الأسئلة
كيفية قضاء العمر
السؤال: كيف يمكنني أن أقضي وقتي بما فيه فائدة، خاصة وأن بعض الشباب يقضون أوقاتهم بما ليس فيها فائدة؟
الجواب: "العمر سريع التقضي، أبي التأني، بطيء الرجوع" كما يقول شيخ الإسلام الهروي في منازل السائرين، ولذلك على الإنسان أن يغتنم ساعات العمر، والأيام، والليالي، فأفٍ وتف، ثم أفٍ وتف، لعمر يضيع في لهو، ولعب، وهو الفرصة الوحيدة لي ولكم أن نقدم لأخرانا ما استطعنا من الأعمال الصالحة. فالإنسان الشاب عليه أن يتدارك عمره في طلب العلم النافع، وصحبة الأخيار، وحضور مجالس الذكر، وحفظ القرآن، وتدريسه، وأن يعمل بما علم، ويعلّم غيره، فإن زكاة العلم العمل والتعليم، وأنا أعتذر إليكم عن هذه الإطالة. ونسأل الله أن يجعل خير أعمالنا خواتمها، وخير أيامنا يوم نلقاه، وآخر كلامنا من الدنيا شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وجزاكم الله خيراً. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
النتر والسلت بين البدعة والسنة
السؤال: إنك ذكرت أن النتر والسلت من البدع المحدثة، إذا كان يخرج من الذكر نقطة أو نقطتان، فكيف أفعل بذلك؟
الجواب: بعض الفقهاء ذكروا أنه يسلت ذكره، وقد ورد في ذلك حديث عند ابن ماجة لكنه لا يصح، وقد أنكره شيخ الإسلام ابن تيمية، أنكر السلت، والنتر، وراجعه ابن القيم في ذلك مراراً، فقال: لا يفعل ونهاه عن ذلك، وقال-كما سبق-: إن البول إذا استدعي در، وإذا ترك قر، فإذا كان الإنسان جرب عملياً، أنه بعدما يتبول ينتظر بعد ذلك دقيقة أو نحو ذلك، ثم يخرج قطرة أو قطرتين عادة، وأنه لو توضأ وقام خرجت منه فعلاً وقطعاً بلا شك ينتظر حتى تخرج منه، لكن أقول التحفظ السابق، هذا الكلام قد يستغله بعض المصابين بالوسواس.
سؤال عن أم موسوسة
السؤال: له والدة تبلغ من العمر سبعين سنة تقريباً، ابتليت بالوسوسة في الصلاة والوضوء، فقد تصلي العصر إلى ثمان ركعات، ولا تصلي الصلاة إلا ولا بد أن تسجد فيها للسهو، وفي الوضوء تتوضأ بماء كثير، وتمكث في دورة المياه حوالي نصف ساعة، تستهلك الماء الكثير، وحاول أن يعالجها فلم يستطع، فبم توجهني جزاك الله خيراً؟
الجواب: التوجيه بما سبق، وامرأة في هذا السن، ولا زالت على الوسواس الأمر فيه صعوبة، ولكن على الأخ ألاَّ ييئس وأن يستمر شيئاً فشيئاً، ويذكرها بالله، ويسمعها كلام أهل العلم في ذلك، ويقرأ عليها الأحاديث، ويعلمها بعض الأحكام التي قد تجهلها، وإن كانت تنسى أو غير ذلك، فيعيد عليها هذا الأمر مرة بعد أخرى، لعل الله أن يعينها على ما هي فيه.
ترك الصلاة خوف الرياء
السؤال: عندما أؤدي أي عبادة أحس أنني مراءٍ، وفي بعض الأحيان قد أترك هذه الصلاة أو العبادة بسبب هذا الوسواس، أرجو منكم العلاج؟
الجواب: نعم، هذه من الوساوس، وهو أن الشيطان يلبس على الإنسان ويقول له: قد تكون مرائياً، حتى يترك العمل، وكونك تركت العمل دليل أنك لست مرائياً، لأنك لو كنت مرائياً لاستمررت على العمل، فكونك تركته خشية الرياء دليل على أنك تحاذر الرياء، فالشيطان له مداخله العظيمة، قد يدخل من الأبواب التي يخيل إليك أنك تتقي الشيطان فيها، فإذا وسوس لك الشيطان في عمل بأنك تقصد غير وجه الله بهذا العمل، وبدأت نفسك تقول: أترك هذا العمل، فالذي أنصحك به وغيرك، أقول: اعمل هذا العمل وزد عليه وأرغم أنف الشيطان.
الوسوسة في الإيمان
السؤال: يقول إنه في التاسعة عشرة من عمره، كان يشعر بقوة الإيمان، وفي هذه السنة بدأ يأتيه الشك، حتى إذا سمع قول فرقة من الفرق الضالة، بدأ يشك، هل هذا من الوسوسة، ويرجو العلاج؟
الجواب: هذا من الوسواس، وهو معروف عند العلماء يسمونه -كما أسلفت قبل قليل- بالشك الديني، والواقع أنه وسوسة تصيب كثيراً من الشباب في هذه المرحلة، حتى إن منهم من يوسوس في البديهيات، أحد الشباب يوسوس يقول: ما هو الدليل على أنه كان هناك رسول موجود؟! ما هو الدليل على أنه كان هناك خلفاء راشدون؟! ما هو الدليل على وجود الدولة الأموية؟! ودولة أخرى تسمى الدولة العباسية؟! ودولة ثالثة تسمى دولة العثمانيين؟! ما هو الدليل على ذلك؟! أقول: ما هو الدليل إذاً على وجود دول في أوروبا وأمريكا؟! ما هو الدليل على وجود عقلك أيها السائل؟!! يشكك الإنسان، ثم إن هذا الإنسان جاء يوماً من الأيام فرحاً مسروراً، وكأنه قد اكتشف أمراً عظيماً، ماذا اكتشف؟! وجد أن هناك درهماً أو ديناراً مضروباً في عهد عبد الملك بن مروان، فقال: إنه اكتشف الآن أنه موجود أي عبد الملك بن مروان، لماذا هو موجود؟! قال: لأن اسمه مضروب على هذه السكة. فتح الله عليك!! هذه الدنيا كلها، وهذه الكتب، والناس كلهم، مسلمهم، وكافرهم، عربهم، وعجمهم، ذكرهم، وأنثاهم، عالمهم، وجاهلهم، يعرفون هذه الحقائق، فوجود الرسول صلى الله عليه وسلم، لا يشكك فيه ولا اليهود، ولا النصارى، ولا البوذيون، ولا الوثنيون، ولا غيرهم. قد يكفرون به عليه الصلاة والسلام، لكن جميع هذه الطوائف لا يشككون في وجوده عليه الصلاة والسلام، فهذا نوع من الخفة تصيب عقل الإنسان، قد يكون سببها أحياناً فترة المراهقة، والشيء الخطير جداً هو إنصات الإنسان لهذا الشيء، وكثرت اهتمامه به، واكتراثه له، وتفكيره فيه، ولذلك النصيحة الذهبية التي تُهدى لكل شباب مبتلى بهذا الأمر، أن يقال له: اشتغل بأمورك، وأمض في سبيلك، في دراستك، وصداقتك مع زملائك، وأعمالك في البيت، وما أنت بشأنه، ولا تكترث لهذه الأشياء، لا تكترث لها، وكل ما يخطر في بالك فادفعه ولا تبالي به. وإن كان في شأن الله عز وجل فتذكر النصيحة التي أثبتها بعض العلماء كـالغزالي رحمه الله وغيره: كل ما خطر ببالك فالله ليس كذلك، أيّ صورة يصورها لك الشيطان عن الله عز وجل فيها نقص فلا تكترث؛ لأن هذا ليس هو الله عز وجل والله لا تدركه الأبصار، ولا تحيط به العقول، فلا تبال بذلك، ولا تكترث، ولا تضق به ذرعاً، لأن الشيطان يريد أن يحزن الذين آمنوا.
نقص غريزة العقل والوسواس
السؤال: قلت: إن السبب الأول في الوسواس، هو نقص في غريزة العقل؟ إضافة العقل إلى الغريزة إضافة مناسبة، هذا يقتضي أن يكون العقل غريزة.
الجواب: هذا الكلام أظن أنه بنصه بنصها من كلام الإمام الجويني، وفيما يبدو لي أنه وجيه، أن العقل غريزة، بمعنى أنه مغروز، لأن أصل كلمة غريزة في اللغة، أي أنها شيء مغروز، أو مغروس، أو مخلوق مع الإنسان، وليس من كسبه هو.
العجز عن المجاهدة
السؤال: يقول السائل: إنه عجز عن مجاهدة النفس بتخليل الماء فهل هو آثم؟ وما هو العلاج؟
الجواب: العلاج سبق، ولو صح أنه عاجز فعلاً، فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها، لكن غير صحيح أنه عاجز، كيف يكون عاجزاً؟ وهو رجل مستطيع قادر، فلا يمكن أن يقال: إنه عاجز، وهذا يذكرني بالسؤال الطريف الذي سأله أحدهم الإمام أبا محمد المقدسي، قال له يا أبا محمد! إنني عجزت أن أقول السلام عليكم، إذا أردت أن أسلم للصلاة لا أستطيع أن أقول السلام عليكم ورحمة الله، فضحك الإمام أبو محمد، وقال: قل مثلما قلت الآن! فما بالك إذا كنت تتحدث مع الناس تقولها بهدوء، فإذا جاء وقت الصلاة أصابك ما قرب وما بعد، أنت الآن تقول: إنك لا تستطيع أن تغسل أعضاءك بسهولة، لو كنت تريد أن تغسلها غسلاً عادياً لغير الوضوء لغسلتها بكل يسر، فلم إذا جاء غسلها من أجل الوضوء أصابك هذا! لا، أنت تستطيع ولست بعاجز.
الوسوسة في الصلاة
السؤال: إنه عندما يأتي إلى الصلاة يحس بالوسوسة، مثل التفكير بالموت، أو الأهل فبماذا تنصحني؟
الجواب: كل أمر إذا تجاوز حده انقلب إلى ضده، أحد الشباب كان يقول: أصابه الخوف والذعر من الموت، وبدأ يوسوس في الموت ليل نهار، وتعدى الأمر إلى وساوس كثيرة جداً في الوضوء، والطهارة، والصلاة، لكن بلغ الأمر - والعياذ بالله- إلى أنه يتجنب المرور في الشوارع القريبة من المقابر وهي في طريق عمله، فيذهب في طريق بعيد لئلا يمر بهذا، لأنه يصيبه ما يصيبه. وإذا رأى الناس في المسجد أصابه ما أصابه، هذا من ضعف النفس من خور القلب، وقلة الإيمان، فعلى الإنسان أن يحرص أن يملأ قلبه بالمادة الصالحة، كل هذه الأسئلة الإجابة عنها أن تملأ قلبك بالمواد الصالحة: بحفظ القرآن، بطلب العلم النافع، بالدعوة إلى الله، بكثرة التسبيح والتهليل، بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وحينئذٍ تنطرد جميع المواد الخبيثة، ويقول بعضها لبعض لا مقام لكم فارجعوا، فتخرج من قلبك، أما إذا خلا القلب فإن الشياطين تتلاعب وتتراكض كما تتراكض الذئاب في الصحراء الخالية.
النفث في الصلاة
السؤال: إذا أشغل الشيطان المصلي، هل ينفث عن يساره ثلاثاً؟ وما هو الحل من وساوس الشيطان وخاصة في الصلاة؟
الجواب: موضوع طرد الوسواس واستحضار النية، باختصار شديد: سبب الانشغال في الصلاة بالخواطر، والواردات، إما أن يكون سبباً خارجياً، مثل أن يكون الجو الذي فيه الإنسان، أو المسجد فيه ما يشغل الإنسان من صوت، أو صورة، أو ما أشبه ذلك، فعلى الإنسان أن يحرص على دفع هذا الأمر، وإبعاده عنه، وإما أن يكون سبباً داخلياً، وهو أن يكون قلب المصلي مشغولاً بدنيا، بطلب تجارة، برئاسة، بشيء من هذه الأشياء، وهذا هو الأمر الذي يحتاج إلى مجاهدة شديدة في علاجه. فعلى الإنسان أن يجعل حياته في طاعة الله، وألاَّ يشغل دنياه إلا في مرضاة الله، وحتى ما يشتغل به من أمور الدنيا لا يكثر منه ويشغل قلبه به، أما إذا أشغل قلبه به، فليبشر أنه إذا صف في الصلاة فإن هذه الواردات ستخطر على قلبه، وإذا كان سبق معكم قبل قليل من أسباب دفع الوسواس، الانطراح، والدعاء وذكر الله عز وجل فما بالكم حين يكون هذا السبب لدفع الوسواس هو نفسه قد وسوس فيه الشيطان، حتى إن كثيراً من الناس لا ترد عليه الخواطر، والواردات إلا إذا بدأ يصلي. وكلكم تعرفون قصة الرجل الذي جاء إلى أبي حنيفة، فقال: إنه فقد مبلغاً من المال ونسي، لا يدري أين وضعه فقال له: اذهب وصلّ عشر ركعات، فصلى هذا الرجل ركعتين، ثم جاء لـأبي حنيفة وقال: جزاك الله خيراً قد تذكرت أين هو، قال أبو حنيفة: إن الشيطان لما رأى أنك تريد أن تصلي عشر ركعات، قطع عليك الطريق وأخبرك أين هو، حتى لا تكمل هذه الركعات العشر التي نويت أن تصليها، فالشيطان يحول بين الإنسان وصلاته، كما في حديث أبي هريرة في الصحيح. فعلى الإنسان أن يستحضر معنى ما يقرأ من الأذكار والأدعية، يبكر إلى الصلاة، ويقرأ ما تيسر من القرآن، ويتنفل، ويخبت لله عز وجل ولا يكثر الحركة، ومهما تذكر أنه في صلاة فيحرص على استحضار النية، واستحضار الخشوع. أحياناً قد لا تذكر أنك في صلاة إلا وأنت في التشهد الأخير، وأنت تقول: اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، تذكرت أنك في صلاة، فتقول: هل فاتت علي هذه؟ لا، ما فاتت بقي عليك هذا الدعاء الأخير، حاول أن تستذكر معناه، وتسأل الله بقلب صادق، وبالمجاهدة، فالدنيا ميدان جهاد.
الوسوسة في أخذ العين المحرمة
السؤال: يحصل عندي وسوسة، وذلك لأجل أني اشتريت شيئاً محرماً، ولم أؤدِ قيمته، وعندما هداني الله للحق والصواب، حصل عندي وسوسة لأنني إن أعطيته أكون معيناً له على الحرام، أرجو إرشادي؟
الجواب: إذا كانت الوسوسة في هذا الأمر فقط، فهذه ليست وسوسة، هذا شك أو جهل بالحكم الشرعي، أما إن كانت وسوسة عامة في أمور كثيرة، فالكلام السابق كله يتعلق بالوسواس، أما فيما يتعلق بهذا الأمر فلا تعطه قيمة هذا الشيء المحرم الذي اشتريته منه، لكن أنصحك بأن تتصدق بقيمته في سبيل الله.
وسوسة في البول
السؤال: إذا انتهيت من قضاء الحاجة، أحس أن البول لم ينقطع، فكيف أفعل في التخلص من هذه المشكلة؟
الجواب: إذا كان ذلك من باب الوسوسة فسبق الجواب. إما إن كان فعلاً عنده شيء من السلس، ويحس بعدم خروج هذه القطرات، فإن كان يكفي أن ينتظر دقيقتين أو ثلاث دقائق حتى تخرج ثم يتوضأ فحسن وإن كان سلساً مستمراً معه فحكم السلس معروف، وهو أنه يتحفظ بما يمنع وصول النجاسة إلى المسجد أو غيره، ثم يتوضأ إذا دخل وقت الصلاة ويصلي، كما في أحاديث المستحاضة، وهي أحاديث في الصحيحين وغيرها، أنها تتوضأ لكل صلاة، وتصلي، وهكذا من به حدث دائم كالسلس. وكذلك أرشد الأخ إلى أنه بعد أن ينتهي من الوضوء، عليه أن ينضح فرجه، وسراويله بشيء من الماء، وقد ورد هذا عن الرسول صلى الله عليه وسلم: {أنه كان إذا توضأ نضح فرجه} وكذلك ورد عن الصحابة، والتابعين، وكثير من السلف، كان إذا توضأ نضح فرجه، حتى إذا وسوس له الشيطان بوجود رطوبة، قال: هذا من الماء الذي نضحت به فرجي، أو سراويلي.
الوسوسة في عدم فعل الكمال
السؤال: أنا شاب أرى كلما عملت عملاً، وفعلت فعلاً في طاعة الله عز وجل أنه ناقص، ولم أفعله على الوجه الأكمل؟ فهل هذا يعتبر من الوسواس؟
الجواب: أما كون الإنسان دائماً يتطلع إلى الأفضل، فهذا خير ومطلوب، والعبد لا يزال في جهاد حتى يموت، ولا يجوز للإنسان أن يعتقد أنه بلغ الكمال، فإن اعتقد أنه بلغ الكمال، فإنه من نقصه، أما إن كان يحس بأن هذا شعور غير طبيعي، وكلما عمل عملاً يحصل عنده تردد، وتذبذب، وشك، ووسوسة، فعليه أن يعمل، ويتوكل على الله عز وجل ولا يلتفت إلى هذا الشعور.
الشك في الإخلاص
السؤال: هذا أخ يقول: إنه يخدم زملاءه، لكن يشك في هذه الخدمة، هل هي خالصة لوجه الله أم لا؟
الجواب: هذا من الأشياء التي يدخل منها الشيطان على الإنسان، تشكيكه في النية، والنية ظاهرة أحياناً، فالإنسان يعرف نيته في كثير من الأشياء، أرأيت فيما يتعلق بالوضوء؟ إذا أحضر إنسان ماءً ودخل دورة المياه، وأغلق الباب، ماذا يريد؟ أيريد أن ينام؟! يريد أن يتوضأ ثم يخرج ليصلي؟ وإذا جاء إنسان إلى المسجد، وجلس خلف الإمام ينتظر إقامة الصلاة، لماذا يجلس؟ ماذا ينتظر؟ كل الناس يعرفون أنه جالس للصلاة، هذه قضية معروفة، والشك في النية من أعظم الأدلة على الخبل في عقل الموسوس، لأن الناس يعرفون نيتك في مثل هذه الأمور من آثارها، فكيف لا تعرف نيتك وقصدك؟! ولا داعي للتنطع، ولو كلف الإنسان أن يدفع النية عن قلبه لما استطاع، لا يستطيع الإنسان أن يعمل عملاً بدون نية، ولا يتنطع في إحضار النية، لأن النية مجرد هذا القصد الموجود في قلبك. الأعمال الأخرى: إذا كان أصل قصد الإنسان فيها حسناً، أو دافعه ليس بسيئ، لم يكن عمل هذا العمل من أجل أن يمدح، ولا من أجل نيل أمر من أمور الدنيا، فعليه أن يستمر في هذا العمل، ويحرص على إخلاص النية، ولا يجعل مدخلاً للشيطان أنه قد يترك أعمالاً طيبة، لأن الشيطان شككه بأن قصده ليس بحسن. اعمل هذا العمل من خدمة زملائك، أو طلب العلم، أو الدعوة إلى الله، أو التعليم، وإن كنت تحس أن نيتك ليست تامة، فليس الحل هو أن تترك هذا العمل، الحل أن تستمر في هذا العمل، وترغم أنف الشيطان، وتجاهد نفسك في إصلاح نيتك.
البطء في الغسل تلذذاً بالماء
السؤال: عندما أريد الاغتسال من الجنابة، أجد في الاغتسال تلذذاً وأطيل زمن الجلوس في الماء؟ هل هذا يعد من أمور الوسواس؟
الجواب: إذا كان لمجرد التلذذ بالماء لبرودته -مثلاً- أو لسخونته في وقت الشتاء أو ما أشبه ذلك، فهذا لا يعد من الوسواس ولكنه يعد من الإسراف، وقبل قليل سمعتم ما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم في الصحيحين: {أنه كان يتوضأ بمد، ويغتسل بصاع} وحديث عائشة في صحيح مسلم {أنها كانت تغتسل هي ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء يسع ثلاثة أمداد} وفي حديث سعد عند أحمد {لا تسرف} قال: أو في الماء إسراف يا رسول الله؟ قال: نعم ولو كنت على نهر جار}.
كتب في الوسواس
السؤال: ما الكتب التي تنصح بقراءتها فيما يختص بهذا الموضوع؟
الجواب: ذكرت بعض الكتب سابقاً، وعلى من ابتلي بهذا مع قراءة الكتب أن يتصل بأحد المشايخ أو غيرهم، ويعرض عليه حاله، لكن يحذر من أن يكون ممن يسمع بأذن، ويخرج ما يسمع من الأذن الأخرى إما أن يكون رجلاً يسمع ويطيع، وينفذ، وإما أن يجلس في حاله، ولا يشغل الناس فيما هو فيه.
الوسواس في الطاعة أم المعصية
السؤال: هناك بعض الناس يطلق على الملتزم بأوامر الشرع من إعفاء اللحية، والمحافظة على الصلوات، والمداومة على حزب من القرآن الكريم، وغيرها من الواجبات، والنوافل، كلمة موسوس. فهل الشيطان الرجيم يوسوس بالطاعة، أم بالمعصية، كحلق اللحية، والإسبال، كما وسوس لأبينا آدم عليه السلام، بمعصية الله عز وجل بالأكل من الشجرة؟ الجواب: الواقع أن الله عز وجل ذكر لنا
إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ * وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ * وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِين * وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلاءِ لَضَالُّون َ)[المطففين:29-32]
فليس من الغريب أن يُسخَر من المؤمن، لأنه أعفى لحيته، أو لأنه مقصر ثوبه، أو يبكر إلى المسجد، أو يكثر من تلاوة القرآن، أو طلب العلم، أو يتجنب أكل الربا والحرام، أو لا يدخل أجهزة الهدم والدمار والتخريب إلى بيته. ليس غريباً أن يُسخر منه لأن الله جل وعلا أخبرنا أن هذا سنجده في الطريق، بل الغريب لو لم يقع هذا، بل لا يمكن أن لا يقع هذا، كيف لا يقع والله سبحانه أخبرنا أنه سيقع؟! لكن المؤمن يصبر، ويدرك أنه إذا كان الله معه فلا يضيره أن يعاديه الناس، وإذا كان واثقاً من طريقه فما يبالي أن يسخر منه التائهون، ولك أسوة وقدوة بنوح عليه الصلاة والسلام، قال الله فيه:
وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ
[هود:38]
سخروا سخرية الجاهل، يا نوح أتصنع السفينة وأنت في بر أين عقلك؟ سخروا منه:
قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ
[هود:39] تسخرون بالباطل ونسخر منكم بالحق.
صلاة المرأة الحائض
السؤال: امرأة في جماعة وهى حائض، ولا تريد أن يعلم بها من حولها أنها حائض، وتصلي أمامهم بلا طهارة، ولا قراءة، إنما مجرد أفعال، حتى لا يُعلم أنها حائض؟
الجواب: أولاً الحيض أمر طبيعي ليس فيه عيب أو عار، وكل بنات آدم كتب الله عليهن هذا الأمر، وليس هناك مجال حتى تكتمه المرأة أو تستره، ولا يجوز بحال من الأحوال لغير متوضئ أن يصلي، لكن ننتبه، لا يأتي أحد الموسوسين إلى هذه الفتيا فيجريها لصالحه -كما أشرت قبل قليل- فإذا توضأ مرتين، أو ثلاثاً، أو عشر مرات، وجلس ساعتين، أو ثلاث ساعات في الخلاء، ثم خرج، وقال: والله يمكن إني نسيت أن أمسح رأسي، فإذا كبر تسلط عليه الشيطان، وقال أنت تصلي بدون وضوء، وأنت سمعت فلاناً يقول: إنه لا تجوز الصلاة بدون وضوء، أو أن الصلاة بدون وضوء قد تكون سخرية واستهزاء، لا،امرأة حائض لا يجوز أن تصلي، ورجل يعلم من نفسه أنه غير متوضئ لا يجوز أن يصلي، لكن الموسوس إذا توضأ وغسل أعضاءه ولو مرة واحدة يصلي ولا شيء في ذلك.
المفضلات