السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إخواني الكرام :
شكر الله لكم مروركم وتعليقكم
و أريد أن أوضح أكثر في الموضوع لعلي بذلك أوضح قصدي مما كتبت 0
في سورة العنكبوت الآية 46

(
ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم و قولوا آمنا بلذي أنزل إلينا و أنزل إليكم و إلهنا و إلهكم واحد ونحن له مسلمون ) 0
وتعالوا بنا نعرج سريعا على بعض كتب التفسير :
في تفسير الحافظ إبن كثير جـ6 صـ182 يقول ـ رحمه الله ـ:
وقوله تعالى : (
إلا الذين ظلموا منهم ) أي : حادوا عن وجه الحق وعموا عن واضح المحجة وعاندوا وكابروا فحينئذ ينتقل من الجدال إلى الجلاد ويقاتلون بما يمنعهم و يردعهم ، قال الله عز و جل (
لقد أرسلنا رسلنا بالبينات و أنزلنا معهم الكتاب و الميزان ليقوم الناس بالقسط و أنزلنا الحديد فيه بأس شديد و منافع للناس و ليعلم الله من ينصره و رسله بالغيب إن الله قوي عزيز ) سورة الحديد آيه 25 0
قال جابر : أمرنا من خالف كتاب الله أن نضربه بالسيف 0
قال مجاهد : ( إلا الذين ظلموا منهم ) يعني أهل الحرب و من امنع منهم من أداء الجزية 0
وفي تفسير البيضاوي جـ2 صـ211 يقول ـ رحمه الله ـ :
(
ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن ) إلا بالخصلة التي هي أحسن كمعارضة الخشونة باللين و الغضب بالكظم والمشاغبة بالنصح 0
وفي تفسير الكشاف للزمخشري ـ رحمه الله ـ جـ3 صـ461 يقول :
مثل قول القاضي البيضاوي تماما ثم يقول : ( إلا الذين ظلموا منهم ) فأفرطوا في الاعتداء و العناد و لم يقبلوا النصح و لم ينفع فيهم الرفق فاستعملوا معهم الغلظة 0
و قيل : إلا الذين آذوا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ 0
و قيل : معناه و لا تجادلوا الداخلين في الذمة المؤدين للجزية إلا بالتي هي أحسن ، إلا الذين ظلموا فنيذوا الذمة و منعوا الجزية ، فإن أولئك مجادلتهم بالسيف 0
وفي التفسير الكبير للإمام الفخر الرازيجـ9 صـ63 يقول ـ رحمه الله : ـ
(
إلا الذين ظلموا منهم ) فيجادلون بالأخشن من تهجين مقالتهم وتبيين جهالتهم 0
وفي تفسير الجامع لأحكام القرآن للقرطبي جـ13صـ364 يقول ـ رحمه الله ـ : ـ
(
إلا الذين ظلموا منهم ) أي : جعلوا لله ولد 0
ثم قال بعدها :
قال مجاهد و سعيد بن جبير وقوله :
( إلا الذين ظلموا منهم ) معناه إلا الذين نصبوا للمؤمنين الحرب فجدالهم بالسيف حتى يؤمنوا أو يعطوا الجزية 0
و في تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان للإمام السعدي صـ694 يقول ـ رحمه الله :
( ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم و قولوا آمنا بلذي أنزل إلينا و أنزل إليكم و إلهنا و إلهكم واحد ونحن له مسلمون ) 0ينهى تعالى عن مجادلة أهل الكتاب إذا كانت عن غير بصيرة من المجادلة أو بغير قاعدة مرضية و أن لا يجادلوا إلا بالتي هي أحسن بحسن خلق و لطف و لين كلام و دعوة إلى الحق و تحسينه و رد الباطل و تهجينه بأقرب طريق موصل لذلك ، و أن لا يكون القصد منها مجرد المجادلة و المغالبة و حب العلو بل يكون القصد بيان الحق و هداية الخلق 0
:(
إلا الذين ظلموا منهم ) من أهل الكتاب بأن ظهر من قصد المجادل منهم و حاله أنه لا إرادة له في الحق و إنما يجادل على وجه المشاغبة و المغالة ، فهذا لا فائدة في جداله لأن المقصود منها ضائع 0
و في ظلال القرآن يقول الأستاذ سيد قطب ـ رحمه الله ـ جـ5 صـ2745 : ـ
و من ثم يكشف المسلمين عن مجادلة أهل الكتاب إلا بالحسنى ، لبيان حكمة مجيء الرسالة الجديدة ، و الكشف عما بينها و بين الرسالات قبلها من صلة ، و الإقتاع بضرورة الأخذ بالصورة الأخيرة من صور دعوة الله ، الموافقة لما قبلها من الدعوات ، المكملة لها وفق حكمة الله و علمه بحاجة البشر 0000
:(
إلا الذين ظلموا منهم ) فانحرفوا عن التوحيد الذي هو قاعدة العقيدة الباقية ، و أشركوا بالله و أخلوا بمنهجه في الحياة ، فهؤلاء لا جدال معهم و لا محاسنة ، وهؤلاء هم الذين حاربهم الإسلام عندما قامت له دولة في المدينة 0
النتيجـــــــــــــــــة : ـــــــــ
مما سبق ذكره يتضح لنا أن الأمر فيه تدرج على النحو التالي :
1 ـ الدعوة بالكلمة الطيبة واللين ، مع الصبر و معارضة الخشونة باللين و الغضب بالكظم والمشاغبة بالنصح كما قال البيضوي ـ رحمه الله ـ 0
2 ـ (
إلا الذين ظلموا منهم ) فيجادلون بالأخشن من تهجين مقالتهم وتبيين جهالتهم كما قال الفخر الرازي0 وذلك عندما يجهلون في القول مع التحفظ على السب و القذف 0
3 ـ (
إلا الذين ظلموا منهم ) بأن ظهر من قصد المجادل منهم و حاله أنه لا إرادة له في الحق و إنما يجادل على وجه المشاغبة و المغالة ، فهذا لا فائدة في جداله لأن المقصود منها ضائع كما قال السعدي 0
ويكون الاتجاه في هذه الحالة : كما قال مجاهد و سعيد بن جبير وقوله :
(
إلا الذين ظلموا منهم ) معناه إلا الذين نصبوا للمؤمنين الحرب فجدالهم بالسيف حتى يؤمنوا أو يعطوا الجزية 0
ولعل بهذه النتيجة نعرف أن كلام المفسرين في قوله سبحانه : (
إلا الذين ظلموا منهم ) لا يعطي دلالة من قريب و لا من بعيد على السب والشتم والقذف فأين نحن من كلام رسول الله ـ صلى الله عليه : (
ليس المؤمن بالسباب و اللعان و لا المتفحش و لا البذيء )
وهذا والله مع إدراك كامل بالواقع وما يقوله أخي الكريم ( السيف البتار ) من سبهم واستهزائهم ، و و و و 00000000
و لكن نفرق إخواني بين مقام المناظرة و المجادلة و مقام الانتصار للنفس و الحمية ضد من يشتمني ، أليس كذلك 0
فإن تعريف الجدل هو : ــ
الجدل لغة :
هو مقابلة الحجة بالحجة 0
و المجادلة : المناظرة و المخاصمة 0
فأصل مادة المجادلة : المناظرة و المخاصمة و المراد به الجدل على الباطل 0
و أما الجدل في الاصطلاح : ــ
فهو الخصومة و المنازعة في البيان و الكلام لإلزام الخصم بإبطال مدعاه و إثبات دعوى المتكللم 0
و الجدل : منه المذموم و منه المحمود 0
أما المذموم فهو الجدال بالباطل والجدل من أجل الجدل 0
و أما الجدل المحمود : فهو المراد منه الوصول إلى الحق 0
والجدل المحمود هو الذي سار عليه جميع أنبياء الله تعالى والذين ورد ذكرهم في القرآن الكريم و الذين واجهوا أقوامهم بالكلمة الطيبة و الجدال بالتي هي أحسن على الرغم من مقابلة أقوامهم لهم بالتسفيه والسب و لكننا لم نجد نبيا واحدا قال لقومه لما قالوا له مجنون قال مثلا بل أنتم المجانين !!!!!!
بالعكس لطف بهم حتى تأتي نتيجة دعوته وثمرتها 0
أما المرحلة الأخيرة وهي القتال لمن أساء و ظلم من أهل الكتاب فلا يملكه إلا من كان في أرض معركة فعلية كفلسطين و العراق مثلا 0
حتى لا يفهم كلامي على معنى آخر 00
وكذلك لا أقصد من كلامي ما ورد في القرآن الكريم من التشبيه بالكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ، و كمثل الحمار يحمل أسفارا ، إن هم كالأنعم بل هم أضل ، و نكون قد ظلمنا الخرفان بنسبتهم إليهم فالخرفان يوحدون الواحد الديان 0
و لكن أقصد الكلام الذي يخدش ياء أخواتنا أو بناتنا أو أهاتنا مما لا يليق بالمسلم أن يهبط إليه ، وكذلك أقول لأخي السيف البتار هناك من الحجج القوية بالأخشن من القول ما تردع به أمثال من أساء 0
و جزاكم الله خيرا لتفاعلكم و في انتظار تعليقاتكم 0
والله الموفق
المفضلات