لماذا توجد تفاسير كثيرة للقرآن الكريم ? اذا كان القرآن هو الحق لوجد تفسير واحد فقط ..
لماذا توجد تفاسير كثيرة للقرآن الكريم ? اذا كان القرآن هو الحق لوجد تفسير واحد فقط ..
لأن القرآن معجزة ، والمعجزة باقية ليوم القيامة ، وطالما المعجزة بين أيدينا فهي تواكب كل عصر وزمان فيبقى معجزة ظاهرة لكل زمان ومكان .
مثال ولله المثل الأعلى :
وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ (8).. النحل
فكيف يمكن أن نفسر قوله : وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ منذ ألف وربعمائة عام ؟
هل العقول كانت ستعي تفسير هذه الآية على أن الطائرات والصواريخ والسيارات والدرجات البخارية ستكون وسيلة مواصلات بدلاً من البغال والحمير في زمن من الأزمان ؟
وما أدراك أن الغيب الذي لا يعلمه إلا الله لا نعلم ما سيقدمه لنا من وسائل أخرى غير السيارات والطائرات والصواريخ ؟
إذن الغيب مازال مفقود والأيام والأزمان القادمة ستكشف لنا الغيب الذي لا يعلمه إلا الله . ويبقى قوله جل وعلا : وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ .. باقي إلى يوم القيامة .
لذلك لم يُفسر رسول اللهالقرآن وتركه لإجتهاد العلماء ليٌفسروا القرآن طبقاً لكل زمن من الأزمان .
.
إن كان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ليس رسول الله لمدة 23 عاماً .. فلماذا لم يعاقبه معبود الكنيسة ؟
.
والنَّبيُّ (الكاذب) والكاهنُ وكُلُّ مَنْ يقولُ: هذا وَحيُ الرّبِّ، أُعاقِبُهُ هوَ وأهلُ بَيتِهِ *
وأُلْحِقُ بِكُم عارًا أبديُا وخزْيًا دائِمًا لن يُنْسى(ارميا 23:-40-34)
وأيُّ نبيٍّ تكلَّمَ باَسْمي كلامًا زائدًا لم آمُرْهُ بهِ، أو تكلَّمَ باَسْمِ آلهةٍ أُخرى، فجزاؤُهُ القَتْلُ(تث 18:20)
.
.
جزاك الله خيرا مولانا
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على أشرف الخلق أجمعين سيدنا محمد عليه و على آله و صحبه أفضل الصلاة و أتم التسليم، ثم أما بعد.
نعم هناك عدد لا يحصى و لا يعد من التفاسير الخاصة بالكتاب الحكيم سواء منها ما يعد من أمهات الكتب مثل تفسير الطبري و تفسير ابن كثير وتفسير الجلالين وغيرهم و منها ما هو حديث أو معاصر مثل تفسير الظلال لسيد قطب و خواطر الشيخ الشعراوي و غيرهم. و تلك التفاسير مع تعددها عبر القرون لابد و حتماً لها أن تتحد في نقاط و تختلف في أخرى و هذا الاختلاف و التباين ليس و ليد اختلاف العصور و إنما هو نتاج تفاعل الفكر البشري مع تلك المعجزة الخالدة. و إن هذا الاختلاف في مجموعه لم و لا و لن يأتي بقول يخالف روح القرآن أو يتعارض في حقيقته مع باقي الكتاب - و إن حاول وتعمد صاحبه ذلك. و ذلكم في حد ذاته ما هو إلا دليل بيّن ٍ لكل ذي لب على إعجازية القرآن الكريم فلو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً. و لهذا فلو كان للقرآن الكريم تفسير واحد فقط لفقد الكثير من إعجازه. و ذلك ما سنوضحه في ما يلي ذكره.
من المعلوم أن لكل نبي مرسل كتاب منزل و معجزة يأتي بها النبي بإذن من الله من جنس ما برع فيه قومه إفصاحاً لهم عن صدق نبوته و إثباتاً أنه مرسل من ربه . فمن أشهر الكتب السماوية مثلاً التوراة لسيدنا موسى و كانت معجزته مع التوراة إبطال سحر سحرة فرعون و شق البحر و انفجار الماء من الحجر و تلاه سيدنا عيسى على حين فترة من الرسل بالإنجيل و كانت معجزته إبراء المرضى من أمراضهم بإذن الله و إحياء الموتي بإذن الله و إخباره عليه السلام لبني إسرائيل بما يأكلون و بما يدخرون في بيوتهم. أما المصطفى صلوات الله عليه و آله فإن كتابه و معجزته الأساسية - و ليست الوحيدة - هو القرآن الكريم. و لقد ظل القرآن الكريم و لم يزل قائماً متحدياً الإنس و الجن جميعاً أن يأتوا بمثله في إعجازه و بيانه.فكان القران هو الكتاب و المعجزة ذاتها و من دلائل إعجازه أن أهل الجاهلية قديماً شهدوا و أقروا له ببلاغته و هم من هم في البلاغة و الفصاحة و البيان و مع ذلك عجزوا كما عجز غيرهم عبر العصور أن يأتوا بكتاب مثله أو حتى بأن يأتوا بعشر سور من مثله . و لكن هل يكمن إعجاز كتاب الله العزيز في فصاحته و بلاغته فقط ؟!!! كلا. إنما تكمن إعجازية كتاب الله المنزل - فضلاً عما سبق - في صلاحيته لكل عصر و لكل مكان فضلاً عن ديناميكيته في التعامل مع كل ما يستجد من علوم عبر العصور مهما بلغ حد تطورها. و مما لا ريب فيه أن تصديق العلوم الحديثة لآي الذكر الحكيم لهو دليل صدق و برهان حق على أنه كتاب معجز منزل من لدن حكيم خبير. و من هذا المنطلق الإعجازي لكتاب الله ، تأتي حتمية تعدد التفاسير. و إلا فكيف تفسر حقائق القرآن التي لم يدركها العلم إلا في العصر الحالي؟ و كذلك كيف نفسر مكنون الحكمة في كتاب الله و فيه من الآيات و العبر ما لن يدركه العلم إلا بعد مئات و آلاف السنين؟ و مع هذا كله فقد يسر و سهل القرآن للذكر من ساعة نزوله و حتى قيام الساعة. و لم يستطع أحد ممن يعلم العربية سواء من المشككين أو غيرهم أن يرميه بالغموض و اللبس و إنما أقر الجميع بسلاسة أسلوبه و عذوبة منطقه. و تلكم هي عين البلاغة ورأس الحكمة و هي أن يعامل النص الناس بقدر عقولهم. و لكن هل معنى هذا أن تفاسير القرآن العظيم كلها لا تتفق في شئ فيما بينها و إنما تختلف كلياً من حين لآخر؟ كلا. و لتحليل الرد على هذا السؤال ، لا بد أن ننظر إلى تركيب آي القران الكريم. فآيات القرآن الكريم لها ثلاثة أصناف و هي:
1) الآيات التشريعية. و هي تلك الآيات التي تختص بأمور الشرع و العقيدة من حيث بيان الحلال و الحرام و التمييز بين الحق و الباطل وتفصيل أمور العبادات و المعاملات التي فرضها الله لعباده و شرعها لهم. و تلك الآيات فسرتها السنة المطهرة واجتمعت على معانيها و مدلولاتها و غاياتها شتى التفاسير و لن يستطيع أحد كائناً من كان مع اختلاف الزمان أو المكان أن يأتي بجديد على مقاصدها سواء بالإضافة أو بالحذف عبر العصور. فلا يمكن لمفسر ما أن يأتي بجديد في أي حكم من أحكام المواريث أو الطلاق أو الصوم أو الحج أو غيرها من العبادات و الفرائض. فتلك الآيات فهمها و تفسيرها توقيفي على ما أقره رسول الله صلى الله عليه وسلم و على ما ارتضاه الله لعباده و لا مجال فيها لتفسير أو تأويل بما يخالف ما أقر و ثبت عن رسول الله صلى الله عليه و سلم.
2) الآيات التقريرية. و هي الآيات التي أنزلت وفقاً لحركة الدعوة و نشر الإسلام و رداً على استفسارات و أسئلة السائلين سواء من المسلمين أو من غيرهم. وقد نزلت تلك الآيات أيضاَ بذكر حال الأمم و الرسل السابقة لبيان سنن الله في خلقه و لتثبيت قلوب و أفئدة المؤمنين. و تهدف تلكم الآيات إلى صياغة و تشكيل عقيدة و خلق و سلوكيات المسلم وفقاً لما ارتضاه الله لعباده. و تلكم الآيات أيضاً لا تختلف فيها التفاسير على تعددها. فالمعنى لتلك التفاسير هو معنى واحد و إن اختلفت ألفاظ تلكم المعاني. فكل تفسير قد يأتي بما يراه صاحبه أقرب و أسهل في إيصال المعنى المطلوب و التوضيح الحكمة الإلهية من تلك الآيات. و يتفق كافة المفسرين أن الأصل في تفسير هذه الآيات هو الاعتبار بعموم اللفظ و ليس بخصوص السبب. لذلك فإن الاختلاف في هذا الصنف - إن وجد – هو اختلاف ظاهري في ألفاظ التفسير و ليس اختلاف في المضمون أو المعنى.
3) الآيات الكونية. و هي تلك الآيات الإعجازية التي يختلف فهمنا لها من زمان لآخر و التي يضاف و يعمق فهمنا لها عبر تطور العلم. و الجدير بالذكر أن هذا الفهم المتطور لا يتناقض بين النص أبداً سواء في المعنى أو المدلول و إنما يوضح جانباً جديداً من جوانب إعجاز تلك الآيات. و المثال على ذلك رؤية المفسرين السابقين لمراحل خلق الإنسان و رؤية المفسرين المعاصرين لتك المراحل في ضوء العلم الحديث. و هناك مئات الشواهد والأمثلة التي يحفل بها القران من الآيات الإعجازية و التي يتعامل معها المختصون بالإعجاز العلمي في القرآن الكريم. و كما سبق أن ذكرت فإن تغير تفاسير الآيات الكونية لهو ضرورة حتمية لإعجاز القرآن الكريم و لصلاحيته لكل زمان و عصر. وهذا التغير لا يقدح أبداً في صدق ز حقيقة كتاب الله و إنما هو مثبت و مؤكد لها.
مما سبق ذكره، نجد سوياً أنه لا اختلاف جذري أو موضوعي يذكر في تفاسير الآيات الكونية أو التقريرية في كتاب الله العزيز، و إنما هو معنى واحد بألفاظ مختلفة هدفها التوضيح و البيان. و إن الاختلاف في فهم و تفسير الآيات الكونية لهو أمر ناتج عن إعجاز القران الكريم و إنه لأمر يضيف إلى عظمة القرآن و لا يأخذ منها شيء. و فقني الله و إياكم إلى حفظ كتاب الله و العمل بما فيه. و الله الموفق.
لو كان الحق غاية المكابرين، ما كفر إبليس.
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
المفضلات