المرأة المسلمة السويسرية والفتاة المضطهَدة التونسية

حافظ الشيخ صالح
قرأنا وقرأ الناس في الصحف، نقلاً عن وكالات الأنباء، أنّ المحكمة العليا في سويسرة نقضتْ حُكماً صادراً عن محكمة ابتدائية، وقرّرتْ إعطاء الحقّ لامرأة سويسرية بارتداء الحجاب الشرعي الإسلامي في أثناء العمل، وقالت المحكمة العليا في حيثياتها إنّ حُكم المحكمة الابتدائية يناقض الدستور، وأضافت أنّ الدستور السويسري يُعطي الجميع حقوق حرية الديانة، وما تقتضيه ديانة المواطن من إظهارها علناً، والتمتّع بها من غير منع، أو إيذاءات أو مضايقات، في الحياة العامة. وقرأنا أيضاً وقرأ الناس في الجرائد، نقلاً كذلك عن وكالات الأنباء، أنّ معهداً في تونس العربية المسلمة رفض منح فتاة تونسية متحجّبة شهادة تخرّجها في المعهد، وقال لها مدير المعهد بالحرف الواحد: «عملاً بالقانون المرعيّ فإننا لا نعطيك الشهادة حتى تكشفي شعرك«.

الفارق صارخ بين الحادثتين، والفارق الذي هو أشنع وأفظع أنّ المرأة السويسرية المسلمة في استطاعتها رفع قضية، تبلُغ مبلغ المحكمة العليا في البلاد، دفاعاً عن دينها، وذَوداً عن حجابها، ومطالَبةً جهيرة الصوت وصارمة بحقوقها الإنسانية والقانونية، فيما الفتاة التونسية المضطهَدة، وأمثالها في تونس ملايين غفيرة، ممنوعة بالحديد والنار، وبالقمع الباطش الخام، من الدفاع عن ذاتها، والذود عن إنسانيتها، والمطالبة بحقوقها الابتدائية، الإنسانية والدينية والحياتية. هذه وسيلة إيضاح إضافية، كئيبة هي ورهيبة، تُرينا مبالغ الاهتراء، ومبالغ الإفلاس الـمُريع، في الاستبداد التونسيّ السلطويّ الواغل ضدّ الإسلام، على أنحاء لم تشهدها حتى تركية، ولا مصر ولا سورية، في ذروات البطش بالإسلام، وحركة الإسلام، وشعائر الإسلام، وفروض الإسلام. لكن هذا البطش في تونس بالإسلام، على مدار الساعة، ومن غير فتور، إنّما يُقارب في جوهره انتحارات الاستبداد السلطوي، وزحفه المحتوم نحو الزوال والأفول، وانتقاله من علياء العرش إلى علياء النعش، ولو بعد حين

نقلله لكم الحاج كلوف عن موقع أمان الأردني