• بولس يستبيح الكذب والتلون للوصول إلى غايته
بما يوصف الشخص الذي يدعى الكفر بين الكفار ليوقعهم في دينه، ويدعى الإيمان بين المؤمنين؟ هل من الممكن أن يتقبل الإنسان دينه عن إنسان اعتاد الكذب والنفاق والاحتيال لنشر دينه الذي أدانه فيه رئيس التلاميذ واتهمه فيه بالكفر والضلال؟
(19فَإِنِّي إِذْ كُنْتُ حُرّاً مِنَ الْجَمِيعِ اسْتَعْبَدْتُ نَفْسِي لِلْجَمِيعِ لأَرْبَحَ الأَكْثَرِينَ. 20فَصِرْتُ لِلْيَهُودِ كَيَهُودِيٍّ لأَرْبَحَ الْيَهُودَ وَلِلَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ كَأَنِّي تَحْتَ النَّامُوسِ لأَرْبَحَ الَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ 21وَلِلَّذِينَ بِلاَ نَامُوسٍ كَأَنِّي بِلاَ نَامُوسٍ - مَعَ أَنِّي لَسْتُ بِلاَ نَامُوسٍ لِلَّهِ بَلْ تَحْتَ نَامُوسٍ لِلْمَسِيحِ - لأَرْبَحَ الَّذِينَ بِلاَ نَامُوسٍ. 22صِرْتُ لِلضُّعَفَاءِ كَضَعِيفٍ لأَرْبَحَ الضُّعَفَاءَ. صِرْتُ لِلْكُلِّ كُلَّ شَيْءٍ لأُخَلِّصَ عَلَى كُلِّ حَالٍ قَوْماً. 23وَهَذَا أَنَا أَفْعَلُهُ لأَجْلِ الإِنْجِيلِ لأَكُونَ شَرِيكاً فِيهِ.) كورنثوس الأولى 9: 19-23
إن نظرة بولس إلى الجنس البشري هي الفصل التام بين الإيمان والعمل، والفصل التام بين الدين وقواعد السلوك الأخلاقية، كل ما هو مطلوب من المؤمن لكي ينجو: التصديق بعيسى كمخلص له، وبعبارة أخرى أن نجاة المؤمن بعيسى كمنقذ يأتيه أوتوماتيكياً وبلا مقابل، فهو هدية مجانية، المطلوب فقط أن يؤمن الفرد أن موت المخلص على الصليب كان كفارة لخطايا البشرية، وهذا الاعتقاد وحده بحسب بولس كافٍ لجعل بولس متفوقاً على باقي البشر ممن لا يشاركونه هذا الاعتقاد، وفي الوقت نفسه لم يذكر بولس شيئاً عن تعاليم المسيح وأعماله على الأرض!
غير أن الحقيقة البسيطة أن المسيح عليه السلام لم يتفوه بأي كلمة في حياته تفيد أن الإنسان يتحرر من تبعة أعماله ما دام مؤمناً أن المسيح دفع الثمن مقدماً بالنيابة عنه، فلو صح ذلك لكان بمثابة رخصة للفوضى الاجتماعية والجريمة والتحلل الأخلاقي والفساد، غير أن بولس قالها صراحة: ((لأن الشريعة تجلب الغضب، وحيث لا تكون شريعة لا تكون معصية)) [رومية 4: 15]
وكتب أيضاً: ((وأما الناموس _ أي الشريعة _ فدخل لكي تكثر الخطية. ولكن حيث كثرت الخطية ازدادت النعمة جداً)) [رومية 5: 20]
أي أن النتيجة الوحيدة من وجود الشريعة أن تكثر الخطايا حسب نظريته، ولذلك استنتج بولس فقال: (( لذا نحن _ أي بولس نقرر تبرير أعمال الإنسان من خلال إيمانه، بدون التزامه بالشريعة)) [رومية 3 : 28]
وهذا الاستنتاج يقودنا لطرح عدة أسئلة:
كيف يمكن الفصل بين الدين وبين قواعد السلوك الأخلاقية؟
وكيف يمكن للأيمان وحده أن يكون كافٍ برغم خرق الشرائع؟
وكيف يمكن للمجتمعات أن تعمل إن لم يكن الأفراد مسؤولين عن أعمالهم؟
وماذا كان بولس يأمل من هجومه على الشريعة التي تنظم المجتمعات؟
والتي ما جاء المسيح لينقضها؟
أليس هذا هو التحريف؟
وبعكس ذلك كتب يعقوب في رسالته [2: 14]، [2: 20]، [2: 24، 26]:
قائلاً : ((14يَاإِخْوَتِي، هَلْ يَنْفَعُ أَحَداً أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ مُؤْمِنٌ، وَلَيْسَ لَهُ أَعْمَالٌ تُثْبِتُ ذَلِكَ، هَلْ يَقْدِرُ إِيمَانٌ مِثْلُ هَذَا أَنْ يُخَلِّصَهُ؟))
((20وَهَذَا يُؤَكِّدُ لَكَ، أَيُّهَا الإِنْسَانُ الْغَبِيُّ، أَنَّ الإِيمَانَ الَّذِي لاَ تَنْتُجُ عَنْهُ أَعْمَالٌ هُوَ إِيمَانٌ مَيِّتٌ!))
((24فَتَرَوْنَ إِذَنْ أَنَّ الإِنْسَانَ لاَ يَتَبَرَّرُ بِإِيمَانِهِ فَقَطْ، بَلْ بِأَعْمَالِهِ أَيْضاً.))
((26فَكَمَا أَنَّ جِسْمَ الإِنْسَانِ يَكُونُ مَيْتاً إِذَا فَارَقَتْهُ الرُّوحُ، كَذَلِكَ يَكُونُ الإِيمَانُ مَيِّتاً إِذَا لَمْ تُرَافِقْهُ الأَعْمَالُ!))
مما يناقض عقيدة بولس بشكل سافر، ولذلك رأت الكنيسة في يعقوب تهديداً لها منذ البداية فعمدت إلى تكييف التاريخ والسيطرة عليه بأن حذفت الكثير من المعلومات عن هذه الشخصية النصرانية الهامة.
هذا التلون الذي ظهر به بولس وأسقط جميع تعاليم السيد المسيح يقول أيضاً في رسالته الأولى إلى أهل كورنثوس الإصحاح 10 الفقرة 33
(33كَمَا أَنَا أَيْضاً أُرْضِي الْجَمِيعَ فِي كُلِّ شَيْءٍ غَيْرَ طَالِبٍ مَا يُوافِقُ نَفْسِي بَلِ الْكَثِيرِينَ لِكَيْ يَخْلُصُوا.) كورنثوس الأولى 10: 33
أي أنه يرضي الجميع في كل شيء ولا يطلب منهم ما يوافق رأيه وإعتقاده بل كل شيء يصير على هوى الناس فقط يؤمنوا بالمسيح ليخلصوا
وهو لم يخدع إذ اعترف بكذبه، بل جعل كذبه هذا عاملاً مساعداً لتصديق الله، فقال: (7فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ صِدْقُ اللهِ قَدِ ازْدَادَ بِكَذِبِي لِمَجْدِهِ فَلِمَاذَا أُدَانُ أَنَا بَعْدُ كَخَاطِئٍ؟) رومية 3: 7
فيثبت كذبه وأن مجد الله لم يزداد إلا بكذبه وهنا بعض الإعتراضات أيضاً أليست هناك طريقة شريفة لإزدياد مجد الإله في هذه العقيدة غير الكذب، وما رأيكم في الإله الذي يرسل أنبياء ورسل كذبة ما حال هذا الإله، كيف يتسنى لنا معرفة ما أراده الإله منا سنجد كل شيء مشوه ولا أصل له فالرسول كاذب ولا نعرف صدقه من كذبه، كيف نصدقه فيما يبلغ.