
-
تفسير الجلالين كل ما ذكر عن السيدة نساء أهل الجنة الأولى الصديقة البتول مريم ابنت عمران عليها السلام ورحمة بالقرأن الكريم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سيدة نساء أهل الجنة الصديقة البتول مريم ابنة عمران عليها سلام و رحمة.
ذكر اسمها في القرآن الكريم 24 مرة، منها 11 مرة ذكرت وحدها
و13 مرة ذكرت منسوباً إليها ابنها نبي الله عيسى عليه السلام.
بلغ عدد آيات سورة مريم 98 آية، ترتيب سورة مريم في المصحف 19, وتقع في الجزء السادس عشر, والسورة سميت على اسم سيدة نساء أهل الجنة الصديقة البتول مريم ابنة عمران عليها سلام و رحمة، لتكون بذلك السورة الوحيدة في القرآن التي سميت على اسم امرأة.
قال الله تعالى: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ۞ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ (33)
"إنَّ اللَّه اصْطَفَى" اخْتَارَ "آدَم وَنُوحًا وَآل إبْرَاهِيم وَآل عِمْرَان" بِمَعْنَى أَنْفُسهمَا "عَلَى الْعَالَمِينَ" بِجَعْلِ الْأَنْبِيَاء مِنْ نَسْلهمْ .
ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (34)
"ذُرِّيَّة بَعْضهَا مِنْ" وَلَد "بَعْض" مِنْهُمْ
إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي ۖ إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (35)
اُذْكُرْ "إذْ قَالَتْ امْرَأَة عِمْرَان" حَنَّة لَمَّا أَسَنَّتْ وَاشْتَاقَتْ لِلْوَلَدِ فَدَعَتْ اللَّه وَأَحَسَّتْ بِالْحَمْلِ يَا "رَبّ إنِّي نَذَرْت" أَنْ أَجْعَل "لَك مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا" عَتِيقًا خَالِصًا مِنْ شَوَاغِل الدُّنْيَا لِخِدْمَةِ بَيْتك الْمُقَدَّس "فَتَقَبَّلْ مِنِّي إنَّك أَنْت السَّمِيع" لِلدُّعَاءِ "الْعَلِيم" بِالنِّيَّاتِ وَهَلَكَ عِمْرَان وَهِيَ حَامِل .
فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَىٰ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنثَىٰ ۖ وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (36)
"فَلَمَّا وَضَعَتْهَا" وَلَدَتْهَا جَارِيَة وَكَانَتْ تَرْجُو أَنْ يَكُون غُلَامًا إذْ لَمْ يَكُنْ يُحَرَّر إلَّا الْغِلْمَان "قَالَتْ" مُعْتَذِرَة يَا "رَبّ إنِّي وَضَعْتهَا وَاَللَّه أَعْلَم" أَيْ عَالِم "بِمَا وَضَعَتْ" جُمْلَة اعْتِرَاض مِنْ كَلَامه تَعَالَى وَفِي قِرَاءَة بِضَمِّ التَّاء "وَلَيْسَ الذَّكَر" الَّذِي طَلَبْت "كَالْأُنْثَى" الَّتِي وَهَبْت لِأَنَّهُ يُقْصَد لِلْخِدْمَةِ وَهِيَ لَا تَصْلُح لِضَعْفِهَا وَعَوْرَتهَا وَمَا يَعْتَرِيهَا مِنْ الْحَيْض وَنَحْوه "وَإِنِّي سَمَّيْتهَا مَرْيَم وَإِنِّي أُعِيذهَا بِك وَذُرِّيَّتهَا" أَوْلَادهَا "مِنْ الشَّيْطَان الرَّجِيم" الْمَطْرُود فِي الْحَدِيث (مَا مِنْ مَوْلُود يُولَد إلَّا مَسَّهُ الشَّيْطَان حَيْن يُولَد فَيَسْتَهِلّ صَارِخًا إلَّا مَرْيَم وَابْنهَا) رَوَاهُ الشَّيْخَانِ
فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا ۖ كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقًا ۖ قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّىٰ لَكِ هَٰذَا ۖ قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ ۖ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (37)
[آل عمران : 37-33]
"فَتَقَبَّلَهَا رَبّهَا" أَيْ قَبِلَ مَرْيَم مِنْ أُمّهَا "بِقَبُولٍ حَسَن وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا" أَنْشَأَهَا بِخُلُقٍ حَسَن فَكَانَتْ تَنْبُت فِي الْيَوْم كَمَا يَنْبُت الْمَوْلُود فِي الْعَام وَأَتَتْ بِهَا أُمّهَا الْأَحْبَار سَدَنَة بَيْت الْمَقْدِس فَقَالَتْ : دُونكُمْ هَذِهِ النَّذِيرَة فَتَنَافَسُوا فِيهَا لِأَنَّهَا بِنْت إمَامهمْ فَقَالَ زَكَرِيَّا أَنَا أَحَقّ بِهَا لِأَنَّ خَالَتهَا عِنْدِي فَقَالُوا لَا حَتَّى نَقْتَرِع فَانْطَلَقُوا وَهُمْ تِسْعَة وَعِشْرُونَ إلَى نَهْر الْأُرْدُنّ وَأَلْقَوْا أَقْلَامهمْ عَلَى أَنَّ مَنْ ثَبَتَ قَلَمه فِي الْمَاء وَصَعِدَ أَوْلَى بِهَا فَثَبَتَ قَلَم زَكَرِيَّا فَأَخَذَهَا وَبَنَى لَهَا غُرْفَة فِي الْمَسْجِد بِسُلَّمٍ لَا يَصْعَد إلَيْهَا غَيْره وَكَانَ يَأْتِيهَا بِأَكْلِهَا وَشُرْبهَا وَدُهْنهَا فَيَجِد عِنْدهَا فَاكِهَة الصَّيْف فِي الشِّتَاء وَفَاكِهَة الشِّتَاء فِي الصَّيْف كَمَا قَالَ تَعَالَى "وَكَفَلَهَا زَكَرِيَّاءُ" ضَمَّهَا إلَيْهِ وَفِي قِرَاءَة بِالتَّشْدِيدِ وَنَصْب زَكَرِيَّا مَمْدُودًا وَمَقْصُورًا وَالْفَاعِل اللَّه "كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَاب" الْغُرْفَة وَهِيَ أَشْرَف الْمَجَالِس "وَجَدَ عِنْدهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَم أَنَّى" مِنْ أَيْنَ "لَك هَذَا قَالَتْ" وَهِيَ صَغِيرَة "هُوَ مِنْ عِنْد اللَّه" يَأْتِينِي بِهِ مِنْ الْجَنَّة "إنَّ اللَّه يَرْزُق مَنْ يَشَاء بِغَيْرِ حِسَاب" رِزْقًا وَاسِعًا بِلَا تَبَعَة .
قال الله تعالى: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَىٰ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ (42)
"و" اُذْكُرْ "إذْ قَالَتْ الْمَلَائِكَة" أَيْ جِبْرِيل "يَا مَرْيَم إنَّ اللَّه اصْطَفَاك" اخْتَارَك "وَطَهَّرَك" مِنْ مَسِيس الرِّجَال "وَاصْطَفَاك عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ" أَيْ أَهْل زَمَانك .
يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ (43)
"يَا مَرْيَم اُقْنُتِي لِرَبِّك" أَطِيعِيهِ "وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ" أَيْ صَلِّي مَعَ الْمُصَلِّينَ .
ذَٰلِكَ مِنْ أَنبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ ۚ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ (44)
"ذَلِكَ" الْمَذْكُور مِنْ أَمْر زَكَرِيَّا وَمَرْيَم "مِنْ أَنْبَاء الْغَيْب" أَخْبَار مَا غَابَ عَنْك "نُوحِيهِ إلَيْك" يَا مُحَمَّد "وَمَا كُنْت لَدَيْهِمْ إذْ يُلْقُونَ أَقْلَامهمْ" فِي الْمَاء يَقْتَرِعُونَ لِيَظْهَر لَهُمْ "أَيّهمْ يَكْفُل" يُرَبِّي "مَرْيَم وَمَا كُنْت لَدَيْهِمْ إذْ يَخْتَصِمُونَ" فِي كَفَالَتهَا فَتَعْرِف ذَلِكَ فَتُخْبِر بِهِ وَإِنَّمَا عَرَفْته مِنْ جِهَة الْوَحْي .
إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ
(45)
"إذْ قَالَتْ الْمَلَائِكَة" أَيْ جِبْرِيل "يَا مَرْيَم إنَّ اللَّه يُبَشِّرك بِكَلِمَةٍ مِنْهُ" أَيْ وَلَد "اسْمه الْمَسِيح عِيسَى ابْن مَرْيَم" خَاطَبَهَا بِنِسْبَتِهِ إلَيْهَا تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّهَا تَلِدهُ بِلَا أَب إذْ عَادَة الرِّجَال نِسْبَتهمْ إلَى آبَائِهِمْ "وَجِيهًا" ذَا جَاه "فِي الدُّنْيَا" بِالنُّبُوَّةِ "وَالْآخِرَة" بِالشَّفَاعَةِ وَالدَّرَجَات الْعُلَا "وَمِنْ الْمُقَرَّبِينَ" عِنْد اللَّه
وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ (46)
"وَيُكَلِّم النَّاس فِي الْمَهْد" أَيْ طِفْلًا قَبْل وَقْت الْكَلَام "وكهلا ومن الصالحين"
قَالَتْ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ ۖ قَالَ كَذَٰلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ۚ إِذَا قَضَىٰ أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ (47)
"قَالَتْ رَبّ أَنَّى" كَيْفَ "يَكُون لِي وَلَد وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَر" بِتَزَوُّجٍ وَلَا غَيْره "قَالَ" الْأَمْر "كَذَلِك" مِنْ خَلْق وَلَد مِنْك بِلَا أَب "اللَّه يَخْلُق مَا يَشَاء إذَا قَضَى أَمْرًا" أَرَادَ خَلْقه "فَإِنَّمَا يَقُول لَهُ كُنْ فَيَكُون" أَيْ فَهُوَ يَكُون
وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ (48)
[آل عمران : 48-42]
"وَيُعَلِّمهُ" بِالنُّونِ وَالْيَاء "الْكِتَاب" الْخَطّ "والحكمة والتوراة والإنجيل"
قال الله تعالى: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَىٰ مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا}
[النساء : 156]
"وَمَرْيَم" عَطْف عَلَى امْرَأَة فِرْعَوْن "ابْنَت عِمْرَان الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجهَا" حَفِظَتْهُ "فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحنَا" أَيْ جِبْرِيل حَيْثُ نَفَخَ فِي جَيْب دِرْعهَا بِخَلْقِ اللَّه تَعَالَى فَعَلَهُ الْوَاصِل إلَى فَرْجهَا فَحَمَلَتْ بِعِيسَى "وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبّهَا" شَرَائِعه "وَكُتُبه" أَيْ وَكُتُبه الْمُنَزَّلَة "وَكَانَتْ مِنْ الْقَانِتِينَ" مِنْ الْقَوْم الْمُطِيعِينَ
قال الله تعالى: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ ۚ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَىٰ مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ ۖ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ۖ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ ۚ انتَهُوا خَيْرًا لَّكُمْ ۚ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۖ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ ۘ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ وَكِيلًا} [النساء : 171]
"يَا أَهْل الْكِتَاب" الْإِنْجِيل "لَا تَغْلُوا" تَتَجَاوَزُوا الْحَدّ "فِي دِينكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّه إلَّا" الْقَوْل "الْحَقّ" مِنْ تَنْزِيهه عَنْ الشَّرِيك وَالْوَلَد "إنَّمَا الْمَسِيح عِيسَى ابْن مَرْيَم رَسُول اللَّه وَكَلِمَته أَلْقَاهَا" أَوْصَلَهَا اللَّه "إلَى مَرْيَم وَرُوح" أَيْ ذُو رُوح "مِنْهُ" أُضِيفَ إلَيْهِ تَعَالَى تَشْرِيفًا لَهُ وَلَيْسَ كَمَا زَعَمْتُمْ ابْن اللَّه أَوْ إلَهًا مَعَهُ أَوْ ثَالِث ثَلَاثَة لِأَنَّ ذَا الرُّوح مُرَكَّب وَالْإِلَه مُنَزَّه عَنْ التَّرْكِيب وَعَنْ نِسْبَة الْمُرَكَّب إلَيْهِ "فَآمِنُوا بِاَللَّهِ وَرُسُله وَلَا تَقُولُوا" الْآلِهَة "ثَلَاثَة" اللَّه وَعِيسَى وَأُمّه "انْتَهُوا" عَنْ ذَلِكَ وَأْتُوا "خَيْرًا لَكُمْ" مِنْهُ وَهُوَ التَّوْحِيد "إنَّمَا اللَّه إلَه وَاحِد سُبْحَانه" تَنْزِيهًا لَهُ عَنْ "أَنْ يَكُون لَهُ وَلَد لَهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الْأَرْض" خَلْقًا وَمُلْكًا وَعَبِيدًا وَالْمَلَكِيَّة تُنَافِي النُّبُوَّة "وَكَفَى بِاَللَّهِ وَكِيلًا" شَهِيدًا عَلَى ذَلِكَ
قال الله تعالى: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ ۚ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ۗ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ۚ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}
[المائدة : 17]
"لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إنَّ اللَّه هُوَ الْمَسِيح ابْن مَرْيَم" حَيْثُ جَعَلُوهُ إلَهًا وَهُمْ الْيَعْقُوبِيَّة فِرْقَة مِنْ النَّصَارَى "قُلْ فَمَنْ يَمْلِك" أَيْ يَدْفَع "مِنْ" عَذَاب "اللَّه شَيْئًا إنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِك الْمَسِيح ابْن مَرْيَم وَأُمّه وَمَنْ فِي الْأَرْض جَمِيعًا" أَيْ لَا أَحَد يَمْلِك ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ الْمَسِيح إلَهًا لَقَدَرَ عَلَيْهِ "وَلِلَّهِ مُلْك السَّمَوَات وَالْأَرْض وَمَا بَيْنهمَا يَخْلُق مَا يَشَاء وَاَللَّه عَلَى كُلّ شَيْء" شَاءَهُ
قال الله تعالى: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ ۖ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ ۗ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ} [المائدة : 75]
"خَلَتْ" مَضَتْ "مِنْ قَبْله الرُّسُل" فَهُوَ يُمْضِي مِثْلهمْ وَلَيْسَ بِإِلَهٍ كَمَا زَعَمُوا وَإِلَّا لَمَا مَضَى "وَأُمّه صِدِّيقَة" مُبَالَغَة فِي الصِّدْق "كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَام" كَغَيْرِهِمَا مِنْ النَّاس وَمَنْ كَانَ كَذَلِكَ لَا يَكُون إلَهًا لِتَرْكِيبِهِ وَضَعْفه وَمَا يَنْشَأ مِنْهُ مِنْ الْبَوْل وَالْغَائِط "اُنْظُرْ" مُتَعَجِّبًا "كَيْفَ نُبَيِّن لَهُمْ الْآيَات" عَلَى وَحْدَانِيّتنَا "ثُمَّ اُنْظُرْ أَنَّى" كَيْفَ "يُؤْفَكُونَ" يُصْرَفُونَ عَنْ الْحَقّ مَعَ قِيَام الْبُرْهَان
قال الله تعالى: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَىٰ وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا ۖ وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ ۖ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي ۖ وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي ۖ وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَىٰ بِإِذْنِي ۖ وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنكَ إِذْ جِئْتَهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَٰذَا إِلَّا سِحْرٌ مُّبِينٌ} [المائدة : 110]
اُذْكُرْ "إذْ قَالَ اللَّه يَا عِيسَى ابْن مَرْيَم اُذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْك وَعَلَى وَالِدَتك" بِشُكْرِهَا "إذْ أَيَّدْتُك" قَوَّيْتُك "بِرُوحِ الْقُدُس" جِبْرِيل "تُكَلِّم النَّاس" حَال مِنْ الْكَاف فِي أَيَّدْتُك "فِي الْمَهْد" أَيْ طِفْلًا "وَكَهْلًا" يُفِيد نُزُوله قَبْل السَّاعَة لِأَنَّهُ رُفِعَ قَبْل الْكُهُولَة كَمَا سَبَقَ فِي آل عِمْرَان "وَإِذْ عَلَّمْتُك الْكِتَاب وَالْحِكْمَة وَالتَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل وَإِذْ تَخْلُق مِنْ الطِّين كَهَيْئَةِ" كَصُورَةِ "الطَّيْر" وَالْكَاف اسْم بِمَعْنَى مِثْل مَفْعُول "بِإِذْنِي فَتَنْفُخ فِيهَا فَتَكُون طَيْرًا بِإِذْنِي" بِإِرَادَتِي "وَتُبْرِئ الْأَكْمَه وَالْأَبْرَص بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِج الْمَوْتَى" مِنْ قُبُورهمْ أَحْيَاء "بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْت بَنِي إسْرَائِيل عَنْك" حِين هَمُّوا بِقَتْلِك "إذْ جِئْتهمْ بِالْبَيِّنَاتِ" الْمُعْجِزَات "فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إنْ" مَا "هَذَا" الَّذِي جِئْت بِهِ "إلَّا سِحْر مُبِين" وَفِي قِرَاءَة سَاحِر أَيْ عِيسَى
قال الله تعالى: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَٰهَيْنِ مِن دُونِ اللَّهِ ۖ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ ۚ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ ۚ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ ۚ إِنَّكَ أَنتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ} [المائدة : 116]
"و" اُذْكُرْ "إذْ قَالَ" أَيْ يَقُول "اللَّه" لِعِيسَى فِي الْقِيَامَة تَوْبِيخًا لِقَوْمِهِ "يَا عِيسَى ابْن مَرْيَم أَأَنْت قُلْت لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إلَهَيْنِ مِنْ دُون اللَّه قَالَ " عِيسَى وَقَدْ أُرْعِدَ "سُبْحَانك" تَنْزِيهًا لَك عَمَّا لَا يَلِيق بِك مِنْ شَرِيك وَغَيْره "مَا يَكُون" مَا يَنْبَغِي "لِي أَنْ أَقُول مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ" خَبَر لَيْسَ وَلِي لِلتَّبْيِينِ "إنْ كُنْت قُلْته فَقَدْ عَلِمْته تَعْلَم مَا" أُخْفِيه "فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَم مَا فِي نَفْسك" أَيْ مَا تُخْفِيه مِنْ مَعْلُومَاتك
قال الله تعالى: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا (16)
"وَاذْكُرْ فِي الْكِتَاب" الْقُرْآن "مَرْيَم" أَيْ : خَبَرهَا "إذْ" حِين "انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا" أَيْ : اعْتَزَلَتْ فِي مَكَان نَحْو الشَّرْق مِنْ الدَّار
فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا (17)
"فَاِتَّخَذَتْ مِنْ دُونهمْ حِجَابًا" أَرْسَلَتْ سِتْرًا تَسْتَتِر بِهِ لِتُفَلِّي رَأْسهَا أَوْ ثِيَابهَا أَوْ تَغْتَسِل مِنْ حَيْضهَا "فَأَرْسَلْنَا إلَيْهَا رُوحنَا" جِبْرِيل "فَتَمَثَّلَ لَهَا" بَعْد لُبْسهَا ثِيَابهَا "بَشَرًا سَوِيًّا" تَامّ الْخَلْق
قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَٰنِ مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا (18)
"قَالَتْ إنِّي أَعُوذ بِالرَّحْمَنِ مِنْك إنْ كُنْت تَقِيًّا" فَتَنْتَهِي عَنِّي بِتَعَوُّذِي
قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا (19)
"قَالَ إنَّمَا أَنَا رَسُول رَبّك لِأَهَب لَك غُلَامًا زَكِيًّا" بِالنُّبُوَّةِ
قَالَتْ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا (20)
"قَالَتْ أَنَّى يَكُون لِي غُلَام وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَر" بِتَزَوُّجٍ "وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا" زَانِيَة
قَالَ كَذَٰلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ ۖ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِّلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا ۚ وَكَانَ أَمْرًا مَّقْضِيًّا (21)
"قَالَ" الْأَمْر "كَذَلِكَ" مِنْ خَلْق غُلَام مِنْك مِنْ غَيْر أَب "قَالَ رَبّك هُوَ عَلَيَّ هَيِّن" أَيْ : بِأَنْ يَنْفُخ بِأَمْرِي جِبْرِيل فِيك فَتَحْمِلِي بِهِ وَلِكَوْنِ مَا ذُكِرَ فِي مَعْنَى الْعِلَّة عَطَفَ عَلَيْهِ "وَلِنَجْعَلهُ آيَة لِلنَّاسِ" عَلَى قُدْرَتنَا "وَرَحْمَة مِنَّا" لِمَنْ آمَنَ بِهِ "وَكَانَ" خَلْقه "أَمْرًا مَقْضِيًّا" بِهِ فِي عِلْمِي فَنَفَخَ جِبْرِيل فِي جَيْب دِرْعهَا فَأَحَسَّتْ بِالْحَمْلِ فِي بَطْنهَا مُصَوَّرًا
۞ فَحَمَلَتْهُ فَانتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا (22)
"فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ" تَنَحَّتْ "بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا" بَعِيدًا مِنْ أَهْلهَا
فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَىٰ جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَٰذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا (23)
"فَأَجَاءَهَا" جَاءَ بِهَا "الْمَخَاض" وَجَع الْوِلَادَة "إلَى جِذْع النَّخْلَة" لِتَعْتَمِد عَلَيْهِ فَوَلَدَتْ وَالْحَمْل وَالتَّصْوِير وَالْوِلَادَة فِي سَاعَة "قَالَتْ يَا" لِلتَّنْبِيهِ " لَيْتَنِي مِتُّ قَبْل هَذَا" الْأَمْر "وَكُنْت نَسْيًا مَنْسِيًّا" شَيْئًا مَتْرُوكًا لَا يُعْرَف وَلَا يُذْكَر
فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا (24)
"فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتهَا" أَيْ : جِبْرِيل وَكَانَ أَسْفَل مِنْهَا "أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبّك تَحْتك سَرِيًّا" نَهْر مَاء كَانَ قَدْ انْقَطَعَ
وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا (25)
"وَهُزِّي إلَيْك بِجِذْعِ النَّخْلَة" كَانَتْ يَابِسَة وَالْبَاء زَائِدَة "تُسَاقِط" أَصْله بِتَاءَيْنِ قُلِبَتْ الثَّانِيَة سِينًا وَأُدْغِمَتْ فِي السِّين وَفِي قِرَاءَة بِتَرْكِهَا "عَلَيْك رُطَبًا" تَمْيِيز "جَنِيًّا" صِفَته
فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا ۖ فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَٰنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا (26)
"فَكُلِي" مِنْ الرُّطَب "وَاشْرَبِي" مِنْ السَّرِيّ "وَقَرِّي عَيْنًا" بِالْوَلَدِ تَمْيِيز مُحَوَّل مِنْ الْفَاعِل أَيْ : لِتَقَرّ عَيْنك بِهِ أَيْ : تَسْكُن فَلَا تَطْمَح إلَى غَيْره "فَإِمَّا" فِيهِ إدْغَام نُون إنْ الشَّرْطِيَّة فِي مَا الزَّائِدَة " تَرَيِنَّ" حُذِفَتْ مِنْهُ لَام الْفِعْل وَعَيْنه وَأُلْقِيَتْ حَرَكَتهَا عَلَى الرَّاء وَكُسِرَتْ يَاء الضَّمِير لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ "مِنْ الْبَشَر أَحَدًا" فَيَسْأَلك عَنْ وَلَدك "فَقُولِي إنِّي نَذَرْت لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا" أَيْ إمْسَاكًا عَنْ الْكَلَام فِي شَأْنه وَغَيْره مِنْ الْأَنَاسِيّ بِدَلِيلِ "فَلَنْ أُكَلِّم الْيَوْم إنْسِيًّا" أَيْ : بَعْد ذَلِكَ
فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ ۖ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا (27)
"فَكُلِي" مِنْ الرُّطَب "وَاشْرَبِي" مِنْ السَّرِيّ "وَقَرِّي عَيْنًا" بِالْوَلَدِ تَمْيِيز مُحَوَّل مِنْ الْفَاعِل أَيْ : لِتَقَرّ عَيْنك بِهِ أَيْ : تَسْكُن فَلَا تَطْمَح إلَى غَيْره "فَإِمَّا" فِيهِ إدْغَام نُون إنْ الشَّرْطِيَّة فِي مَا الزَّائِدَة " تَرَيِنَّ" حُذِفَتْ مِنْهُ لَام الْفِعْل وَعَيْنه وَأُلْقِيَتْ حَرَكَتهَا عَلَى الرَّاء وَكُسِرَتْ يَاء الضَّمِير لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ "مِنْ الْبَشَر أَحَدًا" فَيَسْأَلك عَنْ وَلَدك "فَقُولِي إنِّي نَذَرْت لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا" أَيْ إمْسَاكًا عَنْ الْكَلَام فِي شَأْنه وَغَيْره مِنْ الْأَنَاسِيّ بِدَلِيلِ "فَلَنْ أُكَلِّم الْيَوْم إنْسِيًّا" أَيْ : بَعْد ذَلِكَ
يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا (28)
"يَا أُخْت هَارُون" هُوَ رَجُل صَالِح أَيْ : يَا شَبِيهَته فِي الْعِفَّة "مَا كَانَ أَبُوك امْرَأَ سَوْء" أَيْ : زَانِيًا "وَمَا كَانَتْ أُمّك بَغِيًّا" أَيْ : زَانِيَة فَمِنْ أَيْنَ لَك هَذَا الْوَلَد
فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ ۖ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا (29)
"فَأَشَارَتْ" لَهُمْ "إلَيْهِ" أَنْ كَلِّمُوهُ "قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّم مَنْ كَانَ" أَيْ وُجِدَ
قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (30)
"قَالَ إنِّي عَبْد اللَّه آتَانِي الْكِتَاب" أَيْ : الْإِنْجِيل
وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا (31)
"وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْت" أَيْ : نَفَّاعًا لِلنَّاسِ إخْبَار بِمَا كُتِبَ لَهُ "وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاة" أَمَرَنِي بِهِمَا
وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا (32)
"وَبَرًّا بِوَالِدَتِي" مَنْصُوب بِجَعَلَنِي مُقَدَّر "وَلَمْ يَجْعَلنِي جَبَّارًا" مُتَعَاظِمًا "شَقِيًّا" عَاصِيًا لِرَبِّهِ
وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا (33)
"وَالسَّلَام" مِنْ اللَّه "عَلَيَّ يَوْم وُلِدْت وَيَوْم أَمُوت وَيَوْم أُبْعَث حَيًّا" يُقَال فِيهِ مَا تَقَدَّمَ فِي السَّيِّد يَحْيَى
ذَٰلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ ۚ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ (34)
"ذَلِكَ عِيسَى ابْن مَرْيَم قَوْل الْحَقّ" بِالرَّفْعِ خَبَر مُبْتَدَأ مُقَدَّر أَيْ : قَوْل ابْن مَرْيَم وَبِالنَّصْبِ بِتَقْدِيرِ قُلْت وَالْمَعْنَى الْقَوْل الْحَقّ "الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ" مِنْ الْمِرْيَة أَيْ : يَشُكُّونَ وَهُمْ النَّصَارَى : قَالُوا إنَّ عِيسَى ابْن اللَّه كَذَبُوا
مَا كَانَ لِلَّهِ أَن يَتَّخِذَ مِن وَلَدٍ ۖ سُبْحَانَهُ ۚ إِذَا قَضَىٰ أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ (35)
[مريم : 35-16]
"مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذ مِنْ وَلَد سُبْحَانه" تَنْزِيهًا لَهُ عَنْ ذَلِكَ "إذَا قَضَى أَمْرًا" أَيْ : أَرَادَ أَنْ يُحْدِثهُ "فَإِنَّمَا يَقُول لَهُ كُنْ فَيَكُون" بِالرَّفْعِ بِتَقْدِيرِ هُوَ وَبِالنَّصْبِ بِتَقْدِيرِ أَنْ وَمِنْ ذَلِكَ خَلْق عِيسَى مِنْ غَيْر أَب
قال الله تعالى: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِن رُّوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِّلْعَالَمِينَ} [الأنبياء : 91]
"وَ" اُذْكُرْ مَرْيَمَ "اَلَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجهَا" حَفِظَتْهُ مِنْ أَنْ يُنَال "فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحنَا" أَيْ جِبْرِيل حَيْثُ نَفَخَ فِي جَيْب دِرْعهَا فَحَمَلَتْ بِعِيسَى "وَجَعَلْنَاهَا وَابْنهَا آيَة لِلْعَالَمِينَ" الْإِنْس وَالْجِنّ وَالْمَلَائِكَة حَيْثُ وَلَدَتْهُ مِنْ غَيْر فَحْل
قال الله تعالى: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَىٰ رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ} [المؤمنون : 50]
"وَ" اُذْكُرْ مَرْيَمَ "اَلَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجهَا" حَفِظَتْهُ مِنْ أَنْ يُنَال "فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحنَا" أَيْ جِبْرِيل حَيْثُ نَفَخَ فِي جَيْب دِرْعهَا فَحَمَلَتْ بِعِيسَى "وَجَعَلْنَاهَا وَابْنهَا آيَة لِلْعَالَمِينَ" الْإِنْس وَالْجِنّ وَالْمَلَائِكَة حَيْثُ وَلَدَتْهُ مِنْ غَيْر فَحْل
قال الله تعالى: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ} [التحريم : 12]
"وَمَرْيَم" عَطْف عَلَى امْرَأَة فِرْعَوْن "ابْنَت عِمْرَان الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجهَا" حَفِظَتْهُ "فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحنَا" أَيْ جِبْرِيل حَيْثُ نَفَخَ فِي جَيْب دِرْعهَا بِخَلْقِ اللَّه تَعَالَى فَعَلَهُ الْوَاصِل إلَى فَرْجهَا فَحَمَلَتْ بِعِيسَى "وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبّهَا" شَرَائِعه "وَكُتُبه" أَيْ وَكُتُبه الْمُنَزَّلَة "وَكَانَتْ مِنْ الْقَانِتِينَ" مِنْ الْقَوْم الْمُطِيعِينَ
التعديل الأخير تم بواسطة *اسلامي عزي* ; 20-09-2018 الساعة 09:13 AM
معلومات الموضوع
الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
المواضيع المتشابهه
-
بواسطة يوسف حمد في المنتدى المنتدى الإسلامي
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 18-07-2018, 08:43 PM
-
بواسطة يوسف حمد في المنتدى المنتدى الإسلامي
مشاركات: 1
آخر مشاركة: 06-05-2017, 02:14 AM
-
بواسطة يوسف حمد في المنتدى المنتدى الإسلامي
مشاركات: 1
آخر مشاركة: 17-04-2017, 10:11 PM
-
بواسطة يوسف حمد في المنتدى المنتدى الإسلامي
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 14-04-2017, 01:37 AM
-
بواسطة الباحث : خالد كروم في المنتدى المنتدى الإسلامي
مشاركات: 2
آخر مشاركة: 21-07-2009, 08:31 AM
الكلمات الدلالية لهذا الموضوع
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى

المفضلات