هل أمر القرآن بالإحسان في معاملة أهل الكتاب أم لا ؟! (الممتحنة 8).

قالوا : إن في القرآن تناقض بشأن معاملة أهل الكتاب – اليهود والنصارى- فتارة يأمر بالإحسان إليهم... وهذا من الآية التي تقول : لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (الممتحنة 8).

وتارة أخرى ينهى عن التقرب إليهم ...  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (المائدة51).

أليس هذا تناقضًا أيها المسلمون في معاملة المخالفين لكم ؟!


الرد على الشبهة


أولاً : إن الآية الأولى التي استشهد بها المعترضون تتحدث عن أهل الكتاب المسالمين الذين لا يحاربون المسلمين في دينهم.... هؤلاء لا يجازون إلا بالخير ، وهو البر والقسط ؛ أي العدل ؛ فالبر كلمة جامعة لكل معاني الخير ؛ فنحن مأمورون معهم بحسن المعالة وعدم ظلمهم....

أما الآية الثانية : في تتحدث عن كيفية معاملة المشركين حال الحروب ومن يساعدهم من المسلمين على حربهم ضد إخوانهم المسلمين ؛ فمن والى كافرًا على مسلم بالتأييد أو بالمشاركة في قتال ... فهو منهم ، كفار مثلهم بفعله هذا ...

يدعم ما سبق هو ما جاء في تفسير القرطبي : قوله تعالى: (ومن يتولهم منكم) أي : يعضدهم على المسلمين (فإنه منهم) بين تعالى أن حكمه كحكمهم ، وهو يمنع إثبات الميراث للمسلم من المرتد، وكان الذي تولاهم ابن أبي ثم هذا الحكم باق إلى يوم القيامة في قطع الموالاة، وقد قال تعالى: " ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار " [ هود: 113 ] وقال تعالى في " آل عمران ": " لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين " [ آل عمران: 28 ] وقال تعالى: " لا تتخذوا بطانة من دونكم " [ آل عمران: 118 ] وقد مضى القول فيه.
وقيل: إن معنى " بعضهم أولياء بعض " أي في النصرة " ومن يتولهم منكم فإنه منهم " شرط وجوابه، أي لأنه قد خالف الله تعالى ورسوله كما خالفوا، ووجبت معاداته كما وجبت معاداتهم، ووجبت له النار كما وجبت لهم، فصار منهم أي من أصحابهم . أهـ

وبهذا أكون قد نسفتُ الشبهة نسفًا - بفضل الله -.



ثانيًا : إن التناقض الحقيقي هو في الكتاب المقدس الذي يؤمن به المعترضون فنسب ليسوع أنه قال : "أحبوا أعدائكم " ، وتارة أخرى يقو ل :" أذبحوهم قدامي.... ".

جاء ما سبق جاء في الأتي :

أولاً : الأمر بمحبة الأعداء ؛ وذلك في إنجيل متى إصحاح 5 عدد 44 وأما أنا فأقول لكم أحبوا أعداءكم باركوا لاعنيكم أحسنوا إلى مبغضيكم وصلّوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم

ثانيًا : الأمر بذبح الأعداء المخالفين ؛ وذلك في إنجيل لوقا إصحاح 19 عدد 27 أما أعدائي أولئك الذين لم يريدوا أن املك عليهم فأتوا بهم إلى هنا واذبحوهم قدامي

ويبقى السؤال الذي يطرح نفسه هو : أليس هذا تناقضا أيها المعترضون ؟!



كتبه / أكرم حسن مرسي
الساعة العاشرة صباحا يوم الثلاثاء شهر 4