

شاهدتها عصبية انتماء ولا ألم بها
باسم الله أبدأ
صليت العصر ثم توجهت الى البيت دخلت كما عادتي فتحت التلفاز فإذا بي أمام المباراة النهائية لكأس افريقيا .
رغم أني لست من هواة الكرة أو بعبارة أصح لست مدمن كرة قدم , لكني مع ذلك كنت متحمسا لرؤية هذه المباراة وقلت في نفسي لابأس بذلك , ليست سوى ساعتين أو ساعتين ونصف لن نخسر كثير وقت .
فتابعت المباراة بانتباه وتركيز عاليين واستمعت بإمعان للتعليق وأنصت متفهما للتحليل , حتى استوقفتني حركة مجرد حركة , أ فزعتني أوبلأحرى صدمتني لا بل أزالت الغشاوة عن عيني .
لم تكن حركة لأحد الاعبين أو حركة لمدرب من المدربين ولا لمتفرج من المتفرجين , ولا حتى لحكم من الحكام , إنما كانت هذه الحركة صادرة عني أنا , كانت حركة مني أنا نعم مني.
وجدتني في لقطة من لقطات الكرة أقفز من مكاني وأصرخ بأعلى صوتي فكانت تلك فاجعتي نعم فاجعتي .
أنا الذي أزعم أني مسلم ملتزم لا تهزني سفاسف الأمور, أدركت حينها أنني أضعف مما كنت أتصور وأتفه مما كنت أتخيل .
وفي خضم هاته الأحداث التي كانت تهز كل ما بداخلي وردت صورة من بين صورالإحتفالات لما سمي بالإنتصار العظيم والإنجاز الكبير, كانت صورة زلزلت كياني صورة ظهر فيها رجل ذا لحية كثة طويلة يحمل بيده مصحفا ويرقص فرحا وطربا مع أمواج جماهير المتفرجين رافعا المصحف الذي بيده وكأني بلأقصى قد تحرر وبالعراق قد فك قيده وبالشيشان قد زالت محنته وبأفغانستان قد عاد أمنه وأمنيته وبالأندلس قد أشرقت شمسه وبالإسلام قد عادت هيبته وبالخلافة قد قامت من جديد .
هذه الصورة ضاعفت حزني وأسفي بل نقمتي على نفسي , وزادت همي وغمي وألمي على حال أمتي , فانهالت الآيات تزلزلني ,آيات برقت تذكرني انطلقت من ذاكرة قلبي تهزني هزا , فطرقت أتدبر قوله تعالى في سورة البقرة
{ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين, يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون }
إلى قوله تعالى {وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا ,وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزؤون.الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون}
أنحن هؤلاء ؟ أنحن من هؤلاء؟أعوذ بك رب من أن نكون منهم.
ولازالت ذاكرتي تزداد حيوية وانتعاشا وكأني أفيق من غيبوبتي شيئا فشيئا وينقشع الضباب عن قلبي وعيني وبصيرتي فتذكرت ما ورد في الأثر عن تفسير هاته الآيات قول الصحابي الجليل سلمان الفارسي حينها {لم يجئ أهل هذه الآية بعد}وبالضبط في بيان قوله تعالى{وإذا قيل لهم لاتفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون . ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون}
اللهم إنا نستجير بك من أن نكون من هؤلاء, اللهم لا تجعلنا مع القوم الظالمين وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
نعم أتوجه بكلمتي هاته وبسؤالي هذا إلى نفسي أولا وإلى كل من شق طريق الإلتزام وادعى لنفسه الإيمان وحسن الإتباع هل زالت محننا واندملت جراحنا ونهضت أمتنا وحكم شرع الله في بلداننا حتى نطرب فرحا ونستنير بهجة ؟
وحتى لو أن الأمر كذلك , فهل يحل لنا كمسلمين أن نضيع أوقاتنا في اللهو واللعب وخالقنا تبارك وتعالى يقول{واعبد ربك حتى يأتيك اليقين}.
كان الأحرى بنا أن نرتقي عن وحل هذا العصر , والأجدر بنا أن نترفع عن عفن هذه الحضارة لأننا حملة رسالة وأمانة نسأل عنها غدا يوم القيامة .
ولا أجد أجل وأعظم واعظ في هذا المقام من قوله جل وعلا
{ألم تر إلى الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين . ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه,فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث}.
المفضلات