بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الإسلام يطرق باب أوروبا
عبدالله الحكيم
في الأسبوع الماضي أو ربما الذي قبله بحسب تواريخ النشر لأنني أكتب في زمن غير زمن النشر.. أتيح لي تصفح عشرات الكتب التي تتناول آخر فضاءات التماس بين الجاليات الإسلامية ممثلة في تجمعاتها وروابطها الاجتماعية وأفكارها أيضا بتوابع جغرافية تطال الدول الثلاث الأهم في أوروبا وهي على التوالي: بريطانيا، فرنسا وألمانيا، ناهيك عن أمريكا.. إذ للمجتمع الأمريكي قصة أخرى.
المفكرون جميعا يختلفون في طروحاتهم ولكنهم يلتقون عند نقطة واحدة ومرجعية واحدة وهي أن شيئا ما في غضون السنوات التالية للوجود الإسلامي في أوروبا سوف يدخل مرحلة مخاض جديدة من نوعه.. وللواقع فهم يعبرون عن مواقفهم باستخدام فعل ينفجر ولكنني لا اؤيد استخدام فعل على هكذا نحو وإن كان الفعل يمكن إدراجه في ذاكرة فعل الانتشار الفكري أو تحقيق معدلات الاستقطاب الديني.
معظم تلك الكتب والأطروحات باستثناء القليل منها نتاج أفكار وتصورات وتكهنات لكتاب ومفكرين وفلاسفة من الغرب نفسه، وجميع هذه الكتب وبغض النظر عن أسانيدها واقعية ومحل بحث، وربما تكون محل مراقبة من جانب مراكز الدراسات الاستراتيجية هناك.
تلك الكتب أهمها كتاب «أوروبا في مواجهة الجهاديين»، والخيار الأوروبي بحسب مرجعيات مفكريه من الداخل بات واضحا بين فكي كماشة فإما الحرية أو الإرهاب، وهذا ملخص مفكر أمريكي اسمه رسل بيرمان.. وأما الكتاب الثاني فاسمه «الإرهاب الكيموكازي» ويقصد من خلاله المؤلف أن مشروع الانتحار الإرهابي سوف يهز أوروبا عاجلا أو آجلا لا محالة، ومؤلف «الإرهاب الانتحاري» اسمه رافائيل اسرئيلي وهو يقصد بحسب قراءتي للكتاب من باب المراجعة الصحافية أن الظاهرة الإسلامية في أوروبا اليوم معناها التأريخ لغزو إسلامي بنسخته الثالثة.. تلك هي أفكار المؤلف رافائيل اسرئيلي.. وطبعا عبارة النسخة الثالثة للغزو الإسلامي معناها اختراق الذاكرة الأوروبية، فقد سبق للمسلمين وجود في أسبانيا امتد لثمانية قرون ووجود آخر إبان الدولة العثمانية.. والمؤرخون الأوروبيون طبعا يتفقون على أن معركة فيينا حيث البيرق العثماني لا زال موجودا الآن في متحف فيينا إثر فشل العثمانيين في اجتياح النمسا، ــ وشخصيا شاهدته ذات مرة في المتحف نفسه ــ كانت الفيصل الأخير لوقف الاختراق العسكري الثاني.
هنا فقط يقرع المؤلف رافائيل اسرئيلي جرسا تاريخيا كبيرا من نوعه مستخدما الفكر من باب التحريض المعنوي لأوروبا باتخاذ الإجراء الوقائي المناسب قبل فوات الأوان.. وأما الكتاب الثالث أو الرابع فهو لبروفيسور طارق رمضان، أستاذ الفلسفة السابق في كلية جنيف وأستاذ الدراسات الإسلامية وهو ليس أي رمضان وإنما هذا الشخص - يكفينا من خلال كتابه صورة الغلاف فقط لا غير تكفي - إذ وضع على الغلاف أوروبيا مسلما يدعو الله وصورة الغلاف فقط تهز المشاعر، ففي كتابه عن المسلمين والغرب يتناول البروفيسور المواطن الأوروبي مسلما ومتمسكا بعقيدة الإسلام بوصفه فصيلا إسلاميا مستقلا داخل أوروبا.
وطبعا هناك عشرات وعشرات الكتب الأخرى ويفترض في قيام مراكز عربية بترجمة الأهم فالأهم، فإذا كانت المواضيع التي تدخل في هذا الباب تزيد على بضعة آلاف كتاب منذ بداية عام ألفين إلى الآن، وبصراحة أستحي القول إنها تتجاوز ستة آلاف كتاب، وهي تتجه من غير مواربة إلى أن أوروبا تمر بمرحلة مخاض جديد من نوعه وقد ساهمت التقنيات المعلوماتية في انتشار الإسلام بنسخته الثالثة فعلا بحسب نظرية المؤلف اسرئيلي، فأوروبا اليوم لا تستطيع طرد الجيل الجديد لأنه أوروبي الجنسية والجذور فعلا، ومن الصعب على قوانينها أيضا أن تلقي القبض عليهم وتلقيهم في السجون. ويكفينا مطالبة أحد الإنجليز من أصول اثيوبية الحكومة البريطانبة بمبالغ كبيرة مقابل تعويضه عن المواجع التي تسببت استخباراتها الرائعة له في معتقلات جوانتانامو وإلا سوف يشكوهم جميعا إلى القضاء وللواقع خضعت الحكومة لمطالب المواطن وخافوا لأنه لازال يوجد في الدستور البريطاني أخلاق تؤيد حقوق الإنسان. فماذا تفعل أوروبا عندما يسير ملايين المسلمين ولو كان ذلك من باب الإعلان عن وجودهم مواطنين مسلمين..
وملخص الأفكار جميعا إن الإسلام اليوم يطرق أبواب أوروبا.. هذه هي الحقيقة وتلك هي الإفادة الرائعة بغير تطرف ولا عنف ولا هم يحزنون.
hakeam@hotmail.com
صحيفة عكاظ - السبت 21/12/1431 هـ - العدد : 3450

المفضلات