بنات محمد صلى الله علية وسلم من السيدة خديجة رضى الله عنها
زينب بنت محمد( رضى الله عنها ) الحلقة الأولى
كانت هالة بنت خويلد كثيرة التردد على السيدة خديجة رضي الله عنها
فهي تعتبرها أما وأختا لها لذلك كانتا قريبتين جدا من بعضهما ..
وكم تمنت أن تكون زينب زوجة لابنها أبي العاص .. لما لمسته فيها من نقاوة و طهر وحسن خلق .. ومن ذلك نرى أن هالة بنت خويلد أحسنت إختيار زوجة لابنها ابو العاص معتمدة على حسن سيرتها وليسزينب) رضى الله عنها..
كبرى بنات الرسول صلى الله عليه وسلم
وأولى ثمرات زواجه صلى الله عليه وسلم من السيدة ( خديجة رضي الله عنها )..
فمن هي زينب ؟؟
مولدها ونشأتها :
كما ذكرت سابقا فالسيدة زينب هي كبرى بنات الرسول ورزق بها
عندما كان في الثلاثين من عمره رضي الله عنه
فهي زينب بنت محمد بن عبدالله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد المناف ..
كانت رضي الله عنها أولى درر عقد بيت النبوة الذي سيكتمل بأخواتها من بعدها .. وكانت فرحة الرسول بقدومها عظيمة .. وكم كانت فرحة تغمر السيدة خديجة عندما رأت سعادة الرسول وهو يلاعبها ..
إعتاد أشراف مكة على إرسال أبنائهم إلى المراضع في البادية لمدة تقارب السنتين وهكذا كان الحال مع زينب ..وبعد ان عادت إلى حضن أمها عهدت بها خديجة إلى مربية تساعدها على رعايتها والسهر على راحتها ..
ترعرعت زينب في كنف والدها حتى شبت على مكارم الأخلاق والآداب والخصال الحميدة فكانت تلك الفتاة البالغة الطاهرة نقية الروح بصفاتها وعفويتها .
زواجها رضى الله عنها
كان أبوالعاص يعرف زينب منذ صغره من كثرة ترداده على بيت خالته خديجة وأعجب بصفاتها وأخلاقها ..
وفي أحد الأيام فاتحت هالة أختها بنوايا ابنها الذي اختار ( زينب ) ذو المكانة العظيمة في قريش شرفا ونسبا لتكون زوجته وشريكة حياته .
. بالإضافة إلى ذلك فإن أبا العاص على الرغم من صغر سنه فقد عرف بالخصال الكريمة والأفعال النبيلة.
وعندما ذهب أبو العاص إلى رسول الله ليخطب ابنته، قال عنه الرسول : إنه نعم الصهر الكفء .. وطلب منه الرسول الانتظار حتى يرى رأي ابنته في ذلك ، وهذا موقف من المواقف التي دلت على حرص الرسول على المشاورة ورغبته في معرفة رأي ابنته خاصة وأن هذا الأمر يتعلق بمستقبلها .. ولم يفرض رأيه عليها
دخل رسول الله على ابنته زينب وقال لها :
- بنيتي إن ابن خالتك أبا العاص بن الربيع ذكر اسمك ( كنابة عن الرغبة في الزواج )
- فسكتت زينب حياء ، ولم تحر جوابا ، واحمر وجهها خجلا .. ولكن خفقات القلب الطاهر وإغضاء النظر .. كانا خير جواب
فتبسم الرسول – عليه الصلاة والسلام – ولم يكرر السؤال ، ثم عاد إلى أبي العاص فصافحه مهنئا مباركا داعيا بالخير ..
عاشت رضي الله عنها حياة سعيدة في كنف زوجها .. فكانت نعم الزوجة الصالحة وكان هو نعم الزوج الفاضل الذي أحاطها بالحب والأمان ..
وكان ثمرة هذا الزواج السعيد أن رزقهما الله بطفلين جميلين
أولها علي بن أبي العاص الذي توفي صغيرا وكان الرسول قد أردفه وراءه يوم الفتح والثانية كانت أمامة بنت أبي العاص والتي تزوجها علي بن أبي طالب رضى الله عنة
بعد وفاة فاطمة رضي الله عنها .
كان أبي العاص يحب زوجته بشدة .. وبما أنه يعمل بالتجارة فإنه
يضطر أن يفارق زوجته في رحلاته .. فكان يقول :
ذكرت زينب لما ورّكــــت أرما فقلت سقيا لشخصٍ يسكن الحرما
بنت الأمين جزاها الله صــــالحاً وكلٌ بَعــلٍ سيثني بالذي عـلِما
إسلامهــا :
وفي يوم نزول الوحي على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم كان أبو العاص في سفر تجارة ، فخرجت السيدة زينب {رضي الله عنها} إلى بيت والدها تطمئن على أحوالهم فإذا بها ترى أمها خديجة في حال غريب بعد عودتها من عند ورقة بن نوفل. سألت زينب أمها عن سبب هذا الانشغال فلم تجبها إلى أن اجتمعت خديجة {رضي الله عنها}ببناتها الأربع زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة {رضي الله عنهن} وأخبرتهن بنزول الوحي على والدهم صلى الله عليه وسلم وبالرسالة التي يحملها للناس كافة. لم يكن غريباً أن تؤمن البنات الأربع برسالة محمد صلى الله عليه وسلم فهو أبوهن والصادق الأمين قبل كل شي، فأسلمن دون تردد وشهدن أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، وقررت الوقوف إلى جانبه ومساندته، وهذا أقل ما يمكن فعله.
وعاد أبو العاص من سفره، وكان قد سمع من المشركين بأمر الدين الجديد الذي يدعو إليه محمد
دخل على زوجته فأخبرها بكل ما سمعه، وأخذ يردد أقوال المشركين في الرسول ودينه، في تلك اللحظة وقفت السيدة زينب {رضي الله عنها}موقف الصمود وأخبرت زوجها بأنها أسلمت وآمنت بكل ما جاء به محمد ودعته إلى الإسلام فلم ينطق بشيء وخرج من بيته تاركاً السيدة زينب بذهولها لموقفه غير المتوقع.
وعندما عاد أبو العاص إلى بيته وجد زوجته {رضي الله عنها} جالسة بانتظاره فإذا به يخبرها بأن والدها محمد r دعاه إلى الإسلام وترك عبادة الأصنام ودين أجداده ، فرحت زينب ظناً منها أن زوجها قد أسلم،
فهل أسلم زوجها؟...هذا ما سنعرفه بالحلقة القادمة إن شاء الله
زينب بنت محمد( رضى الله عنها ) الحلقة الثانية
وعندما عاد أبو العاص إلى بيته وجد زوجته {رضي الله عنها} جالسة بانتظاره فإذا به يخبرها بأن والدها محمد دعاه إلى الإسلام وترك عبادة الأصنام ودين أجداده ، فرحت زينب ظناً منها أن زوجها قد أسلم، لكنه لم يكمل ولم يبشرها بإسلامه كما ظنت فعاد الحزن ليغطي ملامح وجهها الطاهر من جديد. بالرغم من عدم إسلام أبي العاص ألا أنه أحب محمد r حباً شديدا،ً ولم يشك في صدقه لحظة واحدة، وكان مما قال لزوجته السيدة زينب {رضي الله عنها} في أحد الأيام عندما دعته إلى الإسلام :
" والله ما أبوك عندي بمتهم، وليس أحب إليّ من أن أسلك معك يا حبيبة في شعب واحد، ولكني أكره لك أن يقال: إن زوجك خذل قومه وكفر بآبائه إرضاء لامرأته "
من هذه المواقف نجد أن السيدة زينب {رضي الله عنها} على الرغم من عدم إسلام زوجها فقد بقيت معه تدعوه إلى الإسلام، وتقنعه بأن ما جاء به الرسول هو من عند الله وليس هناك أحق من هذا الدين لاعتناقه. ومن ذلك نجد أيضاً أن أبا العاص لم يجبر زوجته على تكذيب والدها أو الرجوع إلى دين آبائهِ وعبادة الأصنام ِ وحتى وإن أجبرها فلم تكن هي، لتكذب أباها إرضاء لزوجها، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، والملاحظ أن موقف أبا العاص ومسايرته لقومه مرده إلى كبرياء جاهلي ، سيطر على كثيرين من أمثاله ، مبعثه العصبية القبلية .
الهجرة :
اشتد أذى المشركين بالرسول و أصحابه وخاصة بعد وفاة خديجة وأبي طالب فأذن لأصحابه بالهجرة إلى يثرب
( ولا يفوتنا أن نذكر موقف السيدة زينب في رعايتها لإخوتها بعد وفاة أمهم وخاصة فاطمة الزهرة النضرة .. فقد أصبحت زينب نعم الأم لأخواتها )
طبق أجواء مكة ذات يوم نبأ هجرة الرسول وصاحبه إلى المدينة ومطاردة قريش لهما ، فكانت زينب تمضي الليالي مضطربة النفس خائفة القلب على الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولم ترتح إلا بعد أن وصل خبر وصوله وصاحبه إلى يثرب آمنين سالمين .. وبعد هجرة رسول الله r إلى المدينة المنورة أمر بإحضار ابنتيه فاطمة وأم كلثوم {رضي الله عنهن} إلى دار الهجرة يثرب، أما رقية {رضي الله عنها} فقد هاجرت مع زوجها من قبل ولم يبق سوى زينب التي كانت في مأمن من بطش المشركين وتعذيبهم وهي في بيت زوجها الذي آمنها على دينها.
غزوة بدر
دارت رحى غزوة بدر سريعا وحقق المسلمون فيها نصرا مؤزرا .. فقتل من المشركين من قتل وأسر من أسر وتشرد البقية .. وكان ضمن من وقعوا في الأسر ( أبو العاص بن الربيع )
الذي كان قد خرج مع المشركين يوم ذاك ..
ولما استعرض الرسول الأسرى نحا ( أبا العاص ) جانيا وقال لأصحابه :
استوصوا بالأسرى خيرا .
كانت زينب رضي الله عنها في وضع لا تحسد عليه ، وحين بدأت عملية فداء الأسرى ، كانت زينب راغبة في عودة زوجها إليها مستثيرة همة والدها العظيم لذلك ، فاستخرجت من صندوقها قلادة كانت لأمها خديجة رضي الله عنها أهدتها إياه يوم عرسها ثم حملته لشقيق زوجها عمرو بن الربيع كي يقدمها فدية عن زوجها .
فلم يكد الرسول يرى تلك القلادة حتى رق لها رقة شديدة وخفق القلب الكبير للذكرى العظيمة
وأطرق الحاضرون من الصحابة خاشعة أبصارهم وقد أسروا بجلال الموقف وروعته
وبعد صمت طويل قال ( صلى الله عليه وسلم ) :
- إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها وتردوا عليها مالهم فافعلوا
فقالوا جميعا :
- نعم يا رسول الله .
الفــراق
لكن النبي أوصى أبا العاص أن برسل زينب إليه . لأن الإسلام فرق ينهما وأخذ عليه عهد في ذلك
عاد أبا العاص إلى مكة وهو بادي الوجوم ظاهر الحزن وقال لمرأته :
جئتك مودعا يا زينب
وأخبرها بما وعد أباها من ردها إليه .
ثم قال :
مهما يحدث يا زينب فسأبقى على حبك ما حييت وفيا ، وسيبقى طيفك أبدا ملئ هذه الدار التي شهدت أحلى وأطيب أيام حياتنا .
مسحت زينب دموعها المترقرقة ، وانصرفت ، ولكن قريشا تصدت لها ومنعتها وأعادتها إلى مكة وروعت رضى الله عنها بما حدث وكانت حاملا فنزفت دما وأجهضت .. فحماها أبو العاص عنده حتى استعادت عافيتها وقوتها ، فاغتنم يوما غفلت فيه قريش عنها فأخرجها بصحبة أخيه كنانة بن الربيع حتى أبلغها مأمنها عند أبيها .. وعاد كنانة وهو ينشد :
عجبت لهبار وأوباش قومه يريدون إخفارى ببنت محمد
ولست أبالي ما حييت عديدهم وما استجمعت قبضا يدي بمهندي
وهبار هو هبار بن الأسود الذي أعترض مع نفر من قومه زينب رضى الله عنها وتسبب في إسقاطها لجنينها .
ولقد أمر الرسول بقتله بعد علمه بالحدث ..
ماذا حدث لها رضى الله عنها ؟....؟؟؟
يتبع,,,,
زينب بنت محمد( رضى الله عنها ) الحلقة الثالثة
بلغ الرسول – صلى الله عليه وسلم – أن قافلة لقريش قد أقبلت من الشام فأرسل زيد بن حارثة رضي الله عنه في سرية لاعتراض القافلة .. فاستولوا عليها وعادوا إلى المدينة ومعهم الأسرى الذين كانوا في حراسة القافلة ..
كان من ضمن حراس القافلة أبو العاص بن الربيع .. إلا أنه استطاع الهرب من جنود سرية زيد فلم يقع في الأسر معهم ..واختبأ في مكان بالقرب من المدينة .. وظل في مكمنه يعاني البرد الشديد وخوف الصير، وكان وهو في مقامه هذا يهفو قلبه المضطرب إلى الحبيبة ( زينب ) ..
( زينب ) .. التي ماعرف الهناءة والطمأنينة إلا بجوارها ، وما عرف السعادة والأمن إلا معها .
فكر ماذا يفعل؟ هل يقوم من مكمنه ويمضي باتجاه مكة وحيدا وليس معه زاد ولا ركوب ؟
أم يتخذ سبيله إلى بيت زينب حيث الحبيبة الوفية التي لا يمكن أن تتنكر له ، يستجير بها ويلوذ بحماها ؟
وغلبه حبه وصدق مشاعره ، فتسلل تحت جنح الليل مستتر بالظلام وقرع الباب وكانت طرقاته أخف من وجيب قلبه المضطرب .
وقامت زينب رضي الله عنها خائفة .. فمن ذا الذي يطرق بابها في مثل هذه الساعة المتاخرة من الليل ؟
ونادت :
- من بالباب .
وجاءها الصوت الذي تعرف .. هامسا خائفا مضطربا :
- أنا أبو العاص
وفتحت الباب واستقبلت الزوج الحبيب !!
لكن اللقاء تحدثت به العيون بدلا من الألسنة ، وتصافحت القلوب بدلا من الأيدي ، وتعانقت الأرواح بدلا من الأجساد ، وانهمرت الدموع من العيون مدرارا .
ظل أبوالعاص – رغم استعادته سكينته – قلقا وجما بعض الشيء ، قليل الكلام .
وعرفت زينب انه جاءها مستجيرا ، محتميا بحماها، طالبا شفاعتها عند أبيها ، فطمأنته أنها ستفعل في الغد إن شاء الله ..
فلما صلى رسول الله الفجر ، قامت زينب فنادت مستشفعة :
- إني قد اجرت أبا العاص بن الربيع
فقال الرسول صلى الله عليه وسلم :
- أيها الناس هل سمعتم كما سمعت ؟
- قالوا : نعم
- فقال : فوالذي نفسي بيده ما علمت بشيء مما كان حتى سمعت بالذي سمعتم
- وأضاف : المؤمنون يد على من سواهم ، يجير عليهم أدناهم ، وقد أجرنا من أجارت
فلما انصرف عليه الصلاة والسلام إلى منزله ، دخلت عليه زينب فسألته أن يرد على أبي العاص ما أخذ منه ففعل وأمرها أن لا يقربها فإنها لا تحل له مادام مشركا .
وهذه الواقعة يجب ألا تفوتنا .
ذلك أن أبا العاص حين شعر بالامان يغمره في المدينة وأن الرسول قد أواه واجاره ورأى ما في الإسلام من سماحة أدرك ما كان فيه من جاهلية عمياء ..
كما أدرك أن حب زينب له وحبه لها أصيل ومتمكن من قلبيهما
أدرك كل ذلك .. وأراد أن يدخل في حوزة الدين الحنيف راغبا لا راهبا ، وان يعلن إسلامه ولكن .. !
وعند ( ولكن ) توقف أبو العاص .
ثارت في وجدانه شهامته العربية وإباؤه القبلي .. فأضمر في نفسه أن لا يكون إشهار إسلامه منعوتا بالتأثير والضغط .. فلا يقال في مكة بان أبا العاص أسلم رغبة في الحياة أو خوفا من الموت أو غير ذلك .. وصمم على أن يكون إشهاره لإسلامة في أندية مكة وعلى رؤوس الأشهاد .
وأيضا هناك أمر آخر وهو ما في ذمته من أموال لقريش ، فلو أنه بقى في المدينة وأعلن إسلامه فسيقولون بأنه قد تهرب من رد ودائعهم وأماناتهم .. وهذا ما تأباه نفسه
رجع أبو العاص بالمال إلى مكة وأعطى كل واحد من قريش نصيبه من المال ثم قال:" أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمد عبده ورسوله، والله ما منعني من الإسلام إلا أن تظنوا أني إنما أردت أن آكل أموالكم، فلما أداها الله إليكم فرغت منهم وأسلمت".جمع أبو العاص أغراضه وعاد إلى يثرب قاصداً مسجد الرسول r فإذا بالرسول r وأصحابه يفرحون بعودته، ليكمل فرحتهم تلك بالإسلام ورد عليه الرسول زينب فاجتمع الشمل ، واكتمل العقد وخيم على الدار ماكان من قبل من حبور وسرور ، وهناءة وسعادة .
وفاتها ( رضي الله عنها ) :
مضى على الزوجين الحبيبين عام واحد في المدينة ، يعبان من السعادة والفرحة ، ثم كان الفراق الأبدي الذي لا لقاء بعده إلا في الدار الأخرة .
إذ توفي الله تعالى إليه زينب – رضي الله عنها – في مستهل السنة الثامنة من الهجرة ، متأثرة بمرض النزف الذي لازمها منذ هجرتها .
وبكاها أبوالعاص بكاء حارا ، وتشبث بها حتى أبكى من حوله .
وجاء رسول الله دامع العين ، محزون الفؤاد ، وقد ذكره موتها فراق خديجة رضي الله عنها .
ثم قال للنسوة اللاتي اجتمعن حولها :
- اغسلنها وتراً، ثلاثاً أو خمساً .. واجعلن في الآخرة كافور
ثم صلى عليها ، وشيعها إلى القبر .
رضي الله عن زينب بنت الرسول صلى الله عليه وسلم ، وجزاها بما صبرت جنة وحريرا ,,
رقية بنت الرسول رضي الله عنها الحلقة الولى
نكمل اليوم بأذن الله عن سيرة طيبة وعطرة بدأناها بسيدة نساء الجنة خديجة رضى الله عنها وبناتها من محمد صلى الله علية وسلم وسنتحدث اليوم عن الابنة الثانية لسيد البشرية علية اطيب الصلاة والتسليم ( رقية )
************************************
رقية بنت الرسول رضي الله عنها
الجزء الاول
نشأتها :
ولدت رضي الله عنها بعد أختها زينب فكانت قرة عين لوالديها الكريمين ..
وما لبثت أن جاءت بعدها ( أم كلثوم ) فنشأتا سويا ، متلاصقتين متعاطفتين ، وكأنهما توأمين ..
وقد استمدت ( رقية رضي الله عنها ) كثيراً من شمائل أمها، وتمثلتها قولاً وفعلاً في حياتها من أول يوم تنفس فيِه صبح الإسلام، إلى أن كانت رحلتها الأخيرة إلى الله عز وجل. فكانت سيرتها كنز من كنوز الفضائل والأخلاق مليئة بالنفحات الإيمانية ..
زواجها رضي الله عنها من عُتبة
لم يمض على زواج زينب كبرى البنات غير وقت قصير ، حتى جاء أبوطالب إلى النبي صلى الله عليه وسلم خاطبا رقية وأم كلثوم لبني أخيه عبد العزى بن عبدالمطلب ( أبي لهب ) فلقد أصبحتا في سن الزواج.
قال أبو طالب :
- جئناك نخطب ابنتينا ( رقية ) و ( أم كلثوم ) وما أراك تضيق بهما على ابني عمك عتبة و عتيبة ابني عبد العزى
- فأجاب الرسول صلى الله عليه وسلم :
- معاذ القرابة والرحم ، ولكن هلاّ أمهلتني يا عم حتى أتحدث في هذا إلى ابنتي ..؟
وعرض الرسول صلى الله عليه وسلم الأمر على أهل بيته ..
وأحست رقية وأختها انقباضاً لدى أمهما خديجة، فالأم تعرف من تكون أم الخاطبين زوجة أبي لهب، ولعل كل بيوت مكة تعرف من هي أم جميل بنت حرب ذات القلب القاسي والطبع الشرس واللسان الحاد. ولقد أشفقت الأم على ابنتيها من معاشرة أم جميل، لكنها خشيت اللسان السليط الذي سينطلق متحدثاً بما شاء من حقد وافتراء إن لم تتم الموافقة على الخطوبة والزواج، ولم تشأ خديجة أيضاً أن تعكر على زوجها طمأنينته وهدوءه بمخاوفها من زوجة أبي لهب،، فسكتت كما سكتت الفتاتان حياء ، وأغضتا عن الجواب رقة وخجلا , وعلت الحمرة وجهيهما فزادتهما بهاء .
وتمت الموافقة ..
وبارك محمد ابنتيه، وأعقب ذلك فرحة العرس والزفاف وانتقلت العروسان في حراسة الله إلى بيت آخر وجو جديد.
انبثاق فجر الإسلام
ودخلت رقية مع أختها أم كلثوم بيت العم، ولكن لم يكن مكوثهما هناك طويلاً .. فقد لاح في سماء مكة قبس من نور أضاءها وبدد ظلمتها ، إذا أظلتها بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم هداية ونور .. وتذكرت خديجة رضي الله عنها ابنتيها ( رقية ) و ( أم كلثوم ) وما سيئول إليه أمرهما على يد أم جميل الظالمة وزوجها المطواع الألعوبة في يد زوجته .
وقد قام رسول الله بدعوة الناس إلى الإسلام وعندما علم أبو لهب بذلك أخذ يضحك ويسخر من رسول الله ثم رجع إلى البيت، وراح يروي لامرأته الحاقدة ما كان من أمر محمد ابن أخيه الذي أخبرهم أنه رسول الله إليهم؛ ليخرجهم من الظُلمات إلى النور وصراط العزيز الحميد، وشاركت أم جميل زوجها في سخريته وهزئه.
ولعب الشيطان برأس أم جميل ، وقررت الإنتقام من محمد فهي بطبعها حسودة حاقدة، تكره أن يصيب الخير غيرها ،، فبدأت بأذيتهr وبأذية ابنتيه وسلكت ضد سيدنا رسول الله أبشع السبل في اضطهاده، وزادت على ذلك أن أرسلت إلى أصهار رسول الله تطلب منهم مفارقة بنات الرسول، أما أبو العاص فرفض طلبهم مؤثرا ومفضلاً ً صاحبته زينب على نساء قريش جميعاً، وقد أمن في نهاية المطاف وجمع الله شمل الأحبة.
وطفقت أم جميل تنفث سمومها في كل مكان تكون فيه و تزرع بذور الفتنة، وتبغي نشر الحقد والفساد، فراحت تجمع الحطب لتضعه في طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم لتؤذيه.
ولكن القرآن الكريم تنزل على الحبيب المصطفى r ندياً رطباً، ونزل القرآن عليه يشير إلى المصير المشؤوم لأم جميل بنت حرب، وزوجها المشؤوم أبي لهب، قال الله تعالى: )تبت يدا أبي لهب وتب *ما أغني عنه ماله وما كسب* سيصلى نارا ذات لهب* وامرأته حمالة الحطب * في جيدها حبلاً من مسد(. (المسد:1-5).
وكانت رقيِّة وأم كلثوم في كنف ابني عمهما، لما نزلت سورة المسد، وذاعت
في الدنيا بأسرها، ومشي بعض الناس بها إلى أبي لهب وأم جميل، اربدَّ
وجه كل واحد منهما، واستبد بها الغضب والحنق، ثم أرسلا ولديهما عُتبة
وعُتيبة وقالا لهما: إنَّ محمداً قد سبهما، ثم التف أبو لهب إلى ولده
عتبة وقال في غضب: رأسي من رأسك حرام إن لم تطلق ابنة محمد؛ فطلقها قبل
أن يدخل بها. وأما عُتيبة، فقد استسلم لثورة الغضب وقال في ثورة
واضطراب: لآتين محمداً فلأوذينَّه في ربه. وانطلق عتيبة بن أبي لهب إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم فشتمه ورد عليه ابنته وطلقها، فقال رسول
الله"اللهم سلط عليه كلباً من كلابك" واستجابت دعوة الرسول r، فأكل
الأسد عُتيبة في إحدى أسفاره إلى الشام.
ولم يكفها أن ردت رقيِّة وأم كلثوم مطلقتين، بل خرجت ومعها زوجها أبو
لهب (الذي شذ عن الأعمام وآل هاشم، فقد جمع بين الكفر وعداوة ابن
أخيه)، وسارت وإياه يشتمان محمداً، ويؤذيانه ويؤلبان الناس ضده، وقد
صبر الرسول r على أذاهم. وكذلك فعلت رقيِّة وأختها، صبرتا مع أبيهما،
وهما اللتان تعودتا أن تتجملا بالصبر قبل طلاقهما، لما كانت تقوم به أم
جميل من رصد حركاتهما ومحاسبتهما على النظرة والهمسة واللفتة.
زواج رقيِّة من عثمان:
شاءت قدرة الله لرقيِّة أن ترزق بعد صبرها زوجاً صالحاً كريماً من
النفر الثمانية الذين سبقوا إلى الإسلام، وأحد العشرة المبشرين بالجنة،
ذلك هو (عثمان بن عفان) صاحب النسب العريق، والطلعة البهية، والمال
الموفور، والخلق الكريم. وعثمان بن عفان أحد فتيان قريش مالاً،
وجمالاً، وعزاً، ومنعةً، تصافح سمعه همسات دافئة تدعو إلى عبادة العليم
الخبير الله رب العالمين. والذي أعزه الله في الإسلام سبقاً وبذلاً
وتضحيةً، وأكرمه بما يقدم عليه من شرف المصاهرة، وما كان الرسول الكريم
ليبخل على صحابي مثل عثمان بمصاهرته، وسرعان ما استشار ابنته، ففهم
منها الموافقة عن حب وكرامة، وتم لعثمان نقل عروسه إلى بيته، وهو يعلم
أن قريشاً لن تشاركه فرحته، وسوف تغضب عليه أشد الغضب. ولكن الإيمان
يفديه عثمان بالقلب ويسأل ربه القبول.
ودخلت رقيِّة بيت الزوج العزيز، وهي تدرك أنها ستشاركه دعوته وصبره،
وأن سبلاً صعبة سوف تسلكها معه دون شك إلى أن يتم النصر لأبيها
وأتباعه. وسعدت رقيِّة رضي الله عنها بهذا الزواج من التقي النقي عثمان
بن عفان رضي الله عنه، وولدت رقيِّة غلاماً من عثمان فسماه عبد الله،
واكتنى به..
يــــــــــــــــــتــــــــــــــــــــــــــبـــــــــــــ ــــــــــــع