الرد على : لاَ تَبْدَءُوا الْيَهُودَ وَلاَ النَّصَارَى
الــــــــرد
جاء بشرح النووي
قوله صلى الله عليه وسلم : ( وإذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروه إلى أضيقه )
أي : لا يترك للذمي صدر الطريق , بل يضطر إلى أضيقه إذا كان المسلمون يطرقون , فإن خلت الطريق عن الزحمة فلا حرج . قالوا : وليكن التضييق بحيث لا يقع في وهدة , ولا يصدمه جدار ونحوه . والله أعلم .
وله قصة عند أبي داود :
عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ قَالَ : خَرَجْتُ مَعَ أَبِي إِلَى الشَّامِ فَجَعَلُوا يَمُرُّونَ بِصَوَامِعَ فِيهَا نَصَارَى فَيُسَلِّمُونَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ أَبِي : لَا تَبْدَءُوهُمْ بِالسَّلَامِ فَإِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ حَدَّثَنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : لَا تَبْدَءُوهُمْ بِالسَّلَامِ وَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فِي الطَّرِيقِ فَاضْطَرُّوهُمْ إِلَى أَضْيَقِ الطَّرِيقِ .
الله أكبر .
ولاء وبراء واقع عملي وليس مجرد كلام يلقى .
أما كلام العلماء بخصوص عبارة : " وَإِذَا لَقِيتُمْ أَحَدَهُمْ فِي الطَّرِيقِ فَاضْطَرُّوهُمْ إِلَى أَضْيَقِهِ " .
1 - قال الترمذي تعليقا على معنى الحديث :
وَمَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ لَا تَبْدَءُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى .
قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِنَّمَا مَعْنَى الْكَرَاهِيَةِ لِأَنَّهُ يَكُونُ تَعْظِيمًا لَهُمْ وَإِنَّمَا أُمِرَ الْمُسْلِمُونَ بِتَذْلِيلِهِمْ وَكَذَلِكَ إِذَا لَقِيَ أَحَدَهُمْ فِي الطَّرِيقِ فَلَا يَتْرُكْ الطَّرِيقَ عَلَيْهِ لِأَنَّ فِيهِ تَعْظِيمًا لَهُمْ .ا.هـ
2 - نقل الحافظ ابن حجر في الفتح عن القرطبي ما نصه :
قال القرطبي في قوله " وإذا لقيتموهم في طريق فاضطروهم إلى أضيقه " معناه لا تتنحوا لهم عن الطريق الضيق إكراما لهم واحتراما ، وعلى هذا فتكون هذه الجملة مناسبة للجملة الأولى في المعنى ، وليس المعنى إذا لقيتموهم في طريق واسع فألجئوهم إلى حرفه حتى يضيق عليهم لأن ذلك أذى لهم وقد نهينا عن أذاهم بغير سبب .ا.هـ
3 - وقال صاحب عون المعبود :
( فَاضْطَرُّوهُمْ إِلَى أَضْيَقِ الطَّرِيقِ ) أَيْ أَلْجِئُوهُمْ إِلَى أَضْيَقِهِ بِحَيْثُ لَوْ كَانَ فِي الطَّرِيق جِدَار يَلْتَصِق بِالْجِدَارِ وَإِلَّا فَيَأْمُرُهُ لِيَعْدِلَ عَنْ وَسَطِ الطَّرِيقِ إِلَى أَحَدِ طَرَفَيْهِ , قَالَهُ الْقَارِي .
وَقَالَ اِبْن الْمَلَك : يَعْنِي لَا تَتْرُكُوا لَهُمْ صَدْر الطَّرِيق هَذَا فِي صُورَة الِازْدِحَام وَأَمَّا إِذَا خَلَتْ الطَّرِيق فَلَا حَرَج .ا.هـ
4 - قال صاحب " تحفة الأحوذي " المباركفوري :
( إِلَى أَضْيَقِهِ ) أَيْ أَضْيَقِ الطَّرِيقِ بِحَيْثُ لَوْ كَانَ فِي الطَّرِيقِ جِدَارٌ يَلْتَصِقُ بِالْجِدَارِ وَإِلَّا فَيَأْمُرُهُ لِيَعْدِلَ عَنْ وَسَطِ الطَّرِيقِ إِلَى أَحَدِ طَرَفَيْهِ .
وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ لِلنَّوَوِيِّ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا : يُكْرَهُ اِبْتِدَاؤُهُمْ بِالسَّلَامِ وَلَا يَحْرُمُ , وَهَذَا ضَعِيفٌ لِأَنَّ النَّهْيَ لِلتَّحْرِيمِ , فَالصَّوَابُ تَحْرِيمُ اِبْتِدَائِهِمْ .
وَحَكَى الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ جَمَاعَةٍ أَنَّهُ يَجُوزُ اِبْتِدَاؤُهُمْ لِلضَّرُورَةِ وَالْحَاجَةِ .
وَهُوَ قَوْلُ عَلْقَمَةَ وَالنَّخَعِيِّ .
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ : إِنْ سَلَّمَتْ فَقَدْ سَلَّمَ الصَّالِحُونَ وَإِنْ تَرَكْت فَقَدْ تَرَكَ الصَّالِحُونَ . وَأَمَّا الْمُبْتَدِعُ فَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يُبْدَأُ بِالسَّلَامِ إِلَّا لِعُذْرٍ وَخَوْفٍ مِنْ مَفْسَدَةٍ , وَلَوْ سَلَّمَ عَلَى مَنْ لَمْ يَعْرِفْهُ فَبَانَ ذِمِّيًّا اُسْتُحِبَّ أَنْ يَسْتَرِدَّ سَلَامَهُ بِأَنْ يَقُولَ اِسْتَرْجَعْت سَلَامِي تَحْقِيرًا لَهُ .
وَقَالَ أَصْحَابُنَا لَا يُتْرَكُ لِلذِّمِّيِّ صَدْرُ الطَّرِيقِ بَلْ يُضْطَرُّ إِلَى أَضْيَقِهِ , وَلَكِنَّ التَّضْيِيقَ بِحَيْثُ لَا يَقَعُ فِي وَهْدَةٍ وَنَحْوِهَا وَإِنْ خَلَتْ الطَّرِيقُ عَنْ الزَّحْمَةِ فَلَا حَرَجَ اِنْتَهَى .ا.هـ
. http://saaid.net/Doat/Zugail/171.htm
.