« نكبة » بـــــ « نكهة الثورة »
« نكبة[*] » بـــــ « نكهة الثورة »
15 مايو 2011م
يعاد غداً؛ الأحد أحداث 1948م بمرور 63 عاما عليها، وثورة التغيير على الساحة العربية تهز أركان الكيانات الكرتونية الموجودة وفق مشروع إمبريالي يطلق عليه زوراُ " الشرق الأوسط الجديد " ، هذ الثورة تهز هذه الكيانات من القواعد، ويمكننا القول بأن العقلية والنفسية العربية والضمير العالمي الحر يحمل "معرضاً وثائقياً للنكبة [**] " يؤرخ " لفقدان الوطن وتشريد أهل وشعب أرض المعراج" ، يسترجعه دائماً أبدا ، هذا لأنه :
تهب على المنطقة العربية رياح تشتهيها القوى الشعبية محملة بـــلقاحات التغيير ؛ وليس التحسين والتبديل والإصلاح لإيجاد و اقع صالح لغد مشرق بالأمل يتناسب مع الفرد العربي ذي القدرات غير المحدودة وخلع رداء التبعية والرجعية .
و تعم أنحاء العالم من قِبل الأقليات والجاليات موجاتٌ من التأييد والموافقة التامة لما يتم داخل المنطقة العربية، والمؤسسات الرسمية والهيئات والمنظمات التابعة لها تقف أمام الثورة الشعبية موقف المذهول لما يجري على أرض الشارع ولا تتمكن من مسايرة التغييرات الميدانية ، فالثوار يستخدمون أدوات تتناسب مع لغة العصر ومتطلبات الزمان وبتحركات سلمية ذات سقف عال لمطالبهم ؛ ومفردات لم تعتاد عليها الأنظمة الحاكمة القمعية ولا تفهمها.
وهذا يعود إلى :
[ 1. ] تأصل الوعي السياسي لجماهير الأمة العربية،
[ 2 . ] النضوج الفكري لفئات متعددة من القوى الشعبية الفاعلة،
[ 3 . ] إرتفاع الحس الشعبي بالقضايا المصيرية والوطنية والقومية،
[ 4 . ] غياب الأحزاب التقليدية الموالية لنظام الحكم ، أو قوى المعارضة المخترقة من قِبل أجهزة الدولة .. عن ساحات التغيير ؛ وميادين الثورة،
[ 5. ] التحرك السريع المدروس من القوى الشعبية الفاعلة وفي الوقت المناسب وذو كفاءات عالية على مسرح الأحداث،
[ 6. ] سرعة سقوط الأنظمة الحاكمة الشمولية الفردية المتسلطة على رقاب الشعب، ومَن يترنح قبل السقوط ويظهر مقاومة التحرك الشعبي ينزلق في بركة دماء شهداء التغيير فيغرق فيها .
هذا وأضف :
[ 7 . ] المصالحة الفلسطينية بين تيارات الحراك الوطني،
[ 8. ] حالة الإرتبارك والذعر التي أصابت كافة الأنظمة العربية الحاكمة ففقدت رشدها أو القدرة على معالجات ناجعة،
و كذلك فقد :
[ 9 . ] خسر الرهان أحد الساسة الصهاينة حين قال :" الكبار سيموتون؛ والصغار سينسون" ، والواقع أثبت غير ذلك تماماً .
الواقع الجديد يختلف تماماً عن السابق فقد كانت الأسباب التي أدت إلى نجاح قيام دولة إسرائيل و ضياع فلسطين يعود إلى :
[ 1 ـ ] ضعف الجيوش العربية ، وعدم اكتمال مقدراتها العسكرية؛ خاصة وأن تلك الدول كانت حديثة العهد بالخروج من دائرة الاستعمار الأجنبي .
[ 2 . ] عدم وجود خطة عسكرية موحدة لدى الجيوش العربية ، كما لم تكن هناك قيادة موحدة لها في الوقت الذي كان الصهاينة فيه تحت قيادة واحدة ، تمارس عملها بشكل منظم .
[ 3 ـ ] الخلافات بين الدول العربية حول القيادة أفسد الدور الحقيقي المرجو لتلك الجيوش .
[ 4 ـ ] التباعد الشديد بين القرار السياسي العربي والقرار العسكري للجيوش العربية فقد كان الساسة العرب يطلقون بياناتهم وتصريحاتهم بعيدا عما تقوم به القوات العسكرية ودون حدوث تشاور بينها .
[ 5 ـ ] فساد الأسلحة لدى بعض الجيوش العربية وبخاصة مصر فلعب دورا هاما في عدم مقدرة الجيش المصري من القيام بالمهام اللازمة .
[ 6 ـ ] وقوع العديد من تلك الدول العربية تحت ضغط الدول الكبرى وتأثيراتها وقدراتها العسكري لدرجة أن وزير الدفاع الأردني في تلك الفترة كان ( كلوب باشا ) البريطاني الأصل !!!!!!
[ 7 ـ ] اتفاق الدول العربية على وقف الأعمال العسكرية التي كان يقوم بها جيش الإنقاذ والجهاد المقدس في خطوة مبهمة يصعب تفسيرها !!!!!
[ 8 ـ ] التدخلات الأجنبية التي لعبت دورا بارزا في تحقيق حلم الصهاينة في تأسيس دولة لهم على حساب الوطن العربي .
..... ولا تزال نكبة الشعب الفلسطيني مستمرة وشلال الدم يروي الأرض الطاهرة .
أما الجديد فهو :
وجود مشروع قابل للوجود يُعمل على تحقيقه، وعودة القضية الفلسطينية إلى موضعها الطبيعي كقضية مركزية من قضايا الثورة العربية المباركة وملف يعاد بحثه بروية وعين بصيرة .
*****
الرمادي
14 مايو 2011م
ـــــــــــــــــــــ
الهوامش:[*] كان المؤرخ اللبناني " قسطنطين زريق" أول من استعمل مصطلح ” « نكبة »” لوصف أحداث 1948م وذلك في كتابه ” معنى « النكبة »” الصادر في أغسطس 1948م . وهو الاسم الذي يطلقه الفلسطينيون على تهجيرهم وهدم معظم معالم مجتمعهم السياسية، والاقتصادية والحضارية عام 1948م . وهي السنة التي طُرد فيها الشعب الفلسطيني من بيته وأرضه وخسر وطنه لصالح إقامة الدولة اليهودية - دولة إسرائيل. وتشمل أحداث « النكبة »، احتلال معظم أراضي فلسطين من قبل الحركة الصهيونية، وطرد ما يربو على 750 ألف فلسطيني وتحويلهم إلى لاجئين، كما تشمل الأحداث عشرات المجازر والفظائع وأعمال النهب ضد الفلسطينيين، وهدم حوالي 500 قرية وتدمير المدن الفلسطينية الرئيسية وتحويلها إلى مدن يهودية. وطرد معظم القبائل البدوية التي كانت تعيش في النقب ومحاولة تدمير الهوية الفلسطينية ومحو الأسماء الجغرافية العربية وتبديلها بأسماء عبرية وتدمير طبيعة البلاد العربية الأصلية من خلال محاولة خلق مشهد طبيعي أوروبي، ويمكننا القول أن الشعب الفلسطيني أصابته نكبة آخرى مع اتفاق أوسلو في عام 1993.
[**] ينبغي التركيز على الأحداث " الهامة التي أدت إلى « النكبة » من سنة 1896م إلى سنة 1967م" التي شهدت حربا احتلت فيها إسرائيل هضبة الجولان السورية وشبه جزيرة سيناء المصرية وقطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية.
[/FONT]
