الإسلام وضع شروطا لعقوبات الضرب
علماء التربية الإسلامية يؤكدون:
الإسلام وضع شروطا لعقوبات
الضرب ولم يتركها لأهواء المربين
تعتبر مرحلة الطفولة من أهم مراحل الإنسان وأطولها عهدا، وتكمن أهمية تلك المرحلة في كونها ليست مرحلة إعداد للحياة المستقبلية فحسب، وإنما أيضا مرحلة لنمو الفرد من جميع نواحيه، في ضوء ما يتلقاه من رعاية وتنشئة اجتماعية وما يكتسبه من خبرات في تلك المرحلة.
وفي ضوء هذا يأتي دور الوالدين الكبير في تنشئة الطفل، فهما اللذان يوفران له الرعاية الصحية والاجتماعية والنفسية، مع الأخذ بوسائل الضبط المناسبة، ولكن في غياب الوعي وعدم الإدراك لخطورة التربية الخاطئة والقاسية على الطفل ـ يسيء بعض الآباء لأطفالهم فيستخدمون ألوانا من العقاب البدني تتدرج من الضرب إلى إحداث بعض الإصابات، وتقدر الإحصاءات أن الأطفال الذين يموتون كنتيجة مباشرة للإساءة الجسمية والإهمال تتراوح أعدادهم من 2000 إلى 5000 سنويا.
ولهذا نحذر في هذا التحقيق من العقوبة القاسية للطفل، ونتساءل: هل الضرب وسيلة تربوية سليمة؟
ليس الأسلوب الوحيد
يرى د. سبوك ـ عالم النفس والتربية ـ في كتابه " حديث إلى الأمهات " أننا عندما نفشل في تعليم الابن قواعد السلوك بكل الطرق، علينا أن نلجأ إلى العقاب، لكني أؤمن بأنه لا عقاب إلا على ذنب، ولا عقاب بدون مناقشة سابقة مع الابن لكل نواحي الموضوع الذي يعاقب عليه، وأعتقد أننا غالبا ما نجد الطفل يقتنع دون عقاب، نعم، إنني أكره إهانة إنسانية الطفل، ولذلك لا أحب العقاب، وخصوصا الضرب.
إن مسألة العقاب تشغل مكانا لا بأس به في تفكير عدد كبير من الناس، وهي تدل على أنهم لا يفهمون تماما كل جوانب تربية الطفل، لأن الوقوف عند نقطة واحدة والتركيز عليها هو إحساس منا بالعجز عن التعامل مع الطفل، وإن ضرب الابن ليس هو الطريق الوحيد للتربية، لأننا عندما نحاول أن نسترجع ذكرياتنا عن أسلوب التربية الذي تعامل به آباؤنا معنا أو تعامل به آباء الأصدقاء معهم، سنجد أن بعض الذين كانوا يتلقون ألوان العقاب المختلفة فشلوا في حياتهم، والبعض نجح في حياته.
وسنجد أيضا أن الذين لم يعاقبهم آباؤهم قد نجح البعض، وفشل البعض الآخر، و هكذا، فالعقاب ليس هو أسلوب التربية الوحيد، إن أساس التربية المهم للغاية هو الذين يجعل الابن مهذبا يجيد التصرف في المواقف المختلفة، والتجربة الأساسية للتربية السليمة هي حب الأبوين للابن، ومقدار التفاني الذي يبذله كل منهما من أجله، ورغبة كل منهما العميقة في نجاحه والاغتباط الكبير بمميزاته الحسنة، إن دفء حب الأبوين هو الذي يغرس في الطفل حبه للآخرين وحب الآخرين له.
التربية علم وحلم
يبدأ د. عبد الغني عكاشة ـ الخبير بمركز التقويم التربوي ـ كلامه بتوضيح مسألة هامة، وهي أن دور الآباء هو تعليم الطفل حتى يصبح نبتة صالحة في المجتمع، والمعلم لابد أن يتصف بالعلم والحلم ولا يصبح مجرد جلاد، فعملية التعلم تأخذ وقتا حتى يتشرب الطفل بالتوجهات والقيم المرغوبة، وحتى تتم عملية التربية بطريقة صحيحة هناك عدة خطوات:
ـ لابد أن يمسك الآباء بميزان الثواب والعقاب، فكلما نجح الطفل في تعلم شيء ـ ولو صغيرا ـ لابد من الإثابة، حتى نعزز هذا السلوك عند الطفل، وعندما يخطئ يعاقب.
ـ استيعاب الوالدين لمبدأ أن عملية التعلم تأخذ وقتا، فلابد من الصبر والتدرج مع الطفل حتى يكتسب السلوك المطلوب، فمثلا عندما يبدأ الطفل تعلم المشي يبدأ بالحبو، ثم الوقوف، وخطوة خطوة حتى يتعلم المشي، وهكذا يتم تعلم المهارات الأخرى التي تحتاج لدرجة من التدريب حتى يتعود الطاعة والتكيف مع المجتمع.
ـ لابد من المتابعة والتوجيه والقدوة، فمثلا حين أعل م الطفل أن يبدأ طعامه بالتسمية، فلابد أن أفعل هذا أمامه، فأسمى الله قبل كل طعام، وكذلك أوجهه ليقول، وأتابعه كل مرة حتى يصبح عادة فيه، أما أن أقول مرة وأخرى لا، أو أنسى توجيهه في كل مرة، فلن يتشرب بالسلوك المطلوب.
ويجب ألا يتسرع الأبوان في تعليم الطفل، لأن تعجيل التعلم يكون على حساب الأداء أو الاتقان.
ـ العقاب لا يكون من أول مرة، لأن الأمر غير المرغوب فيه ـ الذي أمنع الطفل عنه ـ قد يكون مثيرا بالنسبة له، ولا يستطيع بسهولة مقاومته، ولهذا لابد أن أعطيه درجة من درجات التسامح، وأنبهه إلى أنه أخطأ في الأولى والثانية والمرة القادمة هناك عقاب، والعقاب مطلوب إذا كرر الخطأ.
اللهم نصرك لغزة الذي وعدت
المفضلات