الحقوق غير محفوظة
http://www.facebook.com/Asrar.Alquran

يقول تعالى:
1- قال يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي أستكبرت أم كنت من العالين * قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين ( ص 75 - 76)
2- قال ما منعك ألّا تسجد إذ أمرتك قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين ( الأعراف 12 )

بعد العصيان الذي ارتكبه إبليس بعدم السجود لآدم عليه السلام، يستجوبه الله تعالى وهو أعلم، حتى يتيح له الفرصة للتبرير أو ربما ليطلب المغفرة من الله على ما فعل. يأتي الاستجواب على مرحلتين، تزداد الحدة في الثانية على الأولى.

ففي الآية الأولى يخاطبه الله تعالى باسمه ( يا إبليس ) ، ويسأله إن كان هناك مانع منعه من السجود، بل ويعطيه احتمالات ليساعده في الإجابة، لعله يجيب بأحدها، ويعترف بذنبه ويطلب المغفرة من الله تعالى على ما فعل. لكن إجابة إبليس كانت: لا شيء مما ذكر، وعقب بقوله: أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين. ربما لم يفهم السؤال جيداً، بل واضح أنه لم يفهمه، لأنه نظر إلى آدم عليه السلام من منظور المادة التي خلق منها، وتجاهل أمراً أعظم من ذلك، هو أن الله تعالى خلقه بيديه! فهنا المحاسبة ليس فقط لأنه لم يسجد لشخص آدم عليه السلام، بل لأنه أيضاً لم يعظم أن الله تعالى خلقه بيديه.

أما في الآية الثانية فتزداد الحدة، فبعدما تبين من جحود إبليس وإنكاره، لم يخاطبه الله تعالى باسمه كما فعل في الآية الأولى، بل جاءت المساءلة مباشرة؛

( ما منعك ألّا تسجد إذ أمرتك ) دخول " لا " على الحرف المصدري " أن " هو للزيادة في التوكيد، وليس للنفي، كقوله تعالى: لا أقسم، فهو توكيد للقسم، وفي آخر سورة الحديد: لئلّا يعلم أهل الكتاب ... ، أي ليعلموا كل العلم ويتيقنوا بذلك. والأسلوب المستخدم في الآية الثانية، هو نفسه ما استخدمه موسى لتوبيخ هارون عليهما السلام: قال يا هارونُ ما منعك إذ رأيتهم ضلوا * ألا تتبعنِ أفعصيتَ أمري.

فالأسلوب في الآية الثانية أشد، وهو يتوافق مع ما ورد من قوله تعالى في الآية ( إذ أمرتُك ) فإن كان في الآية الأولى قد ذكّره أن آدم عليه السلام صنع يديه، فهو الآن يذكّره بما هو أعظم، أن ذلك كان أمراً من الله تعالى، وأنه كان عليه إطاعته بغض النظر عن اقتناعه أو عدم اقتناعه بالأمر، فالله تعالى يعلم ما لا يعلمه إبليس، وأن الأمور لا تقاس بمادياتها، هذا ممّ خُلق وذاك ممّ خُلق.

وكأن السؤال في الآية الآولى عن المانع، وفي الثانية عن الدافع، والسؤال عن الدافع أشد. وكأن السؤال في الآية الأولى لطلب الجواب، أما في الثانية فهو للتوبيخ، لأنه بالتأكيد مهما كان الدافع فلا ينفي تورط المتهم. ومع هذا في المرتين كانت الإجابة هي نفسها!! فهل هناك تكبر أكبر من هكذا تكبر؟!!