رد شبهة سورة ص آية 30 - 38
افتراء او شبهة جديدة
سليمان والخيل:
ووهبْنا لداودَ سليمانَ نِعْم العبدُ إنه أوَّاب، إذْ عُرض عليه بالعَشِيّ الصافِناتُ الجِياد، فقال: إني أحببتُ حبَّ الخير عن ذكر ربي حتى توارت بالحجاب. رُدُّوها عليَّ. فطفِقَ مَسْحاً بالسُّوق والأعناق. ولقد فتنَّا سليمانَ وأَلْقيْنا على كرسيِّهِ جسداً ثم أناب. قال: ربِّ اغفر لي وهَبْ لي مُلكاً لا ينبغي لأحدٍ مِن بعدي، إنك أنت الوهَّاب. فسخَّرنا له الريحَ تجري بأمره رُخاءً حيث أصاب، والشياطينَ كلَّ بَنَّاءٍ وغَوَّاصٍ وآخرين مُقرَّنين في الأصفاد (آيات 38: 30 38).
الصافن من الخيل هو الذي يقوم على طرف سنبك يد أو رجل، وهو مِن الصفات المحمودة في الخيل. يعني أن سليمان استعرض الخيل حتى غربت الشمس، وغفل عن صلاة العصر، يمسح يده بأعناقها وسوقها حباً فيها، وإنه قال لأطوفنّ على سبعين امرأة تأتي كل واحدة بفارس، ولم يقل إن شاء الله. فطاف عليهنّ فلم تحمل إلا امرأةٌ جاءت بشق رجل. قال محمد: فوالذي نفس محمد بيده، لو قال إن شاء الله لجاهدوا فرساناً . وقيل: وُلد له ابن فأجمعت الشياطين على قتله، فكان يغدوه في السحاب، فما شعر به إلا أنه أُلقي على كرسيه ميتاً، فتنبَّه على خطيئته بأنه لم يتوكّل على الله. وقيل غير ذلك (طبقات ابن سعد ح 8 باب تفسير الآيات التي في ذكر أزواج النبي).
ولم يرد في التوراة أن الخيل أشغلت سليمان عن ذكر ربه، ولا أن امرأته جاءت بشق رجل، أو أنه رُزق بولد أماتته الشياطين.
تحت التجهيز
.
الجـــــــــــــــــــــــواب
الرد
القرآن لا يقبل مقارنة مع العهد القديم لأسباب الآتية :
اصول التوراة
.
http://www.ebnmaryam.com/vb/showthre...7150#post37150
.
.
سيد قطب
{ ووهبنا لداود سليمان. نعم العبد. إنه أواب. إذ عرض عليه بالعشي الصافنات الجياد. فقال: إني أحببت حب الخير عن ذكر ربي حتى توارت بالحجاب. ردوها عليّ. فطفق مسحاً بالسوق والأعناق. ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسداً ثم أناب. قال: رب اغفر لي وهب لي ملكاً لا ينبغي لأحد من بعدي، إنك أنت الوهاب. فسخرنا له الريح تجري بأمره رخاء حيث أصاب. والشياطين كل بناء وغواص. وآخرين مقرنين في الأصفاد. هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب. وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب }..
والإشارتان الواردتان هنا عن : الصافنات الجياد وهي الخيل الكريمة. وعن الجسد الذي ألقي على كرسي سليمان.
. كلتاهما إشارتان لم تسترح نفسي لأي تفسير أو رواية مما احتوته التفاسير والروايات عنهما. فهي إما إسرائيليات منكرة، وإما تأويلات لا سند لها. ولم أستطع أن أتصور طبيعة الحادثين تصوراً يطمئن إليه قلبي ، فأصوره هنا وأحكيه. ولم أجد أثراً صحيحاً أركن إليه في تفسيرهما وتصويرهما سوى حديث صحيح. صحيح في ذاته ولكن علاقته بأحد هذين الحادثين ليست أكيدة.
هذا الحديث هو ما رواه أبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأخرجه البخاري في صحيحه مرفوعاً. ونصه: " قال سليمان: لأطوفن الليلة على سبعين امرأة. كل واحدة تأتي بفارس يجاهد في سبيل الله. ولم يقل: إن شاء الله. فطاف عليهن فلم يحمل إلا امرأة واحدة جاءت بشق رجل. والذي نفسي بيده، لو قال إن شاء الله لجاهدوا في سبيل الله فرساناً أجمعون " .
وجائز أن تكون هذه هي الفتنة التي تشير إليها الآيات هنا، وأن يكون الجسد هو هذا الوليد الشق. ولكن هذا مجرد احتمال.. أما قصة الخيل فقيل: إن سليمان ـ عليه السلام ـ استعرض خيلاً له بالعشي. ففاتته صلاة كان يصليها قبل الغروب. فقال ردوها عليّ. فردوها عليه فجعل يضرب أعناقها وسيقانها جزاء ما شغلته عن ذكر ربه.
ورواية أخرى أنه إنما جعل يمسح سوقها وأعناقها إكراماً لها لأنها كانت خيلاً في سبيل الله.. وكلتا الروايتين لا دليل عليها. ويصعب الجزم بشيء عنها.
ومن ثم لا يستطيع متثبت أن يقول شيئاً عن تفصيل هذين الحادثين المشار إليهما في القرآن.
وكل ما نخرج به هو أنه كان هناك ابتلاء من الله وفتنة لنبي الله سليمان ـ عليه السلام ـ في شأن يتعلق بتصرفاته في الملك والسلطان كما يبتلي الله أنبياءه ليوجههم ويرشدهم، ويبعد خطاهم عن الزلل. وأن سليمان أناب إلى ربه ورجع. وطلب المغفرة؛ واتجه إلى الله بالدعاء والرجاء:
{ قال: رب اغفر لي وهب لي ملكاً لا ينبغي لأحد من بعدي إنك أنت الوهاب }..
وأقرب تأويل لهذا الطلب من سليمان ـ عليه السلام ـ أنه لم يرد به أثرة. إنما أراد الاختصاص الذي يتجلى في صورة معجزة. فقد أراد به النوع. أراد به ملكاً ذا خصوصية تميزه من كل ملك آخر يأتي بعده. وذا طبيعة معينة ليست مكررة ولا معهودة في الملك الذي يعرفه الناس.
وقد استجاب له ربه، فأعطاه فوق الملك المعهود، ملكاً خاصاً لا يتكرر:
{ فسخرنا له الريح تجري بأمره رخاء حيث أصاب. والشياطين كل بناء وغواص. وآخرين مقرنين في الأصفاد }.
وتسخير الريح لعبد من عباد الله بإذن الله؛ لا يخرج في طبيعته عن تسخير الريح لإرادة الله. وهي مسخرة لإرادته تعالى ولا شك، تجري بأمره وفق نواميسه؛ فإذا يسر الله لعبد من عباده في فترة من الفترات أن يعبر عن إرادة الله سبحانه وأن يوافق أمره أمر الله فيها؛ وأن تجري الريح رخاء حيث أراد؛ فذلك أمر ليس على الله بمستبعد.
.