ركود
تجر اللحظات بعضها بينما تنتظر أناملي لحظة مناسبة لتسجل فكرها بواسطة لوحة المفاتيح ثم تنشره بين عابري السبيل في شبكة المعلومات ...
يلفت الحساب وعيي أن ما أحظى به له ثمن . تشاركه الحيرة السؤال : أتستحق الكتابة الوقت الذي تنفقيه فيها ؟ يكيل الحرص الأسئلة تباعاً :
لمن ؟
إبتغاء .. ؟
ينافح عقلي عن فعله و أنه يطالع نتاج عمله في موضع خارجه على شاشة حاسب ، يحسب به موضع الخطوة التالية . يتلاشى وقت استغرقه العقل في تعلية مبانيه الخاوية تلك ، يطرأ ما يفسد الحساب ، يتهاوى الخيال مثيراً من الرماد ما يغبش البصر قليلاً .
****************
لكنني لا عقل لي سوى ذاك الذي تقتلني أخطاؤه وأود له الصلاح ، رغم أنني أعرف بعض ما يصلحه ، أتوانى .. تنزلق خطواته على مشارف أرض النفاق . ألمح مسالكها دخولاً و خروجاً ، أفزع من الهوي فيها، أنوي التغيير ، لكنني لازلت ألتحف الكسل في سبات عقلي عميق و أدعي أنني أحسب بدقة أثناء سباتي، تستمر خطواتي على مسار لا يصل إلى التغيير ، أستمر رغم أنني أنوي التغيير!
****************
لأضع بعض الافتراضات لحل معضلتي:
محور رئيسي يدور في فلكه ما يقيم أوده : مرض أفسد الأعصاب التي تنقل الإحساس لسيدها المخ، ينتظر الحساب و التنظيم و الإرادة و الوعي زادهم من الإحساس فيصلهم منه ما يجعلهم يزهدون أعمالهم فيعرضون عنها ، تنبض الأعصاب بألم ، تنتشر الرسالة في أنحاء نفسي تؤكد لي أن لا وجود لعالم خارجي . و أن الشلل سجن مؤكد ، لا مخرج منه .
الفرضية الثانية : حل يسير أحيا به في ظل الشلل يحوي عمري : ردود أفعال مكررة ، و الله أودع في كياني البشري من البرامج العقلية ما يثير العجب . أزيحها جانباً بعيدًا عن إدراكي كيما أستريح من عنائها فقد أضناني أفكار كثيرة لاأعرف لها نفعاً. (أترون بالجوار حل آخر؟)
و النعم لدي تنادي : الماء هنا يروي جنة للجميع . لكن العجز داخلي يصنع فقراً مدقعاً حولي .
أحد فروض مسألتي تصنف البشر لعدو متجهم و صديق هجرني مع من هجر ، خانة الأصحاب صارت مجهولة و رد فعلي على غيابهم ، أن أعّـد الغياب فناء لا يعيده جهد مهما علا .
أما ما يسد مسارب النفس حتى تستكثر بناء فعل خارجها ، يشعلها ثورة تأكل الاستكانة للوحة المفاتيح فهو النبل يلصقونه بقلبي و نفسي التي يعدونها معطاءة . أفتش في الأنحاء بحثاً عن قلبي النبيل فيتردد صدى حسرات ترتعد لها نفسي . و أحياناً تريحني كلماتهم فأفتش عن قلب نبيل لأشتري واحدًا!
يمس الحساب من نفسي شعاعاً فتهدأ ، يقول صديقي الغالي : سجن نبذوك فيه ركناً قصياً كي لا يشغلوا أنفسهم بك ، برجاء لو صادفك الذي تنوين شراءه بثمن غالي معروضاً للبيع ، برجاء أن لا تلقي لي إشارة فالأمر لا يشغلني .
ينصرف الخيال و يكمل الحساب حديثه لأعصابي عن المنفعة ابنة المصلحة فأستمع باهتمام :
قوانين الحياة الطبيعية التي أودعها رب الحياة فيها ، ماذا لو رسمت بها لنفسك مساراً نتحرك وفقه ثم ترين كيف تسير الأشياء ؟ ثم أخبريهم أن ذلك صلاح الأمر و أن كياني و من يضمهم جناحي صار الخير .
يطربني الحساب حين يقول عن سداد خطوة و رمية في الهدف مباشرة .
يقول : كلمة تضبط حسابات آخرين فينتظم زرعهم ، يثمر ، فيهدونني منه . تنساب حركتي بين الخضرة ارتياح بال و رضا .
يعطيني مثالاً يفصّـل الأمر :
اشتد المرض حد العجز ، وارتعدت فرائصي أن يعيد الزمن تلاوة أحزاني بنسخة مجددة ، تشهق أنفاسي تاركة الحياة و شأنها مرة أخرى .
المرض لا أعرف ما يكشفه إلا دعاء من بيده ملكوت كل شيء رب العالمين . لكن دعوتي ينقصها قوة تجعلها تنفذ ، أقصر من أن تصل مداها . عندها نسخت الدعاء في متصفحات عدة فأمن عليها من لا أعرف؟
انفرجت الصخرة وتسللت أشعة نور أضاءت ما بالخارج . تلاشى شيء أثقل النفس ، استقبلت الهواء مجدداً فقرت فيها الحياة .
هناك ما يربك الحساب ، حين أضم الجميع في دعائي و عملي و قلقي و مودتي . عامل جديد أضيفه للحساب، فترجح كفة الكتابة في المعادلة.
****************
الله الواحد الأحد الفرد الصمد ، خالقي ، أدعوك و أنت أعلم الناس بعوجي و قصري و ما أنا عليه ، إني ظلمت نفسي ظلماً لا أطمع معه في عفوك حتى تلقي منك خاطراً في النفس يذكرني أنك حرّمت اليأس من رحمتك . يستقر شعاع في النفس فتدعوك مجدداً :
إلهي ، رب العالمين ، رب النبي محمد صلواتك و سلامك عليه و آله الأطهار ، اللهم اجعل القرآن نور بصيرتي و ماء نفسي و حياة وجداني و منصرف أفعالي .
رب النبي محمد صلى الله عليه و سلم ، اجعل لي من نور نبيك بصيرة و وحي يزين قولي و فعلي .
رب الصلاة و القرآن ، اجعل في نفسي فراغاً مما لا يعنيني ، أملأه قرآنا و صلاة و فهماً عنك و خفف به وزري الذي أنقض ظهري .
ألا يا رب هذا لي و لأهل بيتي و لمن سألني الدعاء من صالح المؤمنين .
****************