37 نصيحة للمنصرين في الجزائر
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
انقل لكم اخواني ترجمة لتقرير احدى لجان التنصير بامريكا.
الترجمة : مركز التنوير الإسلامي القاهرة
الإعداد والتحرير :
أبو إسلام أحمد عبد الله
رئيس المركز
في تقرير أصدرته لجنة التنصير بكنيسة كليفلاند البروتستانتية في أمريكا ، مكون من 94 صفحة ، حول تجربة التنصير في عدد من قرى دولة الجزائر ومدنها، على مدى خمس سنوات متتالية ، ختمت اللجنة تقريرها بتلخيص لما تضمنته الدراسة في 37 نصيحة ، تحت عنوان : ( اقتراحات نهائية ) ، تدور كلها حول أسلوب التنصير بين عوام المسلمين الجزائريين الذين أسمتهم الدراسة : ( المسلمين الشعبيين ) .
اعترف التقرير في صفحاته الأولى بصعوبة التنصير بين المسلمين ، إلا إذا كانوا طائفة من ثلاث على وجه التحديد : أن يكونوا من جماعات صوفية ، أو أن يكونوا تابعين لمذهب شيعي ، أو تابعين لطائفة القاديانية ؛ إذ إن هذه الطوائف الثلاث تشترك مع عقيدة النصارى في قبول ما يعرف بالحلول الإلهي في الإنسان ، وهو ما يمهد الطريق أمام المنصر لقبول عيسى المسيح ابناً لله .
فماذا عن عوام المسلمين في الجزائر ؟ وإلى أي مدى استطاعت الإرسالية التنصيرية تحقيق أهدافها ؟
يؤكد التقرير بأن ثوابت المسلم الجزائري ، حتى المسلم الشعبي - حسب تعبيره - ليس من السهل تحريكها ، أو قبول المساومة حولها ، أو التنازل عنها . ولذلك لم تكن هذه النتيجة المفجعة للإرسالية - مع رجل الشارع الجزائري - هي نهاية المطاف ، ولم تكن هي الصخرة الوحيدة التي تحطمت عليها طموحات الإرسالية ؛ إذ استطرد التقرير قائلاً : « أما المسلم الجزائري العلماني الذي تأثر بالأفكار الأوروبية وموجة الإلحاد التي تجتاح الشارع المغربي اليوم ، فإنه لم يتخلص بعدُ من تأثيرات الجانب الإيماني في الإسلام ، إلى الحد الذي يمكن وصفه أحياناً بالخصم الروحاني .. لقد سلَّموا أنفسهم جميعاً للغيب ، لعدالة الله التي وعدتهم آيات القرآن ، فجعلت الواحد منهم مطمئناً وراضياً بما هو فيه ومؤمناً تمام الإيمان بما أُخبر به » .
إن الذي يحير البعثات التنصيرية تلك الثوابت الراسخة في حياة المسلمين ، خواصهم وعوامهم ، فكانت الإشارات واضحة للجنة التنصير إلى ضرورة « الحذر من مواجهة المسلم الجزائري أي مسلم جزائري بدءاً من الأطفال وانتهاء بالشيوخ والعجزة - بأن يسوع ابن الله أو أنه الله المنقذ المخلص ؛ لأن المسلمين في الجزائر مثل الوهابيين السعوديين والأصوليين المصريين ، يعتقدون بيسوع آخر غير الذي عندنا ( عند النصارى ) والذي يعني ( المنقذ ) . هؤلاء الأصوليون لا يعرفون غير
عيسى المسيح بأنه نبي واحد .
واختصاراً لصفحات طويلة ، نصل إلى خلاصة تجربة لجنة التنصير الإنجيلية - التي مارست عملها في قرى الجزائر ومدنها لمدة خمس سنوات متتالية - في سبع وثلاثين نصيحة ، جاءت على الترتيب الآتي ، وقد زدنا عليها العناوين الجانبية لمزيد من التوضيح والبيان :
غيِّروا ملابسكم واحتشموا :
1- غالباً ما تكون الملابس الغربية التي يرتديها المنصرون موضع انتقاد ونفور من المسلمين ، ولذا فمن الأفضل للمنصر أن يرتدي زي المنطقة التي يعمل بها ، وكذلك زوجته أو العاملات اللائي يساعدنه في الإرسالية ، كما يجب على المبشر ألا يرتدي شورتاً في زيارته للمسلمين ، ومن الخطأ جداً على البنات أو النساء المشاركات في البعثة ، أن يرتدين ألبسة قصيرة ، تسبب لهن الحرج عند جلوسهن على حصائر مع النساء المسلمات[1] .
لا يجلس خلفكم أحد :
2- عند جلوسك بين المستمعين لدعوتك ، يجب أن تختار مقعدك وموقعك بعناية شديدة ، فيكون الجميع أمامك ، تراهم وتنظرهم بعينيك ، فلا تسمح لأحد أن يحدثك من مستوى أعلى أو من نافذة علوية أو طابق علوي ، كما عليك أن تحذر من أن يجلس واحد خلفك لئلا يسمح له موقعه بعمل إشارات تطعن فيما تقول[2] .
حادثوا فرادى المسلمين :
3- ليس من الحكمة أن تتحدث مع مسلم عن إيمانه أو إيمانك الشخصي في حضور مسلم آخر ؛ فذلك يجعله على الفور مدافعاً بحرارة ومرتقياً بدينه ، خاصة إذا كان في القرية سكان غير مسلمين يشاركونهم في الأرض وفي السيادة [3] .
زوروهم وأنتم فرادى :
4- من الحكمة أن يكون معك في دعوتك رجل آخر واحد أو امرأة واحدة فقط منعاً للاستثارة .
اخلعوا أمامهم أحذيتكم :
5- في سلوك المسلمين عامة وفي الجزائر خصوصاً ، كثير من الاحترام والتبجيل وكرم الضيافة لضيوفهم ، حتى لو كان الضيوف من غير دينهم ؛ فربما يحضرون لك كرسياً عند زيارتك لهم ويرغبونك في الجلوس عليه وهم جلوس على الأرض ، فلا بد أن تتجنب ذلك مهما كان قدر الضغط عليك . دعهم يرونك مجرد إنسان ، تكون كما يكونون ، ولا تنس أنهم يستعملون الحصير الذي يجلسون عليه في صلاتهم ، ولهذا فهم يخلعون أحذيتهم قبل الجلوس عليها ، ولا بد أن تفعل مثلهم.
قف أو اجلس مثلهم :
6- لا بد أن تراعي قانون المكان في مجلسك ، فتكون جالساً أثناء الوعظ إذا كان الكل جلوساً ، وتكون واقفاً إن كنت في مكان عمل أو سوق أو في مكان مسموح فيه بالاجتماع .
خزعبلات ولكن إياك أن تعاديها :
7- اللغة العربية عند المسلمين تسمى ( لغة الملائكة ) وهم يبدون الوقار والاحترام للنص العربي ويعتبرونه صكاً مقدساً ، في مواجهة النص الفرنسي الذي يذكِّرهم بالاحتلال ، وتستطيع أن تستفيد من هذه الخزعبلات ، مبيناً لهم أننا أيضاً نحب الحروف العربية ونجد المتعة في قراءتها ، واحذر أن تقرأ نصاً بلغتك غير العربية ، حتى لو أن تلجأ لكتابته على لافتة دون أن تقرأه[4] .
صلِّ من أجلهم :
8- صلِّ قبل لقاء المسلمين ، وصلِّ وأنت بينهم ، وبعد أن تتركهم ، أن يسكن سيدنا قلوبهم .
الاستعداد للنقاش :
9- قبل اللقاء اكتب أهم النقاط التي سيدور حولها النقاش ، واستخدم كثيراً كتابك المقدس ، وضع خطوطاً تحت المواضع التي تناسبك ، لتجدها سهلة ومريحة.
احذر من السقوط :
10- اعتمد على الروح القدس لتهديك إلى هدفك ، فربما تُقتاد نحو هدف آخر .
التمهيد للرسالة :
11- ابدأ وعظك لعشر دقائق حول التقاء الأديان والبشر في المولد والموت ، وفي لقاء الله بعد الموت .
الموضوع الواحد :
12- تعامل مع موضوع واحد طوال الوقت ؛ فإن حقيقة واحدة تكون كافية للقاء واحد .
المسلم يحترم شجاعتك :
13- يعجب المسلمون بالرجل الذي يتحدث بشجاعة عن معتقداته ، فلا تخش أن تتكلم بالحقيقة كاملة ، ولا تحذر إلا أن تجرح دينهم ومعتقداتهم أو تسيء لقرآنهم ونبيهم وعبادتهم .
الاعتذار وسيلة للهروب :
14- لو سئلت سؤالاً لا تعرف إجابته أو استشعرت في الإجابة ما يعوق أهدافك ، فإن من الأفضل أن تعتذر بعدم علمك وترجئ الإجابة لوقت آخر ؛ وتشغل سامعيك بسرعة بموضوعك أنت الذي تعظ فيه .
الأرضية المشتركة :
15- قاعدة أساسية للوعظ أن تذكر بين الحين والآخر ما هو متفق عليه بينك وبين المسلمين .
احذر من السقوط :
16- استعن دائماً بأحد الكتب التي تهتم بالرد على اعتراضات المسلمين ، واحتفظ بصفحة واحدة لكل اعتراض ، واحذر أن تُستدرج لمناقشة اعتراض لم تُعِدَّ نفسك لمناقشته .
لا تناقش الثالوث :
17- من الحكمة [5] تجنب مناقشة عقيدة الثالوث ولو للحظة واحدة ، ولو كان ذلك بإيضاحات مثل : إن الثالوث كالرجل الذي له ثلاث وظائف ، أو كالشمس متعددة الأشعة والوظائف ، فإن تلك الإيضاحات تناسب العقل الغربي ) لكنها لا تقنع العقل المسلم[6] .
أقنع المسلم أنه مخطئ :
18- تذكر أن المسلم لن ينحني أبداً ليسوع ، سيداً منفرداً عن الروح القدس ، فلا تحاول إقناعه بذلك ، واحرص أن تقنعه به في لقاء آخر .
لا تستخدم العفاريت :
19- لا تحاول أن تستخدم مواهب الروح القدس [7] ، مثل التكلم بألسنة غريبة أو عمل معجزة أمامه [8] ؛ لأنه سوف ينسب ذلك إلى الأرواح الشريرة ، ولن يقبل المسلم إلا ما تتحدث به إلى عقله ، وبلغته التي ينجذب إليها .
بِع له الإنجيل ولا تهده :
20- تذكر أهمية الكتاب المقدس ولا تحاول أن تهديه إلى مسلم إلا بثمن ، واعلم أنه سوف يرفض شراءه منك ؛ لأنه لا يحمل الاصطلاح الإسلامي : « بسم الله الرحمن الرحيم » [9] ، فذكِّره بأنه حينما يشتري خبزاً فلن يجد عليه هذا الاصطلاح ، إنما هو يقول : « بسم الله الرحمن الرحيم » ويأكل ، فلِمَ لا يفعل الشيء نفسه مع كلمة الرب [10] ، التي هي خبز الحياة ؟
احترم إنجيلك كاحترامهم للقرآن :
21- المسلمون في الجزائر مثلهم مثل كل المسلمين يتعاملون مع القرآن بكثير من الاحترام والتقديس والرهبة ، فحاول أن تتعامل مع الكتاب المقدس بنفس القدر أمامهم ، فلا تحط من قيمته .
استفد من جوع المسلمين :
22- كثير من المسلمين الشعبيين تائهون عن الحقيقة ، يبحثون عن المنقذ الذي يواجهون به حالات الطرد والتشريد والجوع والاضطهاد التي أصابتهم حتى الموت خلال السنوات الأخيرة ، ومن الواضح أن الرب يهيئهم حتى تعمل برسالته بينهم [11] .
ربكم يبارك دعوتكم للمسلمين :
23- إن السيد ينادي الشباب أن يخدموه بين المسلمين بكثير من الصبر الذي يأتي بالعظمة للرب يوم نقف أمام العرش ويصيح رجل بصوت عال : « الخلاص لربنا الجالس على العرش ومعه الخروف » ( ! ! ) .
شاركوا المسلمين دهشتهم لتعدد كتبنا :
24- المسلمون يدهشون عندما يجدون أن الكتاب المقدس هو كتابان ، أولهما العهد القديم المعروف بتوراة موسى والذي يضم تسعة وثلاثين كتاباً ، وثانيهما العهد الجديد المعروف بإنجيل عيسى ، لكنهم سيدهشون أكثر إذا عرفوا أن العهد الجديد يضم أربعة أناجيل ، والأناجيل الأربعة سبعة وعشرون كتاباً ، ولذا فإنه من الأهمية بمكان أن نقترب من المسلمين بمشاركتهم الدهشة ، وإنكار أن لدينا عدة كتب ؛ لأنها جميعاً عبارة عن بشارات سارة وليست هي الكتاب الذي نزل على المسيح من السماء .
حذارِ أن تنسب الإنجيل لله :
25- لسوء الحظ [12] أن أناجيلنا تنتسب إلى مَتَّى ولوقا ومرقص ويوحنا ، وهي إساءة لا يمكن حذفها ؛ فاحذر أن تنسبها إلى الله ؛ لأن كلام الله عند المسلمين هو شريعة وقانون .
لا تذكروا اسم بولس :
26- حاول كثيراً أن تتجنب في مناقشتك اسم بولس الرسول ، فإما أنهم لم يسمعوا عنه من قبل وهذا يثير حفيظتهم لذكر رسول لم يسمعوا عنه ، أو أنهم قد سمعوا عنه ؛ حيث يعتبرونه أسوأ رجل في تاريخ النصرانية ؛ لأنه اخترع[13] مفاهيم لم يجئ بها المسيح ، وهذا في الحقيقة ما قرأه أئمة المسلمين قديماً في كتب كبار النقاد الغربيين لتاريخ عقيدة النصرانية .
لا تقل إن المسيح ابن الرب :
27- حاذر أن تقول إن المسيح ابن الرب ؛ فأنت بذلك تفعل شيئاً مزعجاً يعتبرك به المسلمون « مشركاً بالله » ، وهذا يعني - في اللغة العربية - أسوأ الخطايا التي يمكن أن يرتكبها بشر تجاه الله .
المسلمون وثنيون ضالون فلا تصفهم بحقيقتهم :
28- تبعاً لبولس الرسول فإن المسلمين جميعاً يمارسون الوثنية التي هي مكروهة عندهم لتصديقهم القرآن واتباعهم محمداً [ صلى الله عليه وسلم ] باعتباره رمزاً لخطيئة البشر التي ترفض كفارة ربنا يسوع وفداءه ، فاحذر أن تصفهم حسب وصف بولس ( الضالين ) ولا تعوِّل على قناعتهم بدخول الجنة إذا نفَّذوا شريعة قرآنهم وإنكارهم لفداء المخلِّص .
نؤمن بقانون الله وإيماننا بيسوع أعظم :
29- المسلمون يصدقون أن الله لديه سلطة كافية لكي يسامح أي إنسان على أخطائه ، وأنهم سوف يكونون على الصواب إذا ما نفذوا قانونه وشريعته ، بينما نحن نعتقد بأننا نكون على الصواب إذا ما كنا نؤمن إيماناً كاملاً بيسوع المسيح ربنا وسيدنا ، وليس بفعل ما يأمر به القانون ، فهل يعني هذا أننا نرفض القانون أو نبتعد عنه ؟ إننا نهتم مثل المسلمين بالقانون وبالشريعة ، ولكن إيماننا بالمسيح الرب المنقذ المخلِّص الفادي يكفينا لأن نحقق كل الصواب الذي يريده الرب ، وكل خطايانا قد بذل روحه فداءاً لها ؛ لأن ربنا[14] يجعل المذنب الذي يؤمن به ، بريئاً من كل ذنوبه .
أبو الأنبياء كان خطَّاءاً فلا تذكروا هذا للمسلمين :
30- إن إبراهيم [عليه الصلاة والسلام] لم يحيَ حياة مستقيمة[15] ، وقد فعل أخطاءً كثيرةً ، لكنه عند المسلمين « أبو المؤمنين » ويعتبر مثالاً لهم ، وهذا ما يجب أن نوضحه للمسلمين بشجاعة ، دون أن ننقد القرآن الذي جعل إبراهيم أباً للأنبياء .
المسلمون لا يضمنون الجنة ونحن بيسوع نضمنها :
31- يتباهى المسلمون بقدسية قرآنهم التي لا ترقى إليها أناجيل النصارى ، فلا تحاول أن تقلل من أهمية هذه القداسة ، ولكن يكفي أن تطرح عليهم سؤالاً : - هل يوجد مسلم واحد على وجه الأرض يؤكد له القرآن أن زيارته لمكة لأداء فريضة الحج مقبولة عند الله أم لا ؟ بالطبع سوف تكون الإجابة بالنفي ؛ لأن القرآن ينص على أن الجزاء عند الله يحدده بعد الموت ، أما عندنا ، فيكفي الإيمان بيسوع [16] ، لنضمن أن كل أعمالنا مقبولة ، فأي الطريقين نختار ؟
إشكالية حروف الجر :
32- لا يستطيع مسلم أن يقول : أنا أعرف الله ، إنما دائماً يقول : « أعرف عن الله » ، « أعلم عن الله » ، « أتحرك بعون الله » فهناك حرف جر يفصل بين المسلم وربه ؛ لأنه يظل يبحث طوال حياته « عن » معية الله ، لكننا [النصارى]
بإيماننا بالرب نعرفه بدون حرف جر[17] .
سماوية الإسلام والنصرانية :
33- من الصواب أن تقدم وعظك بما هو مشترك بين الإسلام والنصرانية ؛ فكلا الديانتين سماويتان ، ونحن مثل المسلمين نحترم قوانين السماء [يقصد الله] باعتبارها بياناً لإرادته ، ونعتقد في سيادته على المخلوقات ، وأنه قادر على كل شيء .
ثقافة المسلمين أقوى :
34- إن كثيراً مما يرفضه المسلمون من عقيدتنا هو رفض آلي[18] من العقلية الإسلامية ، فعليك أن تتسلح بالصبر ، خاصة أن ثقافتنا لا تساعدنا على منازلتهم ، ووجودنا في بلاد المسلمين لا يحقق لنا نتائج سريعة ، ولا تصدمك كثيراً الكلمات الدينية[19] التي سوف تصل إلى أذنيك في كل مكان تذهب إليه ؛ لأنها لا تعني شيئاً كثيراً عندهم وهم يرددونها[20] .
لا تخجل من يهوذا :
35- سؤال يسأله المسلمون دائماً : لماذا كان اختيار يسوع ليهوذا الخائن أن يكون أحد تلامذته الحواريين ؟ المسلم يقول : إن المسيح كان رسولاً وعلى ذلك فهو يؤمن بضرورة أن يكون لديه موهبة معرفة الغيب ، ولذلك فالمسلم يصر على هذا السؤال ، والحقيقة أن السؤال أكبر من ذلك بكثير ؛ فهو ليس فقط : لماذا يهوذا ؟ ولكن لماذا خلق الرب العالم لو أنه يعلم أن الإنسان سوف يخطئ ؟ إن الإجابة جزء من مشكلة أكبر تقع تحت عنوان : « مشكلة الشر » ، ويجب ألا نكون خجولين أبداً عندما نقول : إن هناك أشياء معينة ليس لدينا الإجابة عنها الآن ، ولسنا وكلاء للدفاع عن ربنا[21] .
مسيحنا أعظم من محمدهم[22] !
36- سؤال مهم يمكن أن تبادر به المسلمين من حولك ، ولكن ليس في اللقاءات الأولى ، وربما يكون ذلك قبل الخطوة الأخيرة التي قد يؤمن فيها المسلم بيسوع المسيح ، وهو : إذا كان المسلمون يؤمنون بأن المسيح لم يمت ورفعه الرب إليه ، في الوقت نفسه الذي يؤمنون فيه بأن محمداً صلى الله عليه وسلم قد مات ويزورون قبره في المدينة ، ألا يجعل ذلك من المسيح رسولاً أعظم من محمد ؟
الخروج من مأزق الصليب :
37- إذا وجه المسلمون إليك سؤالاً حول صلب المسيح واعتبار النصارى أن ذلك كان فداءً منه ؛ فلماذا يذهب هو للصليب بدايةً ويعفي نفسه من الإهانة واللطم والأذى وحمل الصليب والركل بالأقدام والسب ؟ ولماذا كان يحاول الهرب أصلاً من القبض عليه وتقديمه إلى الصليب ؟ في البداية يجب أن نقول : إن المسيح كان بشراً وكان إلهاً ، ويجب ألاَّ نقلل من طبيعته البشرية حينذاك ، و بطرس الرسول نفسه قد وجد صعوبة في تقبل عملية الصليب ، وأنكر ألوهية ربنا المسيح ، مع أنه كان أكبر حوارييه وأقربهم إليه، ولذا يجب أن نكون متعاطفين مع المسلمين في هذا السؤال ، ولا بد أن نصبر عليهم حتى يتفهموا قول المسيح عندما اقترب موته : « ليس ما أريد ولكن ما تريد » قالها ثلاث مرات ليظهر أنه بقبول الصلب قَبِلَ رسالة الرب الذي هو الأب ، لكي يصبح ممثلنا وفادينا .
* * *
تلك هي النصائح الـ 37 التي أوصى بها مركز التنصير الإنجيلي أعضاءه المنصرين العاملين في دولة الجزائر المسلمة ، بعد جهد ولأْيٍ لمدة خمس سنوات كاملة بين قرى أرض الجزائر وأزقتها وحاراتها ، وسط الخراب والدمار الذي تمارسه ميليشيات فرنسا الصليبية وأعوانها داخل البلاد باسم الإسلام والمسلمين الذين لا يملكون حق الدفاع عن أنفسهم ، في ظل هيمنة النظام الدولي الجديد ، وهزيمة نفسية باغتت الصحوة الإسلامية التي أخطأت المسار حيناً ، وزلت في أوحال العنف أحياناً أخرى .
وبرغم ذلك ، والأجواء مهيأة تمام التهيؤ أمام الإرسالية الإنجيلية ، لم يكن الحصاد حسبما رغبوا فيه ، ولم تكن الثمرة هي ذاتها التي ذهبوا إلى الجزائر من أجلها ؛ فبرغم محاولات الاحتلال الفرنسي في صبغ حياة الجزائريين بآداب وأدبيات وطبائع ولغة وعادات وتقاليد فرنسا ، فإن ما تصوروه من غبار علا وجوه المسلمين ، كان هذا الغبار جلاءً للبصائر والقلوب ، ولم تجد الإرسالية الكنسية ما تقنع مرسليها به غير تقديم هذه النصائح التي تضمنها هذا التقرير ، معبرة عن خيبة الرجاء ، وقلة الحيلة ، وسوء العاقبة ، وفساد الفهم ، وضخامة الأنا ، وخلل العقيدة ، إلى أن تستعيد الجزائر الجريحة عافيتها ، وتضمد بزاد الشريعة جراحها .
________________________
(1) وغالباً ما يجذب احتشام النصرانيات ود المسلمات وإلفهن لهن .
(2) وهذا أسلوب عفوي يسهم كثيراً في إفساد النتائج المرجوة .
(3) والمأمول ألا تغيب هذه الحمية والغيرة عن المسلم دائماً .
(4) إن مما يثلج صدور المسلمين تلك المواقف الدقيقة التي رصدوها ، وأبسط الطبائع التي أستلفتت انتباههم في حياة المسلم العادي ، حتى يعرف دعاة الإسلام مواطن الخير في أهلهم ، فيرعوها وينموها ويجيدوا حصاد ثمارها التي من أزكاها تلك العلاقات الربانية بين المسلم ولغة القرآن .
(5) تلك واحدة من القضايا الشائكة التي يواجه عوام المسلمين بها كبار النصارى ، بل كانت واحدة من أشد الاختلافات التي أورثت صراعات بين طوائف النصارى المختلفة ، ولم يجدوا حلاًّ حتى اليوم ، لذلك أوصت لجنة الإرسالية التنصيرية بتجنب المناقشة في هذه المسألة .
(6) الذي لم يذق حلاوة التوحيد حتى يميز بينها وبين ما عليه من ضلال .
(7) مصطلح كنسي يدل على استخدام الجن والشياطين .
(8) كإظهار هالة ضوئية يتمثلون فيها - وهماً - صورة العذراء مريم عليها السلام .
(9) وهذه رؤية اختزالية لحقيقة رفض المسلم .
(10) بتأليف متى و مرقص و لوقا و يوحنا ! ! .
(11) يعتبر هذا الباب من أخطر الأبواب التي يحاول النصارى أن ينفذوا منها إلى حياة القلة النادرة من المسلمين الذين يمكن أن يُفتنوا في دينهم ، إلا أن الوثائق والتقارير والأرقام أكدت إخفاقهم فيه ، وراجعت الكنيسة حساباتها في استخدامه بعشرات المراكز التنصيرية ، غير أنهم لم يفقدوا الأمل بعد في إمكانية استخدامه في بعض قرى الجزائر .
(12) هكذا بنفس التعبير الصريح .
(13) هكذا بنفس التعبير الصريح .
(14) ولم يوضح أي رب من الأرباب الثلاثة .
(15) نعوذ بالله من ذلك .
(16) وكأننا ندلل على بضاعة في مزاد للبيع .
(17) لكن الإشكالية الفاضحة أنه لم يوضح المرة تلو المرة ، أي رب من الأرباب الثلاثة لديهم ؛ إذ يقتضي صدق القول انفراد كل واحد منهم بمعرفة متميزة ، لاختلاف الطبيعة والإرادة والكينونية والهوية ، فأي معرفة غير النصب - لا الجر - يقصدون ؟ .
(18) بل هو فطري .
(19) التي يستخدمها المسلمون في حياتهم العادية .
(20) بل هي تعني التداخل والانسجام التام بين العقيدة والسلوك ، دون انفصام أو تكلف أو تكليف .
(21) وربنا وربهم لا يحتاج لوكلاء ، إنما الذين عينوا أنفسهم وكلاء هم المحتاجون أن ينزهوه - سبحانه وتعالى - عن شركهم بجلاله ووحدانيته .
(22) ومع النصيحة قبل الأخيرة ، تغير لجنة التنصير من تكتيك الحركة والمبادرة بما يظنون أنه سلاح هجومي .