تقرير يكتبه:مصطفي بكري
هل هناك علاقة بين اختطاف السفير المصري في بغداد إيهاب الشريف وبين أحداث منتجع شرم الشيخ؟! السؤال يبدو للوهلة الأولي غريبا، ولكن المعلومات التي حصلت عليها 'الأسبوع' من مصادر هامة تكشف عن وجود احتمالات قوية في هذا الصدد.. وإليكم التفاصيل.
المعلومات التي حصلت عليها 'الأسبوع' تقول إن اختطاف السفير إيهاب الشريف علي يد إحدي المجموعات التي تمارس الإرهاب، جاء في مقابل تسهيلات يقدمها جهاز الموساد الإسرائيلي لبعض عناصر التنظيم الإرهابي في ضرب مؤسسات سياحية وقتل الأبرياء في منتجع شرم الشيخ. المعلومات تقول إن السفير المصري المختطف إيهاب الشريف ربما يكون لايزال علي قيد الحياة وربما هذا هو الذي دفع وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط ليؤكد أمام لجنة الشئون العربية والأمن القومي بمجلس الشعب أن نسبة قتله قد تزيد علي 94 % ، وأن النسبة الباقية ترجح بقاءه حيا.
والقصة وفقا لما رددته بعض المصادر السياسية الهامة في العراق أن الموساد كان يريد القبض علي السفير إيهاب الشريف القائم بأعمال البعثة الدبلوماسية المصرية في تل أبيب سابقا واستجوابه لأنه خدع المسئولين الإسرائيليين واستطاع الحصول علي معلومات خطيرة تتعلق بالتسليح العسكري الإسرائيلي وبعض التطورات الجديدة في البرنامج النووي الإسرائيلي.
وتقول المعلومات التي هي في طور الاحتمالات التي تدرسها جهات مصرية بعد ورودها من مصادر هامة بالعراق إن الموساد اكتشف عقب عودة إيهاب الشريف إلي القاهرة أنه جند اثنين من كبار الضباط الإسرائيليين، وحصل منهما علي معلومات تمس الأمن القومي الإسرائيلي تتعلق بالتركيبات الجديدة للبرنامج النووي الإسرائيلي وهي أجهزة لاتزال حتي الآن في غاية السرية، وأن إسرائيل انتجتها فقط خلال العامين الأخيرين.
وأشارت المعلومات إلي أن هذين الضابطين الإسرائيليين تم اعتقالهما وأنهما اعترفا تحت الضغوط التي مورست عليهما من قبل الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، بأن السفير إيهاب الشريف هو الذي جندهما وحصل منهما علي هذه المعلومات من خلال أحد الوسطاء، وأن العملية التي قادها الشريف في إسرائيل اطلق عليها اسم حركي هو 'الأم'.
وقد أرشد الضابطان عن الرسائل التي تم تبادلها مع السفير، وعلي الرغم من أنه لم يتم الإعلان عن أي تفاصيل مرتبطة بهذه العملية، إلا أنه قبل اكتشافها بأسابيع قليلة، وهي المرحلة التي كانت فيها المخابرات الإسرائيلية في مرحلة التحقق وجمع المعلومات، قامت مصر بسحب الشريف من إسرائيل.
ووفقا لما تردده المصادر في هذه القصة فإن الإسرائيليين أجروا اتصالات مع مصر بصدد هذه العملية، إلا أن مصر نفت أي معلومات إسرائيلية في هذا الاتجاه، واعتبرت أن ذلك مجرد محض افتراء.
وفي ضوء رد القاهرة أدرك الإسرائيليون أنه لا أمل في فتح هذا الملف مع الحكومة المصرية مرة أخري، وقرروا في حينها تصفية إيهاب الشريف في خلال رحلة عمله الدبلوماسي القادمة في أي دولة يذهب إليها.
وكان لدي الإسرائيليين اعتقاد أن محطة الشريف القادمة في عمله الدبلوماسي ستكون في إحدي الدول الأوربية، إلا أنهم فوجئوا بوجوده علي الأرض العراقية، فوجدوا الفرصة سانحة لاصطياد الشريف في العراق.
وقد صدرت التعليمات علي الفور إلي فرع الموساد في بغداد لتوظيف علاقته بأحد التنظيمات الإرهابية التي دخلت عناصرها إلي العراق من أحد البلدان المجاورة، ووضع خطة لاختطاف الشريف والتحقيق معه.
وكانت المعلومات قد أشارت إلي أن للموساد الإسرائيلي في العراق علاقة قوية بهذه الجماعة المشبوهة التي تسعي إلي إثارة الفتنة الطائفية علي أرض العراق، وأن هذه العلاقة قامت علي أساس مصلحي يقول: إن بإمكان الإسرائيليين أن يمدوا هذه الجماعات ببعض الأسلحة والمفرقعات في مقابل أن يضمن الإسرائيليون ألا تتعرض المصالح الإسرائيلية في العالم والمنطقة للإضرار علي أيديهم.
ونظرا لحاجة هذه الجماعة الإرهابية إلي السلاح والمتفجرات المتقدمة للقيام بأعمال تصفيات داخلية وقتل المدنيين، فقد وفرت 'إسرائيل' لها خلال الأشهر الستة الماضية كمية كبيرة من المتفجرات التي تحدث آثارا تدميرية ضخمة وسلمت إلي هذه العناصر عبر وسطاء عراقيين علي علاقة بالطرفين.
وقد ساعد علي ذلك انتشار المخابرات الإسرائيلية بشكل كبير في العراق خاصة بعد أن قدم إليها الجيش الأمريكي تسهيلات كبيرة ظنا منه أنها القادرة علي فك طلاسم عمليات المقاومة العراقية التي تنفذ بحرفية عالية في البلاد.
ووفقا للمصادر فإن عناصر المخابرات الإسرائيلية وبعض أجهزتها العسكرية انتشرت بشكل كبير في العراق، الأمر الذي أوجد صراعا خفيا بين الجهازين بسبب تعارض المسئوليات والتدخل في الشئون العراقية وتجنيد العملاء.
وقد أشارت المصادر إلي أن العناصر 'الإرهابية' التي تتعاون مع أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية في العراق ليست راضية تماما عن هذا التعاون، إلا أنها وافقت علي هذه الخطوة بسبب حاجتها إلي المفرقعات والأسلحة المتقدمة، وأن ذلك لا يعبر عن وجود علاقة استراتيجية بين الطرفين خصوصا أنهم يعرفون أن 'إسرائيل' تمدهم بهذه الأسلحة من أجل زيادة الأوضاع الأمنية تأزما في العراق حتي يتحقق الهدف الإسرائيلي بتقسيم العراق إلي عدة دويلات وإقامة دولة يهودية علي أراضيه.
ويبدو وفقا للمعلومات أن هذه الجماعة قبلت بالتعاون من منطلق أن الحرب 'خدعة' وأنهم في حاجة ماسة إلي المتفجرات الإسرائيلية وإلا فإن أمريكا ستنفرد بهم وتقضي عليهم، وأن عدم الحصول علي الأسلحة الإسرائيلية يعني فشل مخططاتهم.
وتشير المعلومات إلي أن هناك بعض عناصر الحكومة العراقية علي معرفة بهذه العلاقة السرية وأنهم أبلغوا القادة العسكريين الأمريكيين، إلا أن الأمريكيين طلبوا الدليل علي ذلك، وأكدوا أنهم يثقون في العناصر الإسرائيلية الموجودة في العراق والتي تعمل علي مساعدتهم في استتباب الوضع الأمني في البلاد.
ووفقا للمعلومات فإنه، ومنذ وصول السفير إيهاب الشريف إلي أرض العراق، صدرت التعليمات بالعمل علي خطفه وارساله إلي 'إسرائيل' وكان من الصعب أن تتم العملية بشكل مكشوف، وإلا فإن 'إسرائيل' ستدخل في أزمة عنيفة مع كل من مصر والولايات المتحدة، كما أن هذه العملية يمكن أن تقوض المصالح الإسرائيلية في العراق وفي العديد من مناطق العالم الأخري، ولأجل ضمان نجاح العملية بعيدا عن أي شبهات فإن التخطيط الإسرائيلي لهذه العملية قام علي أساس: الاتفاق مع هذه العناصر 'الإرهابية' التي تتعاون معها علي خطف السفير المصري في مقابل حصول هذه العناصر علي كميات ضخمة من الأسلحة والمتفجرات.
وقد تردد أن العناصر 'الإرهابية' رفضت الاكتفاء بالحصول علي الأسلحة والمتفجرات فقط، لأن ذلك مقرر من قبل ذلك، بل طلبت إمهالها بعض الوقت لأن هناك مطلبا آخر ستطرحه في الوقت المناسب.
ويبدو أنه جري التشاور بين هذه العناصر والقيادة العليا للتنظيم الإرهابي، وكان ردهم الذي أبلغ إلي الإسرائيليين يؤكد أنهم مستعدون لتنفيذ العملية في مقابل أن تساعدهم 'إسرائيل' بأقصي ما لديها من إمكانات في تنفيذ عمل إرهابي كبير داخل مصر، وتحديدا في منطقة شرم الشيخ، خاصة أنهم يعلمون أن لإسرائيل بعض العناصر التي تتعاون معها داخل هذه المناطق المجاورة للحدود.
ووفقا للمعلومات فإن الإسرائيليين ترددوا في البداية باعتبار أن مدينة شرم الشيخ تعج بأعداد كبيرة من الإسرائيليين، وأن هذه العملية قد تؤدي إلي قتل أعداد منهم، واقترحت قيادة الموساد أن تكون القاهرة بديلا عن شرم الشيخ لتنفيذ هذه العملية، إلا أن العناصر المنتمية للتنظيم الإرهابي في العراق رفضت هذه الفكرة. وصممت علي تنفيذ العملية في شرم الشيخ، وإلا فإنهم لن ينفذوا خطة خطف السفير المصري في بغداد.
واقترح الإسرائيليون أن تكون الغردقة مكانا بديلا إلا أن عناصر التنظيم الإرهابي رفضت هذا الاقتراح أيضا، ويبدو ووفق المعلومات أن تصميم التنظيم علي أن تكون العملية في شرم الشيخ كانت له عدة أهداف أبرزها:
افشال نظرية أن شرم الشيخ مدينة السلام والتأكيد أن الأجهزة الأمنية المصرية التي تزداد كثافتها في هذه المدينة عاجزة عن حماية المدينة أو وقف أنشطة هذه الجماعات ومخططاتها.
التأثير علي النظام السياسي في مصر وضرب اقتصادياته الأساسية وفي المقدمة منها السياحة بما يزيد الأوضاع في مصر تعقيدا.
* إرسال رسالة واضحة للرئيس مبارك تقول: إن المدينة التي يقيم فيها أغلب أيام السنة هي في متناول أيديهم أيضا.
وهكذا بدأ التخطيط للعملية علي هذا النحو بمشاركة إسرائيلية واضحة وعناصر أغلبها داخلية من سيناء، لها علاقة بشكل أو بآخر بهذا التنظيم الإرهابي اضافة إلي عناصر أخري خارجية جري تهريبها في الدخول والخروج عبر طرق جبلية.
كان الموساد الإسرائيلي دقيقا في تخطيطاته داخل العراق وخارجه تحسبا لكشف هذه العملية آجلا أو عاجلا.. ولذلك جري الاتفاق علي أن عملية خطف السفير المصري إيهاب الشريف يجب ألا تكون مقصورة عليه فقط، بل يجب القيام بعدة عمليات أخري ضد آخرين حتي يبدو الأمر وكأنه حرب يشنها هذا التنظيم ضد السفراء الآخرين الموجودين في العراق.
وهكذا وافقت هذه المجموعة علي هذا الشرط، وبدأ تنفيذ العملية من خلال استهداف سفراء روسيا والبحرين وباكستان، في الوقت الذي كان قد جري فيه اختطاف السفير المصري وجري التكتم علي إعلانه لأكثر من 18 ساعة، ثم بعد ذلك جري اختطاف اثنين من الدبلوماسيين الجزائريين.
وتقول المعلومات إنه بعد اختطاف السفير المصري وظهور شريط الفيديو بدأ الناس يتساءلون: أين هي جثة السفير؟ ولماذا لم تصور هذه المجموعة عملية القتل، خاصة أنها تدرك أن ذلك سوف يساهم في تحقيق هدفها، إذا كانت تبغي حقا ابعاد أي تمثيل دبلوماسي للدول العربية والأجنبية داخل العراق.
لقد سعد رجال الموساد كثيرا بنجاح عملية اختطاف السفير المصري في بغداد، وطالبوا الوسطاء مع عناصر التنظيم الإرهابي بأن ينقلوا إليهم رغبة الموساد في نقل السفير إيهاب الشريف إلي 'إسرائيل' للتحقيق معه ومواجهته بالضابطين المقبوض عليهما، إلا أن المجموعة الإرهابية ردت علي الفور بالقول: إن السفير المصري سيظل أسيرا لديها ولن يسلم إلي 'إسرائيل' إلا بعد تنفيذ عملية شرم الشيخ.
وعلي الفور قامت 'إسرائيل' بتسهيل دخول بعض العناصر الإرهابية التي تعمل بالتنسيق مع هذه المجموعة إلي الأراضي المصرية عبر الحدود مع مصر كما سهلوا دخول السيارات وتوفير ما يزيد علي طن من المتفجرات التي ثبت فيما بعد أنها تشبه ذات المتفجرات التي نفذت بها عملية طابا، وتم الاتفاق مع بعض العناصر المحلية في داخل مصر علي القيام بهذه العملية واستغلال حالة التوتر بينهم وبين الأمن المصري، وأن الموساد تولي تماما إدارة هذه العملية في مقابل الحصول علي الغنيمة الكبري، وهي السفير المصري المختطف.
كان طبيعيا والحال كذلك أن تلجأ 'إسرائيل' إلي استخدام كافة أساليب الحيطة لمنع تعرض أي من السياح الإسرائيليين للخطر من جراء تنفيذ هذه العملية الكبري، خاصة أن 'إسرائيل' تدرك أن هناك أعدادا ليست قليلة منهم تتدفق إلي شرم الشيخ.
ولذلك جاء التحذير الإسرائيلي للسياح بعدم الذهاب إلي شرم الشيخ في هذه الفترة لأنها مستهدفة بعمل إرهابي قبل الحادث بنحو أسبوع، وفي ضوء ذلك التقطت أجهزة الأمن المصرية التحذيرات الإسرائيلية وبنوا عليها تحذيراتهم التي أبلغوا بها أحد البنوك في شرم الشيخ.
وكانت عناصر الموساد قد طلبت من التنظيم الإرهابي في العراق ألا يحدد لعناصره في شرم الشيخ أماكن بعينها لضربها وأن يترك الأمر للتخطيط الإسرائيلي مع العناصر المحلية في سيناء، وقد وافقت المجموعة علي المطلب الإسرائيلي بشرط أن ينجم عن هذه العملية سقوط أعداد كبيرة من الضحايا حتي تحدث العملية تأثيراتها.
وخلال فترة التخطيط النهائي التي قامت بالاشراف عليها عناصر الموساد، وبعد التأكد من أن كافة الإسرائيليين استجابوا للتحذيرات بعدم السفر إلي شرم الشيخ تم التركيز علي قتل أكبر عدد من المصريين في هذه المنطقة، وكذلك السياح الأجانب، حيث رأت 'إسرائيل' أن العملية في حد ذاتها تخدم الأهداف الإسرائيلية من ناحية ضرب السياحة، وهز استقرار مصر لإجبارها علي الخضوع الكامل للمطالب الإسرائيلية.
وهكذا بعد نجاح هذه العملية يفترض أن يتم تسليم السفير المصري المختطف إلي عناصر الموساد في العراق لترحيله سرا إلي تل أبيب والتحقيق معه، فإذا أصدرت 'إسرائيل' حكمها بالاعدام علي السفير فإنها ستسلمه مرة أخري إلي الجماعة التي اختطفته لتنفيذ حكم الاعدام فيه علي الأراضي العراقية، وساعتها ستظهر جثة السفير المصري أو عملية قتله علي شريط فيديو، وهي الأمور التي كان يمكن لها أن تحل اللغز منذ بدايته وتنهي الأمر عند هذا الحد.
كانت تلك هي المعلومات التي وصلت إلي القاهرة عبر جهات عراقية نافذة، ولذلك جري اخضاع هذه المعلومات لمناقشات أمنية عالية المستوي حيث أشارت المعلومات منذ البداية إلي أنه لا يمكن التكهن بأن الذين قاموا بارتكاب الحادث الإرهابي في شرم الشيخ هم مجموعة من الهواة، بل الصحيح أنهم مجموعة محترفة، ولديهم صلات مع تنظيم خارجي كبير ترعاه أجهزة استخبارات دولة ما.
ووفقا للتقارير فإنه قبل نحو أسبوع من الحادث تلقت الأجهزة الأمنية تحذيرا من أن هناك عملا إرهابيا كبيرا سيقع في شرم الشيخ، وأن هذا العمل سيكون موجها ضد الأجانب والمصريين، وأن أحد البنوك التي تعمل في شرم الشيخ تلقي هذا التحذير، وأنه طلب من السلطات الأمنية في سيناء تزويده باحتياطات أمنية كافية من أجل تفادي أي عمل إرهابي موجه.
وتشير المعلومات إلي أن السلطات الأمنية في سيناء لم تتعامل مع هذه التحذيرات بالقدر الكافي من الجدية، وأنها لم ترفع درجة الاستعداد الأمني إلي الحد المطلوب، وأنها اكتفت بالتعامل مع هذه التهديدات برفع درجة الاستعدادات إلي حدود دنيا، وأن أحد الأسباب الرئيسية لذلك هو أن هناك تهديدات مشابهة انطلقت منذ أكثر من 6 أشهر وأشارت إلي وجود قنابل وسيارات مفخخة ستنفجر في شرم الشيخ، إلا أن ذلك لم يحدث، وأن هناك تهديدات أخري وردت بعدها بفترة، وأنه في كل مرة كانت الاستعدادات تبلغ أقصاها ثم لا يحدث شيء، ولعل ذلك أحد الأسباب التي دفعت وزير الداخلية إلي اقالة القيادات الأمنية بمحافظتي شمال وجنوب سيناء علي أساس أنها تعاملت باستخفاف مع التهديدات الأمنية الأخيرة.
من جانب آخر أشارت بعض التقارير إلي أن عمليات الاعتقال العشوائي التي وقعت بعد أحداث طابا والتي لم تفرق بين المشتبه فيهم وآخرين لا علاقة لها من قريب أو بعيد بالحادث، قد دفعت بالكثير من شباب سيناء والعريش تحديدا إلي الهروب إلي جبال سيناء، ومناطق أخري غير معروفة أمنيا تجنبا لاعتقالهم، وربما يكون بعض هؤلاء قد شارك بشكل أو بآخر في العملية الأخيرة، أو علي الأقل أصبحوا هدفا للتجنيد من قبل عناصر التنظيم الذي قام بحوادث طابا.
وكانت جهات أمنية عليا قد حذرت من خطورة تجمع هؤلاء الشباب في هذه المناطق الجبلية البعيدة، علي أساس أنهم قد يشكلون خلايا إرهابية يمكن أن تضرب في المناطق السياحية في سيناء خاصة شرم الشيخ، حيث إن هؤلاء الشباب يعرفون الدروب الجبلية جيدا، كما أن بعضهم كان يعمل في منطقة شرم الشيخ.
وحذرت الجهات المعنية من أن المخابرات الإسرائيلية كانت لديها معلومات كاملة عن حالة الاحتقان الأمني بين أسر وقبائل هؤلاء الشباب وبين جهات الأمن، وأبدت تخوفها من قيام إسرائيل وبعض التنظيمات الدينية المشبوهة من استغلال هؤلاء الشباب.
وفي ذات الوقت كانت المعلومات قد أشارت إلي أن بعض الشباب المنتمي إلي بعض الخلايا النائمة والتابعة لتنظيمات دينية متطرفة قد بعثوا برسائل إلي بعض القيادات الدينية في بريطانيا والعراق وبعض البلدان العربية طالبوا فيها بتدخل هذه التنظيمات لوضع حد للاعتقالات التي تقوم بها أجهزة الأمن ضدهم وضد أسرهم، وقد تم ضبط بعض هذه الرسائل علي شبكة الانترنت، وتم اعتقال بعض الذين قاموا بإرسالها لمعرفة العلاقة بينهم وبين هذه التنظيمات الخارجية.
هل هو الزرقاوي؟
ثمة سؤال يطرح نفسه هنا عن هوية التنظيم الإرهابي الذي اتفق مع الموساد علي خطف إيهاب الشريف في مقابل تقديم تسهيلات محددة إزاء العمل الإرهابي الذي استهدف منتجع شرم الشيخ..
هنا برز اسم جماعة أبو مصعب الزرقاوي والتي تحمل اسم 'تنظيم قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين'، وهو تنظيم يمارس العنف وعمليات القتل ضد كل من يتعاونون أو يساندون المحتل بشكل مباشر أو غير مباشر.
وهذا التنظيم قام بتنفيذ العديد من عمليات الذبح وقطع الرءوس التي راح ضحيتها عاملون مصريون وعرب وأجانب، كانت كل جريمتهم انهم جاءوا للعمل في العراق، ومن ثم فهو يعدون متعاونين مع قوات الاحتلال الأمريكي الأجنبي علي الأرض العراقية.
وقد ساعد في توجيه هذا الاتهام إلي جماعة 'أبومصعب الزرقاوي' البيان الذي نسب إلي التنظيم علي الانترنت والذي يعلن فيه تحمل جماعة الزرقاوي للمسئولية الكاملة عن عملية اغتيال إيهاب الشريف الذي وصفه بأنه 'والي' اليهود وعمل في إسرائيل ومن ثم فهو مرتد، وأن حكما أصدرته المحكمة الشرعية التابعة للتنظيم أقرت تنفيذ حكم الاعدام فيه.
وكان طبيعيا، والحال كذلك، أن يلجأ التنظيم إلي تصوير عملية القتل علي شريط فيديو كما سبق أن فعل ذلك عدة مرات، إلا أن ذلك لم يحدث وبدا الأمر غريبا، ويطرح العديد من علامات الاستفهام خصوصا مع عدم العثور علي جثة السفير.
ونفس السيناريو طبق أيضا مع الدبلوماسيين الجزائريين وهو أمر زاد من حدة الشكوك في الأمر.. إلا أن تطورا جديدا حدث مساء الخميس الماضي إذ أصدر تنظيم أبومصعب الزرقاوي بيانا تم بثه عبر موقع القاعدة والعديد من مواقع الانترنت قال فيه حرفيا: 'يأيٌïها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا علي ما فعلتم نادمين....' (الحجرات) فهذا بيان من قائدنا أمير المؤمنين أبومصعب الزرقاوي عجل الله شفاءه إلي المسلمين كافة حول الأحداث الأخيرة والمتعلقة بسفك دماء الدبلوماسيين الثلاثة المصري والجزائريين يقول فيه: أولا: إن إخوانكم المجاهدين في عاصمة الرشيد يتبرءون كليا مما نسبه إليهم أعداء الله من سفك دماء المسلمين الثلاثة ويعزون أهاليهم في مصر والجزائر ويسألون الله أن يغفر لهم ويسكنهم فسيح جناته إنه غفور رحيم.
ثانيا: أكد البيان أن كل تصريح أو شريط فيديو يخص هؤلاء الثلاثة نسب إلينا هو محض افتراء وكذب ونبرأ من كل قول أو شخص ينسبه زورا إلينا فحربنا هذه جهاد والجهاد لا يكون إلا ضد الكفار ومن يتولاهم وأعداؤنا هم المحتلون كافة والحكومة العراقية بجيشها وشرطتها وعملائها.
ثالثا: أشار البيان إلي إن كل رصاصة أو قذيفة تطلق علي كل مواطن عراقي غير أعدئنا فقد أطلقتها يد مجرمة غير أيدينا الطاهرة المجاهدة وليعلم العالم بأسره أن الشعب العراقي الأبي الحر هو عون لنا علي أعداء الله وهو أعلم بمن يسفك دماء أبريائه.
رابعا: قال البيان إن كلا من المخابرات المصرية والجزائرية تعلم أن لا دخل لمجاهدينا لا من قريب ولا من بعيد في هذه القضية ولقد جمعنا بأشقائنا الجزائريين لقاء سري في أحد مخابئنا ببغداد وأقسمنا لهم أننا براء من التهم المنسوبة إلينا بل وعاهدناهم علي تقديم يد المساعدة، والجلسة موثقة بالصوت والصورة ولكن ومع اقترابنا من كشف خيوط الجريمتين حيث قام مجاهدونا باختطاف أحد عناصر الجيش العراقي العميل الذي اعترف أن فريقا مكلفا بمراقبة شخصيات سياسية محددة هو من قام باختطاف الضحايا وتسليمهم للقوات الأمريكية مباشرة بعد نقلهم إلي منطقة قرب مطار بغداد، فوجئنا بنبأ اغتيالهم والادعاء بأن جماعة أبومصعب الزرقاوي هي المسئولة عن ذلك.
خامسا: وأضاف البيان: نتحدي أي شخص كان أن يأتينا بدليل واحد بل بشبه دليل يربطنا بالقضيتين ونقول إننا نتهم الأمريكان بقتلهم وأشرطة الفيديو دليل علي ما نقول فكلا الشريطين لا يظهر فيه أي من رجال الجماعة الخاطفة وهو ما يخالف سلوكنا المعتاد حيث نظهر في كل شريط لنا المجاهد المسئول مباشرة عن العملية وهو يقرأ بيانه ملثما ثم إننا لا نعصب أبدا عيون المخطوفين أمام الكاميرا إذ ما جدوي ذلك وهم بين أيدينا رهائن، ثالثا فنحن نأذن للمخطوفين دائما بمخاطبة شعوبهم ورؤسائهم وهذا ما لم نره في الشريطين المزعومين. ورابعا أين صور قتلهم فنحن نصور عملية القتل دائما أما هؤلاء فقد قتلوهم رميا بالرصاص كما أخبر أسيرنا العميل ثم إن البيان الصادر عنهم يفضحهم ايما فضح فنحن لا نملك قاضيا شرعيا ناهيك عن محكمة شرعية ثم ان طريقة اخراج وتصوير الضحايا تختلف كليا عما نفعله نحن وأشرطتنا متوافرة لمن يريد التحقيق في الأمر.
سادسا: أكد البيان ان الهدف من هاتين العمليتين واضح لكل ذي بصيرة ونظر، فأعداء الله يريدون تشويه صورة المجاهدين والجهاد علي أرض الرافدين في العالم الإسلامي ولكن هيهات هيهات فالمصريون أدري بالفرق بين الجهاد والاستعمار والجزائريون أعلم الناس بدسائس الكفر وهم الذين قدموا مليونا من الشهداء وما استهدف دولتين عربيتين كبيرتين لدليل علي ذلك ولو كنا نحن الفاعلين لبدأنا بسفراء الكفر والارهاب ووالله سنفعل بإذن الله تعالي.
سابعا: البيان قال إننا نعلن من هذا المنبر أننا نستهدف جنود الاحتلال والحكومة المزعومة وجيشها وكل شخص تربطه علاقة بهم فقط وكل عملية تستهدف مراكز الشرطة والجيش فنحن من نفذها حتي ولو لم نتبنها، أما استهداف الأبرياء من النساء والأطفال والعزل في المساجد والأسواق فنشهد الله ورسوله اننا براء منها وكل مدع وناسب لها إلينا فهو كاذب.
كان هذا هو بيان جماعة أبومصعب الزرقاوي، وهو بيان يزيد من حدة الأمور تعقيدا ويبقي التساؤلات المطروحة كما هي، وإن كان لا ينفي نهائيا تورط التنظيم أو غيره في الحادث.
بقي القول أخيرا إن وفدا امنيا مصريا علي مستوي عال قد سافر إلي العراق مؤخرا للتحقق من مصداقية المعلومات التي اشارت إلي أن إيهاب الشريف لايزال حيا، وأنه ظهر في شريط فيديو بثته الفضائيات مؤخرا يبدو انه قد جري تسجيله في وقت لاحق علي الشريط الأول وكانت معلومات قد ترددت اشارت إلي أن هناك احتمالا لنقل السفير إيهاب الشريف من العراق إلي إسرائيل لإخضاعه للتحقيق ومعرفة بقية العناصر التي قام بتجنيدها لصالح الأجهزة الأمنية المصرية خلال فترة عمله بالسفارة المصرية بتل أبيب، وأن الحكومة الإسرائيلية قد تعدمه أو تعيده مرة أخري لإعدامه
http://www.elosboa.com/elosboa/issues/436/0401.asp
