في رحاب آية
قال تعالى : { حتى إذا أتوا على وادِ النمل قالت نملةٌ يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون }
انظروا إلى أدب النملة وهي تتكلم عن نبي الله سليمان عليه السلام وجنده، فهي لم تقل { لا يحطمنكم سليمان وجنوده } واكتفت بهذا فوقفت أو سكتت ، لأنها لو فعلت ذلك لكان منها سوء أدب في حق سليمان عليه السلام 00
إذ كيف تجمع بينه وبين الحطم والكسر والإفساد؟ والمعروف أن الأنبياء هم أبعد الناس عن ذلك ، بل إنهم ما جاؤا إلا ليكفوا الناس عن الظلم والعدوان 00 ولذلك استدركت الأمر وجاءت بالعذر ونفت عنهم سوء القصد فقالت : { وهم لا يشعرون } أي لا يمكن أن يفعلوا ذلك عن قصد وعمد بل عن عدم علم وبدون شعور منهم ، لأنهم لو علموا أو شعروا ما فعلوا 0
وانظروا إلى أدبها في قوله :{ لا يحطمنكم سليمان وجنوده }
فلم تقل : لا يحطمنكم جنود سليمان ، والفرق بين التعبيرين كبير
فإنها لو قالت : لا يحطمنكم جنود سليمان ، فإنها تكون قدمت الجنود على سليمان كأنهم الأصل بينما الأصل هو النبي سليمان عليه السلام ــ وجنوده تبعٌ له يسيرون على نهجه الرشيد وسياسته الحكيمة 00كما أنها لو قالت هذا القول فقد يُفهم منه أنهم خرجوا وحدهم دون أن يخرج معهم نبيهم لذلك ذكرته في بداية الكلام حتى يزول هذا الظن والالتباس 0
وفي قولها :{ وهم لا يشعرون } فهي لم تقل : لا يعلمون 00 فهناك فرقٌ كبير بين الاستخدام القرآني لكلمة يعلمون ، وكلمة يشعرون 00ففي الأمور التي يرجع إلى العقل وحدها فصل الأمر فيها تُستعمل كلمة (( يعلمون ))،، وأما الأمور التي يكون للحواس فيها مدخل فكلمة (( يشعرون)) أولى بها 00