" اللهم اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي "
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، أما بعد:
فإن أمر الصلاة عظيم ، وشأنها جسيم ، فهي الركن الثاني من أركان الإسلام ، وعمود الإسلام ، وهي العهد الذين بين أهل الإسلام وأهل الشرك والكفران .
وهي الفاصل والفيصل بين الرجل وبين الشرك والكفر ، وهي أول ما يحاسب به العبد ؛ فإن صلحت صلح سائر العمل ، وإن فسدت فسد سائر العمل .
وقد توعد الله تاركيها بالعذاب والنكال .
قال تعالى: {
كل امرئ بما كسب رهين*إلا أصحاب اليمين* في جنات يتساءلون*عن المجرمين*ما سلككم في سقر*قالوا لم نك من المصلين* ولم نك نطعم المسكين*وكنا نخوض مع الخائضين* وكنا نكذب بيوم الدين*حتى أتانا اليقين* فما تنفهم شفاعة الشافعين}.
وتوعد الله الساهين عن الصلاة المؤخرين لها فقال: {
فويل للمصلين* الذين هم عن صلاتهم ساهون}.
وقال النبي -

- : ((
العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)).
وقال -

- : ((
بين الرجل وبين الشرك والكفر : ترك الصلاة)).
وقال -
صلى الله عليه وسلم- : ((
ولا خير في دين لا ركوع فيه)) وهو حديث صحيح على الصحيح.
وقال ابن مسعود -:radia-icon: - : من لم يصل فلا دين له .
وقال عمر -:radia-icon: - : لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة .
وغير ذلك من الآيات والأحاديث والآثار في التحذير من ترك الصلاة والترهيب من التقصير فيها .
إذا علم ذلك فلا حاجة لنا بالأحاديث المكذوبة والموضوعة للترهيب من ترك الصلاة لما لنا في الصحيح من غنية ولما في نسبة الكذب إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- من التهديد والوعيد.
قال رسول الله -

- : ((
إن كذبا علي ليس ككذب على أحد ، من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار)).
وقال -

- : ((
من حدث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين)).
هذا وقد انتشر حديث بين الناس في فضل المحافظة على الصلاة والترهيب من تركها وهو حديث مكذوب موضوع .
##########
لفظ الحديث الموضوع##########
((من حافظ على الصلوات المكتوبة أكرمه الله تعالى بخمس كرامات :
يرفع عنه ضيق العيش ، ويرفع عنه عذاب القبر ، ويعطيه كتابه بيمينه ، ويمر على الصراط كالبرق الخاطف ، ويدخل الجنة بغير حساب .
ومن تهاون بها عاقبه الله بخمس عشرة عقوبة ؛ ستة في الدنيا ، وثلاث عند الموت ، وثلاث في القبر ، وثلاث عند خروجه من القبر .
فأما اللاتي في الدنيا : فالأولى يرفع الله البركة من رزقه ، والثانية: ينزع البركة من عمره ، والثالثة: يمحي سيماء الصالحين من وجهه ، والرابعة: كل عمل يعمله لا يأجره الله عليه ، والخامسة: لا يرفع له دعاء إلى السماء ، والسادسة: ليس له حظ في دعاء الصالحين .
وأما اللاتي تصيبه عند الموت : فإنه يموت ذليلا (وفي رواية موضوعة: يشتد نزعه) ، والثانية: يموت جائعا ، والثالثة: يموت عطشانا ، ولو سقي بحار الدنيا ما روي من عطشه .
وأما اللاتي تصيبه في قبره : فالأولى: يضيق عليه قبره حتى تختلف فيه أضلاعه ، والثانية: يوقد عليه القبر نارا يتقلب على الجمر ليلا ونهارا ، والثالثة: يسلط عليه في قبره ثعبان اسمه الشجاع الأقرع عيناه من نار وأظفاره من حديد طول كل ظفر مسيرة يوم ، يكلم الميت فيقول: أنا الشجاع الأقرع ، وصوته مثل الرعد القاصف يقول: أمرني ربي أن أضربك على تضييع صلاة الصبح إلى طلوع الشمس ، وأضربك على تضييع صلاة الظهر إلى العصر ، وأضربك على تضييع صلاة العصر إلى المغرب ، وأضربك على تضييع صلاة المغرب إلى العشاء ، وأضربك على تضييع صلاة العشاء إلى الصبح ، فكلما ضربه ضربة يغوص في الأرض سبعين ذراعا ، فلا يزال في الأرض معذبا إلى يوم القيامة .
وأما اللاتي تصيبه عند خروجه من قبره في موقف القيامة : فأولها: يوكل الله به ملكاً يسحبه على حر وجهه في عرصات القيامة ، والثانية: يحاسب حسابا طويلاً ، والثالثة: لا ينظر الله إليه ولا يزكيه وله عذاب أليم ثم تلا النبي -صلى الله عليه وسلم- : {فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غياً إلا من تاب} .)) .
وفي رواية : (فإنه يأتي يوم القيامة وعلى وجهه ثلاثة أسطر مكتوبات :
السطر الأول :يا مضيع حق الله . السطر الثاني: يا مخصوصا بغضب الله . السطر الثالث : كما ضيعت في الدنيا حق الله فآيس اليوم من رحمة الله.).
###########
تخريجه والحكم عليه##########
هو حديث موضوع مكذوب على النبي -صلى الله عليه وسلم- .
ذكره الذهبي في ميزان الاعتدال وحكم بأنه باطل مركب -يعني موضوع- وأقره الحافظ ابن حجر في لسان الميزان(6/368-369) وقال: [وهو ظاهر البطلان من أحاديث الطرقية] .
يعني أنه من وضع بعض الصوفية .
وذكره السيوطي في "ذيل الموضوعات لابن الجوزي وكذلك ابن عراق في تنزيه الشريعة(2/113-114) وقال: [رواه ابن النجار من حديث أبي هريرة قال في الميزان : حديث باطل ركبه محمد بن علي بن العباس على أبي بكر بن زياد النيسابوري وقال في اللسان هو ظاهر البطلان من أحاديث الطرقية] .
والحديث ذكره أبو الليث السمرقندي في كتابه "تنبيه الغافلين"(ص/212-213) بصيغة التمريض فقال: [ويقال من داوم على الصلوات الخمس في الجماعة أعطاه الله خمس خصال ثم ذكره بنحوه ولكنه جعلها ثنتي عشرة خصلة بدلا من خمسة عشر خصلة]
وهذا الحديث دسه بعض الصوفية في كتاب الكبائر للذهبي .
وتنبه إلى أن كتاب الكبائر قد طبع مختصرا ومطولاً .
فالمختصر هو تأليف الذهبي وأول من حققه فيما أعلم محيي الدين مستو ثم حققه مشهور حسن سلمان .
والمطول المليء بالأحاديث الموضوعة والقصص والحكايات فهو مدسوس على الذهبي .
####والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد
المفضلات