تجسدات لا نهائية للبشر,ودعوة لأخواننا المسيحيين العقلاء للتأمل.

بسم الله الرحمن الرحيم

تأملات حول قضية التجسد غابت عن أخواننا المسيحيين:

نحن نعلم أن أخواننا النصارى صادقين....هم مخلصين في حبهم ومشاعرهم لعيسى وتوقيرهم له لدرجة أنهم وضعوه في منزلة الألوهية,وأنه هو الله الذي ينزل الى الأرض على هيئة رجل, هو الله متجسدا,أقول مجددا هذا اعتقاد هندوسي,انه"آري" انه اعتقاد هندوسي, وليس "سامي"يعني ما بدين موسى وعيسى ومحمد,وهاؤلاء ساميون,فأولاد الأب ابراهيم كما تعلمون, يطلق عليهم اسم"ساميون",وهذا الاعتقاد بأن الله يصبح بشرا غير معروف بين الساميين...فهذا اعتقاد "آري"...أمن الهندوس بأن"راما" كان التجسد السابع لله....وأن "كريشنا" هو التجسد الثامن لله.....و"بوذا"هو التجسد التاسع لله....ويؤمنون بعدد لا نهائي من التجسدات,أي أن الله تعالى يأتي الى هذا العالم مرارا وتكرارا على هيئة بشر,انه الاله ذاته,اله واحد,لكنه يأتي الى هذا العالم بهيئات مختلفة عبر التاريخ, تجسدات لا نهائية,هم يبررون,ومنطقهم كان جيد جداحول هذا الاعتقاد,عن تحول الله الى رجل,يقولون بأن الله طاهر جدا قدوس, هو قدوس كليا,لذا لكي يصبح مؤهلا عليه أن ينزل الى الأرض,وحتى يفهم الله مشاكل البشر عليه أن يصبح بشرا,تلك هي الفلسفة الهندوسية, ذلك هو منطقهم حول تحول الله الى بشر.
يقول المسيحيين, بأن الله لم يتجسد قبل عيسى ولن يتجسد بعده,هو التجسد الوحيد,أي أن الوقت الوحيد الذي أتى به الله الى هذا العالم على هيئة البشر, كان على هيئة عيسى. يقول المسلم بأن الله لا يتجسد أبدا.
ليس عليه أن يصبح بشرا ليفهم مشاكل البشر,الخالق يعلم ما خلق.اذا كنت أنا من صنع الطاولة,أعرف ما هي,ليس علي أن أصبح طاولة, لكي أفهم الطاولة,اذا كنت أنا من صنع مكبر الصوت,أعلم ما صنعت,أن مؤهل لاخبارك عن كيفية استعماله. اذا صنعت سيارة, ليس علي أن أصبح مثلها,لأخبرك عنها,اذا كنت أنا من صنعها فأعرف ما هي,ويمكنني اخبارك كيف تستعمل تلك الآلة, التي صنعتها بنفسي.
على نحو مشابه, نقول بأن الله, خلق الأشياء وهو يعلم ما خلق, وهو مؤهل لاخبارك كيف أو كيف لا تسيئ استعمال آلته, فهو مؤهل لذلك.
لذا فالله لا يتجسد, هو لا يصبح بشرا, لكي يفهم مشاكل البشر, الصانع يعلم ما صنع.
ما يفعله هو أنه يختار رجلا من البشر, ذو لحم ودم,لكن ذلك الشخص يكون مخلصا لله, يتواصل الله معه بمستوى روحاني عال,يسمى بالوحي,كأنها موجات كهرومغناطيسية في عالم روحي, هذا الشخص يتلقاها, يسمعها, نحن جالسون الى جانبه لكننا لا نفهم هذه الرسائل, هو يسمعها على مستوى عال,ثم ينقلها الينا على مستوى البشر, لا يجب عليك أن تسرق,لا يجب عليك أن تقتل. لا يجب عليك أن تزني.....الخ,يخبرنا على مستوانا البشري,نقول هذا الشخص هو نبي لله,هو فم الله يتحدث كلام الله, لكنه ليس الله, نحب ونحترم ونوقر كل أنبياء الله, لكن نقول بأنهم يتكلمون بكلام الله ولكنهم ليسوا ألهة.
أخواني المسيحيين:
يقول الله سبحانه وتعالى " يا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا"
ويقول سبحانه وتعالى" ما المسيح ابن مريم الا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة كانا يأكلان الطعام, أنظر كيف نبين لهم الآيات,ثم أنظر أنى يؤفكون"

قوله تعالى : ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل ابتداء وخبر ; أي : ما المسيح وإن ظهرت الآيات على يديه فإنما جاء بها كما جاءت بها الرسل ; فإن كان إلها فليكن كل رسول إلها ; فهذا رد لقولهم واحتجاج عليهم ، ثم بالغ في الحجة فقال : وأمه صديقة ابتداء وخبر كانا يأكلان الطعام أي : أنه مولود مربوب ، ومن ولدته النساء وكان يأكل الطعام مخلوق محدث كسائر المخلوقين ; ولم يدفع هذا أحد منهم ، فمتى يصلح المربوب لأن يكون ربا ؟ ! وقولهم : كان يأكل بناسوته لا بلاهوته فهذا منهم مصير إلى الاختلاط ، ولا يتصور اختلاط إله بغير إله ، ولو جاز اختلاط القديم بالمحدث لجاز أن يصير القديم محدثا ، ولو صح هذا في حق عيسى لصح في حق غيره حتى يقال : اللاهوت مخالط لكل محدث ، وقال بعض المفسرين في قوله : كانا يأكلان الطعام إنه كناية عن الغائط والبول ، وفي هذا [ ص: 186 ] دلالة على أنهما بشران ، وقد استدل من قال : إن مريم عليها السلام لم تكن نبية بقوله تعالى : وأمه صديقة .

قلت : وفيه نظر ، فإنه يجوز أن تكون صديقة مع كونها نبية كإدريس عليه السلام ; وقد مضى في " آل عمران " ما يدل على هذا . والله أعلم . وإنما قيل لها صديقة لكثرة تصديقها بآيات ربها وتصديقها ولدها فيما أخبرها به . عن الحسن وغيره . والله أعلم .

قوله تعالى : انظر كيف نبين لهم الآيات أي الدلالات . ثم انظر أنى يؤفكون أي : كيف يصرفون عن الحق بعد هذا البيان ; يقال : أفكه يأفكه إذا صرفه ، وفي هذا رد على القدرية والمعتزلة .
ويقول سبحانه وتعالى" قل هو الله أحد, الله الصمد, لم يلد ولم يولد, ولم يكن له كفؤا أحد"

الشيخ الفاضل:احمد ديدات