التوحيد هو التسليم لله ..

الشعور عندما يرتبط بالله فإنه يريد أن يربط كل أعمالك بالله ويختار منها الأقرب للطبيعة ولرضا الله , فيرغِّبك بكل عمل يقرب إلى الله وينفِّرك عن كل عمل لا يرضي الله , وكلما ازدادت الأعمال الطبيعية فإنها تصبح أعمالاً مترابطة؛ لأن هذه الأعمال لا تخدم الشخص نفسه، أي أن الشخص الطبيعي لا يعمل من أجل الأخذ بل يعمل من أجل العطاء، فالعبد لله يعرف كيف يعطي ولا يعرف كيف يأخذ.


والعبد ليس له حرية، بل يعمل بموجب ما يريد سيده , فاللحظة التي قال فيها الإنسان بأنه أسلم حياته لله رب العالمين فإن حياته تصبح مترابطة؛ لأن أعماله مرتبطة بالله، وبذلك تصبح حياته كلها مترابطة ويقل التناقض فيها, فليس لديه لهو مطلوب لذاته ولا لعب؛ لأن حياته كلها لله، وهذا لا يعني أن اللعب واللهو حرام، لكنه عرضي وليس هدفاً بذاته.
والحياة التي يحياها العبد لله ليست شاقة، بل هي حياة سعيدة وتنظم وقت الإنسان، فلا وقت ضائع ولا مال ضائع , فالعبد ليس بحاجة للتسلية؛ لأن عمله الذي يقدمه لله يشعر بسببه بالسعادة والراحة .


هل حق الله على العبيد فقط التوحيد الذي بمعنى توحيد العبادة لله من ذبح ونذر ونسك وحلف...؟؟ وهي أعمال أكثرها سلبية وهي عدم فعل الشيء، بينما الإسلام إيجابي، فهي لا تحمل إيجابية بقدر ما تحمل سلبية في عدم الفعل , بينما الجانب الإيجابي يكون في قوله تعالى : {قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين * لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين} , فهو لم يقل فقط صلاتي ونسكي , بل أمر أن تكون حياته ومماته لله رب العالمين، ولذلك هو أول المسلمين، والمسلمون هم المسلمون لحياتهم كاملة وليس فقط نذر أو نسك , وبذلك تكون حياة المسلم إيجابية للخير وسلبية عن الشر والباطل، وليس فقط ذبح أو نذر..


وحتى الأشياء العادية تكون مرتبطة بالله وليست فُرُطاً , فأي شيء فُرُط هو لم يرتبط بالله , فالمسلم لا يعمل الأشياء لذاتها كأن يتسلى للتسلية أو للهو أو يكتب للكتابة أو يقرأ للقراءة أو يبحث عن الإثارة إلا إذا ربط هذا الشيء بطريق الله ولو من بعيد , وعلى قدر ما يرتبط سلوكنا -حتى لو لم يكن عبادة- بالله على قدر ما نكون سعداء ونعرف ماذا نفعل وإلى أين نـحن نسير، ولا نـحب ولا نكره إلا في الله .

((كتبه الورّاق))