بسم الله الرحمن الرحيم
من اعجاز القرآن الكريم انك تراه يخاطب أهل الكتاب بما يفهمه العلماء منهم ويأتى بالحجة على اعجازه من صميم نصوص الكتب المقدسة لديهم بحيث تصبح كتبهم تلك شاهدة بذاتها على اعجازه ، ناطقة بهيمنة القرآن عليها ، مصداقا لقوله تعالى :
" وأنزلنا اليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه "
وفيما يلى نعرض لاحدى نماذج هذا الوجه الاعجازى للقرآن الكريم
يدور موضوع حديثنا اليوم كله حول لفظ واحد من الفاظ القرآن الكريم
انه لفظ ( سكينة ) الوارد فى قوله تعالى :
" ان آية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم ، وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة "
ولكى نفهم أسرار الاعجاز القرآنى فى هذا اللفظ فلا مناص لنا أولا من أن نقدم بين يدى الآيات بهذا التمهيد ، فنقول :
بعد وفاة موسى - عليه السلام - ظل بنو اسرائيل يسوس أمرهم قضاة منهم ، وليس فيهم ملك حتى اواسط المائة الرابعة من وفاته حيث دخلوا حينها فى حرب مع الفلسطينيين الذين غلبوهم ، وأخذوا منهم تابوت العهد الذى يحوى الألواح التى تلقاها موسى من الله تعالى
وكان من قضاة بنى اسرائيل نبى اسمه ( صموئيل ) ، طلب منه بنو اسرائيل أن يقيم عليهم ملكا منهم ليقودهم الى قتال أعدائهم الذين أذلوهم طويلا ، فأخبرهم صموئيل بأن الله قد جعل ( طالوت ) - ويسمى عندهم شاؤول - ملكا عليهم ، وأن علامة اختيار الله له ورضاه عنه أن يرجع اليهم التابوت الذى سلب منهم ، وفى هذا تقول الايات الكريمة من سورة البقرة :
أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَىٰ إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۖ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا ۖ قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا ۖ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (246)
وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا ۚ قَالُوا أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ ۚ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ ۖ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (247)
وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَىٰ وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (248)
والأن وقد فهمنا القصة برمتها بقى أن نفهم :
ماذا يعنى لفظ ( سكينة ) هنا ؟
ولماذا ارتبطت السكينة بالتابوت على وجه الخصوص ؟
ثم ما هى كيفيات هذه السكينة ومظاهرها بالتفصيل ؟
هذا ما سوف نراه فى الحلقات القادمة ان شاء الله تعالى
المفضلات