موزة النصر الله... والشيخ الغزالي
محمد العوضي
السبت 09 ابريل 2011
قبل أيام طوى الموت صفحات طويلة من العطاء والخير لمرأة من الرعيل الأول، انها موزة يوسف النصر الله، عن عمر يناهز (76) عاما بعد ان كابدت مرض السرطان خلال الثلاث سنوات الأخيرة.
امرأة خيرة بدأت وإخوتها ببناء مساجد متشابهة وبمقاول واحد في عدد من المناطق مطلع الثمانينات منها مسجدها في صباح السالم الذي كان ومازال منارة للخير والعمل الاجتماعي والتوعوي.
> لجنة صباح السالم للزكاة والخيرات اتخذت من المسجد مقرا لها وارتبط الاسم بالاغاثة والخير ومساعدة المحتاجين.
> كانت تحرص قبل الغزو ان تشرف على نواقص المسجد بنفسها وتكملها على وجه السرعة، في مرة من المرات زارت المسجد فعلمت ان مستخدم المسجد (عامل النظافة) لا توجد لديه ثلاجة فما كان منها الا ان وفرت له ثلاجة في أقل من 24 ساعة.
< كانت تملأ فراغ شباب المنطقة فتدعم أي نشاط يشغلهم بالخير كدعمها لشباب المسجد الذي يقوم برحلات العمرة وغير ذلك.
> إضافة الى الاعتكاف في هذا المسجد بدأ من منتصف الثمانينات ولم يتوقف حتى هذه اللحظة والدروس والحلقات مستمرة للناشئة، فأهل الحي يحسون ان مسجدها مركز لجمع الشمل والتواصل والتراحم.
> حرصت خلال السنتين الأخيرتين على تطوير المسجد عبر وزارة الأوقاف نظرا لتقادم المسجد.
> دعمها للخير لم يتوقف بل توسع أكثر ليشمل بعض المشاريع التوعوية الهادفة مثل «ركاز» الذي أشرف عليه بنفسي.
> ان نسيت فلن أنسى ابن أختها حمد فيصل الملا الذي لازمها طوال فترة علاجها وكان قريبا منها وضحى بالكثير من متطلبات حياته في سبيل بر خالته الراحلة موزة النصر الله.
كم من الاعطيات والهبات والخيرات خرجت من هذا المسجد للمكروبين والمحتاجين، كم من الختمات القرآنية ختمت في هذا المسجد، كم من إفطار صائم وأنشطة كبيرة أقيمت في هذا المسجد، رحم الله موزة النصر الله على هذا الجهاد النسوي العظيم.
قارنت هذه التضحيات لنساء عظيمات وكبيرات في همومهن وإنجازاتهن، وبين تلك النساء اللاتي لا يخلو منهن مجتمع همومهن محصورة في آخر الموضوعات وحب التفرد ولفت الانظار في ما يستهلكنه بجدارة ما تصدره لنا باريس... جمعني قبل أشهر مجلس مع رجل شديد الصلة بحكم موقعه السياسي والاقتصادي من هذه الشريحة المخملية المترفة يقول لي تكلم عن النساء الغنيات الدنيويات فلقد سئمت أذني لمدة ساعتين وأنا في مجلس (منتزه في أوروبا) تتحاور فيه هذه النسوة وكل خلافهن وحوارهن عبارة عن تنافس واستعراض لأسعار الشنط (الماركات) والمجوهرات التي ترصع صدورهن والساعات فكل واحدة تتحدى الاخرى بأن ممتلكاتها أرقى وأغلى، وعمري ما سمعت لهن حوارا عن الشأن العام عن المصير المشترك أو الاصلاح السياسي والاجتماعي في البلاد... نساء خارج الزمن.
أخيرا فإن موزة النصر الله رحمها الله ذكرتني بمقال كتبه الشيخ الداعية الكبير محمد الغزالي تحت عنوان «امرأة بألف رجل» في كتابه «قضايا المرأة بين التقاليد الراكدة والوافدة» وسرد طرفا من انجازات (الخازندارة) المصرية التي بنت دورا للأيتام واستودعت مالها وجاهدت في سبيله بتقديم الدواء للمرضى والزاد للجياع، والعلم لطلابه، وقال الغزالي انه احد خريجي الكليات الأزهرية التي بنتها (الخازندارة) بالمال الذي أوقفته لطلب العلم... فكم من طالب علم ومستفيد تخرج في مساجد موزة النصر الله وإخوتها... بوركت الجهود لمرأة بألف رجل وبآلاف النساء.

المفضلات