ابن شبرمة إلى أن تزويج الآباء للصغار لا يجوز، وهو مذهب الأصم، لأن نكاح الصغيرة يتخير*بتفويت من غير تعجيل مصلحة، على ما قررناه في تصانيفنا في مسائل الخلاف، وإذا ثبت ذلك فلا يجوز ذلك تلقيا من القياس ولا توقيفا.
وقد قال قائلون: بل في كتاب الله ما يدل على جواز تزويج الصغيرة، فإن الله تعالى يقول:
(وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ) «3» .
فحكم بصحة طلاق الصغيرة التي لم تحض، والطلاق لا يقع إلا في نكاح صحيح، وهذا لا دافع له إلا أن يقال:
النكاح في حق الصغيرة، إن لم يتصور، فالوطء الموجب للعدة متصور، وليس في القرآن ذكر الطلاق في حق الصغيرة، إنما فيه ذكر العدة، والعدة تجب بالوطء، والوطء متصور في النكاح الفاسد، وعلى حكم الشبهة في حق الأمة تزوجها مولاها وهي صغيرة فتوطأ.
*يتخير: أي يختار، والمراد يتم ويتحقق، إذا أخترنا القول بصحته بتفويت حقها في الاختيار عن رضا واقتناع بعد البلوغ.
http://shamela.ws/browse.php/book-23...e-320#page-322
يستكمل بمناقشة بقية أدلة السنة و الاجماع و ما ورد في كتاب المبسوط من من تعليل مذهب ابن شبرمة و رد الامام السرخسي عليه في المشاركات القادمة حتى لا يطول الموضوع.