زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين
آل عمران
يجب عندما نحاول أن نتعرف على مضمون آية يجب أن نعرف سياق الحديث لهذه الآية بأخذ الآية التي قبلها أو التي بعدها .
ففي حالنا هذا يقول الله تعالى :
آلِ عِمْرَان
آية رقم : 13
قرآن كريم
قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَّرَوْنَهُم مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ العَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَّشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لأُولِي الأَبْصَارِ {13} زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالبَنِينَ وَالقَنَاطِيرِ المُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ وَالخَيْلِ المُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ المَآبِ {14}
فالموضع الذي تأتي فيه الآية رقم 14 { زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالبَنِينَ ............ } هو : موقع ذكر المعركة الإسلامية التي جعلها الله آية مستمرة دائمة ؛ لتوضح لنا أن المعارك الإيمانية تتطلب الانقطاع إلى الله ، وتتطلب خروج الإنسان المؤمن عما ألف من عادة تمنحه كل المتع ، والمعارك الإيمانية تجعل المؤمن الصادق يضحي بكثير من ماله في تسليح نفسه ، وتسليح غيره أيضاً .
فمن يقعد عن الحرب إنسان تغلبه شهوات الدنيا ، فيأتي الله بهذه الآية بعد ذكر الآية التي ترسم طريق الانتصارات المتجدد لأهل الإيمان ؛ وذلك حتى لا تأخذنا شهوات الحياة من متعة القتال في سبيل الله ولإعلاء كلمته ... فيقول : { زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالبَنِينَ .. } .
وكلمة { زُيِّنَ } تعطينا فاصلاً بين المتعة التي يحلها الله ، والمتعة التي لا يرضاها الله ؛ لأن الزينة عادة هي شيء فوق الجوهر . فالمرأة تكون جميلة في ذاتها وبعد ذلك تتزين ، فتكون زينتها شيئاً فوق جوهر جمالها .
فكأن الله يريد أن نأخذ الحياة ولا نرفضها ، ولكن لا نأخذها بزينتها وبهرجتها ، بل نأخذها بحقيقتها الاستباقية فيقول : { زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ } ... فالقول هنا " للناس " أي للرجال ، لأن سياق الحديث من الآية السابقة يوضح الفئة المجاهدة التي تقاتل في سبيل الله .... " فالسياق لا يتحدث عن المرأة أو الطفل أو المريض أو المعوق أو المجنون ... فكلهم ناس " ولكن السياق للمجاهدين ... ومواصفات المجاهدين لا تخضع للمذكورين سابقاً "
.
وما هي الشهوة ؟ الشهوة هي ميل النفس بقوة إلى أي عمل ما .
وحين ننظر إلى الآية فإننا نجدها توضح لنا أن الميل إذا كان مما يؤكد حقيقة استبقاء الحياة فهو مطلوب ومقبول ، ولكن إن أخذ الإنسان الأمر على أكثر من ذلك فهذا هو الممقوت .
فمثال .. ولله المثل الأعلى :
إن أعنف غرائز الإنسان هي الغريزة الجنسية ، وأن الحيوان يَفْضُل الإنسان فيها ، فالحيوان أخذ العملية الجنسية لاستبقاء النوع .... بدليل أن الأنثى من الحيوان إذا تم لقاحها من فحل لا تُمكن فحلاً آخر منها ، والفحل أيضاً إذا ما جاء إلى أنثى وهي حامل فهو لا يُقبل عليها ، إذن فالحيوانات قد أخذت غريزة الجنس كاستبقاء للحياة ، ولم تأخذها كالإنسان لذة متجددة .
ومع ذلك نحن البشر نظلم الحيوانات ، ونقول في وصف شهوة الإنسان : إن عند فلان شهوة بهيمية .... فنقول : يا ليتها كانت بهيمية بالفعل ، لأن البهيمية قد أخذتها على القدر الضروري ... لكن نحن فلسفناها ، إذن فخروجك بالشيء عما يمكن أن يكون مباحاً ومشروعاً يسمى : دناءة شهوة النفس .
ولكي لا أطيل : فشهوة الرجال للنساء معروفة ولا شرح فيها ... أما قول الحق { َالبَنِينَ } فالمقصود بها الذكران ، ولم يقل البنات ، لماذا ؟
لأن البنين هم الذين يـُطلبون دائماً للعزوة كما يقولون ولا يأتي منهم العار ، وكان العرب يئدون البنات ويخافون العار ، والمحبوب لدى الرجل في الإنجاب حتى الآن هو إنجاب البنين ، حتى الذين يقولون بحقوق المرأة وينادون بها ، سواء كان رجلاً أو امرأة إن لم يرزقه الله بولد فإنه أو إنها تريد ولداً ذكراً .
لي ملحوظة صغيرة : يقول الله تعالى " زُيِّنَ " فمن المزين ؟ إن كان في الأمر الزائد على الضروريات الأمر فهذا من شغل الشيطان ، وإن كان في الأمر الرتيب الذي يضمن استبقاء النوع فهذا من الله .
والله أعلم
رد: زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين
بسم الله الرحمن الرحيم
*********************
بارك الله بك أخى البتار
قرأت للشيخ الخطيب تفسيراً آخر لهذه الآية
زين للناس حب الشهوات من الرجال والنساء ..وأيضاً البنين المقصود بها الذكور والإناث
ولكن يوجد أسلوب قرآنى إسمه [ أسلوب الإكتفاء] وهو أن يكتفى بذكر حالة معينة دون غيرها والمراد التعميم
مثل قوله تعالى فى سورة النحل [ وجعل لكم سرابيل تقيكم الحر وسرابيل تقيكم بأسكم]
فى هذه الآية المقصود بها أن الله جعل لكم سرابيل تقيكم الحر وأيضاً سرابيل تقيكم البرد ولكنه أكتفى بذكر حالة الحر والمقصود العموم فى الحر والبرد
وعلى هذا المنوال كانت الآية 14 من سورة آل عمران
وقد يكون الإكتفاء بذكر شهوة النساء فقط لأنها أشد ...
والله أعلم
رد: زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين
جزاكم الله خيراً اخوتي في الله " goodgirl200376 " و " الريحانة "
يذكر الإمام الرازي قول :
قوله تعالى: { مِنَ النّسَاء وَالْبَنِينَ } ففيه بحثان:
{ مِنْ } في قوله { مِنَ النّسَاء وَالْبَنِينَ } كما في قوله{ فَاجْتَنِبُواْ الرّجْسَ مِنَ الأَوْثَـانِ } [الحج: 30]
فكما أن المعنى فاجتنبوا الأوثان التي هي رجس فكذا أيضاً معنى هذه الآية: زين للناس حب النساء وكذا وكذا التي هي مشتهاة.
الله تعالى عدد ههنا من المشتهيات أموراً أولها : النساء وإنما قدمهن على الكل لأن الالتذاذ بهن أكثر والاستئناس بهن أتم ولذلك قال تعالى: { خَلَقَ لَكُم مّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوٰجاً لّتَسْكُنُواْ إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً } [الروم: 21]
ومما يؤكد ذلك أن العشق الشديد المفلق المهلك لا يتفق إلا في هذا النوع من الشهوة.
ولما كان حب الولد الذكر أكثر من حب الأنثى، لا جرم خصه الله تعالى بالذكر، ووجه التمتع بهم ظاهر من حيث السرور والتكثر بهم إلى غير ذلك.
واعلم أن الله تعالى في إيجاد حب الزوجة والولد في قلب الإنسان حكمة بالغة، فإنه لولا هذا الحب لما حصل التوالد والتناسل ولأدى ذلك إلى انقطاع النسل، وهذه المحبة كأنها حالة غريزية ولذلك فإنها حاصلة لجميع الحيوانات، والحكمة فيه ما ذكرنا من بقاء النسل.