بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد،
فهذه مجموعة من الاسئلة أجاب عنها الشيخ عبد العزيز الراجحي أحببت أن أنقلها لكم لفائدتها باذن الله تعالى ...
عرض للطباعة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد،
فهذه مجموعة من الاسئلة أجاب عنها الشيخ عبد العزيز الراجحي أحببت أن أنقلها لكم لفائدتها باذن الله تعالى ...
بسم الله الرحمن الرحيم
عدد الكبائر وحدها
فضيلة الشيخ: هل لنا أن نحكم لبعض المعاصي، التي لم تكن فيمن كان قبلنا بأنها من الكبائر؟
لا شك أن الذنوب تنقسم إلى كبائر وصغائر، قال الله تعالى: إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا واختلف العلماء في عدد الكبائر وفي حدها، قال بعضهم: هي سبع، قال بعضهم: هي سبعون، وقال بعضهم: هي سبعمائة، قال بعضهم: هي ما اتفقت الشرائع على تحريمه.
ولكن أرجح ما قيل في تعريف الكبيرة كما بين ذلك المحققون هو أن الكبيرة: كل ذنب توعد عليه بالنار، أو اللعنة، أو الغضب في الآخرة، أو ترتب عليه حد في الدنيا، وألحق بعضهم إذا نفي عن صاحبه الإيمان، أو قيل فيه ليس منا، أو برئ منه النبي - صلى الله عليه وسلم - مثل قوله - صلى الله عليه وسلم -: من حمل علينا السلاح فليس منا من غشنا فليس منا ومثل السرقة فيها حد فهي من الكبائر، ومثل الزنا فيه حد فهو من الكبائر، والقتل من الكبائر، والنميمة من الكبائر - لحديث: لا يدخل الجنة قتات أي: نمام. إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا توعد الله بالنار من أكل مال اليتيم فهو كبيرة.
بسم الله الرحمن الرحيم
تفاضل الأنبياء والرسل في اتباعهم لأوامر الله
ذكرتم أن هناك مفاضلة بين الأنبياء والرسل في الاتباع لأوامر الله سبحانه وتعالى نرجو توضيح ذلك؛ لأنه قد يشكل ذلك علينا، حيث نعتقد أن الأنبياء لا يحصل منهم تقصير في الاتباع، وجزاكم الله خيرًا؟
الأنبياء والرسل لا يحصل منهم تقصير، ولكنهم يتفاضلون في منزلتهم عند الله - عز وجل - على حسب تفاضلهم في الكمال، وهذا بنص القرآن قال الله تعالى: وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُورًا وقال سبحانه: تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وقال سبحانه لنبيه: فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ خص أولي العزم.
فلا شك أن الأنبياء منزلتهم عند الله متفاوتة، فمنزلة أولي العزم أعلى من منزلة غيرهم، فهم أكمل الناس في الاتباع، وإن كان الأنبياء كلهم متبعين، بل إن الصديقين متبعون والشهداء وسائر المؤمنين كلهم متبعون، وكلهم محافظون.
وقد سبق بيان أن السابقين بالخيرات هم الذين أدوا الفرائض، وانتهوا عن المحارم وتركوا المكروهات وفضول المباحات، وتقربوا إلى الله بالنوافل والمستحبات - وهذا في سائر المؤمنين هم متفاوتون، فمنهم الصديق، ومنهم الشهيد، ومنهم السابق بالخيرات، ومنهم المقتصد، ومنهم الظالم لنفسه. فالمؤمنون أعلاهم الأنبياء ؛لأنهم أكمل الناس في الاتباع، فالأنبياء يتفاوتون في الكمال كما أن المؤمنين يتفاوتون في الكمال، وإن كان الجميع كلهم متبعين.
بسم الله الرحمن الرحيم
نوح أول رسول بعثه الله بعد وقوع الشركنوح عندما دعا قومه، هل دعاهم على أنهم مشركون أم دعاهم على أنهم جاهلون؟
نوح -عليه الصلاة والسلام - دعا قومه إلى التوحيد؛ لأنهم مشركون حيث انتشر الشرك في زمن نوح عليه الصلاة والسلام، جاء في تفسير قوله تعالى: كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ عن ابن عباس وغيره: كان بين آدم ونوح عشرة قرون كلهم على التوحيد، ثم حدث الشرك في قوم نوح ثبت في صحيح البخاري بيان سبب وقوع الشرك أنه كان في زمن نوح أناس صالحون ود وسواع ويغوث ويعوق ونسر ثم ماتوا وتقاربت وفاتهم فحزنوا عليهم، فقالوا: لو صورناهم كان أشوق لنا للعبادة فصوروا صور الصالحين حتى يتشوقوا للعبادة، ثم لما طال الأمد والعهد، وجاء أحفادهم من بعدهم دب إليهم الشيطان، وأوحى إليهم أن آباءكم إنما صوروا هذه الصور؛ لأنهم يدعونهم ويستسقون بهم المطر فعبدوهم من دون الله، فحدث الشرك في قوم نوح.
إذن سبب حدوث الشرك في قوم نوح هو تصوير صور الصالحين، ثم الغلو والعكوف على قبورهم، فلما حدث الشرك بعث الله نوحا - عليه الصلاة والسلام - فهو أول رسول بعثه الله بعد وقوع الشرك، وقد كان قبله آدم نبي مكلم أرسل إلى بنيه، لكن ما وقع الشرك وشيث كذلك نبي قبله لكن ما وقع الشرك.
فنوح أول رسول بعثه الله بعد وقوع الشرك دعاهم إلى توحيد الله ومكث فيهم هذه المده الطويلة مدة الدعوة ألف سنة إلا خمسين عاما يدعوهم إلى التوحيد، وينهاهم عن الشرك ويقول: اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ بنص القرآن: لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ دعاهم إلى العبادة والتوحيد.
بسم الله الرحمن الرحيم
مَنْ دعا غير الله وطلب منه
هناك بعض الناس يقول: يا رسول الله، ويا شيخ فلان، فهل يخرجون من الإسلام بسبب هذا، وهل نقول: إنهم كفار؟
من دعا غير الله وطلب منه ما لا يقدر عليه إلا الله، خرج من الملة، وصار من المشركين، كأن يقول: يا رسول الله اشفع لي، يا رسول الله خذ بيدي، يا رسول الله اغفر ذنبي، أو يقول: يا عبد القادر الجيلاني أو يا سيدي البدوي أو يا دسوقي أو يا نفيسة المدد المدد، خذ بيدي أنا في حسبك، أنا في جوارك، اشفع لي، لا تخيب رجائي، هذا كفر وردّة يخرج به عن ملة الإسلام، وصار من المشركين الوثنيين بعد أن كان من المسلمين الموحدين، وإذا مات على ذلك صار من أهل النار، نعوذ بالله.
فالذي يقول: يا رسول الله اشفع لي، نقول له: لا يجوز أن تسأله، فإن قال: رسول الله يشفع. قلنا: نعم يشفع، لكن لا تسأل رسول الله الشفاعة بل اسألها من الله، قل: يا رب شفّع فيّ نبيك، لكن إذا كان يوم القيامة وهو حي قادر تطلب منه الشفاعة، أما بعد وفاته فلا.
إذا قال: يا رسول الله اشفع لي، قلنا: هذا شرك، فلا يجوز سؤال غير الله، من سأل غير الله ودعا غير الله فقد أشرك: وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا .
أما إذا دعا حيًا حاضرًا قادرًا هذا ما يكون شركًا، إنسان حي قادر تقول: يا فلان أعني على إصلاح سيارتي، أعني على إصلاح مزرعتي، أعني على إصلاح البيت، أقرضني، أو بالهاتف إنسان حي حاضر قادر فلا بأس.
أما أن تدعو ميتا أو غائبا لا يسمع فيما لا يقدر عليه إلا الله، هذا شرك وردّة كأن تدعوه أن يفرج كربتك؛ لأنه ميت صار ترابًا: وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وقال سبحانه: وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ يعني: المشركين، قال سبحانه: وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ .
نص الله على أن من دعا غير الله كافر. وقال: وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ سماه الله شركًا. بنص القرآن: من دعا غير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله كفر وأشرك، وخرج من الملة، لكن إذا تاب قبل الموت تاب الله عليه، فإن مات حبطت أعماله وصار من أهل النار، نعوذ بالله أن نموت على ذلك. ونسأل الله السلامة والعافية.
وكذلك من ذبح لغير الله، أو نذر لغير الله، أو طاف بغير بيت الله تقربًا إليه. كأن يطوف مثلا بقبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالحجرة النبوية ويقول: أنا أطوف بقبر الرسول، أطوف لله تقربا لله نقول: هذا بدعة حرام. إذا أردت أن تطوف لله اذهب إلى الكعبة ليس هناك شيء يطاف به في الدنيا إلا الكعبة ؛ لأن الله أمرنا بقوله: وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ فإذا قال: أنا أطوف لرسول الله، نقول: أنت وثني صرت مشركًا؛ لأنك صرفت الطواف الذي هو عبادة لغير الله، وكذلك الذي يطوف على قبر البدوي أو قبر الحسين يقول: أنا أطوف على قبر السيد البدوي لله، نقول: هذا بدعة، حرام فعلك هذا ولو لله، اذهب إلى الكعبة فليس هناك مكان يطاف به في الدنيا إلا الكعبة
وإذا قال: أنا أطوف للسيد البدوي نقول: أنت مشرك وثني انتقلت من دين الإسلام إلى دين أبي جهل انتقلت إلى الشرك والعياذ بالله؛ لأنك صرفت الطواف الذي هو عبادة لغير الله كذلك إذا قال: أنا أطوف على قبر الحسين لله، نقول: لله لا تطف بهذا المكان، هذا بدعة حرام، طف بالكعبة فإن قال: أنا أطوف للحسين نقول هذا شرك، صرت وثنيًا والعياذ بالله، إلا إن وفقك الله للتوبة قبل الموت. نسأل الله السلامة والعافية.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
:etoileverte::spinstar::etoileverte::spinstar:
طرح رائع ومفيد
جزاكم الله كل خير على هذا النقل المفيد
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
بسم الله الرحمن الرحيم
الاخ الفاضل "الشيمي على" والاخت gardanyah جزاكما الله خيرا على المرور الكريم
بسم الله الرحمن الرحيم
أهل الفترات الذين لم تبلغهم الدعوة
كيف نرد على من يقول: ليس على من نشأ في وسط كافر، ولم يسمع قط بالإسلام، ولم ير مسلمًا، ولم يسمع شيئًا من الدين، إلا الدين الذي رباه عليه أبواه، ليس عليهم ذنب؛ لأنهم جهلوا ولم تقم عليهم الحجة؟
إذا وجدنا هذا، فهذا ظاهر النصوص أنه يكون من أهل الفترة فإذا مات على ذلك يعامل معاملة المشركين في الدنيا، فلا يغسل، ولا يصلى عليه، ولا يدفن في مقابر المسلمين وأمره في الآخرة إلى الله.
وقد اختلف العلماء في أهل الفترات الذين لم تبلغهم الدعوة، ولم يعلموا شيئًا، قرر شيخ الإسلام وابن القيم في آخر كتابه: "طريق الهجرتين" أقوال، لكن اختاروا: أنهم يمتحنون يوم القيامة، وجاءت في هذا أدلة كثيرة، لا تخلو من ضعف، أنه يؤتى بالشيخ الكبير والهرم والفاني، ومن لم تبلغه الدعوة، ويوقفون بين يدي الله، وأنه يخرج لهم عنق من النار فيقال: ردوها، يمتحنون يوم القيامة، فمن ردها كانت عليه بردًا وسلامًا، ومن لم يردها فقد عصى.
وجاءت أحاديث كثيرة، لكن لا تخلو من ضعف، لكن في مجموعها يشد بعضها بعضًا، ولهذا قرر شيخ الإسلام وابن القيم أنهم يمتحنون أخذًا من هذه النصوص، والأصل في هذا قوله: وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا .
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله و الصلاة و السلام على رسول الله
جزاك الله خيراً اخانا الحبيب على موضوعك المفيد
جعله الله تعالى في ميزان حسناتك
تقبل مروري أخي الفاضل