السلفية المفهوم والتحديات‏
بقلممحمد بن شاكر الشريف
لفظ سلف في اللغة يراد به ما مضى وتقدم كما قال تعالى :"وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَن جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ ‏فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ"[البقرة :275] كما يراد به القوم ‏الـمتقدّمون فكل من تقدم من الناس فهو سلف لمن جاء بعدهم ، قال الله تعالى :"فجعلناهم سلفا ومثلا للآخرين" وقد ‏وردت مادة "سلف" في القرءان في ثمانية مواضع كلها دالة عما تقدم ذكره، والملاحظ في اللفظ مطلق التقدم الزمني، دون ‏الاقتصار على قوم معينين أو جماعة محددة من الناس، والسلف بمعنى من سبق منهم الصالحون ومنهم الطالحون، والنسبة إليه ‏سلفي، والسلف الصالح بالنسبة لنا هم أصحاب رسول الله ‏‏ والتابعون لهم بإحسان، والنسبة إليهم لا تعني إلا أن المنسوب ‏إليهم سائر على نهجهم وطريقتهم، وعلى ذلك فالسلفية ليست جماعة من الجماعات، كما أنها ليست فترة زمنية من الفترات ‏مرت وانتهت، وإنما السلفية تعني متابعة السلف الصالح في تعاملهم مع كتاب ربهم وسنة نبيه ‏، في فهم الدين والعمل ‏به والدعوة إليه، وهم أهل السنة والجماعة، مما يعني أن السلفية منهج علمي وعملي شامل ومتكامل تجاه النصوص ‏الشرعية، وليست مجرد موقف علمي، وقد حث الله تبارك وتعالى على اتباع السلف الصالح في قوله :"وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ ‏مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ ‏خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ" [التوبة :100]، كما قال عنهم رسول الله ‏‏ :"خير أمتي قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين ‏يلونهم"‏ ، فهي بذلك منهج قابل للتكرار على اتساع الزمان والمكان .‏ ‏ لقد كان التزام المسلمين بالمنهج السلفي في التعامل مع نصوص الشريعة من حيث الفهم والعمل، ضمانة ثبات الدين ‏عندهم وعدم تحريفه في أذهانهم، مصداقا لقوله تعالى :" إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ" [الحجر:9] كما مكَّن هذا ‏الالتزام من التعامل مع النوازل والمستجدات بالطريقة نفسها التي تعامل بها السلف الصالح معها، مما يعني وحدة المنهج التي ‏تؤلف بين المسلمين فتجعل منهم نسيجا متجانسا، ولا يعني هذا عدم الاختلاف بين أصحاب المنهج السلفي في الفهم مطلقا، ‏فذلك أمر غير مقدور كما أنه ليس مطلوبا، وإنما يكون الخلاف في هذه الحالة خلافا منضبطا أي وفق أطر وقواعد معلومة، ‏تنأى بالاختلاف في الفهم والاستنباط عن أن يكون تفرقا في الدين، أو تفلتا وخروجا على النصوص، كما لا يعني العصمة ‏في الفهم والعمل، بحيث لا تكون هناك أخطاء علمية أو عملية، فذلك أيضا لم يُضمن لأحد غير الرسل صلوات الله وسلامه ‏عيهم، ومن أدبيات المنهج السلفي ما جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما رفعه قال :"ليس أحد إلا يؤخذ من قوله ويدع غير ‏النبي ‏‏"‏ ، وتبعه في ذلك مجاهد فقال :"ليس أحد إلا يؤخذ من قوله ويترك إلا النبي ‏‏"‏ ، وقد ورد نحو هذا عن الأئمة ‏الأربعة أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد رحمهم الله تعالى، وقد ورد نحو ذلك أيضا عن كوكبة كبيرة من أهل العلم في ‏جميع المذاهب.‏ ‏ لقد كانت طبيعة هذا المنهج الذي يلتزم بقول الله تعالى :" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا ‏اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ" [الحجرات:1]، وبقوله تعالى :" وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ ‏الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً" [الأحزاب:36] سبب رئيس لأن يتحالف ضد متبعيه على طول ‏التاريخ المتفلتون الذين لم يقدموا الكتاب والسنة على ما عداهما مما يظنونه من اتباع العقول أو المصالح، بل عدوا الكتاب ‏والسنة كأحد ما يمكن أن يرجع إليه ضمن أشياء أُخر.‏ مفاهيم خاطئة عن المنهج السلفي :‏ يروج المناوئون للمنهج السلفي بعض المفاهيم المغلوطة عنه، ويخلطونها ببعض التحليلات التي تعتمد على تلك ‏المفاهيم، فمن ذلك دعواهم :أن المنهج السلفي منهج إقصائي حاد وعنيف يلغي الآخر المسلم ولا يعترف به، مما يترتب عليه ‏تقسيم البلاد وتفتيت الجماعة، وتهديد الوحدة الوطنية والعمل على تفكيك النسيج الاجتماعي وهو يؤدي في النهاية إلى ‏الاحتراب الداخلي، وهم يدعون لأجل ذلك إلى إقصاء المنهج السلفي، وإلى التمييع في متابعة الكتاب والسنة والسلف ‏الصالح بزعم التمكين للتعددية الثقافية والمذهبية، وهذا بلا شك غير صحيح بل أصحاب المنهج السلفي هم أهل اتِّباع السنة ‏وأهل الجماعة والاجتماع، فهم حريصون على الجماعة يذمون التفرق ويصبرون من المخالف على الأذى، قال الإمام أحمد ‏رحمه الله تعالى في خطبته فيما صنفه من الرد علي الزنادقة والجهمية فيما شكت فيه من متشابه القرآن وتأولته علي غير تأويله ‏قال :الحمد لله الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل بقابا من أهل العلم يدعون من ضل إلي الهدى، ويصبرون منهم علي ‏الأذي، يحيون بكتاب الله الموتي ويبصرون بنور الله أهل العمي، فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه، وكم من تائه ضال قد ‏هدوه، فما أحسن أثرهم علي الناس وأقبح أثر الناس عليهم ، وقد طبق ذلك رحمه الله عمليا وموقفه العملي في ذلك مع ‏المعتزلة الذين عذبوه وسجنوه معروف مشهور، وهذا مالك بن أنس رحمه الله تعالى لما اسشاره هارون الرشيد في حمل الناس ‏على موطئه قال له :"لا تفعل يا أمير المؤمنين فإن أصحاب رسول الله ‏‏ تفرقوا في الأمصار فأخذ كل قوم عمن كان ‏عندهم، وإنما جمعت علم أهل بلدي أو كما قال"‏ ‏ ، ومواقف أصحاب المنهج السلفي في ذلك كثيرة مشهورة فكيف يقال ‏عنهم إنهم إقصائيون؟ وقد سُمي السلف الصالح بأهل السنة والجماعة من حرصهم على الالتزام بالسنة ومجانبة الابتداع، ‏وعلى الاجتماع ونبذ الفرقة، وبهذا يظهر أن هذه مواقف أصيلة في المنهج السلفي وليست تنازلات مؤقتة فرضتها ظروف ‏قاهرة، والشيء الغريب في ذلك أن الذين يرمون الاتجاه السلفي بهذه الفرية هم من يعلنون ويطالبون بإقصاء التيار السلفي، ‏بل الأغرب من ذلك أن من قبل من هؤلاء بالحل الديمقراطي وأن يكون قرار الشعب هو الفاصل، تجده يقول :ولكن كيف ‏نفعل ذلك من غير أن يصل أصحاب المنهج السلفي إلى الحكم؟ ، فحتى النظام الانتخابي الذي ارتضوه يسعون إلى صياغته ‏ليكون قائما على الإقصاء .‏ ومن ذلك حديثهم أن أصحاب المنهج السلفي لا يستطيعون العيش بدون معارك داخلية مع العلمانيين والراوفض ‏وغيرهم، والشيء الغريب أن أصحاب هذه الأقوال هم من يقومون بمعارك داخلية عنيفة وإقصائية مع من يختلفون معهم، ‏لكنهم لا يقبلون أن يرد عليهم أحد، فهم ينكرون على غيرهم ما هم غائصون فيه إلى الأذقان، ولكن بفارق مهم هو أنهم لا ‏مرجعية لهم في إنكارهم على السلفيين، فمن المعلوم من دين الإسلام وعند كل المسلمين أن الأمر بالمعروف والنهي عن ‏المنكر مما أمرت به الشريعة وجاءت به الرسالة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر له درجات ثلاثة باليد واللسان والقلب، ‏ولا شك أن كل من كان لديه علم صحيح فعليه أن يقوم بالبيان في هذا الأمر، فهل المطلوب من السلفيين أن يكفوا عن ‏الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ويغلقوا أفواههم على ألسنتهم حتى يقال عنهم إنهم منفتحون أو يقبلون بالتعددية؟، إن ‏هذا الاعتراض في حقيقته هو اعتراض على شريعة الإسلام نفسه وليس على السلفيين فحسب، إن الأمر والنهي أمر قد ‏مارسه المسلمون في كل عصورهم، وكان ضمانة مهمة من ضمانات أمن المجتمعات الإسلامية، وإن الدعوة اليوم إلى إهماله ‏أو تهميشه بحجة السماح بالتعددية الثقافية ونحو ذلك هي دعوة إلى إفساد المجتمعات وتخريبها، وتلك مهمة كثير من التيارات ‏المناوئة للمنهج السلفي ‏ حرب السلفية من جهة تيارات الحداثة بجميع فصائلها :‏ كل من كان يريد الخروج على هذه الشريعة الكاملة ومنازعة الكتاب والسنة في المرجعية، فلا بد أن يهاجم أصحاب ‏المنهج السلفي لأن أصحابه هم الذين يتصدون له ويردون عليه بالدليل ويبينون زيف كلامه أو دعواه.‏ ‏ في عصرنا الحاضر توجد مجموعات عدة تعادي أصحاب المنهج السلفي، بعضها يستند إلى جذور قديمة وبعضها ‏محدث جديد، فممن يستند في ذلك إلى أصولهم ومرجعياتهم القديمة، الشيعة وكذلك الصوفية.‏ ‏ لكن هناك فئة معاصرة تعادي أصحاب المنهج السلفي، من غير أن يكون لهم سلف أو أصول يمكن أن يرجعوا إليها، ‏وهي فئة العصرانيين أو الحداثيين أو الليبراليين، ما يجعلهم مقطوعي الصلة مبتوتين عن أوضاع المجتمع الإسلامي، وإن حاولوا ‏الاستناد على المعتزلة الذين قدموا العقل في أمور كثيرة على الكتاب والسنة، فكانوا لهم سلف من هذه الناحية، فلذلك يكثر ‏من هذه الفئة المديح والتبجيل لهم، ومحاولة إحياء تراثهم، حتى صار الثناء على المعتزلة يمثل علامة بارزة لأصحاب هذه ‏الاتجاهات. ‏ لقد وفرت الحملة الأمريكية الظالمة التي تشنها هي وأحلافها-على ثبات الدين الإسلامي في محاولة لتفريغه من ‏مضمونه، أو تطويره الذي يعني تغييره وتبديله، متذرعة في ذلك بما ابتدعته وروجت له باسم الحرب على الإرهاب، وقد ‏قدمت العديد من مراكز أبحاثهم توصيات لتحيق ذلك كتقوية الفئات المبتدعة أو الفئات الليبرالية والاتصال بهم، وفرضهم ‏على الأنظمة، والسماح بإدخال بعضا من أطروحاتهم ومفاهيمهم للدين لتكون جزءا من المناهج التعليمية،-وفرت شروطا ‏لنجاح أصحاب تلك الفرق في مشروعهم التخريبي، الذين عملوا على الاستفادة من هذه الأوضاع، واستغلال حالة الضعف ‏الشديدة التي تمر بها الكثير من الأنظمة الإسلامية، والتي لم يعد يشغلها سوى الحفاظ على مكاسبها وأوضاعها.‏ وقد تعرض المنهج السلفي في عصرنا على أيديهم إلى مناوأة شديدة على مختلف الأصعدة ويمكن تقسيم الحديث عن ‏حربهم للسلفية إلى ثلاثة محاور :‏ الأول :المرجعيات أو المصادر (الكتاب-السنة-الإجماع)‏ الثاني :منهج التعامل العلمي والعملي.‏ الثالث :رموز ورجالات المنهج السلفي.‏ وقد حظي كل محور من هذه المحاور بحملة من الهجوم والقدح لمحاولة إفراغه من مضمونه، أو إسقاطه من نظر ‏المسلمين.‏ حرب المرجعيات : تمثلت هذه الحرب في محاولة تهميش مكانة الكتاب والسنة والإجماع باعتبارها الأصول الضابطة التي يرجع ‏إليها عند الاختلاف، وذلك من خلال الحديث عن : ‏ ‏1.‏ تعددية القراءة للنصوص الشرعية، بمعنى أن النص الشرعي يمكن فهمه بأكثر من طريق، أو أسلوب، مما يسمح ‏بالوصول إلى نتائج مختلفة أو متباينة، وأحقية كل واحد أن تكون له قراءة خاصة به، يفهم من خلالها النصوص بلا ضابط ‏يضبط ذلك، سوى الحديث عن موافقة العصر ومجاراة التطور، وعدم التحجر أو مخالفة العقل، من غير اشتراط لأي ‏إمكانيات أو مؤهلات علمية تعين على الفهم والاستنباط، وهم في ذلك متأثرون بالنظرة الغربية لكتبهم المقدسة التي فقدت ‏قداستها لكثرة ما وقع فيها من الخلط والاضطراب، الذي هو أحد نتائج التحريف الذي تعرضت له تلك الكتب على أيدي ‏أتباعها ‏ .‏2 إهمال مكانة أصحاب التخصص في العلوم الشرعية في الفهم والاستنباط، تحت زعم نفي الوصاية والقداسة، ومن ‏هذا المنطلق، انفتح الباب على مصراعيه لكل دخيل دعي يزعم أحقيته في مخالفة المستقر المعلوم الذي دلت عليه النصوص، ‏وأيدته أقوال أهل العلم على مدى القرون، وهم في ذلك أيضا متأثرون بالنظرة الغربية لعلماء دينهم الذين جعلوا من أرائهم ‏ومعارفهم المحدودة، شرعا ودينا يضاهي ما نزل من عند الله العلي الكبير، فقامت لأجل ذلك في الغرب حركات للإصلاح ‏الديني من أشهرها حركة "مارتن لوثر"، حيث دعا إلى رفع وصاية القساوسة عن "الكتاب المقدس" وأن تتاح قراءته لجميع ‏النصارى بعيدا عن التقيد بشروحات أو أفهام القساوسة والرهبان ‏3.‏ تاريخية الشريعة بمعنى ربط النص بالحادثة أو الواقعة التي جاء فيها، بما يعني إخراج الشريعة عن عمومها وشمولها، ‏وهو ما يعني في حقيقته نسخ الشريعة، وإذا لم يكن النسخ كاملا عند بعض هؤلاء، فعلى الأقل نسخ كل ما يتعارض من ‏الشريعة مع ما يعدونه من قيم التحضر والمعاصرة، انطلاقا من أن تلك النصوص المتروكة إنما هي نصوص تاريخية ليست عامة ‏أو شاملة، فصارت هذه القيم بمنزلة المحكم الذي يُقدَّم على غيره، وتحرف لأجله النصوص الواضحة المحكمة باسم التأويل.‏ حرب المنهج العلمي : وذلك من خلال : ‏ ‏1.‏ الاعتداد الزائد عن الحد بالعقل وتقديمه على النص، فإذا تعارض ما دل عليه الشرع مع ما دل عليه العقل، كان ‏ما دل عليه العقل هو المقدم، ‏ ‏2.‏ تأسيس الأحكام على ما يتصور أنه مصلحة من غير مراعاة لأية قيود أو ضوابط سوى مجرد المصلحة. ‏ ‏3.‏ الخروج على الضوابط الشرعية والتفلت من الاتباع بدعوى التيسير، فأصبح لفظ التيسير هو الصخرة التي تحطم ‏بها الضوابط والقيود والحدود، وتخالف بها النصوص الصريحة في دلالاتها حرب الرموز : ‏ أما الرموز فهي القيادات المتبعة للمنهج السلفي والداعية إليه والمقررة لأصوله، ويكون ذلك بالطعن فيها بنبزها ‏بالتحجر والانغلاق، وعدم معرفتها بالواقع، وعدم الانفتاح على قيم العصر، وأن هذه القيادات لم تعد مما يصلح في حقبة ‏العولمة التي تحول فيها العالم إلى بقعة كبيرة متجانسة متصلة ببعضها اتصالا وثيقا على رغم بعد المسافات بينها، ومحاولة حصر ‏المنهج في عدد من الأشخاص وكأنهم هم الذين حاؤوا به أو ابتدعوه، وليس هو منهج السلف الصالح رضي الله عنهم، ‏ فتراهم يحصرون المنهج السلفي في العصر الحديث في الشيح محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى، ومن قبل يحصرونه في ‏شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن قيم الجوزية رحمهما الله تعالى، في حين أن هؤلاء الأعلام لم يكونوا أكثر من مقررين ‏لمنهج السلف، ناقلين له، وداعين إليه، فلم يكونوا منشئين له، والدليل على ذلك أنك تجدهم يستدلون على ما يقررونه ‏بكلام المتقدمين من أهل العلم من الصحابة والتابعين والأئمة المتَّبَعين كأبي حنيفة ومالك والليث والشافعي وابن حنبل ‏والبخاري والطبري وابن عبد البر والآجري واللالكائي والهروي والدارمي وابن مندة، وغيرهم كثير ‏ ساحات العمل :‏ لقد بان أن على أصحاب المنهج السلفي أن يجاهدوا في ساحة عمليات واسعة، تشتمل على عدة جبهات كلها ‏مفتوحة في آن واحد، ولا شك أن تعدد الجبهات واتساعها من شأنه أن يضعف القوة المواجهة ويشتتها، كما قد يورث ‏نوعا من البلبلة والتداخل بل وربما التعارض أحيانا، وليس هناك من خيار في مواجهة تلك الجبهات جميعا، لكن قد يمكن ‏التأجيل بعض الوقت مع بعض الجبهات، وتقديم مواجهة الأخطر على الخطير إذا لم يمكن استيعاب الجبهات جميعا، كما ‏يمكن تقسيم العمل بحيث تتفرغ مجموعة لمواجهة طرف من أطراف الهجوم على المنهج السلفي، بينما تتفرغ مجموعة أخرى ‏لمواجهة طرف ثان وهكذا، ويتبين من هذا أن الساحة تتسع لكل فصائل التيار السلفي بالمشاركة دون المزاحمة، والجبهات ‏المفتوحة لمحاربة المنهج السلفي هي : جبهة الشيعة، جبهة الصوفية، جبهة تيار الحداثة بكل فصائله، جبهة الغلاة الذين يغالون ‏في المنهج السلفي، وفي المقابل لهم فئة المتخاذلين أمام جبروت الظالمين وكلهم يزعم اتباع المنهج السلفي، وهم رغم تناقضهم ‏الشديد إلا أنهم وجهان لعملة واحدة، هي البعد عن المنهج السلفي إما بالغلو فيه، وإما بالجفاء عنه التحديات التي تواجه الدعوة السلفية: هناك العديد من التحديات التي تعترض مسير الدعوة إلى المنهج السلفيي، والتي يمكن ‏النظر إليها من خلال جهة التحدي :فهناك تحديات دولية، وهناك تحديات محلية، كما أن هناك تحديات داخلية، نذكر منها ‏ما يلي :‏ التحديات الدولية : ‏ تتمثل التحديات الدولية في الحملة العالمية المعلنة على الإرهاب، والتي تحاول الربط ظلما وافتراء بين الإرهاب والمنهج ‏السلفي، فاتِّباع المنهج السلفي يعد في نظر أصحاب هذه الحملة من الإرهاب الذي ينبغي محاربته، ويعدون المنهج السلفي هو ‏منتج الإرهاب، ولا يستثنون من ذلك إلا ما يدعونه بأنه معتدل، والاعتدال عندهم ليس هو ما ينافي الغلو، ولكن الاعتدال ‏هو القبول بالقيم الغربية والدعوة إليها، أو عدم معارضتها، فأتْباع المنهج السلفي-عندهم-إما إرهابيون بالفعل، وإما ‏إرهابيون بالاستعداد، مما ترتب عليه ضغط الحكومات الغربية على كثير من الأنظمة الإسلامية للتضييق على الاتجاه السلفي ‏ومحاصرته، وذلك عن طريق إلغاء التعليم الديني أو التضييق عليه، وتقييد النشاط الدعوي السلفي،وتقليص الدعم المادي إلى ‏حدود متدنية، ولا يبعد عن ذلك تلك الهجمة الشرسة على المؤسسات الخيرية الإسلامية التي تقوم بالعمل الخيري بين ‏المسلمين، وهذا يؤثر بلا شك على الدعوة السلفية حيث يجعلها في دائرة الاتهام في نظر المخدوعين بهذه الحملة الظالمة، مما ‏يصد الكثير من المسلمين عنها.‏ وفي تقرير شيرلي بينارد الذي أعدته مؤسسة راند لمقاومة الإسلام في شخص المتمسكين به، قدَّمتْ عدة من ‏التوصيات لصانعي القرارات فمن ذلك : أن الصوفية تمثل تأويلا فكريا منفتحا للإسلام، ويجب أن يتم تشجيع التأثير الصوفي ‏بقوة في البلدان التي لديها تقاليد صوفية مثل العراق وأفغانستان، وذلك من خلال التأثير في مناهج التعليم وقيم المجتمع ‏وثقافته، حيث إن الصوفية بما لديها من طقوس شعرية وموسيقية وفلسفية تمثل جسرا للخروج من الاندماج الديني، ومن ‏ذلك يجب دعم الحداثيين في المقام الأول وذلك من خلال تغليب نظرتهم للإسلام..ويجب العناية بهم وتقديمهم إلى الرأي ‏العام على أنهم يمثلون الوجه المعاصر للإسلام، ومن ذلك تشجيع العلماء من أنصار الحداثة في تأليف الكتب وإعداد المناهج ‏الدراسية، ومنه الاستفادة من وسائل الإعلام الإقليمية للتعريف بأفكار وممارسات أنصار الحداثة المسلمين، ومن ذلك العمل ‏على تأهيل نماذج قيادية يقتدى بها، ومن ذلك مشاركة الغالبية من المسلمين من أنصار الحداثة في المناسبات السياسية ‏ليصبحوا حقيقة سكانية ماثلة للعيان ، إلى غير ذلك من التوصيات، التي تأخذ طريقها إلى التنفيذ في واقع المجتمعات ‏الإسلامية. ‏ التحديات المحلية :‏ وأما التحديات المحلية فكثيرة منها : سيطرة كثير من مروجي بضاعة الغرب الفكرية على مواقع التأثير، والذين يرون أن ‏في التمسك بالمنهج السلفي والمحافظة عليه خطرا يهدد سلامة المجتمع وأمنه وتآلفه، ولذلك يدعون إلى التخلي عن هذا المنهج ‏وتجاوزه، واستغلال واقع العالم المناوئ للمنهج السلفي في كسب أرض جديدة، والضغط على الأنظمة لابتزازها في التصدي ‏للدعوة السلفية،واستعداؤها عليها بزعم الخطورة على استقرارها، والتخويف بالعالم الغربي.‏ ‏ ومن ذلك السماح للاتجاهات المنحرفة إسلاميا كالشيعة والصوفية وتيارات الحداثة في الدعوة إلى انحرافاتهم، ومن ‏ذلك تجاهل أصحاب الدعوة السلفية في كثير من المجتمعات، وإبعادهم عن مراكز التأثير، والحيلولة بينهم وبين المناصب العليا ‏في مؤسسات الدولة المهمة، وعدم إشراكهم في حركة التصحيح والإصلاح، بل حجبهم عن ذلك ومنعهم منها، مما يؤثر ‏على قدرتهم في إصلاح مجتمعاتهم ويحول بينهم وبين الانفتاح على شعوبهم.‏ ‏ ومنه جهل كثير من الشعوب الإسلامية بحقيقة دين الإسلام، مما أدى إلى اختزال الإسلام على شموله وعمومه في ‏بعض أركانه عند فريق، وفي مستحباته عند فريق آخر، بل بلغ الاختزال إلى مجرد الانتساب إليه، فالإسلام عندهم هو ‏الانتساب إليه، ولو لم يقم بأيٍّ من فرائضه، وقد ترتب على هذا الاختزال أن انحرفت كثير من العقول عن جادة الطريق ‏وتعلقت بسفساف الأمور، ولا شك أن هذا الاختزال عند الكثيرين يجعلهم ينظرون إلى دعاة المنهج السلفي وكأنهم قد أتوا ‏بدعوة جديدة، وليس تجديدا لمفهوم الدين الصحيح.‏ ‏ ومن التحديات الخطيرة التي يظهر أنها مرشحة بقوة في الفترة القادمة لمواجهة المنهج السلفي، الإغراء بلعبة الحل ‏الديمقراطي والانتخابات، مما قد يغري طائفة كبيرة من الناس بالتحول إلى ذلك الخيار خاصة مع التضييق على المنهج ‏السلفي، فيذهب الناس إليه على أنه متنفس لهم، يحاولون عن طريقه تحقيق ما يمكن تحقيقه، وإذا كان من الممكن تحقيق بعض ‏الإيجابيات من ورائه على المدى القصير، فإن سلوك هذا الطريق والتعويل عليه سيكون على المدى الطويل حائلا عن اجتماع ‏المسلمين على متابعة الصحابة والتابعين والأئمة الأعلام، ولذلك فإننا نجد ضغطا غربيا على الدول العربية والإسلامية لفتح ‏هذا الباب حتى آخر مداه، ولا يكون ضغطهم هذا لخير الأمة فقد قال الله تعالى في وصف حالهم :" َيا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ ‏تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا ‏لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ"، والآيات في ذلك كثيرة، وإنما يضغطون لما يعود عليهم من النفع من وراء ذلك.‏ التحديات الداخلية :‏ وأما التحديات الداخلية فهي تتمثل في التحديات الآتية من داخل التيار السلفي نفسه، فمن ذلك : تقدير بعض ‏الفصائل لنفسها تقديرا زائدا عن الحد حتى لترى أنها الفرقة الناجية دون ما سواها من المسلمين، ومن ثم النظر لكل من ‏خالفها على أنها من الفرق المذمومة، ومن ذلك وسْم المنهج السلفي بسمات ضيقة مما يترتب عليه أن يُخرج كل فصيل من ‏المنهج السلفي الفصيل المغاير له في الفهم ولو في بعض القضايا الفقهية، ومنه اختزال العمل الدعوي كله في العناية ببعض ‏المسائل العلمية، وتحقيقها وشرحها والدعوة إليها.‏ ضوابط وآليات في المواجهة :‏ أهل السنة والجماعة أتباع السلف الصالح من الصحابة والتابعين هم الأمناء على هذا الدين وهم من يقع على كاهلهم ‏أمانة تبليغه والمحافظة عليه، وهم الذين عناهم الرسول ‏‏ بقوله :"لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من ‏خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك "‏ ، وهم المناط بهم مواجهة الخارجين عن هذه الشريعة أو الزائغين عنها، وهناك أمور ‏مهمة يحتاج إليها المسلم على الدوام في رد عادية المعتدي، فمن ذلك :‏ ‏1.‏ الجهر بالحق والمفاصلة عليه مع من يبغضون الحق ويكرهونه، وعدم الضعف في ذلك أو التلون أمام ضغوط الإكراه ‏أو الإغواء، وقد الله تعالى لرسوله وهو في مكة :"قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي شَكٍّ مِّن دِينِي فَلاَ أَعْبُدُ الَّذِينَ ‏تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ وَلَـكِنْ أَعْبُدُ اللّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ" [يونس:104]، وقال له :"قُلْ يَا ‏أَيُّهَا الْكَافِرُونَ لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ" [الكافرون:2،1] وهو قول له ولكل من اتبعه وسار على منهاجه، ولكن ينبغي الحذر ‏من البغي أو الاستطالة على الآخرين. ‏ ‏2.‏ كشف المحاربين للدعوة السلفية والذين يتدثرون ببعض أرديتها، حتى يكون الناس على بينة من أمرهم، لكن من غير ‏أن يُظلم أحد أو يُتهم بغير بينة ودليل يرشد إلى ذلك. ‏ ‏3.‏ عدم الفتور في نشر المنهج السلفي وجمع الأمة عليه، والتماس كل طريق صالح يؤدي إلى ذلك، فإن الدعوة السلفية ‏دعوة للاجتماع على الحق قولا وعملا.‏ ‏4.‏ تحديث وسائل الدعوة ومواجهة الخارجين على المنهج السلفي بأساليب ووسائل صحيحة مقبولة وفق قواعد المنهج ‏السلفي، مع عدم الانسياق وراء ما تروجه وسائل الإعلام في كثير من بلاد المسلمين عن الخيار الديمقراطي. ‏ ‏5.‏ الثبات على الحق وعدم المداهنة أو الخضوع والخنوع :من عوامل قوة المنهج السلفي الثبات على الحق، وفي أجواء ‏الحملة المضادة ربما يحاول بعضهم أن ينحني للعاصفة حتى لا تقتلعه، وإذا كانت قواعد السياسة الشرعية تسمح ‏للمسلم أن يؤخر الدعوة إلى أمر من الدين إذا علم أنه لا يقدر على ذلك، فيؤخره إلى حين التمكن، لكن لا ينبغي ‏له المداهنة والموافقة على بعض الباطل في مقابل أن يُسمح له ببعض الحق، فالسكوت عن التكلم بالحق إذا لم يكن ‏ذلك مقدورا أولى من النطق بالباطل وقد حذر القرآن من ذلك المسلك فقال تعالى :"وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ" ‏‏[القلم:9] وقد بين ابن جرير الطبري رحمه الله تعالى معنى ذلك فقال :"ود هؤلاء المشركون يا محمد لو تلين لهم في ‏دينك بإجابتك إياهم، إلى الركون إلى آلهتهم، فيلينون لك في عبادتك إلهك"‏ ، وقال الحسن البصري رحمه الله تعالى ‏‏:"ودوا لو ترفض بعض أمرك، فيرفضون بعض أمرهم"‏ ، فالمنهج السلفي يأبى الصيغ التوافقية التي يترتب عليها ‏الإقرار ببعض الحق بجانب بعض الباطل، أو التخلي عن بعض الحق في مقابل أن يتخلى أهل الباطل عن بعض ‏باطلهم، ونلحظ في هذا المجال في أيامنا هذه محاولة إدخال كثير من الألفاظ والتعابير وحشرها بعجرها وبجرها في ‏نسيج الأمة الثقافي من غير أي تمييز، وموافقة كثير من الناس على ذلك أو السكوت عليه، كما نلحظ اتهام من يميز ‏هذه الألفاظ ويبين ما فيها من الصواب وما فيها من الخطأ، فمن هذه الألفاظ التي غزت ثقافتنا التسامح أو الإخاء ‏الديني، والاعتراف بالآخر المختلف ثقافيا وعقديا، ونبذ التعصب والكراهية للآخر المختلف، والبحث عن المشترك ‏الإنساني والتعاون لخير الإنسانية، وفي المقابل نجد عملية تغييب مقصودة لكثير من المصطلحات الشرعية مثل الولاء ‏والبراء، ودار الحرب ودار الإسلام، وأحكام أهل الذمة. ‏ ‏6.‏ الصبر وعدم الضجر واستعجال النتائج :إن مشروعا ضخما كمشروع المنهج السلفي يحتاج إلى جهد ومثابرة ‏ومكابدة وطول زمان، والاستعجال يقوض العمل ويفسد النتائج، فالزلل يلازم المستعجل، لكن عدم الاستعجال لا ‏يعني التراخي والكسل، بل الجد والاجتهاد والحرص كلها أمور مطلوبة في ترسيخ هذا المشروع الكبير، وقد قال ‏نوح عليه السلام :"إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهَاراً وقال :"ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَاراً ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ ‏إِسْرَاراً" مما يبين حرصه الشديد وجهده المتواصل، وكذلك الأنبياء من بعده، وعلى رأسهم سيد البشر ‏‏ فلم ‏يستعجل إذ ظل يدعو في مكة ثلاثة عشر عاما من غير استعجال النتائج، ولكن مع الجد والاجتهاد في الدعوة حيث ‏كان يلقى الناس في المواسم ويعرض عليهم دعوته، كما خرج من مكة إلى الطائف يدعو إلى ربه، فلم يكن عدم ‏الاستعجال مدعاة للتواني أو الخمول، وكان ‏‏ يرشد أصحابه إلى عدم الاستعجال، فعندما قال له خباب رضي الله ‏تعالى عنه وهم يُضيق عليهم في مكة :ألا تستنصر لنا ألا تدعو الله لنا, قال لهم بعدما ذكر ما كان يلاقيه المسلمون ‏السابقون من أقوامهم :"والله ليتمن هذا الأمر، حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله أو ‏الذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون"‏ ‏.‏ لكن هناك ضوابط لا بد مراعاتها في هذه المواجهة والتي منها :‏ ‏1.‏ العدل والإنصاف، فلا يجور على المخالف، ولا يعاملهم بمثل ما يعملون من الكذب والغش والخيانة، قال الله ‏تعالى :"ولا يجرمنكم شنئان قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى"، والعدل والإنصاف مطلوب مع كل أحد سواء ‏كان من أهل السنة والجماعة، أو كان من أصحاب الفرق، أو كان من غير المسلمين، وأما من كان يفترى على أصحاب ‏المنهج السلفي فإن الله تعالى يرد كيده في نحره ويخذل المفترين قال الله تعالى :" إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِّن ‏رَّبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ " [الأعراف :152] فبين الله تعالى أن هذه العقوبة جزاء لكل مفتر. ‏ ‏2.‏ اتباع الظاهر وعدم التنقيب عن البواطن، فإنه لا سبيل إلى الاطلاع على البواطن إلا للذي يعلم السر وأخفى، ‏لكن ينبغي مع هذا عدم الغفلة عن القرائن التي تنبئ عما وراءها، كما قال تعالى :" وَلَوْ نَشَاء لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ ‏وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ" [محمد :30]، وإذا كانت هذه القرائن لا تصلح لإصدار حكم على صاحبها، ‏لكنها تصلح للاحتراز والاحتراس منهم، وهو معنى ما روي عن عمر رضي الله تعالى عنه :"احترسوا من الناس بسوء الظن" ‏والحسن البصري ومطرف بن عبد الله من التابعين، وكذلك ما ورد في أمثال العرب من قول القائل :أخوك البكري فلا ‏تأمنه.‏ ‏3.‏ عدم المبالغة أو الغلو في الأحكام :فمن المعروف أن أحكام الشريعة ليست كلها على وزان واحد، فمنها ما هو ‏معلوم من الدين بالضرورة، ومنها ما هو مجمع عليه، ومنها ما هو مختلف فيه والخلاف ضعيف، ومنها ما هو مختلف فيه ‏والخلاف قوي، وكل نوع من هذه الأنواع له أحكامه المترتبة على وضعه، ولا ينبغي إنزال الجميع منزلة واحدة بحيث تعامل ‏المسائل المختلف فيها كما لو كانت مسائل إجماعية، ولا تعامل المسائل المشهورة كما لو كانت معلومة من الدين ‏بالضرورة، كما لا ينبغي حمل الناس على مذهب واحد في العلم والفتيا في المسائل الاجتهادية.‏ ويتبين مما تقدم أن أصحاب المنهج السلفي أهل السنة والجماعة بحاجة إلى وحدة الصف وعدم التنازع وتفريق الجهود، ‏والثبات على الحق ورفض المساومة عليه، والجد والاجتهاد واحتمال الأذى في العمل لهذا الدين، وبيان فساد الدعوات ‏المخالفة، وبيان ارتكانها على المشاريع الغربية الساعية لتقويض صرح هذا الدين، حتى يحذرهم الناس على دينهم ودنياهم، ‏والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون
http://www.muslm.net/vb/showthread.php?t=159838