بُعد آخر لعدوان 6 يونيو 1967
بُعد آخر لعدوان 6 يونيو :
العامل الماسوني واليمين المسيحي المتطرف في قضية "جبل الهيكل"
لقد كان للحركة الماسونية الحرة انطلاقا من بريطانيا دوراً تاريخيا في التطورات التي أحاطت بفلسطين منذ عهد اللورد " بالمرستون " والى يومنا هذا.
وقد وثقت مؤسسة "إي آي آر " الترابط الوثيق والعملي بين ما يقوم به اليهود المتطرفون حول ما يسمونه "جبل الهيكل" ونشاط هذه الحركة والجماعات المسيحية اليمينية في الولايات المتحدة.
إن هذه السيطرة الماسونية تتم ممارستها من قبل محفل "البحوث" التابع للمحفل الأم المعروف باسم "كواتور كوروناتي" الذي يعني التيجان الأربعة وهو قمة الهرم الماسوني البريطاني. ويترأس هذا المحفل ابن عم الملكة دوق "كنت".
أما الشخص المسئول عن نشاطه اليومي فهو ماركيز نورثهامبتون السابع سبينسر دوجلاس ديفيد كومبتون .
اللورد" نورثهامبتون" الذي يترأس "دراسات الهيكل"، لم يتوانى عن التصريح بإيمانه الشديد بما يعرف بـ "الإسرائيلية البريطانية" وهي فرضية تقول أن الطبقة " الاوليجاركية " البريطانية تملك قوى خفية، لأن بريطانيا تم استعمارها في القدم من قبل إحدى القبائل "الإسرائيلية" الضائعة التي أورثت فن القابالة للأسر العريقة في بريطانيا.
ويعترف اللورد بأنه يمارس أعمال السحر الشيطانية التي وضعها " أليستر كراولي " ، وأنه عين أحد ابرز خبراء طائفة "الفجر الذهبي" وهو " آر أي جلبرت " رئيساً لتحرير المجلة الرسمية لمحفل كواتور كوروناتي.
ومعروف أن " أليستر كراولي" كان قد ألف كتاباً في السحر وعبادة الشيطان باسم "معبد سليمان الملك " في الرابع من أكتوبر عام 1995.
كما أنه قد اجتمعت عصبة من ممارسي القابالة أمام منزل رئيس الوزراء الإسرائيلي " إسحاق رابين " وأطلقوا ضده "لعنة الموت" المعروفة في فن الشعوذة اليهودي التي تعني أن "الملعون" رابين سيموت في غضون 30 يوم.
وبعد ثلاثين يوماً بالضبط قتل رابين على يد " إيجال أمير" وهو من مستوطني الضفة الغربية.
وكان مجموعة من الحاخامات قد باركوا عملية الاغتيال هذه.
بعد أسابيع من مقتل "رابين"،أي في ديسمبر1995 تم تأسيس "محفل أورشليم" الماسوني في مراسيم أقيمت في "كهف الملك سليمان" الذي يقع تحت الحي العربي المجاور للحرم القدسي. وكان الهدف المعلن لهذا المحفل الجديد هو العمل على إعادة بناء هيكل سليمان.
ومؤسس " محفل أورشليم " هو " المعلم الكبير " للمحفل الماسوني الإيطالي الرهباني " جوليانو دي بيرناردو "، وهو الساعد الأيمن للورد" نورثهامبتون " في مشروع "دراسات جبل الهيكل". وأعلن " دي بيرناردو" في مراسيم التأسيس أن "إعادة بناء الهيكل هو جوهر دراساتنا".
وأصدر دي برناردو في يونيو 1996 الطبعة الإيطالية لكتابه المعنون "إعادة بناء الهيكل" والذي اصدر طبعته الإنجليزية محفل كواتور كوروناتي.
وقد اعترف " جوليانو دي بيرناردو " انه هو أيضاً من ممارسي فن القابالة اليهودي وأنه يجري بحوثاً في ذلك الموضوع، لكنه يؤكد أن فن القابالة والباطنية اليهودية لن يكون شيئاً روحيا فقط بل سيصبح له موقع مادي وهو هيكل سليمان.
وكشف " دي بيرناردو " أن " أبراهام فوكسمان " مدير عصبة مناهضة التشهير اليهودية الأمريكية (أي دي إل بناي برث) شريك في مشروع "جبل الهيكل" وأنه التقى به مع اللورد " نورثهامبتون" في سويسرا للتباحث في الأمر قبل تأسيس محفل أورشليم .
إن دور محفل كواتور كوروناتي في مؤامرة جبل الهيكل تسبق بزمن طويل تأسيس محفل أورشليم فالدكتور" آشير كاوفمان " وهو من أعضاء كواتور كوروناتي أجرى بعض أول "الدراسات" الأثرية عن جبل الهيكل في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية.
وقد أوكلت هذه المهمة إلى كاوفمان من قبل الدكتور" تي إي ألليبون " وهو من رجال المجتمع الملكي البريطاني وأبرز علماء فيزياء الذرة ومدير برنامج بحوث السلاح النووي البريطاني في مختبر ألديرماتسون ، لكن أولى الدراسات الأثرية في القدس تمت من قبل "صندوق استكشافات فلسطين" الذي تم تأسيسه في عام 1850 برعاية الأمير " إدوارد البيرت " ابن الملكة فيكتوريا (الذي أصبح الملك إدوارد السابع فيما بعد).
وقام الصندوق بإرسال أول بعثة استكشافية بإدارة الجنرال سير " تشارلس وارين " في الأعوام 1867ـ 1870، وكانت هذه الرحلة الاستكشافية هي نقطة الانطلاق لما يسمى "مشروع جبل الهيكل".
في عام 1884 كان الجنرال " وارين " أحد تسعة من الماسونيين الذين أسسوا محفل كواتور كوروناتي ، وأصبح أول رئيس له.
الحركة الماسونية وعدوان 6 يونيو
بعد أسبوعين من عدوان 6 يونيو عام 1967، شهدت لندن اكبر تجمع للماسونيين في التاريخ الحديث للاحتفال بمرور 250 عام على تأسيس "المحفل الأكبر الموحد" لإنجلترا ولتنصيب دوق كنت "معلما أعظم" للماسونية.
وحسب الدكتور " تي إي ألليبون " برزت عملية إيفاد " آشير كاوفمان " إلى القدس من هذا التجمع لإيجاد موقعي المعبدين الأول والثاني، وفي نفس الوقت تقريبا أسس الحاخام " تسفي يهودا كوك " حركة "أمناء جبل الهيكل" ، بالتعاون مع الإرهابي " ستانلي جولد فوت " أحد أعضاء عصابة شتيرن.
إن إرسال " آشير كاوفمان " إلى القدس بعد أسابيع فقط من حرب يونيو عام 1967، أضاف بعداً جديداً لعملية "جبل الهيكل"، حيث بدأت شبكة واسعة من المتطرفين المسيحيين الأمريكان المرتبطين على وجه العموم بالحركة " الداربية " (نسبة إلى القس الإنجيلي " جون نيلسون داربي " الذي عاش في القرن التاسع عشر) ومعهد اللاهوت في دالاس ، بدأت بالانضمام إلى العمليات الجارية حول موضوع "جبل الهيكل" في القدس القديمة التي أصبحت تحت سيطرة "إسرائيل" لأول مرة.
وعن طريق مؤسس حركة [ أمناء جبل الهيكل ] " ستانلي جولد فوت " تم إحضار الدكتور" لامبيرت دولفين " إلى القدس في بداية الثمانينات.
وكان " لامبيرت دولفين " عالم فيزياء في معهد ستانفورد للبحوث في كاليفورنيا، وعلى اتصال بكاوفمان قبل ذلك التاريخ.
لكن " ستانلي جولد فوت " لعب الدور الأهم في تأسيس الروابط بين محفل كواتور كوروناتي ممثلاً بكاوفمان والمتطرفين المسيحيين الداربيين ممثلين بدولفين.
وعلاقة " ستانلي جولد فوت " ببريطانيا ترجع إلى أيام الحرب العالمية الثانية عندما كان يعمل تحت إمرة اللورد " مارتن تشارتيريس " المسئول عن العمليات الاستخباراتية في الشرق الأوسط أثناء الحرب والذي أصبح السكرتير الشخصي للملكة " إليزابيث " فيما بعد .
بعد فترة قصيرة من توطيد هذه العلاقة بدأت كميات هائلة من الأموال تتدفق من جماعات المتطرفين المسيحيين في أمريكا إلى العمليات الجارية في القدس والتي كان الهدف النهائي لها هو تدمير المقدسات الإسلامية في الحرم الشريف.
وكانت من المصادر الأولى لهذا الدعم المالي هي [ مؤسسة معبد أورشليم الأمريكية].
وحسب الكتابات العديدة التي أصدرها دولفين والموجودة على صفحته في الانترنيت (ملاحظة1) كان المصدر الآخر للتمويل يأتي من " تشاك ميسلر" ضابط بحرية أمريكي سابق ومدير سلسلة من الشركات المختصة بالصناعات الدفاعية، وهو مالك دار نشر" كوينونيا " التي تنشر الدعاية المحرضة على تدمير الأوقاف الإسلامية في القدس وبناء "الهيكل الثالث".
وقد دون الدكتور" لامبيرت دولفين "كل هذه التفاصيل في سياق تقرير حول زيارته إلى " إسرائيل " عام 1994 برفقة ميسلر وسبعين من " الحجاج " الأمريكان ، وقال " دولفين " في تقريره:
"كانت مسئوليتي في هذه الرحلة هي تنظيم واستضافة مؤتمر الهيكل السنوي الثالث في أورشليم حيث قدم علماء وقادة دينيون "إسرائيليون" عشرة بحوث خاصة بموقع المعبدين الأول والثاني وخطط ورؤى لقدوم المسيح المنتظر".
ولم يزعج " دولفين " أن دماءً كثيرة ستسيل حتى يمكن بناء "الهيكل".
وينذر الدكتور" لامبيرت دولفين " في ختام تقريره أن:
"الزمن الذي سيبنى فيه الهيكل من جديد بوسيلة أو بأخرى مقبل بسرعة. وسيكون جبل الهيكل جاهزاً لأعمال الاستكشافات الجيوفيزياوية والحفر والتنقيب."
وعندما سألت " إي آي أر" القس " تشاك سميث " وهو الأب الروحي " لدولفين " إن كان لديه أية تحفظات ضد إشعال حرب دينية في الشرق الأوسط يباد فيها ملايين المسلمين واليهود فكان جوابه: "لا بصراحة، فهذا كله جزء من التنبؤات التوراتية".
كما كان سميث يكيل المديح على المتعصبين اليهود في حركة "أمناء جبل الهيكل" وزعيمهم جولد فوت قائلاً:
"هل تريد أن ترى راديكالياً حقيقياً؟ جرب " ستانلي جولد فوت " فهو معجزة، فخطته هي اخذ مجموعة من أصابع الديناميت وكمية من البنادق الرشاشة لتفجير قبة الصخرة والسيطرة على كل المكان".
ومن الشخصيات الأمريكية المعروفة في أوساط المتطرفين المسيحيين هو" راندال برايس " الذي ألف مجموعة كبيرة من الكتب حول "جبل الهيكل" ومعركة هيرمجدون.
وترجع جذور برايس أيضا إلى الحركة الداربية و " معهد مودي الإنجيلي " والمعقل الرئيسي لهذه الحركة هو الأكاديمية اللاهوتية في دالاس.
وتكشف مؤلفات " راندال برايس " (ملاحظة2) عن العلاقات القذرة التي تربط بين الأصوليين المسيحيين من أمثاله واليهود المتطرفين والحركة الماسونية.
وقد أخبر أحد الصحفيين مرة قال:
"إننا نبحث عن صراع في الشرق الأوسط وهو أمر محتم.".
ولدى " راندال برايس " وصفة خاصة بكيفية خلق هذه الحرب عن طريق استفزاز المسلمين وبسط السيطرة اليهودية الدينية على الحرم الشريف، ولا يهم " راندال برايس " أن يسفك دم اليهود أو المسلمين في هذه المواجهة فالأمر سيان لديه، فالمهم تحقيق النبوءة.
وتعج كتاباته بالنظريات الكثيرة والشبكة النشطة في "إسرائيل" وأمريكا الكفيلة بخلق حرب دينية في الشرق الأوسط .
المشكلة في هؤلاء المتطرفين أو لنقل المجانين هي أنهم أصبحوا قوة خاصة ومستقلة بنفسها.
كما أنهم ليسوا رجال دين طويلي اللحى مشغولين بقراءة الكتب الدينية فهؤلاء مثلما رأينا أعلاه يملكون شبكة تتضمن العلماء والباحثين وتتغلغل علاقاتهم داخل البنتاجون والمخابرات. فليس هناك خطة محكمة تتحكم بها قوى سياسية في "إسرائيل" وأمريكا لإدارة عمل هذه المجاميع.
فهؤلاء أصبحوا مثل وحش فرانكشتاين لا يؤمن بحكومة ولا بسلطة بل على العكس يعتبرون الحكومات "الإسرائيلية" التي وقعت اتفاقات سلام مع الدول العربية على أنها حكومات خائنة.
حتى أولئك السياسيين الأمريكان والإسرائيليين الذين جلبوا هذه القوى إلى المعترك السياسي في الستينات وظنوا أنهم قادرين على ترويض هذا الوحش لن يتمكنوا من المسك بزمام الأمور بعد الآن.
رفض مشترك:
قد وردت تساؤلات غربية وعربية عن سر التقاء " الأصوليين " هنا وهناك على رفض مشروع السلام ؟.
والجواب مع الاعتراض على هذه التسمية الماكرة (بالنسبة للمسلمين) أن نقطة الالتقاء هي أن كُلاًّ مِنَّا يؤمن بوعد من الله وفق عقيدته . . .
فنحن نؤمن بوعد الله الحق . . .
وهم يؤمنون بوعد مفترى مكذوب على الله تعالى. . .
والفرق أننا بحمد الله نستند في وعدنا إلى كلام الله سبحانه وتعالى وكـلام رسوله صلى الله عليه وسلم وحقائق الواقع.
والوعدان لا يجتمعان أبدًا.