الجزء الثانى من حوار مفحم لاى مسيحى ( مناظرة كتابية )
رد الاستاذ فادى المسيحى المهتم بدراسة الدين المسيحى
لأَنَّهُ هَكَذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ.(يو3: 16)
تحية وبعد،
دعني أشكرك في بادئ الامر على رسالتك المطولة التي تناولت بها الامور الكثيرة بشكل محدد. اعترف أنك فاجأتني قليلا بسبب كثرة المعلومات التي تعرفها عن المسيحية ولكن ما فاجأني أكثر هو القناعة الراسخة عندك اننا كمسيحيين نسلك بالضلال وفي الوقت عينه تريدني ان اجيبك على اسئلة كثيرة تتعلق بالمسيحيية، والتفسير الوحيد الذي اجده لذلك هو انك تريد ان توصل الي ان رسالة الاسلام هي الرسالة الالهية الصحيحة وهذا ما لمسته بالفعل من خلال الاسطر التي كتبتها لي.
يا صديقي هاني، أحب ان تعلم انه لا مانع عندي البتة من متابعة النقاش حول الايمان المسيحي الصحيح، الا انني لم اعد اعلم مقدار استعدادك للقبول بالكتاب المقدس كحكم بيننا على الايمان المسيحي القويم، فانت مثلا ترفض قصة صلب المسيح وقيامته بينما ان العهد الجديد ورسالة الانجيل يقومان على ذلك :" وَأُعَرِّفُكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ بِالإِنْجِيلِ الَّذِي بَشَّرْتُكُمْ بِهِ وَقَبِلْتُمُوهُ وَتَقُومُونَ فِيهِ وَبِهِ أَيْضاً تَخْلُصُونَ إِنْ كُنْتُمْ تَذْكُرُونَ أَيُّ كَلاَمٍ بَشَّرْتُكُمْ بِهِ. إِلاَّ إِذَا كُنْتُمْ قَدْ آمَنْتُمْ عَبَثاً! فَإِنَّنِي سَلَّمْتُ إِلَيْكُمْ فِي الأَوَّلِ مَا قَبِلْتُهُ أَنَا أَيْضاً: أَنَّ الْمَسِيحَ مَاتَ مِنْ أَجْلِ خَطَايَانَا حَسَبَ الْكُتُبِ وَأَنَّهُ دُفِنَ وَأَنَّهُ قَامَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ حَسَبَ الْكُتُبِ" (1كورنثوس15: 1-4)
ان ما تناولته من آيات في معرض سرد الحجج التي تحدّ من ألوهية المسيح انما تتكلم عن الطبيعة البشرية التي كان يتمتع بها، الا ان آيات عديدة أخرى تتكلم عن ألوهية المسيح ومساواته مع الآب، فانجيل يوحنا يبدأ بالقول : فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللَّهَ. (يو1: 1) ثم نقرأ أيضا في يوحنا 10: 30 قول الرب يسوع عن نفسه : أَنَا وَالآبُ وَاحِدٌ. فبهذا القول نجد ان الرب يسوع يعادل نفسه بالله وهذا ما فهمه منه اليهود أيضا اذ ارادوا ان يرجموه بسبب قوله هذا : أَجَابَهُ الْيَهُودُ: «لَسْنَا نَرْجُمُكَ لأَجْلِ عَمَلٍ حَسَنٍ بَلْ لأَجْلِ تَجْدِيفٍ فَإِنَّكَ وَأَنْتَ إِنْسَانٌ تَجْعَلُ نَفْسَكَ إِلَهاً» (يو10: 33 ) ثم نقرأ أيضا في رسالة يوحنا الأولى :" وَنَعْلَمُ أَنَّ ابْنَ اللهِ قَدْ جَاءَ وَأَعْطَانَا بَصِيرَةً لِنَعْرِفَ الْحَقَّ. وَنَحْنُ فِي الْحَقِّ فِي ابْنِهِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ. هَذَا هُوَ الإِلَهُ الْحَقُّ وَالْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ. (1يو5: 20) وأذا ما قارنا هذه الآية مع الآية التي أتيت انت على ذكرها : وَهَذِهِ هِيَ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ: أَنْ يَعْرِفُوكَ أَنْتَ الإِلَهَ الْحَقِيقِيَّ وَحْدَكَ وَيَسُوعَ الْمَسِيحَ الَّذِي أَرْسَلْتَهُ. (يو17: 3 ) نجد ان المسيح هو الاله الحق والآب هو الاله الحقيقي !!
اما كيف يمكن التوفيق بين الآيات التي تتكلم عن بشرية المسيح وتلك التي تتكلم عن الوهيته فهو بكل بساطة ان المسيح كان يتمتع بطبيعتين : طبيعة بشرية وطبيعة الهية (ناسوت ولاهوت)
انجيل يوحنا يعلن لنا انه في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله يو1:1 ثم يتابع ويقول : والكلمة صار جسدا وحل بيننا... (يو1: 14) لقد اختار الرب يسوع ان يُحدّ نفسه في جسد بشريتنا طوعا واختيارا وهو لم يذهب للصلب رغما عن ارادته : لِهَذَا يُحِبُّنِي الآبُ لأَنِّي أَضَعُ نَفْسِي لِآخُذَهَا أَيْضاً. لَيْسَ أَحَدٌ يَأْخُذُهَا مِنِّي بَلْ أَضَعُهَا أَنَا مِنْ ذَاتِي. لِي سُلْطَانٌ أَنْ أَضَعَهَا وَلِي سُلْطَانٌ أَنْ آخُذَهَا أَيْضاً. هَذِهِ الْوَصِيَّةُ قَبِلْتُهَا مِنْ أَبِي». (يو10: 17-18)
اما قولك ان الرب يسوع كان محاطا بالضعف الجسدي فهو صحيح الا ان المسيح لم يعرف خطية ابدا لقد كان بارا دون خطية : لقد تحدّى في احد الايام اليهود قائلا : مَنْ مِنْكُمْ يُبَكِّتُنِي عَلَى خَطِيَّةٍ؟ يو8: 46 وهو لم "يسب" كما قلت عنه لان السباب هو خطية ، نعم لقد اختار ان يأخذ جسد البشرية لكي يكون: ...مُجَرَّبٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ مِثْلُنَا، بِلاَ خَطِيَّةٍ. (عب4: 15) وذلك، كما تقوله الآية نفسها، لكي يرثي لضعفاتنا.
ان الخطية التي يجب ان يقدم عنها الانسان حساب امام الله هي ليست خطية آدم كما انت ذكرت بل هي خطيته الذاتية، ان العصيان على وصية الله ادخل الجنس البشري بحالة السقوط شئنا ام أبينا فاصبح الانسان خاطئ لانه ورث الطبيعة الساقطة وليس لانه يحمل ذنب خطية آدم ، لا يوجد اي انسان على وجه الارض يستطيع القول انه بار بدون خطية وهذه الخطية هي خطيته الذاتية لذلك كل انسان مسؤول عن خطيته وكما يقول الكتاب المقدس : لأَنَّ أُجْرَةَ الْخَطِيَّةِ هِيَ مَوْتٌ وَأَمَّا هِبَةُ اللهِ فَهِيَ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا.
ان المسيحيية ليست ديانة من ديانات العالم أو طائفة والانسان لا يولد مسيحي. انها خيار شخصي خاص بكل انسان، انها علاقة شخصية بالله بالرب يسوع من خلال التوبة والرجوع الى الله والولادة الجديدة من الروح القدس (راجع يو3) وهذا ما حصل معي شخصيا في العام 1992 بعد ان كنت اعيش المسيحيية كطائفة وتقليد وفي الوقت عينه امارس الخطية بكل بشاعتها وكنت مستعبدا لها ، في ذلك العام علمت ان الرب يسوع دفع اجرة خطيتي أنا على الصليب وعلمت ان الرب يسوع يعطي الحياة الابدية لكل من يقبل اليه بالايمان، فلجأت الى الرب بالتوبة واختبرت عمله الخلاصي في حياتي ومنذ ذلك الحين تغيرت حياتي واصبح لديّ يقين الحياة الابدية فعندما اغمض عيني على هذه الارض سوف افتحهما في السماء مع الرب لان كلمة الرب تقول : مَنْ لَهُ الاِبْنُ فَلَهُ الْحَيَاةُ، وَمَنْ لَيْسَ لَهُ ابْنُ اللهِ فَلَيْسَتْ لَهُ الْحَيَاةُ. (1يو5: 12)
لن اتناول باقي المواضيع للاجابة عنها الآن قبل ان اعرف موقفك من الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد لانني استند عليه في معالجة المواضيع التي أثرتها فاذا كنت توافقني انه كلمة الله المعصومة عن الخطأ يمكننا المتابعة والا أصبحت معالجتي للمواضيع مرفوضة منك ويكون الامر اضاعة للوقت لكلينا.
أشكر لك تفهمك والرب يباركك - فادي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رد الاستاذ هانى المسلم المهتم بدراسة مقارنة الاديان
اهلا يا صديقى فادى
كنت اتوقع هذا الرد المبهم منك الذى لا يسمن و لايغنى من جوع فانت يا صديقى لم تجب عن العدد الهائل من الحجج التى قدمتها لك و تفندها الواحدة تلو الاخرى و كل مافعلته انك اتهمتنى باننى ارفض حجية الكتاب المقدس فى حين ان كل حججى كانت من الكتاب المقدس فانا لم استند الى شئ خارج الكتاب المقدس
فانا اتذكر جيدا ما قلته لك و ان كنت قد اوردت ايات قليلة من القرآن فانها لم تكن هى الحجة التى استند اليها لانى اعلم انك لا تؤمن بالقرآن و بالتالى فمن الجهل ان استند اليه فى الرد على ما تقول كل ما هناالك هو اننى بعد ان قدمت لك حجج لا بأس بها على بطلان فكرة الخطيئة الاولى بينت لك عقيدة نجدها نحن المسلمون و كذلك اليهود هى الاولى بالاعتبار لانها تتفق مع الكتاب المقدس الذى اوردت لك كل الحجج منه كما تتفق مع العقل و المنطق السليم و مما يثير عجبى اكثر و اكثر ان اليهود لا يؤمنون بفكرة الخطيئة الاولى و لا اى شئ مما تقولونه و انما عقيدتهم كالاسلام تماما عدا انهم لا يؤمنون بمحمد (ص) فكيف يتأتى ان يكونوا هم حاملى التوراة التى هى العهد القديم لكم ثم لا يؤمنون بما تؤمنون به هل كانوا فى غفلة عن فهم كتابهم الذى نزل بين ايديهم ام هل غفل انبياؤهم عن تعليمهم فكرتكم العجيبة و كيف تسمحون لانفسكم و تتجرؤن على مخالفة التوراة و اليهودية رغم انها نصف دينكم اننتى حقا فى عجب
كما اننى لم احاول ان ادعوك للاسلام كما تدعى على يا صديقى جهارا نهارا تأكد اننى لا اجادلك الا من خلال كتابك المقدس الذى نؤمن نحن المسلمون ان به ما هو صدق و به ما هو تحريف
فتحريف كتابكم نوعان النوع الاول اقل عددا من النوع الثانى فهو كما نقول نحن المسلمون تحريف الكلم عن مواضعه ( و اكرر اننى لا ادعوك الى الاسلام ) و يقصد بهذا النوع هو المحو او الكشط او التبديل و هذا كما قلت قليل بالنسبة للنوع الثانى الاخطر و هو ما تقعون فيه معشر اخواننا النصارى و كل اعتقادكم من الخاطئ( اسمح لى ان استخدم هذا اللفظ ) من هذا النوع و هو ما نسميه نحن المسلمون تحريف الكلم من بعد مواضعه اى التأويل الفاسد او بمعنى ابسط تحميل الالفاظ معانى اكثر مما يجب فتخرجون بذلك عن المقصود المطلوب علما بان الامر سهل و بسيط و لايختلف عليه شخصان اذ ببساطة تستطيع الرجوع الى اصل اللفظ و معناه و الحمد لله ان التوراة قد حسمت اى خلاف حول الفاظ تدعون انها سندكم فى اعتقادكم
فالنوع الاول ارتكبتموه عند ترجمتكم للانجيل من لغته الاصلية الى اللغات الاخرى المتعددة علما و هو الامر لذى ينبغى ان اؤكد عليه لبيان التحريف فاقول ان اصل الانجيل او النسخة الاولى التى كتب بها الانجيل ليست بين ايديكم و اتحداك ان تخرج لى النسخة الاصلية من الانجيل كل ما بين ايديكم نسخ منسوخة من نسخ ليس لها اصل بل ان الادهى و الامر ان الترجمات تختلف فيما بينها من لغة الى لغة و فى الفاظ غاية فى الاهمية بل الاخطر ان ذان الترجمة تجدها عند فئة فيها الفاظ تختلف عند التى بيد الاخرى و تكفر كل طائفة منهما الاخرى رغم ان كلتاهما مسيحية الا ان سبب التطفير هو اختلاف الالفاظ و النسخ
بل ان ما يثير العجب هو انكم لا تعلمون تحديدا من كتب الاناجيل الاصلية فلا تتفقون من هو متى و لا غيره و لاتتفقون على سيرته و حياته و صدقه و غير ذلك من الامور التى يجب توافرها للوثوق بالنقل بل ننى اعلنها صراحة انه حتى الاناجيل التى بين ايديكم و تعترفون بها تختلف فيما بينها اختلافات جوهرية و تتعارض فى مواضع غاية فى الاهمية كل ذلك رغم انكم تدعون انها الهامية فهل يخطئالرب او روح القدس حين تملى على متى ما تملى خلافه على لوقا
لذلك انتهى بكم الامر الى تبديل بعض الالفاظ و ما لم تستطيعوا استبداله اولتموه تأويلا يخدم هواكم بل ان الامر الاشد خطورة انكم حملتوا الالفاظ الظاهرة الجلية ما تحاولون تأويله من الالفاظ المربكة المشبوهة المشكوك فى معناها و هذا ما قاله رجال دينكم و على رأسهم القديس الذى اعتز به شخصيا القديس جيروم و كذلك آدم كلارك و غيرهم
و لكن رغم كل ذلك اراد الله ان يبقى بين ايديكم الكثير من الالفاظ الواضحة المؤكدة لتكون حجة عليكم امامه يوم الدينونة
لذلك فاننى كما بدات كلامى لن اتمسك الا بالحجج التى بكتابكم المقدس
شريطة الا تتمسك بالفاظ مبهمة ليس لها ما يساندها من الفاظ واضحة الدلالة و المعنى
فمتى اردت محاجاتى بالفاظ مبهمة وجب عليك ان تقدم لى الفاظ واضحةو صريحة كما قدمت لك
لاسيما و اننا نتكلم عن عقيدة تؤدى الى خلود فى الجنة او فى الجحيم و لا تملك ان تقول لى ليس لدينا الفاظ صريحة لانك ان فعلت تكون قد اتهمت الرب بتضليل بشره الذى يحبهم حبا شديدا الى حد ارسال ابنه وحيده ليصلب فداء عنهم فليس اقل من مثل هذا الرب من ان يذكر هذه العقيدة صراحة فى كتابه المقدس سواء عهده القديم او الحديث لاسيما كذلك و ان الاله سيأتي متخف فى صورة بشرية للتمويه على ما يريد ان يعلمه الناس بل و يؤمنون به
اما بالنسبة لالفاظ ذكرتها فى هذا الايميل فانا مستعد تما للاجابة عنها بالفاظ صريح تبين معناها و تؤكد خطأ ما تدعيه فساحتفظ بحق الرد
و لكن ارجو بداية ان تجيبنى على جميع الحجج التى طرحتها فى ايميلى السابق
و ارجو لا تغضب من بعض الالفاظ التى قلتها فلم اقصد الاهانة ابدا و الله يشهد على ما فى قلبى و لكن اردت فقط توصيل المعنى بدقة
الى اللقاء
هانى
