
-
التناقضات التي تلزم عن:"أنَّ الناسوت لم يفارق اللاهوت طرفة عين"
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يقول النصارى:”أنَّ اللاهوت لم يفارق الناسوت ولا طرفة عين".
نقول: الذي يلزم كلامكم هو أنَّ كل من اللاهوت والناسوت أزليان، أي بلا بداية ولا نهاية، وهذا يعني أنَّ التقديم والتأخير بشأن اللاهوت والناسوت لا يُضيفان معنى جديدًا، أي لو قلنا "الناسوت واللاهوت" بتقديم الناسوت على اللاهوت لمَا حَدَث أي معنى إضافي، وإلا فإنَّ اللاهوت قد فارق الناسوت طرفات عيون.
التقديم والتأخير في اللاهوت والناسوت لا يضيفان معنى جديدًا ﻷنَّ إلاهكم – من حيث وجود أقنومي الابن والروح القدس وكذلك الناسوت هنا - فوق الزمان، فالله يمكنه أنَّ يقطع كل المسافة الكونية لا في زمان، أي لو افترضنا أنَّ بداية المكان الذي خلقه الله هي "ب – مجرد رمز -"، ونهاية المكان هي "ن – مجرد رمز -”، والمسافة التي بين "ب" و"ن" هي "ف – مجرد رمز -"؛ فأنَّ قطع الله لـ"ف" – إنْ أراد - يساوي صفر، كيف لا وهو خالق الزمان الذي هو امتداد حركة جسم، ولن نسألكم عن كيف يقطع الناسوت - الذي هو جسم – "ف" في زمن يساوي صفر، فرغم أنَّ هذا مستحيل إلاَّ أنَّنا نتركه ﻷنَّه ليس موضوعنا الرئيس، ولكن نسألكم عن الجسم الذي تكون في بطن مريم – عليها السلام – والفرق بينه وبين النَّاسوت الذي لم يفارق اللاهوت طرفة عين حسب زعمكم المتهافت، فالتناقض هنا في غاية الوضوح، فالناسوت الذي تكوَّن في بطن مريم، كان بعد أنْ لم يكن، فكلمة تَكَوَّن تشير إلى هذا المعنى بوضوح، والسؤال الذي يُظْهِر التناقض هو:
كيف أنَّ الناسوت لم يفارق اللاهوت طرفة عين، وفي نفس الوقت قد تَكَوَّن في بطن مريم – عليها السلام -، أقصد كان بعد أنْ لم يكن؟!
ذاك الناسوت الذي لم يفارق اللاهوت طرفة عين حسب ما يلزم قولكم ، يمكنه أنْ يقطع المسافة الكونية في زمن قدره صفر، وهذا الناسوت الذي تَكَوَّن في بطن مريم – عليها السلام – يجري عليه الزمان كما يجري على بقية الناس، ثم ماذا يعني لكم: كان الناسوت في اﻷزل بدلالة أنَّه لم يفارق اللاهوت حسب زعمكم المتهافت، ثم تَكَوَّن الناسوت في زمان مريم – عليها السلام -؟!
وفوق ما سبق وهو الذي بسببه كتبتُ هذا الموضوع، وهذا سيكون بناء على افتراض جدلي لا أكثر، إذا كان الناسوت لم يُفَارق اللاهوت حسب زعمكم المتهافت، فهذا يعني أنَّ إلاهكم كان مستعدًا للفداء المزعوم منذُ اﻷزل، أي قبل أنْ يقول ﻵدم "لا تأكل من الشجرة" وقبل الفداء كانت له رحمة فائقة بسببها سيَحْدُث الفداء، وهذا يلزمكم أنَّ غضب الله على آدم ﻷنَّه أكل من الشجرة، لا شك أنَّه سبق الرحمة الفائقة المتعلقة بالفداء تحديدًا، وسبق الغضبُ الرحمةَ الفائقة يلزمانكم أنَّ كل من الغضب والرحمة الفائقة سبقتا التحضير للفداء، وهذا يعني:
1- أنَّ الخطيئة حَدَثَت قبل أنْ يُحْدِثُها آدم في زمان من أزمنة الجنة التي كان فيها، أي أنَّ الخطيئة كانت موجودة منذُ اﻷزل لا في زمان انطلاقـًا من أنَّ الناسوت لم يفارق اللاهوت، وفي نفس الوقت حَدَثَت – الخطيئة - في أحد أزمنة آدم في الجنة، وهنا اجتماع للنقيضين، أي أنَّ الخطيئة كانت منذُ اﻷزل، ثم حَدَثت الخطيئة بعد أنْ فعلها آدم.
2- أنَّ إلاهكم قد غضبَ من أكْلِ آدم من الشجرة قبل أنْ يأكل آدم من الشجرة، وإلاَّ فهذا يلزمكم أنَّ آدم موجود منذ اﻷزل أيضا، وأكَلَ من الشجرة قبل أنْ يأكُل من الشجرة، وهذا اجتماع للنقيضين.
وبشأن الغضب، فيوجد غضبة في اﻷزل، وغضبة عندما أخطأ آدم في جنته، وهذا يلزمكم شنائع كثيرة فوق أنَّه نفسه شنيع.
3- أنَّ إلاهكم قد اتبع الغضب برحمةٍ قبل أنْ يأكل أدم من الشجرة.
4- أنَّ إلاهكم قد اتبع الغضب والرحمة بالفداء.
ولكن لأنَّكم تقولون بأنَّ الناسوت لم يفارق اللاهوت طرفة عين، فهذا يلزمكم أنَّ كل ما يتعلق بعدم افتراق الناسوت عن اللاهوت طرفة عين هي أيضا غير مفارقة للاهوت طرفة عين بل هي أوْلَى بعدم افتراق الناسوت عن اللاهوت طرفة عين، وذلك ﻷنَّها هي السبب في عدم افتراق الناسوت عن اللاهوت، ولكن هذا يلزمكم أيضًا، أنَّ الخطيئة والغضب والرحمة والفداء والناسوت كلها لم تفارق الناسوت طرفة عين، حيث ينعدم الزمان هناك، فلا يوجد هناك زمان، فالزمان متعلق بالخلق، فهو – أي الزمان – امتداد حركة المخلوقات؛ وبهذا يكون غضب الله على آدم الخاطئ – حسب زعمكم المتهافت كما بينَّا ونبيِّن – هو نفسه رحمة إلاهكم الفائقة المتعلقة باقتراف آدام اﻷكل من الشجرة التي أُمِرَ بعدم اﻷكل منها، فيكون الغضب صفة فعلية لإلهكم منذُ اﻷزل، الذي هو – أي الغضب – بعينه صفة الرحمة اﻷزلية لالهكم، كيف لا والزمان منعدم بقولكم أنَّ الناسوت لم يفارق اللاهوت، فافتراق الغضب عن الرحمة لا بد أنْ يَحْدُثان في زمان قدره أكثر من صفر، فهما صفتان فعليتان لا ذاتيتان، وإلا فالغضب هو الرحمة والعكس صحيح.
كما أنَّ آدم كان مُساقًا إلى اﻷكل من الشجرة، أي غير حر، بل مُجْبَر على اﻷكل فالـ"ناسوت لم يفارق اللاهوت – الذي بيَّنا تهافته -”، وإلا فقولوا أنَّ الناسوت فارق اللاهوت، وحتى إذا قلتم بهذا فالتناقضات التي تلزم عقيدتكم كثيرة، وتشيب رؤوس الولدان منها.. هذا الكلام مبني على افتراض جدلي، وإلا فهو لا يستقيم إطلاقًا خارج الافتراض الجدلي.
هذا الموضوع موجز، ولكن القضايا التي انطرحت فيه يمكن أنْ تحلل أكثر.
وإنْ قلتم قلنا!.
التعديل الأخير تم بواسطة سمير ساهر ; 26-01-2010 الساعة 02:33 PM
قال الفيلسوف المعتزلي، القاضي عبد الجبار:"إنَّ ما شارك القديم في كونه قديمًا يستحيل أنْ يختص لذاته بما يُفَارِق به اﻵخر؛ يُبْطِل قولهم أيضًا، ﻷنَّ هذه اﻷقانيم إذا كانت قديمة، فيجب أنْ لا يصح أنْ يختص اﻷب بما يستحيل على الابن والروح، ولا يصح اختصاصهما بما يستحيل عليه، ولا اختصاص كل واحد منهما بما يستحيل على اﻵخر؛ وهذا يُوجِب كون الابن أبًا، وكون اﻷب ابنـًا، وكون اﻷب روحًا، وكون الروح أبًا".
شبكة الألوكة - موقع المسلمون في العالم: للدخول اضغط هنا.
معلومات الموضوع
الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
المواضيع المتشابهه
-
بواسطة خالد حربي في المنتدى حقائق حول التوحيد و التثليث
مشاركات: 10
آخر مشاركة: 23-09-2015, 12:22 PM
-
بواسطة طالب عفو ربي في المنتدى منتدى نصرانيات
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 02-04-2010, 08:28 PM
-
بواسطة قسورة في المنتدى حقائق حول الكتاب المقدس
مشاركات: 17
آخر مشاركة: 23-01-2008, 06:32 AM
-
بواسطة ali9 في المنتدى منتدى قصص المسلمين الجدد
مشاركات: 1
آخر مشاركة: 21-12-2005, 04:22 PM
الكلمات الدلالية لهذا الموضوع
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى

المفضلات