لماذا قررت المجامع ألوهية عيسى؟
إن المجامع النصرانية التي ظهرت بعد ثلاثمائة سنة من رفع المسيح ما كانت إلا هيئة ومصنع لإصدار الأوامر وإفساد المسيحية وتأليه عيسى وأمه وعصمة البابا ورجال الكنيسة كما تقدم ولقد وضعوا أسبابا بها يبررون ألوهية عيسى وسنرد عليها إن شاء الله في حينه وهي:
1- ورود نصوص في أناجيلهم المحرفة التي نقلها بولس اليهودي .
2- إحياءه الموتى .
3- ولادته من غير أب .
ويجب ملاحظة أن إنجيل يوحنا لم يكتب إلا بعد حوالي ستين عاما من رفع المسيح فمثل هذا كيف يحفظ ما قاله المسيح مع العلم بأنهم قد أخذوا أغلب ما في إنجيل يوحنا من رسائل بولس اليهودي فكيف تقبل رسائل مثل هذا الرجل الذي كفره البابا ( إنجيل برنابا أصدر البابا أمرا بعدم تداوله (قبل ظهور الإسلام) بين النصارى لاحتوائه على التوحيد والكثير من الأشياء التي لم تتفق إلى ما وصلت إليه النصرانية الحديثة وقد تبين لاحقا بأنها تتفق مع ما جاء به الإسلام والبشارة الحقيقة بمحمد عليه السلام وقد اكتشف هذا الإنجيل وطبع وهو أقرب الأناجيل للحقيقة ) في مقدمة إنجيله ولقد جاء في دائرة المعارف الفرنسية التي كتبها غير مسلمين أن إنجيل يوحنا ومرقص من وضع بولس اليهودي وجاء في دائرة المعارف الكبرى التي اشترك في تأليفها أكثر من 500 باحث من غير المسلمين أنهم أكدوا وقوع التحريف والتزوير في الأناجيل واعتبروا قصة الصلب و ما فيها من تعارض وتناقض أكبر دليل على ذلك كما أكدوا أن كاتبي هذه الأناجيل قد تأثروا بعقائد البوذية والوثنية القديمة (كما سيأتي تفصيله فيما بعد) .
ولقد كانت الأدلة الواهية التي بها ألهوا عيسى ناتجة عن قصور إدراكهم والفهم الخاطئ في تأويل النصوص . فلقد أخطأوا في فهم فقرات من الكتاب المقدس مثل ما جاء في سفر إرمياء النبي وهو يتحدث عن ولادة المسيح
" في ذلك الزمان يقوم لداود ابن هو ضوء النور ...... إلى قوله ويسمى الإله ".
فإنهم يفهمون من ذلك أن هذا النبي اقر بألوهية المسيح ومثل هذا النص أن صح عن نبي من الأنبياء إنما يقصد بذلك أن يحكي عن شيء سوف يقع في المستقبل ( من الغيبيات ) ولا يقصد انه يقر ذلك , ومعنى النص انه سيقوم ولد من نسل داود يدعو الناس إلى الدين ويؤيده الله بالمعجزات ( كإحياء الموتى و إبراء الأعمى و الأبرص بإذن الله ) فيطلق عليه اسم الإله !!. فهذا مجرد تنبؤ بشيء سيحدث في المستقبل , ولقد حدث فعلا فأرسل الله هذا الولد من نسل داود وأيده بالمعجزات ولقد سمي بالإله بعد ذلك مما يدل على تحقق النبوة , وليس دليلا على الوهيته , ومما يؤيد ذلك ما جاء في مزمور داود أن الله عز وجل قال لداود عليه السلام انه } سيولد لك ولد ادعى له أب ويدعى لي ابن , اللهم ابعث جاعل السنة
( أي محمد صلى الله عليه وسلم ) كي يعلم الناس انه بشر { . فإنهم يستدلون بذلك على أن الكتب المقدسة أشارت إلى أن المسيح ابن الله , وإنما المراد منها الإخبار عما سيقع في المستقبل , وفعلا بعث الله هذا الولد من نسل داود وادعى الناس انه ابن الله ثم أرسل الله صاحب السنة وهو محمد صلى الله عليه وسلم الذي بين لهم انه بشر وأقام الحجة عليهم وبهذا تحققت النبوة بضلال هؤلاء الناس الذين الهوا المسيح وجعلوه ابنا لله بغيا وعدوانا وبعد ذلك كله أرسل الله خاتم النبيين الذي وضح لهم أن الباطل ما كانوا يفعلون وان عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه . وأنه رفع إلى السماء ولم يصلب وأن ميلاده معجزة من الله ولا دخل لليوسف النجار في هذا الأمر نهائيا ً نهائيا ً وأنه من نسل داود عن طريق مريم وليس عن طريق خطيبها يوسف النجار كما يزعمون وبذلك مجد سيدنا عيسى . ونذكر أخيرا قول المسيح عن من لا يقبله أنه رسول الله ويريد أن يجعله إله
" جئت باسم أبي , فما قبلتموني ,
ولو جاءكم غيري باسم نفسه لقبلتموه
وكيف تؤمنون ما دمتم تطلبون المجد بعضكم من بعض
والمجد الذي هو من الله الواحد لا تطلبونه ؟ " يوحنا 43:5

نموذج لجهل أصحاب المجامع
وقصة ألوهية روح القدس
مما يدل على جهلهم ما نقله سعيد بن البطريق عما حدث في المجمع الثالث حيث اجتمع الوزراء والقواد إلى الملك وقالوا : أن ما قاله الناس قد فسد وغلب عليهم ( آريوس ) و( اقدانيس ) فكتب الملك إلى جميع الأساقفة والبطارقة فاجتمعوا في القسطنطينية فوجدوا كتبهم تنص على أن الروح القدس مخلوق وليس بإله فقال بطريق الإسكندرية : ليس روح القدس عندنا غير روح الله , وليس روح الله غير حياته فإذا قلنا أن روح الله مخلوقة فقد قلنا أن حياته مخلوقة وإذا قلنا حياته مخلوقة فقد جعلناه غير حي وذلك كفر . فاستحسنوا جميعا هذا الرأي ولعنوا
( آريون ) ومن قال بقولته هذه , واثبتوا أن
( روح القدس اله حق من اله حق ثلاثة أقانيم بثلاثة خواص) !!.
ولقد قال البوصيري :

جعلوا الثلاثة واحدا ولو اهتدوا لم يجعلوا العدد الكبير قليلا
يقول الأستاذ عثمان القطعاني تعليقا على هذا الجهل الشنيع ما نصه : لقد ورد بالقران والسنة النبوية أن المسيح روح الله وذلك كقوله تعالى عن جبريل
(( فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا )) مريم 17
وقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( من شهد أن لا اله إلا الله وان محمدا رسول الله وان عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه دخل الجنة ) .
وقد قام علماء المسلمين بتوضيح هذه النصوص لإزالة ما يلبس من الخطأ في الفهم , فقالوا : أن الله عز وجل منزه عن الامتزاج بأي مخلوق .
والامتزاج هو الحلول والاتحاد , الذي يمثل أساس النصرانية , حيث قالوا بحلول الله في جسد عيسى عليه السلام
((سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا)) الإسراء 43 .
وتضاف كلمة روح القدس وروح منه إلى الله ليس لاتحادها به , وإنما نسبة تشريف فهي إضافة تشريف وليست تبعيض ( أي جزء منه ) كما يقال ناقة الله وبيت الله . . . الخ . فمن المعلوم انه ليس المراد من ناقة الله : الناقة التي يركبها الله , وبيت الله ليس بمعنى البيت الذي يسكنه الله . فروح الله أي روح من الأرواح التي خلقها الله , وأضيفت إليه بقصد التشريف كقوله تعالى :
(( سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى )) الإسراء1
يقصد به إضافة تشريف