بسم الله الرحمن الرحيم
' فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا فى أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً '
' فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم '
ويقول الرسول' لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به '
أما بعد/
فإن الإسلام قد نظم الحياة كلها عقيدة وعبادة وعادة وجعل الأصل فى العقيدة التلقى
والأصل فى العبادة الإتباع والأصل فى العادة الاختراع والابتداع قال الفقهاء 'الأصل
فى العبادة الحرمة إلا بنص والأصل فى العادة الإباحة إلا بنص' ومعلوم أن الختان
يدخل فى باب العبادات ولذلك فإن أول من اختتن إبراهيم عليه السلام وسارة زوجته
هذا ما ورد فى الصحيح ' وقد اختتن إبراهيم عليه السلام فى سن الثمانين' ومن يومها
عرف أولاده وأحفاده الختان ذكوراً وإناثا ومن يومها تضمنت ملته الختان وهى
الكلمات التى امتحنه الله بها وأتمها إبراهيم عليه السلام' وإذ ابتلى إبراهيم
ربه بكلمات فأتمهن ' وكان إماما للناس بما فيهم محمد صلى الله عليه وسلم إذله ' واتبع ملة ابراهيم حنيفاً' وما تزال أذكار المسلمين صباحاً ومساء تؤكد هذه
العقيدة حيث يقولون فى أذكارهم طاعة لنبيهم صلى الله عليه وسلم ' أصبحنا –أمسينا
– على فطرة الاسلام وعلى كلمة الاخلاص وعلى دين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم
وعلى ملة أبينا إبراهيم حنيفاً مسلماً وما كان من المشركين ' ومن ثم فلا عجب أن يقر
رسول الله صلى الله عليه وسلم ختان الإناث وينصح الخاتنة فى المدينة المنورة أن
تعدل من طريقة ختانها ويعلمها طريقة إجراء الختان الصحيح فيقول لها ' أشمى ولا
تنهكى ' وختان الاناث ثابت بالنص بالأحاديث الصحيحة والاجماع والقياس
ولا شك أن جسم الانسان ليس ملكاً له والا لأبيح الانتحار وانما هو ملك لله تعالى والله
وحده صاحب الأمر والنهى فيه ولم يجرم الله تعالى إلا العبث به عبثاً ضاراً لذلك فإن كل
تجريم لأوامر الله نحو بدن الإنسان فهو افتئات على الله وتعطيل لشرعه الحنيف فى
جرأة تجعل المفتى بها بها أجرأ الناس على النار فقد جاء فى الخبر ' أجرأكم على الفتيا
أجرأكم على النار '
وبعد فقد وردت أحاديث كثيرة صحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر فيها
بختان الإناث ويوضح فيها الطريقة الصحيحة لاجرائه والحكمة من تشريعه وأجمع
علماء الأمة على سند منها بمشروعيته وكونه من خصال الفطرة ومن شعائر الاسلام
..منها على سبيل المثال : -
1) عن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال ' الفطرة خمس ، أو خمس من الفطرة الختان والاستحداد ( حلق العانة ) ونتف الابط ، وقص الشارب ، وتقليم الأظافر 'رواه البخارى فى صحيحه برقم 5889 ومسلم فى صحيحه برقم 257 والإمام أحمد فى مسنده ج 2 صـ 489 وقال عنه الفقهاء أنه عام فى ختان الذكر والأنثى
2) قال صلى الله عليه وسلم ' إذا مس الختان الختان فقد وجب الغسل ' رواه البخارى فى صحيحه وأخرجه أحمد فى مسنده وأبو داود فى سننه والترمذى وقال عنه حديث حسن صحيح وفى رواية ثانية رواها الترمذى فى صحيحه والإمام أحمد فى مسنده يقول فيها صلى الله عليه وسلم ' إذا جاوز الختان الختان فقد وجب الغسل ' وفى رواية ثالثة ' إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل ' وقال عنه الإمام أحمد فيه دليل على أن النساء كن يختتن ( الشرح الكبير لابن قدامة ) والختان كما عرفه العلماء فى هذا الحديث هو مكان القطع من الذكر والأنثى وختان الرجل : هو قطع جميع الجلدة التى تغطى الحشفة حتى ينكشف جميع الحشفة وختان المرأة : هو قطع أدنى جزء من الجلدة التى فى أعلى الفرج – فوق مدخل الذكر – وتكون كالنواة أو كعرف الديك تدعى الخفاض ويسمى ختان الرجل إعذاراً وختان المرأة خفضاً - من كتاب القاموس الفقهى
3) روى البخارى فى صحيحه فى باب المغازى رقم 3746 واخرج الإمام أحمد فى مسنده ج 3 ص 501 نشر المكتب الاسلامى بيروت ، وأورد ابن حجر العسقلانى فى كتاب فتح البارى شرح صحيح البخارى ج 7 ص 283 قالة حمزة عم النبى صلى الله عليه وسلم لسباع بن عبد عمرو بن ثعلبة بن غبشان يوم أحد ' يا سباع يا ابن أم أنمار مقطعة البظور ، أتحاد الله ورسوله ...... ' وفيه دليل قاطع على وجود الختان فى عصر الرسالة وعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم – كعلم حمزة به – وسكوته عنه صلى الله عليه وسلم – إقرار منه بمشروعيته ، هذا على فرض ضعف الأحاديث التى أمر فيها صراحة بالختان والبظور جمع بظر وهو الهنة التى تقطعها الخافضة من فرج المرأة عند الختان
4) عن أم علقمة ' أن بنات أخى عائشة ختن فقيل لعائشة ألا ندعو لهن من يلهيهن قالت بلى ، فأرسلت إلى فلان المغنى فأتاهن ، فمرت عائشة فى البيت فرأته يتغنى ويحرك رأسه طرباً وكان ذا شعر كثير – فقالت أف شيطان أخرجوه أخرجوه ' رواه البخارى فى الأدب المفرد برقم 1288 ، والبيهقى فى السنن ج 10 صـ 224 ، وحسنه الألبانى فى الصحيحة برقم 727 ، وصحيح الأدب المفرد برقم 945 – وفيه دليل قاطع على أن الختان كان معروفاً فى بيت النبوة ولو لم يكن كذلك لأنكرت عائشة !!! رضى الله عنها
5) عن أم عطية رضى الله عنها قالت ' إن امرأة كانت تختن بالمدينة فقال لها النبى صلى الله عليه وسلم ' لا تنهكى فإن ذلك أحظى للزوج وأسرى للوجه ' أخرجه أبو داوود فى سننه برقم 5271 والهيثمى فى الزوائد ج 5 صـ 172(رواه أبو داود والحاكم والبيهقي والطبراني في الأوسط والكبير وله شواهد كثيرة وروايات عديدة بألفاظ متقاربة) ، وقد رمز الإمام السيوطي لهذا الحديث في الجامع الصغير بعلامة الصحة (1/216 فيض القدير) ، وقال العزيزي في شرح الجامع عن شيخه خادم السنة محمد حجازي الشعراني أنه حديث صحيح اهـ (السراج المنير شرح الجامع الصغير ( 1/ 67 وتبعه الجرداني ((مصباح الظلام) ص44-45) ، وصححه الألباني في سلسلته الصحيحة برقم 722 لكثرة طرقه وشواهده . وهو مؤيد بالأحاديث الصحيحة الأخرى واتفاق المسلمين على مشروعية ختان النساء بالكيفية المذكورة في هذا الحديث والنهك هو المبالغة فى كل شيئ ومعنى لا تنهكى أى لا تبالغى فى القطع
-وجاء ذلك مفصلاً فى رواية أخرى تقول فيها أم عطية ' أنه عندما هاجر النساء (أى إلى المدينة ) ومنهن أم حبيبة ، وقد عرفت بختان الجوارى ( أى البنات الصغيرات ) فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يا أم حبيبة هل الذى كان فى يدك هو فى يدك اليوم فقالت : نعم يا رسول الله إلا أن يكون حراماً فتنهانى عنه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بل هو حلال ، فإدن منى حتى أعلمك ، فدنت منه ، فقال : يا أم حبيبة ' إذا أنت فعلت فلا تنهكى فإنه أشرق للوجه وأحظى للزوج ' رواه أبو داوود فى السنن ج 5 صـ 421 تحقيق عزت دعاس وأورده الشوكانى فى نيل الأوطار ج 1 ص 113 ، وأورده الهيثمى فى مجمع الزوائد ج 1 صـ 884 ، وأورده ابن القيم فى كتابه تحفة المودود بأحكام المولود ص 193 وأخرجه الحاكم فى المستدرك ج 3 صـ 525 ، وأخرجه السيوطى فى الجامع الصغير طبعة أولى برقم 297/1406 هـ - 1985 م وأشار إليه بعلامة الصحة لوجود شواهد أخرى تقويه .
6) عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال : دخل على النبى صلى الله عليه وسلم نسوة من الأنصار فقال : يا نساء الأنصار اخضبن غمساً واخفضن ولا تنهكن فإنه أحظى عند أزواجكن وإياكن وكفر المنعمين قال مندل ( أحد الرواة ) يعنى الزوج ' أخرجه البزار برقم 175
7) أخرج الإمام أحمد فى مسنده ج 4 صـ 217 عن الحسن قال : دعى عثمان بن أبى العاص إلى طعام ، فقيل له هل تدرى ما هذا ؟؟ هذا ختان جارية ( وهى البنت الصغيرة ) ، فقال عثمان : إنا كنا لا نأتى الختان على عهد رسول الله ولا ندعى له ' منكراً بذلك عقد وليمة لختان فتاة والدعوة لها لأن السنة إخفاءه وعدم إعلام الناس به
8) روى البخارى فى الأدب المفرد تحت رقم 1221 قالت ( أى أم المهاجر ) : سبيت وجوارى من الروم ، فعرض علينا عثمان الاسلام ، فلم يسلم منا غيرى وغير أخرى ، فقال : أخفضوهما وطهروهما
9) عن شداد بن أوس عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال ' الختان سنة للرجال مكرمة للنساء ' رواه الإمام أحمد فى مسنده ج 5 صـ 75 وفيه الحجاج بن أرطأة وهو ضعيف ، والحديث يصلح فى الشواهد والسنة هى ما سنه النبى صلى الله وعليه وآله وسلم
10) ذكر حرب فى مسائله عن ميمونة زوج النبى صلى الله عليه وسلم أنها قالت للخاتنة ' إذا أنت خفضت فأشمى ولا تنهكى فإنه أسرى للوجه وأحظى لها عند زوجها ' من كتاب تحفة المودود بأحكام المولود لابن القيم ص 148
وبمطالعة كتب الفقه لأئمة الإسلام وعلمائه فى القرون الثلاثة الخيرية الأولى وما بعدها وفتاوى شيوخ الأزهر السابقين وآخرها فتوى فضيلة الإمام الشيخ جاد الحق على جاد الحق وفتاوى دار الإفتاء المصرية وآخرها فتوى فضيلة الدكتور نصر فريد واصل وفتاوى الآلاف من علماء الأزهر الكبار وفتاوى كبار العلماء فى كافة الأقطار الإسلامية بما فيها فتاوى أئمة الحرمين وجدت أن موضوع ختان الإناث أكمل وقتل بحثاً وليس فيه من جديد وأن فقهاء الإسلام القدامى والمحدثين ناقشوا المسالة وأن كل المذاهب دونتها مع استنباطاتها وأن الفقهاء قد اتفقت كلمتهم على أنه من فطرة الإسلام وشعائره وأنه أمر محمود وأجمعوا على مشروعيته ولا خلاف بينهم على استحبابه وانحصر خلافهم على وجوبه ، ولم ينقل عن واحد من الفقهاء المعتبرين أنه أنكرها أو أبطلها أو شكك فيها او حرمها إذ هو تم على يد متخصص وعلى الوجه الذى علمه الرسول صلى الله عليه وسلم أم حبيبة فى الرواية المنقولة آنفاً بل وجدت أن كتاباتهم تناولت عملية الختان وكل ما يتعلق بها من بيان مشروعيته وحكمه وحكمته ووقته والمساواة بين الذكر والأنثى فيه وإعلانه للذكر وإخفائه للأنثى إلى آخر تلك المباحث لدرجة أنهم تناولوا المسئوليتين المدنية والجنائية الناشئة عن الخطأ فى إجراء تلك العملية تحت عنوان ' جناية الخاتن وسراية الجرح ' كتاب تحفة المودود الفصل العاشر من الباب التاسع صـ 152 ، 153 كما يتضح من أقوال الفقهاء المستمدة من التوجيهات النبوية أن الشرع الحنيف راعى طبيعة الأنثى عند الختان مما يجعله على درجات بل وصل الأمر إلى حد إعفاء كل واحدة لا تحتاج إلى ختان وهى التى لم ينبت لها عرف الديك !!!
مما يقطع بأن ختان الإناث لم يكن من قبيل التقاليد او العادات بل هو شعيرة من شعائر الإسلام وبتعبير الإمامين مالك وأحمد (عبادة) تجيز للحاكم ضرب من أنكرها وأمر من عطلها بالاتيان بها وهو ما يؤكد أن الادعاء بأن هذه العملية ليست إسلامية أو لا علاقة لها بالإسلام ولو صدر من أى شخص فهو ادعاء لا يستند إلى دليل ومحض افتراء على الإسلام وعلماء الإسلام وإلغاء لفقه أربعة عشر قرناً من الزمان وطعن وإنكار لأحاديث صحيحة ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
وقد سألت كثيراً من أهل الاختصاص من الأطباء العدول وقرأت آراء وأبحاث كثيرة لعدد كبير منهم أفادت أن إجراء هذه العملية كما أمر بها الشرع وهو الإشمام دون إنهاك لمن تحتاج إليه من النساء يؤدى إلى توافق جنسى بين الزوجين !!! وفيه فوائد عظيمة صحية وخلقية للمرأة
المفضلات