بيان شبهة : السلاسل في أعناقهم !
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اّله وصحبه ومن والاه وبعد
فإن من أكثر الشبهات انتشارا بين أعداء الإسلام قولهم إن الإسلام قد انتشر بالإكراه والغصب .. ومما يستدلون به في ذلك
الحديث الذي ورد في صحيح البخاري
عن أبي هريرة رضي الله عنه : { كنتم خير أمة أخرجت للناس } . قال : خير الناس للناس ، تأتون بهم في السلاسل في أعناقهم ، حتى يدخلوا في الإسلام
هذا الحديث موقوف على أبي هريرة رضي الله عنه ولم يرفع إلى النبي صلى الله عليه وسلّم بهذه الرواية .. وإن كان قد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم بألفاظ أخرى تبيّن معناه وسيرد ذكرها في هذا الموضوع
إن هذا الحديث يكاد يكون متواترا على ألسنة المنصرين والملحدين وغيرهم من أعداء الإسلام .. ذلك أنهم يلقون هذه الشبهة على أقوام ليست لهم مرجعية إسلامية .. ليصدوهم عن دين الله
والشخص الذي لديه علم ولو قليل بالإسلام لا يمكن أن يفهم الحديث على هذا النحو الذي يروجه أعداء الدين
فلا النصوص توافق هذا المعنى ولا الشواهد التاريخية والوقائع !
فإن هذا المعنى الذي أرادوه مخالف لنصوص واضحة قطعية عند المسلمين منها :
قول الله تعالى "لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ" 256 البقرة
وقوله تعالى "وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآَمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (٩٩) وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ (١٠٠)" يونس
وكذلك قوله سبحانه " وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ" من الاّية 29 سورة الكهف
فلا يمكن لمسلم فاهم عارف بدينه أن يفهم هذا الحديث على مراد القوم الأعوج
فهم لم يطبقه النبي ولم يفهمه الصحابة والتابعون الفاتحون
لأن هذا الفهم الأعوج لا نجده في فعل النبي صلى الله عليه وسلّم ولا أصحابه ولا الفاتحين المسلمين والخلفاء .. أن يتم إكراه احد على الدخول في الإسلام
وأكبر دليل على ذلك نصارى مصر الذين لم يدخل الكثير منهم في الإسلام بعد الفتح .. وبقوا إلى يومنا هذا على دينهم لم يجبرهم أحد على تركه... رغم أن المسلمين كانوا من القوة والسيطرة ما يمكنهم من إجبار الجميع على الدخول في الإسلام إلا أنهم لم يفعلوا ذلك لأن دينهم لم يأمرهم بذلك
تفسير الحديث :
إن هذا الحديث يشير إلى بعض الأسرى من الجيوش المحاربة للإسلام الذين يؤتى بهم أسرى والسلاسل في أعناقهم وهم يكرهون الأسر
فإذا عُرض عليهم الإسلام واقتنعوا به وأسلموا صار هذا الأسر وهذه الأغلال الكريهة سببا في دخولهم الجنة
ودليل هذا التفسير هو ما نقله ابن حجر العسقلاني في فتح الباري - عند شرح هذا الحديث فقال رحمه الله :
قال بن الجوزي معناه أنهم أسروا وقيدوا فلما عرفوا صحة الإسلام دخلوا طوعا فدخلوا الجنة فكان الإكراه على الاسر والتقييد هو السبب الأول
وتصديق هذا المعنى توضحه الرواية الأخرى للحديث والتي صحت عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم
عن أبي الطفيل عامر الكناني رضي الله عنه قال : ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلّم ثم قال : ألا تسألوني مما ضحكت ؟ قلنا : يا رسول الله مما ضحكت ؟ قال : رأيت ناسا من أمتي يساقون إلى الجنة في السلاسل ، ما أكرهها إليهم ! قلنا : من هم ؟ قال : قوم من العجم يسبيهم المهاجرون فيدخلونهم في الإسلام
رواه الهيثمي في مجمع الزوائد وذكره الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة
لعلنا الاّن قد فهمنا المقصود بهذا الحديث الشريف وفهمنا مقصد أبي هريرة رضي الله عنه حين ذكر هذا الحديث في تفسير قول الله تعالى "كنتم خير أمة أخرجت للناس" إذ أوضح الحديث أنه حتى الأسر والقيد والأغلال على يد الأمة المسلمة في الحروب كانت خيرا لهؤلاء الذين اختاروا الدخول في الإسلام وكان هذا القيد سببا في دخولهم الجنة
فهذه الأمة خير كلها .. في سلمها وحربها
نسأل الله أن يعز دينه ويمكن له .. واّخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
د.عزالدين
قالوا :محمد رسول الإسلام يدخل الناس دينه بالسلاسل على أعناقهم !
الرد باللغة العربية
قالوا :محمد رسول الإسلام يدخل الناس دينه بالسلاسل على أعناقهم !
كان دليلهم في ذلك هو صحيح البخاري رقم3010
حدثنا محمد بن يوسف عن سفيان عن ميسرة عن أبي حازم عن أبي رضي الله عنه
: { كنتم خير أمة أخرجت للناس } . قال خير الناس للناس تأتون بهم في السلاسل في أعناقهم حتى يدخلوا في الإسلام [1]
الرد على الشبهة
أولاً:إن هذا الحديث موقوف على أبي هريرة رضي الله عنه ولم يرفعه إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم ،وهذا يدل على كذب وجهلِ المعترضين....
ثانيًا:إنني افترض جدلا أن هذا الحديث مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم ..
يلاحظ أن إشكالهم يكمن في أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم أجبر الناس على دخولِهم الإسلام عن طريق ِتقيديهم والسلاسل في أعناقهم....
قلتُ:إن هذا فهم سقيم لم يقل به أحد فهو نابع من خيال مريض بعيد عن البحث العلمي والعقلي... فقد ذكر ابنُ حجرٍ في الفتح أقولاً جيدة تتناسب مع العقلِ والنقلِ لن أعلق بعده؛ قال- رحمة اللهُ-:
قال بن الجوزي معناه أنهم أسروا وقيدوا فلما عرفوا صحة الإسلام دخلوا طوعا فدخلوا الجنة فكان الإكراه على الاسر والتقييد هو السبب الأول وكأنه أطلق على الإكراه التسلسل ولما كان هو السبب في دخول الجنة أقام المسبب مقام السبب وقال الطيبي ويحتمل أن يكون المراد بالسلسلة الجذب الذي يجذبه الحق من خلص عباده من الضلالة إلى الهدى ومن الهبوط في مهاوي الطبيعة إلى العروج للدرجات لكن الحديث في تفسير آل عمران يدل على أنه على الحقيقة ونحوه ما أخرجه من طريق أبي الطفيل رفعه رأيت ناسا من أمتي يساقون إلى الجنة في السلاسل كرها قلت يا رسول الله من هم قال قوم من العجم يسبيهم المهاجرون فيدخلونهم في الإسلام مكرهين وأما إبراهيم الحربي فمنع حمله على حقيقة التقييد وقال المعنى يقادون إلى الإسلام مكرهين فيكون ذلك سبب دخولهم الجنة وليس المراد أن ثم سلسلة وقال غيره يحتمل أن يكون المراد المسلمين المأسورين عند أهل الكفر يموتون على ذلك أو يقتلون فيحشرون كذلك وعبر عن الحشر بدخول الجنة لثبوت دخولهم عقبة [1]
قلت: يدعم ما سبق حديث جاء في صحيحِ الإمام البخاري برقم 2848عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ :"عجب الله من قوم يدخلون الجنة في السلاسل".
ثانيًا:إنني افترض جدلا أن هذا الحديث مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم ..
يلاحظ أن إشكالهم يكمن في أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم أجبر الناس على دخولِهم الإسلام عن طريق ِتقيديهم والسلاسل في أعناقهم....
قلتُ:إن هذا فهم سقيم لم يقل به أحد فهو نابع من خيال مريض بعيد عن البحث العلمي والعقلي...
اكرم حسن مرسي
جزاكي الله خيرا ، ورحم الله الاخت سمية
الرد ناقص ، وهذه هي التكلمة:
ثانيًا : إنني افترضُ جدلاً أن هذا الحديثَ مرفوعُ إلى النبيِّ r ..
لاحظتُ أن إشكالهم يكمنُ في أن النبيَّ r أجبر الناسَ على دخولِهم الإسلامَ عن طريق ِتقيديهم والسلاسل في أعناقهم....
قلتُ:إن هذا الفهم فهمٌ سقيمٌ لم يقل به أحدٌ بل هو نابعٌ من خيالٍ مريضٍ بعيدٍ عن البحثِ العلمي والعقلي...
ذكر ابنُ حجرٍ في الفتح أقولاً جيدةً تتناسبُ مع العقلِ والنقلِ ولن أضيف بعده إلا إضافة واحدة ؛ قال- رحمة اللهُ-: قَالَ اِبْن الْجَوْزِيّ : مَعْنَاهُ أَنَّهُمْ أُسِرُوا وَقُيِّدُوا ، فَلَمَّا عَرَفُوا صِحَّة الْإِسْلَام دَخَلُوا طَوْعًا فَدَخَلُوا الْجَنَّة ، فَكَانَ الْإِكْرَاه عَلَى الْأَسْر وَالتَّقْيِيد هُوَ السَّبَب الْأَوَّل ، وَكَأَنَّهُ أَطْلَقَ عَلَى الْإِكْرَاه التَّسَلْسُل ، وَلَمَّا كَانَ هُوَ السَّبَب فِي دُخُول الْجَنَّة أَقَامَ الْمُسَبَّب مَقَام السَّبَب . وَقَالَ الطِّيبِيُّ : وَيُحْتَمَل أَنْ يَكُون الْمُرَاد بِالسَّلْسَلَةِ الْجَذْب الَّذِي يَجْذِبهُ الْحَقّ مَنْ خَلْصِ عِبَاده مِنْ الضَّلَالَة إِلَى الْهُدَى وَمِنْ الْهُبُوط فِي مَهَاوِي الطَّبِيعَة إِلَى الْعُرُوج لِلدَّرَجَاتِ ، لَكِنَّ الْحَدِيث فِي تَفْسِير آل عِمْرَان يَدُلّ عَلَى أَنَّهُ عَلَى الْحَقِيقَة .... وَقَالَ غَيْره : يُحْتَمَل أَنْ يَكُون الْمُرَاد الْمُسْلِمِينَ الْمَأْسُورِينَ عِنْد أَهْل الْكُفْر يَمُوتُونَ عَلَى ذَلِكَ أَوْ يُقْتَلُونَ فَيُحْشَرُونَ كَذَلِكَ ، وَعَبَّرَ عَنْ الْحَشْر بِدُخُولِ الْجَنَّة لِثُبُوتِ دُخُولهمْ عَقِبه. أهـ
قلتُ : يدعم ما سبق دليلان :
الأول : صحيح البخاري برقم 2788 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t عَنْ النَّبِيِّ r قَالَ :" عَجِبَ اللَّهُ مِنْ قَوْمٍ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ فِي السَّلَاسِلِ ".
الثاني : قصة ثُمَامَة بْنِ أُثَالٍ التي فيها أنه أُسر ورُبط في المسجد ، فلما رأى عظمةّ الإسلام ونبيَّه r دخل طواعية فيه - الإسلام - فأدخله الجنةَ.... ثبت ذلك في صحيحِ البخاري كِتَاب (الْمَغَازِي ) بَاب ( وَفْدِ بَنِي حَنِيفَةَ وَحَدِيثِ ثُمَامَةَ بْنِ أُثَالٍ ) برقم 4024 عن أبي هُرَيْرَةَ t قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ r خَيْلًا قِبَلَ نَجْدٍ فَجَاءَتْ بِرَجُلٍ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ يُقَالُ لَهُ: ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ، فَرَبَطُوهُ بِسَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ فَخَرَجَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ r فَقَالَ: مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ؟ فَقَالَ: عِنْدِي خَيْرٌ يَا مُحَمَّدُ إِنْ تَقْتُلْنِي تَقْتُلْ ذَا دَمٍ، وَإِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ، وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ الْمَالَ فَسَلْ مِنْهُ مَا شِئْتَ . فَتُرِكَ حَتَّى كَانَ الْغَدُ ثُمَّ قَالَ لَهُ: مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ ؟ قَالَ : مَا قُلْتُ لَكَ ، إِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ. فَتَرَكَهُ حَتَّى كَانَ بَعْدَ الْغَدِ فَقَالَ: مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ ؟فَقَالَ :عِنْدِي مَا قُلْتُ لَكَ. فَقَالَ: أَطْلِقُوا ثُمَامَةَ .فَانْطَلَقَ إِلَى نَجْلٍ قَرِيبٍ مِنْ الْمَسْجِدِ فَاغْتَسَلَ ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَقَالَ : "أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، يَا مُحَمَّدُ وَاللَّهِ مَا كَانَ عَلَى الْأَرْضِ وَجْهٌ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ وَجْهِكَ فَقَدْ أَصْبَحَ وَجْهُكَ أَحَبَّ الْوُجُوهِ إِلَيَّ ، وَاللَّهِ مَا كَانَ مِنْ دِينٍ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ دِينِكَ فَأَصْبَحَ دِينُكَ أَحَبَّ الدِّينِ إِلَيَّ ، وَاللَّهِ مَا كَانَ مِنْ بَلَدٍ أَبْغَضُ إِلَيَّ مِنْ بَلَدِكَ فَأَصْبَحَ بَلَدُكَ أَحَبَّ الْبِلَادِ إِلَيَّ ، وَإِنَّ خَيْلَكَ أَخَذَتْنِي وَأَنَا أُرِيدُ الْعُمْرَةَ فَمَاذَا تَرَى " ؟ فَبَشَّرَهُ رَسُولُ اللَّهِ r وَأَمَرَهُ أَنْ يَعْتَمِرَ ، فَلَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ قَالَ لَهُ قَائِلٌ: صَبَوْتَ قَالَ: " لَا وَلَكِنْ أَسْلَمْتُ مَعَ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ r ، وَلَا وَاللَّهِ لَا يَأْتِيكُمْ مِنْ الْيَمَامَةِ حَبَّةُ حِنْطَةٍ حَتَّى يَأْذَنَ فِيهَا النَّبِيُّ r ".
ثالثًا : إن الكتابَ المقدس يذكر لنا أجبارَ بني إسرائيل غيرَهم لدخلوهم دينهم بالرعبِ ... جاء ذلك في سفر أستر إصحاح 8 عدد 17وَفِي كُلِّ بِلاَدٍ وَمَدِينَةٍ، كُلِّ مَكَانٍ وَصَلَ إِلَيْهِ كَلاَمُ الْمَلِكِ وَأَمْرُهُ ، كَانَ فَرَحٌ وَبَهْجَةٌ عِنْدَ الْيَهُودِ وَوَلاَئِمُ وَيَوْمٌ طَيِّبٌ. وَكَثِيرُونَ مِنْ شُعُوبِ الأَرْضِ تَهَوَّدُوا؛ لأَنَّ رُعْبَ الْيَهُودِ وَقَعَ عَلَيْهِمْ . لا تعليق !