وكانت كلمة "الله" هي الشفاء
وكانت كلمة "الله" هي الشفاء
المريض الأول
جلس رجل في متوسط العمر ويبدو على محياه شيم الصالحين وهو يشكو كيف أنه ينام ساعات قليلة ويستيقظ ربما بعد ثلاث او أربع ساعات وعبثاُ استعمل كثيراً من المنومات وراجع أطباء كثيرين دون حل لهذه المشكلة.
قلت له : هل تشعر بتعب أو إرهاق من جراء ذلك.
قال : لا لكن أجد نفسي وحيداً مستيقظاً والجميع حولي ينعمون بنوم هادئ طويل.
قلت له : لعل الله يوقظك لتناجيه وحده. لماذ تحسب ذلك مرضاً، لعل الله جعلك من الذين يكفيهم قليل من النوم لينعموا بالقيام والمناجاة حين ينعم غيرهم بالسبات العميق فتبيت قائماً لا نائماً.
وكأنما نور ألقي على وجهه وانفرجت أساريره وهمهم : لعل الله يوقظني لمناجاته.
وانتفض قائماً وأسرع بالخروج من العيادة : لا حاجة لي في دواء أيتها الطبيبة.
المريض الثاني :
رجل تخطى الخمسين تبدو عيناه الجاحظتان مليئة بالغضب والألم والحزن والشجن، أخذ يتكلم بخشونة ليخفي رغبته بالبكاء مصرحاً أنه فقد أمه التي لم يستطع رؤيتها منذ ثلاثة وثلاثين عاماً نتيجة الشتات والحصار، وفقد صديقه الصدوق طيب الخلق كل ذلك في ايام متلاحقة أفقدته ثقته في قدرته على الحياة، او الإستمرار في معرفة الناس.
لا أريد أن أعرف أحداً أخاف أن أفقده، انصرف عني يا صديقي حتى لا أحبك ثم تموت مثل صديقي "محمد" أخاف أن كل من أحبهم سيموتون ثم أخيراً اجهش في البكاء وبكاء الرجال صعب.
لم أجد سوى أن أقول له : لعل الله يريدك أن تحبه وحده فهو حي لا يموت
وكأن الرجل قد انتقل من عالم الأحزان إلى عالم الاستبشار ويتلآلآ محياه قائلاً (ما أعظم تلك الكلمة أن تحب الحي الذي لا يموت)