الفصل الرابع
تطور الصوفية وظهور الفلسفة الغنوصية
تطورت الصوفية حتى وصلت إلى الغلو, من البدع العملية إلى البدع القولية الإعتقادية, بعد أن دخلت عليها عناصر خارجية, وهي كأي تفرق يبدأ بسيطاً ساذجاً ثم ينتقل إلى التأصيل والتفريع ثم الإيغال في الضلال.
ويمكن تقسيم هذا التطور إلى ثلاث مراحل: أوائل الصوفية ومن مشى على طريقتهم ثم تقيد الصوفية بمصطلحات خاصة ثم دخول الفلسفة الغنوصية وظهور نظريات الاتحاد ووحدة الوجود.
هذه المراحل أو الطبقات( نعني بالطبقة هنا الذين يجمعهم منهج واحد وطريقة واحدة ولا نعني الجيل الواحد كما هو معروف في مصطلح المؤرخين من كتاب الطبقات ). ليست منفصلة عن بعضها وغير محددة بزمن معين وانتهت, بحيث أن كل مرحلة تسلم إلى المرحلة التي تليها, ولكن هذا التطور حصل في العصور الإسلامية فكان الغالب على بدايات التصوف عدم الغلو, ثم إن التصوف بلغ قمة الانحراف في القرن السابع على يد ابن عربي وابن الفارض وأمثالهما, وصوفية اليوم مزيج من الانحراف العملي والعلمي فلا يزال يوجد من يردد أقوال الغلاة عن علم وعن غير علم.
إن من أعلام المرحلة الأولى من هو في القرن الثالث كالجنيد (هو أبو القاسم الخزاز , أصله من نهاوند ومولده في بغداد, من أقواله : الطريق إلى الله مسدود على الخلق إلا على المقتفين آثار الرسول صلى الله عليه وسلم , تفقه على أبي ثور, توفي سنة 298ﻫ , انظر صفة الصفوة 2/416 ).
والسري السقطي ( هو السري بن المغلس خال الجنيد وأستاذه, يحب العزلة, تكلم في موضوع المحبة لا طمعاً في الجنة ولا خوفاً من النار, ومن أقواله قليل في سنة خير من كثير في بدعة.. توفي 253 ﻫ, انظر : طبقات الشعراني 1/74.).
ومنهم في القرن الرابع كأبي طالب المكي ( محمد بن عطية, كان رجلاً صالحاً, ذكر أحاديث في ( قوت القلوب ) لا أصل لها. بدَّعه الناس في بعض أقواله وهجروه توفي 386 ﻫ. انظر: البداية والنهاية 11/319 ).
وبداية القرن الخامس كأبي عبد الرحمن السلمي (محمد بن الحسين الأزدي السلمي , له عناية بأخبار الصوفية , صنف لهم تفسيراً على طريقتهم . قال عنه محمد بن يوسف القطان النيسابوري : لم يكن ثقة , وكان يضع للصوفية الأحاديث , وفي تفسيره أشياء لا تسوغ أصلاً , توفي سنة 412 ﻫ . انظر : سير أعلام النبلاء 17/247).
كما أنه ظهر مبكراً من يقول بالحلول كالحلاج.
ولكن هذا كان شاذاً بالنسبة لانتشار الغلو في القرون المتأخرة .
فالقصد أن هذا التقسيم هو للغالب على كل مرحلة .
عرف التصوف في بداياته بأنه رياضات نفسية ومجاهدات للطباع , وكسر لشهوات النفوس وتعذيب للجسد كي تصفو الروح , وإذا كان هذا الصفاء الروحي يأتي بدون تكلف عند السلف نتيجة التربية المتكاملة فنحن هنا بصدد تشدد وتكلف لحضور هذا الصفاء , وبصدد تنقير وتفتيش عن الإخلاص يصل إلى حد الوساوس , وسنرى من أقوالهم وأحوالهم ما يؤيد هذا .
قال الجنيد – ويسمونه سيد الطائفة - : " ما أخذنا التصوف عن القيل والقال بل عن الجوع وترك الدنيا وقطع المألوفات " ( سير أعلام النبلاء : 14/69).
ويصف معروف الكرخي نفسه فيقول : " كنت أصبح دهري كله صائماً , فإن دعيت إلى طعام أكلت ولم أقل إني صائم " ( صفة الصفوة : 2/32).
ويقول بشر الحافي ( هو بشر بن الحارث اشتغل بالعبادة واعتزل الناس , اثني عليه في عبادته وورعه ونسكه , وله أخوات ثلاث كن مثله توفي عام 227 ﻫ . انظر : سير أعلام النبلاء 10/41).: " إني لأشتهي شواء ورقاقاً منذ خمسين سنة ما صفا لي درهم " (صفوة الصفوة 2/329).
ويرى الجنيد عند شيخه السري السقطي خرف كوز مكسور فيسأله عن ذلك فيقول : أبردت لي ابنتي ماء في هذا الكوز ثم غلبتني عيني فرأيت جارية فسألتها لمن أنت ؟ فقالت : لمن لا يشرب الماء البارد وضربته بيدها فانكسر ( الكلاباذي : التعرف /155).
ويروي الجنيد عن بعض الكبراء أنه إذا نام ينادي : أتنام عني! إن نمت لأضربنك بالسياط , وحكى الغزالي عن سهل بن عبد الله أنه كان يقتات ورق النبق مرة , ويشجع الغزالي على السياحة في البراري بشرط التعود على أكل أعشاب البرية والصيد !؟
ومن آداب الصوفية عند أبي نصر السراج : ( إيثار الذل على العز , واستحباب الشدة على الرخاء )(اللمع /28).
ورتبوا أموراً لمن يريد الدخول معهم أو للمريد ومنها : اشتراط الخروج من المال كما يذكر القشيري في رسالته , وأن يقلل من غذائه بالتدريج شيئاً بعد شيء وأن يترك التزوج ما دام في سلوكه( الشاطبي : الاعتصام 1/214).
و أما أبو طالب المكي فيطلب من المريد ألا يزيد على رغيفين في اليوم والليلة ( تلبيس إبليس /141).
والجنيد يطلب من المريد ألا يشغل نفسه بالحديث ( ربما كان مقصوده الانتباه إلى تزكية النفس في بداية الطريق دون التعمق في مصطلحات الحديث وإلا فإن ترك الحديث يؤدي إلى الكفر ).
كل هذه الأمور تخالف التوسط والحنيفية السمحاء وتخالف ما كان علية الصحابة.
ومن ميزات هذه المرحلة :
استحداث ما يسمونه ( السماع ) وهو الاستماع إلى القصائد الزهدية المرققة , أو إلى قصائد ظاهرها الغزل ويقولون : نحن نقصد بها الرسول صلى الله عليه وسلم , ومنشدهم يسمونه ( القوّال ) ويستعمل الألحان المطربة .
بدأ الكلام عن كيان خاص مميز يسمى ( الصوفية ) وظهرت كلمات مثل ( طريقتنا ) و ( مذهبنا ) و ( علمنا) يقول الجنيد : " علمنا هذا مشتبك بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم "( ابن القيم : مدارج السالكين 3/142).
ويقول أبو سليمان الداراني : " إنه لتمر بقلبي النكتة من نكت القوم فلا أقبلها إلا بشاهدي عدل من الكتاب والسنة " ( المصدر السابق 3/142).فلماذا (علمنا) ولماذا ( من نكت القوم ) .
صنفت الكتب التي تجمع أخبار الزهد والزهاد وتخلط الصحيح بغير الصحيح وتتكلم عن خطرات النفوس والقلوب والدعوة إلى الفقر وتنقل عن أهل الكتاب , مثل كتب الحارث المحاسبي , وأبي طالب المكي في ( قوت القلوب ) , وصنف لهم أبو عبد الرحمن السلمي في التفسير , وأبو نعيم الأصفهاني في ( حلية الأولياء ) .
يقول ابن خلدون : " أصل طريقتهم محاسبة النفس والكلام في هذه الأذواق ثم ترقوا إلى التأليف في هذا الفن فألفوا في الورع والمحاسبة كما فعل القشيري في ( الرسالة ) وذلك بعد أن كانت الطريقة عبادة فقط " ( المقدمة /469).
ولنا على هذه المرحلة الملاحظات التالية :
هذا التعمق والتشدد في العبادات مع ترك المباحات لم يعهد عند السلف رضوان الله عليهم , وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل اللحم ويحب الحلوى ويستعذب له الماء البارد ( تلبيس إبليس / 151.).
ولم يأمر صلى الله عليه وسلم أحداً من أصحابه بالخروج عن ماله , والتشدد في الدين كدوام الصيام والقيام هو داء رهبان اليهود والنصارى ( الدهلوي : حجة الله البالغة /120).
وترك التزوج وإدامة الجوع فيه شبه بالتبتل الذي رده الرسول صلى الله عليه وسلم على بعض أصحابه , وبسبب هذه الرياضات فقد ابن عطاء الأدمي البغدادي عقله ثمانية عشر عاماً , وقال الذهبي معلقاً على ذلك : " ثبت الله علينا عقولنا فمن تسبب في زوال عقله بجوع ورياضة صعبة فقد عصى وأثم "( سير أعلام النبلاء : 14/153).
وأما السياحة في البراري فهي من السياحة المنهي عنها , وهي من الرهبانية المبتدعة , وكأنهم لم يسمعوا بالحديث الذي رواه أبو داود عن أبي أمامة أن رجلاً قال : يا رسول الله أئذن لي في السياحة , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن سياحة أمتي الجهاد في سبيل الله "( سنن أبو داود 3/5 كتاب الجهاد ).
يقول ابن تيمية : " وأما السياحة التي هي الخروج في البرية فليست من عمل هذه الأمة " ( ابن تيمية : اقتضاء الصراط المستقيم /105 وقد نقل كلام الإمام أحمد بن حنبل ).
وقول الإمام الذهبي : " الطريقة المثلي هي المحمدية , وهو الأخذ من الطيبات , وتناول الشهوات المباحة من غير إسراف , فلم يشرع لنا الرهبانية ولا الوصال ولا صوم الدهر والجوع أبو جاد الترهب "( سير أعلام النبلاء 12/89 ).
ويعني بكلمة ( أبو جاد ) البداية والمقدمة .
" وقد لُبِّس عليهم في ترك المال كله , وكانت مقاصدهم حسنة وأفعالهم خطأ والعجيب من الحارث المحاسبي والغزالي كيف حثوا على ذلك , وأما استشهاد الحارث بأن عبدا لرحمن بن عوف يوقف في عرصة القيامة بسبب مال كسبه من حلال فهذا خطأ وجهل بالعلم وقصة حبس ابن عوف غير صحيحة , ولم ينه الله عز وجل عن جمع المال وإنما النهي عن القصد بالجمع " ( تلبيس إبليس /180).
إن السلف عندما فهموا الإسلام فهماً صحيحاً لم يتعمقوا ويشددوا على أنفسهم , فهذا سيد التابعين سعيد بن المسيب يقول له مولاه برد : ما رأيت أحسن ما يصنع هؤلاء , قال سعيد : ما يصنعون ؟ قال : يصلي أحدهم الظهر ثم لا يزال صافاً رجليه يصلي حتى العصر , قال سعيد : ويحك يا برد, أما والله ما هي بالعبادة , تدري ما العبادة ؟ إنما العبادة التفكر في أمر الله والكف عن محارم الله( ابن سعد : الطبقات 5/135 ).
إن هذا الجسد مطية للنفس فإذا لم تعط هذه المطية حقها لم تستطع أن تحمل النفس بآمالها الكبيرة , ولكن عندما يحدث الزهد غير المشروع والتبتل والجوع وترك اللحم ,و الاقتصار على كسرة الخبز وشربة الماء و عندئذ تلزمه خطرات النفس ويسمع أشياء تتولد عن الجوع والسهر , وربما أدى به إلى أمراض نفسية , " والوصول إلى العبادة لا يكون إلا بالحياة الدنيا ولا سبيل إلى ذلك إلا بحفظ البدن ( الذريعة إلى مكارم الشريعة / 53 لراغب الأصفهاني ).
" ومجرد ترك الدنيا ليس في كتاب الله ولا سنة نبيه وما فيه ضرر في الدنيا مذموم إذا لم يكن نافعاً في الآخرة " ( ابن تيمية : الفتاوى 20/148 ).
إن الزهد الحقيقي هو الزهد في الدنيا حتى يستوي عنده ذهبها وترابها والزهد في مدح الناس أو ذمهم , فمن كان هكذا فهو من أطباء القلوب , فإن بدا منه ما يخالف الشريعة نَرُدَّ عليه بدعته ونضربها في وجهه ( أبجد العلوم : 2/ 374 للقنوجي نقلاً عن الشوكاني )..
وقد مدح الخليفة العباسي المنصور عمرو بن عبيد ألمعتزلي على زهده فعلق ابن كثير :
" الزهد لا يدل على صلاح فإن بعض الرهبان قد يكون عنده من الزهد مالا يطيقه عمرو ولا كثير من المسلمين "(البداية والنهاية : 10/80 ).
قد يظن العوام الذين يرون عبادة هؤلاء أنهم أفضل من الصحابة, لأنهم لم يسمعوا عن الصحابة أنهم كانوا يفعلون مثل هذا والناس يعجبون بالغرائب والتشدد , ولا يعلمون أن الشريعة جاءت بالطريق الأوسط الأعدل , وقلة العلم بالآثار والسنن هي التي أوصلت بعض هؤلاء الناس إلى التشدد , وظنوا أن القصد من الشريعة هو العمل ولذلك فلا داعي للعلم , وإذا كان من الصعب تكامل الشخصية الإسلامية على مستوى جيل من الناس كما وجد عند الصحابة فلا أقل من اقتفاء آثارهم ما أمكننا ذلك ولا نتطرف في ناحية دون أخرى .
إن السماع الذي استحدثوه هو الذي أنكره الشافعي رضي الله عنه عندما زار بغداد وقال : " خلفت ببغداد شيئاً يسمونه التغيير يصدون به الناس عن القرآن "( يقول ابن القيم : " فإذا كان هذا قول الشافعي في التغيير وهو شعر يزهد في الدنيا ولكنه ينشد بألحان فليت شعري ما يقول في سماع التغيير عنده تفلة في بحر . انظر : إغاثة اللهفان 1/239).
ويقول ابن تيمية : " وهذا حدث في أواخر المائة الثانية وكان أهله من خيار الصوفية "
( الاستقامة 1/297 ).
ويقول أيضاً: " وهذه القصائد الملحنة والاجتماع عليها لم يحضرها أكابر الشيوخ كالفضيل بن عياض وإبراهيم بن أدهم والكرخي , وقد حضرها طائفة منهم ثم تابوا وكان الجنيد لا يحضره في آخر عمره " (الفتاوى 11/534 , والمقصود بـ ( لا يحضره ) ما يسمى عند الصوفية بالسماع .).
قلنا أنه بدأ الكلام عن كيان خاص يسمى ( الصوفية ) وقد يقول معترض :
إذا كانت القضية قضية أسماء مستحدثة فقد حدث الانتساب إلى الفقه الشافعي والمالكية ... أو الانتساب إلى الحديث.
والجواب هو أنه إذا كانت الأسماء المستحدثة تنسب على علم شرعي يحبه الله ورسوله مثل تعلم الفقه والحديث , ولا يؤدي هذا الانتساب إلى تعصب حول شخص معين فلا مانع من ذلك " والانتساب قد يكون محموداً شرعاً مثل المهاجرون والأنصار وقد يكون مباحاً كالانتساب إلى القبائل والأمصار بقصد التعريف فقط , وقد يكون مكروهاً أو محرماً كالانتساب إلى ما يفضي إلى بدعة أو معصية " ( ابن تيمية : اقتضاء الصراط المستقيم /71 ).
إن الكتب التي صنفت في هذه الفترة والتي ذكرنا بعضاً منها , هذه الكتب كان للعلماء فيها رأي , قال ابن الجوزي عن كتاب ( قوت القلوب ) : ذكر فيه الأحاديث الباطلة والموضوعة وقال عن ( حلية الأولياء ) لأبي نعيم : لم يستح أن يذكر في الصوفية أبا بكر وعمر وعثمان وعلياً وسادات الصحابة ( تلبيس إبليس / 165 ).
وسئل أبو زرعة عن كتب المحاسبي فقال : إياك وهذه الكتب , فقيل له : في هذه عبرة , قال : من لم يكن له في كتاب الله عز وجل عبرة فليس له في هذه الكتب عبرة( نفس المصدر / 167.).
في هذه المرحلة المبكرة يبدو أن هناك تأثيراً للنصارى في تكون القناعات بتعذيب الجسد كي تصفو الروح .
روى أحمد بن أبي الحواري قصة لقائه براهب دير حرملة وقد سأله عن سبب رهبانيته فقال : البدن خلق من الأرض والروح خلقت من ملكوت السماء فإذا جاع بدنه وأعراه وأسهره نازع الروح إلى الموضع الذي خرج منه وإذا أطعمه وأراحه أخلد إلى الأرض وأحب الدنيا .
حدث أبي الحواري شيخه أبا سليمان الداراني بمقالة الراهب هذه فقال الشيخ "
( إنهم يصفون ) وكأنه أعجب بكلام الراهب ولذلك علق الذهبي عليه بقوله :
( الطريقة المثلي المحمدية ) ( سير أعلام النبلاء : 12/89.).
إن أهل هذه الطبقة من الصوفية صادقون في زهدهم وبعدهم عن الدنيا ولكن فيهم تعمق وتشدد ووساوس لم يأمر بها الشارع بل لا يحبها ونحن لا نستبعد أن يكون هناك من يريد إفساد عقائد المسلمين فإدخال العقائد الباطنية ويكون فعله هذا من وراء ستار كما أخذوا التشيع بالمعنى السياسي وأدخلوه في دهاليز الباطنية ( يقول رشيد رضا : " الذي أستنبطه من طول البحث والمقارنة أن أكثر الذين خالفوا نصوص الشريعة بأقوالهم وكتبهم من لابسي لباس التصوف هم باطنية في الحقيقة ثم قلدهم كثير من المسلمين وهم لا يعرفون أصلها " انظر : تاريخ الإمام 1/115 ).
ولذلك يبدر منهم أحياناً كلمات تجعلنا نتوقف عندها طويلاً كما يروى عن الجنيد أنه قال للشبلي : نحن حبرنا هذا العلم تحبيراً ثم خبأناه في السراديب فجئت أنت فأظهرته على رؤؤس الملأ "( الكلاباذي : التعرف / 145 ).
مع أن بعض العلماء يستبعدكلمات تنسب إليه مثل قوله ( انتهى عقل العقلاء إلى الحيرة )
يقول ابن تيمية : " فيه نظر , هل قاله؟ والجنيد الاستقامة غالبة عليه " ( منهج ابن تيمية رحمه الله في الجنيد وأمثاله من أوائل الصوفية هو الاعتذار عن بعض كلماتهم واستبعادها لما يرى من صدقهم في عبادتهم , وهذا منهج سديد حيث يغلب الاحتياط لدين المسلم حتى لا يقع في الرجال. ولكن عندما ننظر إلى مجموع ما نقل عن الجنيد ونظرائه فإن الأمر يختلف , فإن كثرة ما روي عنه تشجع على اعتباره من مؤسسي التصوف .).
هذه هي حال الطبقة الأولى فيها زهد مشروع خلط بغير المشروع مع أن أحوالهم في العبادة والأذكار والبعد عن الرياء أحوال عالية , ثم تطور الأمر بعد هذا بإدخال مصطلحات فيها حق وباطل أو تحتمل هذا وذاك وزاد الانحراف واتسعت الفرجة والبعد عن السنة.
المفضلات