


التعقيب الثلاثون
في صفحة 160 خلط بين علم الكلام والفلسفة وانتقد شيخ الإسلام ابن تيمية حيث أجاز مناظرة المتكلمين بمثل مصطلحاتهم مع أنه ينكر على الغزالي انشغاله بالفلسفة ، وكأنه لا يدري أن علم الكلام غير الفلسفة وأن بينهما فرقا واضحا ، وقد انتقد شيخ الإسلام أيضا في صفحة 162 ، 163 من ناحية أنه يحذر من الإقبال على علم الكلام والمنطق وهو قد تضلع فيهما وناظر بهما .
والجواب عن ذلك أنه رحمه الله يحذر من الاشتغال بذلك من هم على غير مستوى علمي جيد يمكنهم من التخلص من أضرار علم الكلام ولأن ذلك يشغل عن تعلم الكتاب والسنة ، فأي انتقاد يوجه إليه في ذلك إلا من صاحب هوى وحقد . ثم إن الشيخ رحمه الله لا ينكر على من تعلم علم الكلام والمنطق من أجل الرد على المضللين وقتلهم بسلاحهم وإنما ينكر على من تعلمهما بغير هذا القصد .



التعقيب الواحد والثلاثون
من صفحة 164 حتى صفحة 188 شن هجوما مسلحا على شيخ الإسلام ابن تيمية واتهمه أنه قال بقول الفلاسفة حينما قال إن الحوادث قديمة النوع حادثة الآحاد .
وهذه المسألة قد شنع بها خصوم شيخ الإسلام ابن تيمية عليه قديما وحديثا وقالوا إنه يقول بحوادث لا أول لها .
والدكتور في هذا الكتاب اتخذ من هذه المسألة متنفسا ينفث من خلاله ما في صدره من حقد على شيخ الإسلام ابن تيمية لأنه شيخ السلفيين الذين يضايقونه في هذا الزمان -
ولكن والحمد لله ليس له في هذه المسألة ولا للذين سبقوه أي مدخل على الشيخ وسيرده الله بغيظه لم ينل خيرا كما رد الذين من قبله . فإن مراد الشيخ رحمه الله أن أفعال الله سبحانه ليس لها بداية لأنه الأول الذي ليس قبله شيء - .
( قال رحمه الله : والتسلسل الواجب ما دل عليه الشرع من دوام أفعال الرب تعالى في الأبد فكل فعل مسبوق بفعل آخر فهذا واجب في كلامه فإنه لم يزل متكلما إذا شاء ولم تحدث له صفة الكلام في وقت ، وهكذا أفعاله هي من لوازم حياته فإن كل حي فعال ، والفرق بين الحي والميت الفعل ، ولم يكن ربنا تعالى قط في وقت من الأوقات معطلا عن كماله من الكلام والإرادة والفعل - إلى أن قال : ولا يلزم من هذا أنه لم يزل الخلق معه فإنه سبحانه متقدم على كل فرد من مخلوقاته تقدما لا أول له ، فلكل مخلوق أول والخالق سبحانه لا أول له فهو وحده الخالق وكل ما سواه مخلوق كائن بعد أن لم يكن - إلى أن قال : والمقصود أن الذي دل عليه الشرع والعقل أن كل ما سوى الله تعالى محدث كائن بعد أن لم يكن ) ا . هـ .
أما كون الرب تعالى لم يزل معطلا عن الفعل ثم فعل فليس في الشرع ولا في العقل ما يثبته بل كلاهما يدل على نقيضه - هذه خلاصة ما يراه الشيخ في هذه المسألة وهل في ذلك ما يشنع به عليه كما يظنه الدكتور وأضرابه لولا أنه الهوى والحقد أو الجهل والغفلة ، فإن بين ما قاله الشيخ في هذه المسألة وبين قول الفلاسفة - فروقا واضحة هي الفروق بين الحق والباطل والكفر والإيمان .



التعقيب الثاني والثلاثون
في صفحة 191 - 192 يؤيد عقد حلقات الصوفية التي يسمونها حلق الذكر ويزعم أنه ليس هناك ما يمنع من إقامتها ويقول إن الذكر مشروع .
ونحن نجيبه عن ذلك ونقول له : الذكر لا شك أنه مشروع لكن على الصفة الواردة في الكتاب والسنة ، أما إحداث هيئة للذكر لا دليل عليها كالذكر الجماعي أو الأوراد الصوفية التي ليس عليها دليل أو ربما يشوبها شيء من الألفاظ الشركية فهذه لاشك أنها بدعة ، وأن الذين يقيمونها مبتدعة داخلون في قوله صلى الله عليه وسلم : صحيح البخاري الصلح (2550),صحيح مسلم الأقضية (1718),سنن أبو داود السنة (4606),سنن ابن ماجه المقدمة (14),مسند أحمد بن حنبل (6/256).
من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد والشيء قد يكون مشروعا في أصله لكن الصفة التي يؤدى بها إذا لم يكن عليها دليل فهي بدعة . وقد أنكر عبد الله بن مسعود رضي الله عنه على الذين يجتمعون في مسجد الكوفة وفيهم رجل يقول : سبحوا مائة . كبروا مائة . هللوا مائة ، لأن هذه الصفة ليست من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم .



التعقيب الثالث والثلاثون
في صفحة 193 - 195 ، شنع على الذين ينكرون ذكر الله بالاسم المفرد ( الله ) ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية فإنه وجه إليه قذائف غضبه ولم يصغ إلى حجج المذكورين ومنها أن ذكر الله بالاسم المفرد لم يرد في الكتاب ولا في السنة ولا في هدي السلف الصالح علاوة على أنه لا يفيد شيئا . لأن الاسم المفرد لا يأتي بفائدة حتى يتركب مع جملة مفيدة ، وما يزعمه الدكتور أن ذكر الله بالاسم المفرد يدخل في قوله تعالى : سورة الإنسان الآية 25 وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا
فنحن نسأله ونريد منه الصدق في الجواب دون مراوغة ،
هل ورد في سنة من أمره الله بهذا الأمر وهو الرسول صلى الله عليه وسلم أنه ذكر الله بالاسم المفرد إذ لا شك أن سنته تفسر القرآن ، أو أن هذا من محدثات الصوفية وفهمهم السقيم ، وكثيرا ما يكرر الدكتور أن المخالف في هذه المسألة وغيرها لا يضلل ونحن نقول له : إن المخالف لا يضلل إذا كان لمخالفته مأخذ من النصوص الشرعية : أما إذا كانت مخالفته ليس لها مأخذ من الكتاب والسنة فإنه يضلل لأن الله تعالى يقول : سورة يونس الآية 32 فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ
وما دل عليه كتاب الله حق وما خالفه فهو ضلال يضلل من قال به .



التعقيب الرابع والثلاثون
في صفحة 196 \ 197 يبرر اصطلاحات الصوفية التي منها تفريقهم بين الشريعة والحقيقة ولم يجد دليلا - والحمد لله - لهذا التبرير إلا أن ذلك قول كبار الصوفية كسهل التستري ، والحارث المحاسبي ، والجنيد - وهذا لا أظنه معهم ، وإن حشره معهم - ومعروف الكرخي ، فهو بهذا الاستدلال كمن فسر الماء بعد الجهد بالماء حيث استدل على قول الصوفية بأنه قول الصوفية . ، ثم هل هناك حقيقة تخالف الشريعة حتى يقال الحقيقة والشريعة إلا في اصطلاح الصوفية أن الشريعة للعوام والحقيقة للخواص . وهذا إلحاد واضح ، وليت الدكتور لم يدخل هذه المجاهل المخيفة .



التعقيب الخامس والثلاثون
في صفحة 201 حتى 212 تحدث عن الصوفية وأحوالهم وأقوالهم وحاول الدفاع عنهم بكل ما أوتي من قوة والاعتذار لهم بكل ما استطاع من عبارة حتى عمن قال منهم : ما في الجبة إلا الله . وعمن قال منهم : ما عبدتك خوفا من نارك ولا طمعا في جنتك . ورغم ما تحمله هاتان العبارتان من كفر وضلال حاول تأويلهما بما لا داعي للإطالة بذكره .
لأن هاتين العبارتين تنبئان عن نفسهما ولا تقبلان التأويل ؛ فإن قول القائل : ما في الجبة إلا الله صريح في الحلول أو الاتحاد ، وقوله :
ما عبدتك خوفا من نارك ولا طمعا في جنتك مخالف لهدي الأنبياء جميعا حيث وصفهم الله بأنهم يدعونه رغبا ورهبا ، ومخالف لصفة المؤمنين الذين يدعون ربهم خوفا وطمعا - ولا يعني هذا أنهم لا يعبدونه إلا من أجل الخوف والطمع . فقط بل هم مع ذلك يحبونه حبا شديدا ويذلون له كما قال تعالى : سورة البقرة الآية 165
وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ
وقال تعالى : سورة المائدة الآية 54
فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ
ولا تصح العبادة إلا باستكمال هذه الأركان : المحبة والذل والخوف والرجاء .
ثم حاول الدفاع عن ابن عربي وما في كتبه من القول بوحدة الوجود .
ففي هامش صفحة 104 - 105 قال : إنه لا يجوز تكفيره بموجب كلامه الذي فيه الإلحاد الصريح حتى يعلم ما في قلبه هل يعتقد ما يقول أو لا - ولو صح قول الدكتور هذا ما كفر أحد بأي قول أو فعل مهما بلغ من القبح والشناعة والكفر والإلحاد حتى يشق عن قلبه ويعلم ما فيه من اعتقاد . وعلى هذا فعمل المسلمين على قتال الكفرة وقتل المرتدين خطأ على لازم قول الدكتور لأنهم لم يعلموا ما في قلوبهم وهل هم يعتقدون ما يقولون وما يفعلون من الكفر أو لا .
واسمع عبارته في ذلك حيث يقول : " وخلاصة المشكلة أنه ( يعني شيخ الإسلام ابن تيمية ) ومن يقلده في نهجه يظلون يأخذون ابن عربي وأمثاله بلازم أقوالهم بدون أن يحملوا أنفسهم على التأكد من أنهم يعتقدون سبحان الله ومن يعلم عقائدهم . فعلا ذلك اللازم الذي تصوروه ثم قال : أما أن يكون في كتب ابن عربي كلام كثير يخالف العقيدة الصحيحة ويوجب الكفر فهذا ما لا ريبة فيه ولا نقاش فيه ، وأما أن يدل ذلك دلالة قاطعة على أن ابن عربي كافر وأنه ينطلق في فهم الشهود الذاتي من أصل كفري هو نظرية الفيض فهذا ما لا يملك ابن تيمية ولا غيره أي دليل قاطع عليه ، انتهى . وإنما سقت هذا المقطع من كلامه لإطلاع القارئ على ما فيه من تخبط وتناقض ومناقضة لأدلة الكتاب والسنة وعمل المسلمين على كفر من قال كلمة الكفر غير مكره قال تعالى : سورة التوبة الآية 74
وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ
ويلزم من هذا أيضا أنه لا يحكم بإسلام كافر ، إذا نطق بالشهادتين حتى يعلم ما في قلبه هل يعتقدها أو لا ؟ ولوازم هذا كثيرة ، ويلزم عليه أن من دعا غير الله لا يكفر حتى يعلم ما في قلبه ، ثم اعتذر عن ابن عربي بأن في كتبه كلاما آخر يناقض كلامه الكفري ، ونحن نقول له إجابة عن ذلك هل ثبت لديك أنه رجع عن كلامه الكفري وأنه كتب هذا الكلام الذي يناقضه بعد ما تاب أو أنه كتبه من باب التغطية والتلبيس . ثم أنت لم تأت بشاهد على ما قلت من كلامه .
ثم قال : وإذا أبى ابن تيمية رحمه الله إلا أن يحملنا على تكفير ابن عربي استدلالا بالضلالات الفلسفية التي انزلق فيها ، ويعني بذلك المسألة التي سبق ذكرها وهي قول الشيخ أن أفعال الله سبحانه ليس لها بداية .
ونقول : يا سبحان الله هل وصف الرب بما يستحقه من الكمال بدوام أفعاله وكماله أزلا وأبدا وتنزيهه عن التعطيل الذي وصفه به أهل الضلال من قولهم ( إنه تعالى الله عما يقولون ) مضى عليه وقت لم يفعل شيئا ثم حدث له الفعل بعد ذلك هل هذا هو قول الفلاسفة الذين يقولون بقدم العالم وإنكار الخالق ، إن الضلال هو قول من يعطل الله من أفعاله ويضرب له مدة لا يفعل فيها شيئا كما هو قول علماء الكلام .
وإن قول ابن تيمية هو الحق وقول أهل الحق ، وأين خطؤه لو كان خطأ على فرض من كفريات ابن عربي وقوله بوحدة الوجود وأن من عبد الأصنام ما عبد إلا الله - ثم إن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله لم ينفرد بتكفير ابن عربي بل قد كفره كثير من العلماء حتى من الصوفية واقرأ مؤلفاتهم في ذلك منها كتاب - تنبيه الغبي إلى تكفير ابن عربي للباقعي وغيره من الكتب . وللشيخ تقي الدين الفاسي رسالة مستقلة في تكفير ابن عربي وذكر من قال بذلك من العلماء وهي مطبوعة ومتداولة ، فإذا كان بإمكان البوطي أن يكفرهم فليفعل .




المفضلات