تفسير الإنجيل بالقرآن (13)

[سعيد رمضان على صالح]

تفسير الإنجيل بالقرآن (13)

رد الشبهات

أولا : شبهة مولد المسيح ، والمعجزات التى جرت على يديه:
يتعلق النصارى بشبهات واهية للتدليل على ألوهية السيد المسيح ، منها كونه مولود من غير والد .
والله سبحانه الذى خلق آدم من غير أب ولا أم ، وخلق حواء من ضلع آدم خلق المسيح من غير أب .
ولو كان ذلك مبررا ، لأن تنسب بنوة - نسب - المسيح لله ، لكان المبرر أقوى بكثير ، فى نسبة آدم ، إلى الله عز وجل ، أو الملائكة ، كما قال مشركى العرب فليس للملائكة أب ولا أم .
وإذا كانت الملائكة ، وآدم ، وحواء سابقين خلق المسيح ، وفى خلقهم إعجاز ليس فى البشر مثله ، فما الغرابة فى خلق المسيح ، بغير أب ؟
قال لى بعض النصارى ،القرآن يثبت أن المسيح خلق من روح الله ، قلت نعم روح يملكها الله ، فهو خالقها ، وليست هى جزء منه ، قال تعالى:
{ وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آَيَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء:91]
ونفس ما ذكره القرآن فى الروح التى خلق منها المسيح ، ذكرها فى شأن آدم ، فقال :{ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ } [الحجر:29]
وقال تعالى:{ إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آَدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ }[آل عمران:59]
فميلاد المسيح بهذه الطريقة ، فيه دلالة على القدرة الإلهية ، وليست دلالة على القدرة المسيحية .
ويقرر الإنجيل أنه لا مستحيل على الله سبحانه :
" قال يسوع : ما هو مستحيل عند الناس ممكن عند الله " (لوقا: 18-27)
ويقررأن الله قادر على أن يخلق من الصخور أولادا .
" فإنى أقول لكم إن الله قادر على أن يخلق من هذه الصخور أولادا لإبراهيم " (لوقا :8:3)
وبذلك تزول الشبهة ، لمن حكم عقله بغير عصبية جاهلية .
أما مسألة المعجزات ، فمعلوم أنه ما أرسل رسول إلا بمعجزة .
وقد قص علينا القرآن معجزات المسيح ، فقال عنه :{ وَرَسُولًا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ }[آل عمران:49].
لو أن المسيح فعل ما فعل بقدرته الذاتية لكان إلها ولا شك ، غير أن القرآن والإنجيل يبرهن على أنه فعل المعجزات بقدرة الله سبحانه .
وفى الآية السابقة دليل على ذلك .
ومن الإنجيل أدلة كثيرة ، منها:
" ليس فى وسعى أن أعمل شيئا مستقلا عن الآب . فأنا أحكم حسب ما أسمع من الآب وحكمى عادل ، لأنى لا أسعى إلى عمل ما أريد ، لكنى أعمل إرادة الذى أرسلنى " (يوحنا : 5-30)
ثم انظر إلى هذا الوضوح :
" فقال لهم يسوع : الحق أقول لكم : ليس فى وسع الابن أن يعمل شيئا مستقلا عن الآب " (يوحنا:5- 19)
هل يفهم النصارى ذلك " ليس فى وسع الابن أن يعمل .."
وكما أنه لا يعمل من عند نفسه ، فهو أيضا ليس له علم ذاتى مستقلا به
" فأجابهم يسوع ما أعلمه ليس منى بل من الذى أرسلنى " (يوحنا : 7-16)
وكلامه أيضا كما أمره الله .
" أنا لا أفعل شيئا من نفسى ، لكنى أتكلم تماما كما علمنى الآب "
( يوحنا :8-28)
فهل رأيتم ربا ، لا يعلم علما ذاتيا ، ولا يتكلم ، بدافع ذاتى ، ولا يعمل بقدرة ذاتية ؟؟؟؟
هل هذا إله ؟؟؟
يارب سبحانك ، كأن المسيح يجادل النصارى الآن ويفضح كذبهم !!!
بل أكثر من ذلك يقرر المسيح أن المجرمين يصنعون المعجزات أيضا .
فيقول: " كثيرون سيقولون لى فى اليوم الأخير : يارب يارب ، ألم نتنبأ باسمك ؟ ألم نطرد الأرواح الشريرة باسمك ؟ ألم نعمل عجائب كثيرة باسمك ؟ حينئذ سأقول لهم بوضوح : لم يسبق لى أن عرفتكم. ابتعدوا عنى يا فاعلى الشر" (متى :21:7-23)
والمسلمين والنصارى يصدقون بالمسيح الدجال الذى سيخرج فى آخر الزمان وسيأتى بالعجائب والغرائب.
وعليه فلا حجة عند النصارى أيضا ، باحتجاجهم بمعجزات المسيح تدليلا على ألوهيته.
وصل اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
وكتبه / سعيد رمضان على صالح