العلاقة مع الكفار

تقوم علاقة المسلم بالكافر على ثلاثة أركان مهمة، تُكَوِّنُ بمجموعها فلسفة علاقة المسلم بالكافر وما ينشأ عنها من مواقف وأحداث، وينبغي أن تبقى هذه الأصول الثلاثة في ذهن المسلم في كل تعاملاته وأثناء قراءته لجميع المسائل الفقهية المتعلقة بعلاقة المسلم بالكافر.
الركن الأول: الولاء والبراء
ومعنى الولاء: هو حُب الله ورسوله والصحابة والمؤمنين الموحدين ونصرتهم.
والبراء: هو بُغض من خالف الله ورسوله والصحابة والمؤمنين الموحدين، من الكافرين والمشركين والمنافقين.
فكل مؤمن موحد ملتزم للأوامر والنواهي الشرعية، تجب محبته وموالاته ونصرته . وكل من خالف ذلك وجب التقرب إلى الله تعالى ببغضه ومعاداته وجهاده بالقلب واللسان بحسب القدرة والإمكان وبقدر مخالفته.
والولاء والبراء أوثق عرى الإيمان، وقد أكد عليه الله تبارك وتعالى وحذر من التساهل فيه وحرم موالاة الكفار وشدد فيها، حتى إنه ليس في كتاب الله تعالى حكم فيه من الأدلة أكثر ولا أبين من هذا الحكم بعد وجوب التوحيد وتحريم ضده.
منزلة الولاء والبراء:
1. أنها جزء من معنى الشهادة (لا إله إلا الله) كلمة التوحيد، فالجزء الأول منها (لا إله) من معانيه البراء من كل ما يُعبد من دون الله، قال شيخ الإسلام ابن تيمية : "إن تحقيق شهادة أن لا إله إلا الله يقتضي أن لا يحب إلا لله ، ولا يبغض إلا لله ، ولا يواد إلا لله ، ولا يُعادي إلا لله ، وأن يحب ما أحبه الله، ويبغض ما أبغضه الله". (الفتاوى 8/327)
2. أنها شرط في الإيمان، كما قال تعالى: }تَرَى كَثِيرًا مِّنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَن سَخِطَ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ • وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِالله والنَّبِيِّ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاء وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ{.
3. أن هذه العقيدة أوثق عرى الإيمان ، لما روى أحمد في مسنده عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله". (رواه أحمد 30/488)
4. أنها سبب لتذوق حلاوة الإيمان ولذة اليقين لما جاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ثلاث من وجدهن وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يرجع إلى الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار". (البخاري 1/20 ومسلم 1/48)
5. أنه بتحقيق هذه العقيدة تنال ولاية الله، لما روى ابن عباس رضي الله عنهما قال : "من أحب في الله وأبغض في الله، ووالى في الله وعادى في الله، فإنما تنال ولاية الله بذلك". (المصنف 8/196)
مظاهر موالاة الكافرين:
وموالاة الكافرين وإن كانت قلبية إلا أنها تظهر في صور كثيرة ومنها:
التشبه بهم في اللباس والكلام والعادات.
الإقامة في بلادهم لغير حاجة ملحة .
اتخاذهم بطانة ومستشارين وأصدقاء خاصين.
مشاركتهم في أعيادهم الدينية وتهنئتهم وإعانتهم عليها وحضور احتفالاتها.
دوام الدفاع عنهم والثناء على ما هم فيه من تطور مع إهمال ذكر ضلالهم وكفرهم.
وغير ذلك من الصور وسيمر علينا ذكر لبعض المسائل المتعلقة بالعلاقة مع الكفار..
قال أبو الوفاء ابن عقيل: "إذا أردت أن تعلم محل الإسلام من أهل الزمان، فلا تنظر إلى زحامهم في أبواب الجوامع ، ولا ضجيجهم في الموقف بلبيك، وإنما انظر إلى مواطأتهم أعداء الشريعة".
تذكير:
1. الولاء والبراء أوثق عرى الإيمان.
2. الولاء والبراء عبادة قلبية تظهر في عديد من الصور العملية.
3. التساهل في مودة الكافرين وولايتهم قضية خطيرة } وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ {.
اللهم نصرك لغزة الذي وعدت
المفضلات