للمصحف العثماني في رسمه قواعد حصرها علماء الفن في ستة، هي:-
مزايا الرسم العثماني و فوائده:-
1- الأولى: الدلالة على القراءات المتنوعة في الكلمة الواحدة ما أمكن.
وذلك نحو "إن هذان لساحران" رسمت بدون نقط أو إعراب، فدلت على ذلك.
2- الثانية: إفادة المعاني المختلفة بطريقة ظاهرة، وذلك كقطع "أم" في "أم من يكون عليهم وكيلاً"، ووصلها في "أمّن يمشي"، وذلك ليفيد معنى الانقطاع في الأولى دون الثانية.
3- الثالثة: الدلالة على معنى خفي، كزيادة الياء في "بأييد"، إيماء لتعظيم قوة الله.
4- الرابعة: الدلالة على أصل الحركة مثل "سأوريكم"، أو أصل الحرف مثل "الصلوة".
5- الخامسة: إفادة بعض اللغات الفصيحة، كقوله "يوم يأتِ" بحذف الياء على لغة هذيل.
6- السادسة: حمل الناس على تلقي القرآن من صدور الثقات، ولا يتكلوا على الرسم.
و في ذلك مزيتان:-
إحداهما: التوثق من اللفظ والأداء حيث لا يتيقن من الرسم أياً كان شكله.
والثانية: اتصال السند برسول الله صلى الله عليه و سلم، وهذه خاصية للأمة المحمدية .
أما الجواب التفصيلي: فيكون ببيان التخريجات النحوية الصحيحة لقوله - تعالى -: {إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ} [طه: 63]
في هذه الآية الكريمة جملة قراءات، يمكن تفصيلها بما يلي:
1 - قرأ نافع وابن عامر، وأبو بكر، وحمزة والكسائي، وأبو جعفر، ويعقوب وخلف "إنّ هَذَان"، بتشديد " إنّ" و"هَذَانِ" بالألف وتخفيف النون .
2 - قرأ حفص، وعاصم في إحدى الروايتين، وابن محيصن، والزهري وإسماعيل بن قسطنطين، والخليل بن أحمد: "إنْ هَذَانِ لساحِران" بتخفيف نون "إنّ" وقرأ ابن كثير هذه القراءة مع تشديد نون " هذانّ "
3 - قرأ أبو عمرو " إنّ هَذَيْنِ لسَاحِران " بتشديد ( إنَّ ) ونصب ( هذين ) بالياء، وهي قراءة مروية عن الحسن وسعيد بن جبير، وإبراهيم النخعي، وعيسى بن عمر وعاصم الجحدري . وهذه القراءة لا إشكال فيها من جهة النحو، إلاَّ أنها لم تسلم من مآخذ بعض النحويين فالفراء يقول : " ولست أشتهي أنْ أخالف الكتاب، ويقول الزجاج :"فأما قراءة عيسى بن عمر، وأبي عمرو ابن العلاء فلا أجيزها؛ لأنها خلاف المصحف". وهذه القراءات الثلاث السابقة رواها الجماعة عن الأئمة.
4 - قرأ عبد الله بن مسعود: "وأَسَرُّوا النَّجْوَى أنْ هذانِ سَاحِران "، بفتح ألف (أن)، وتسكين نونها، و"ساحران" بغير لام ، وروي عنه: " إنْ ذانِ إلا ساحران ".
5 - وقرأت فرقة " إنْ ذانِ لسَاحِرانِ ".
6 - وفي قراءة عن أُبيّ بن كعب: " ما هَذَانِ إلاّ سَاحِران " ، وروي أيضاً عنه: " إنْ هذان لساحران ".
وهذا يتّسق اتساقاَ تامّاً مع الموقف ودلالاته، فالسحرة يحاولون جاهدين وبإصرار عجيب أن ينفوا عن موسى وهارون النبوة، ويثبتوا أنهما ساحران لا غير، وهذا ما تؤديه هاتان القراءتان.ويوافق هذا قراءة من قرأ :" إنْ هذان لساحران" بتقدير ( إنْ ) نافية، واللام بمعنى ( إلاّ )، ويكون المعنى عندئذ: ما هذان إلاّ ساحران.
أما الرأي القائل إن هذه القراءة جاءت على لغة لبعض العرب في إجراء المثنى بالألف رفعاً ونصباً وجراًّ، فلعله هو الأقرب إلى الصواب للأسباب الآتية:
أ- إن هذه اللغة كانت معروفة، وقد تكلم بها خلق كثير من العرب، فهي تنسب إلى عدّة قبائل فصيحة.
ب- إن لهذه اللغة وجهاً معتبراً في القياس، بل جعلها الفرّاء هي الأقيس، كما رأينا سابقاً.
ج- إن معظم النحويين والعلماء اطمأنوا لهذا الرأي، وتبنّوه.
د- سلامة هذا الرأي من المآخذ، والعلل القادحة، فلم نجد أحداً من العلماء أخذ عليه أيَّ مأخذ.
هـ- إن هذا الرأي يغنينا عن كثير من التخريجات، والتعسّف في التأويلات التي رأيناها في بعض الأقوال الأخرى.
أما ما زعمه بعضهم أن في المصحف لحناً أو خطأ من الكاتب، فإن ابن تيمية يبين بطلان هذا الزعم ويدحضه ويفنده، ويورد الأدلة الساطعة والبراهين الدامغة على بطلانه، فبعد أن أورد ذلك الزعم قال : "فإن هذا ممتنع لوجوه : منها تعدد المصاحف، واجتماع جماعة على كل مصحف، ثم وصول كل مصحف إلى بلد كبير، فيه كثير من الصحابة والتابعين، يقرؤون القرآن ويعتبرون ذلك بحفظهم، والإنسان إذا نسخ مصحفاً، غلط في بعضه، عرف غلطه بمخالفته حفظه القرآن وسائر المصاحف، فلو قدر أنه كتب كاتب مصحفا، ثم نسخ سائر الناس عنه، من غير اعتبار للأول، والثاني أمكن وقوع الغلط في هذا، وهنا كل مصحف إنما كتبه جماعة، ووقف عليه خلق عظيم ممن يحصل التواتر بأقل منهم، ولو قدر أن الصحيفة كان فيها لحن، فقد كتب منها جماعة، لا يكتبون إلا بلسان قريش، فكيف يتفقون كلهم على أن يكتبوا: " إن هذان " وهم يعلمون أن ذلك لحناً، لا يجوز في شيء من لغاتهم". ثم يورد قول ابن الأنباري : "حديث عثمان لا يصح، لأنه غير متصل، ومحال أن يؤخر عثمان شيئاً، ليصلحه من بعده".ثم يفصل ابن تيمية القول، ويزيده وضوحاً فيقول : "قلت: ومما يبين كذب ذلك أن عثمان لو قدر ذلك فيه، فإنما رأى ذلك في نسخة واحدة، فإما أن تكون جميع المصاحف اتفقت على الغلط، وعثمان قد رآه في جميعها وسكت، فهذا ممتنع عادة وشرعاً من الذين كتبوا، ومن عثمان، ثم من المسلمين الذين وصلت إليهم المصاحف، ورأوا ما فيها، وهم يحفظون القرآن، ويعلمون أن فيه لحناً لا يجوز في اللغة، فضلاً عن التلاوة، وكلهم يقر هذا المنكر لا يغيره أحد، فهذا مما يعلم بطلانه عادة، ويعلم من دين القوم الذي لا يجتمعون على ضلالة، بل يأمرون بكل معروف، وينهون عن كل منكر، أن يدعوا في كتاب الله منكراً لا يغيره أحد منهم، مع أنهم لا غرض لأحد منهم في ذلك. ولو قيل لعثمان مُر الكاتب أن يغيره، لكان تغييره من أسهل الأشياء عليه".ثم يجزم بخطأ هذا الزعم وبطلانه، فيقول : "فهذا ونحوه مما يوجب القطع بخطأ من زعم أن في المصحف لحناً أو غلطاً، وإن نقل ذلك عن بعض الناس، ممن ليس قوله حجة، فالخطأ جائز عليه، فيما قاله بخلاف الذين نقلوا ما في المصحف، وكتبوه وقرؤوه، فإن الغلط ممتنع عليهم في ذلك".ثم يقول من زعم أن الكاتب غلط، فهو الغالط غلطاً منكراً … فإن المصحف منقول بالتواتر، وقد كتبت عدة مصاحف، وكلها مكتوبة بالألف، فكيف يتصور هذا الغلط.ويتابع منكراً إنكاراً شديداً على من زعم وجود مثل هذا اللحن في القرآن، مورداً الأدلة الباهرة التي تزيل كل شك فيقول " وأيضاً فإن القراء إنما قرؤوا بما سمعوه من غيرهم، والمسلمون كانوا يقرؤون (سورة طه ) على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وهي من أول من نزل من القرآن، … وهي مكيّة باتفاق الناس. … فالصحابة لابد أنهم قد قرؤوا هذا الحرف. ومن الممتنع أن يكونوا كلهم قرؤوه بالياء، كأبي عمرو فإنه لو كان كذلك لم يقرأها أحد إلا بالياء، ولم تكتب إلا بالياء، فعلم أنهم أو غالبهم، كانوا يقرؤونها بالألف، كما قرأها الجمهور، وكان الصحابة بمكة والمدينة والشام والكوفة والبصرة، يقرؤون هذه السورة في الصلاة، وخارج الصلاة، ومنهم سمعها التابعون، ومن التابعين سمعها تابعوهم، فيمتنع أن يكون الصحابة كلهم قرؤوها بالياء، مع أن جمهور القراء لم يقرؤوها إلا بالألف، وهم أخذوا قراءتهم عن الصحابة، أو عن التابعين عن الصحابة، فهذا مما يعلم به قطعاً، أن عامة الصحابة، إنما قرؤوها بالألف، كما قرأ الجمهور، وكما هو مكتوب. ومن المناسب قبل أن نشرع في ذِكر تلك التخريجات النحوية أن نوضِّح القراءات الصحيحة المتواترة لهذه الآية ملخَّصة في الجدول التالي:
بسم الله الرحمن الرحيم
جزاك الله خيرا
لشيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى رسالة في هذا الموضوع وانظر ايضا مغني اللبيب لابن هشام
سَلامٌ مِنْ صَبا بَرَدى أَرَقُّ ....ودمعٌ لا يُكَفْكَفُ يا دمشقُ
ومَعْذِرَةَ اليراعةِ والقوافي .... جلاءُ الرِّزءِ عَنْ وَصْفٍ يُدَّقُ
وذكرى عن خواطرِها لقلبي .... إليكِ تلفّتٌ أَبداً وخَفْقُ
معلومات الموضوع
الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
المواضيع المتشابهه
-
بواسطة heshamzn في المنتدى شبهات حول القران الكريم
مشاركات: 12
آخر مشاركة: 24-07-2016, 10:20 AM
-
بواسطة khaled faried في المنتدى منتدى نصرانيات
مشاركات: 5
آخر مشاركة: 29-12-2013, 12:41 PM
-
بواسطة أبـو إبراهيم في المنتدى المنتدى العام
مشاركات: 2
آخر مشاركة: 27-02-2009, 12:01 PM
-
بواسطة أمـــة الله في المنتدى منتدى الأسرة والمجتمع
مشاركات: 12
آخر مشاركة: 10-12-2008, 12:09 AM
-
بواسطة ناصرالحق في المنتدى الرد على الأباطيل
مشاركات: 62
آخر مشاركة: 14-02-2007, 11:57 AM
الكلمات الدلالية لهذا الموضوع
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى

المفضلات