الإسلام عصمة لمن لجأ إليه
إن الله عز وجل ، جل ثناؤه وتقدست أسماؤه وتبارك اسمه وتعالى جده ولا إله غيره ،
جعل الإسلام عصمة لمن لجأ إليه ، وجنة لمن استمسك به ، وعض بالنواجذ عليه ،
فهو حرمه الذي من دخله كان من الآمنين ، وحصنه الذي من لجأ إليه كان من الفائزين ،
ومن انقطع دونه كان من الهالكين . وأبى أن يقبل من أحد دينا سواه ،
ولو بذل في المسير إليه جهده واستفرغ قواه ،
وأظهره على الدين كله حتى طبق مشارق الأرض ومغاربها ، وسار مسير الشمس في الأقطار .
وبلغ إلى حيث انتهى الليل والنهار ، وعلت الدعوة الإسلامية وارتفعت غاية الارتفاع والاعتلاء .
بحيث صار أصلها ثابتا وفرعها في السماء فتضاءلت لها جميع الأديان ، وخرت تحتها الأمم منقادة بالخضوع والذل والإذعان ،
ونادى المنادي بشعارها في جو السماء بين الخافقين : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صارخا بالشهادتين ، حتى بطلت دعوى الشياطين ، وتلاشت عبادة الأوثان ، واضمحلت عبادة النيران ، وذلت المثلثة عباد الصلبان ، وتقطعت الأمة الغضبية في الأرض كتقطع السراب في القيعان ، وصارت كلمة الإسلام هي العليا ، وصار لها في قلوب الخلائق المثل الأعلى ، وقامت براهينه وحججه على سائر الأمم في الآخرة والأولى ، وبلغت منزلته في العلو والرفعة الغاية القصوى ،
وأقام له وليه ومصطفاه أعوانا وأنصارا نشروا ألويته وأعلامه ، وحفظوا من التغيير والتبديل حدوده وأحكامه ، وبلغوا إلى نظرائهم كما بلغ إليهم من قبلهم حلاله وحرامه ،
فعظموا شعائره ، وعلموا شرائعه ، وجاهدوا أعداءه بالحجة والبرهان ، حتى استغلظ واستوى على سوقه يعجب الزراع ويغيظ بهم الكفار ، وعلا بنيانه المؤسس على تقوى من الله ورضوان ، إذ كان بناء غيره مؤسسا على شفا جرف هار .
فتبارك الذي رفع منزلته ، وأعلى كلمته ، وفخم شأنه ، وأشاد بنيانه ، وأذل مخالفيه ومعانديه ، وكبت من يبغضه ويعاديه ، ووسمهم بأنهم شر الدواب ، وأعد لهم إذا قدموا عليه أليم العذاب والعقاب ، وحكم لهم بأنهم أضل سبيلا من الأنعام ، إذ استبدلوا الشرك بالتوحيد ، والضلال بالهدى ، والكفر بالإسلام ،
:007:
{ قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأخْسَرِينَ أَعْمَالا (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا (104) أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا (105) ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُوًا (106) } .
اللهم ثبتناعلى الايمان وعلى شهادة ان لا اله الا الله وان محمد رسول الله
المصدر : كتاب هداية الحيارى فى أجوبة اليهود والنصارى