القماط يعيق حركة الطفل ويبطئ نموه الجسدي واستجابته وحركته وتفاعله مع محيطه الخارجي
يحيى الشيخ زامل
جرت العادة على لف الطفل حديث الولادة بــ (القماط) وهو على الأغلب قطعة قماش بيضاء ناعمة يبلغ طولها نحو المتر تقريبا ، تخيط الأم ذلك القماط أو تشتريه جاهزاً ويوضع القماط تحت الطفل بحيث يصل الى قدميه




ثم توضع يداه الى جانبيه ويلف حول جسمه بطي طرفيه فوق بعضيهما ثم يربط بخيط سميك لكي يحافظ على ثبات الطفل ويمنع حركته او انفكاكه بسهولة ، ويصنع القماط من القماش القطني وغالبا ما يكون من ثياب الأم القديمة ، وقد ساد الاعتقاد سابقا بأن القماط يقوي عضلات اليدين والرجلين عند الطفل ، كما انه يحفظ وجهه وعينيه من الخدوش او الجروح التي يمكن ان تسببها أظفار الطفل الحادة.
أضرارالقماط في كتاب: لفت انتباهي وأنا أقلب بعض الكتب عنوان كراس صغير
( أضرار شد الطفل بالقماط ) للدكتور عيسى فالح الساعدي ، والمطبوع في عام 1998 ، والذي تناول فيه بعض العادات والتقاليد التي توارثناها من أجدادنا بدون تحقيق علمي يثبت صحتها أو فائدتها ، وركز الدكتور على أضرار القماط الصحية والسايكولوجية للطفل ، وذكر في مستهل بحثه أن القماط في معاجم اللغة هو الحبل الذي يشد به الأسير، وهو الحبل الذي تشد به قوائم الدابة للذبح، وهو الحبل أو قطعة القماش التي يشد بها الطفل في مهده، ليقول :ان شد الأسير مفهوم وله ما يبرره ، وشد الدابة شيء مفهوم وله ما يبرره أيضاً ، أما شد الأطفال أعز المخلوقات وأغلاها على قلوبنا فهو شيء غير مفهوم وليس له ما يبرره على الإطلاق، ومع ذلك وبالرغم من عبورنا الألفية الثانية نجد القماط في كل بيت يذيق أطفالنا مر العذاب ونحن بدورنا نتألم لألمهم ولا نبخل بشيء من اجل تخفيف معاناتهم هذه بشتى الوسائل ...وما أحوجنا للجهود والأموال التي نهدرها باستمرار في المراجعات وشراء الأدوية بسب الأضرار التي تصيب أطفالنا الصغار نتيجة الشد بالقماط ونحن غافلون عن ذلك كما يقول.
اسباب استمرار ظاهرة القماط:
ويذكر الدكتور أسباب استمرار هذه الظاهرة رغم قسوتها غير المقصودة هي:
1 ـ تمارس هذه العادة مع طفل لا يستطيع الكلام.
2 ـ خوف الام الشديد على طفلها من مغبة تركه بلا قماط بسب سماعها الكثير من الوصايا من قبل امها وجدتها.
3 ـ عدم التصدي لهذه العادة من قبل المؤسسات الصحية والطبية والتربوية.
تسأؤلات حول القماط
يطرح الدكتور عيسى عدة اسئلة مهمة بخصوص القماط ... حول حقيقة فوائده واضراره .... وجوده في الدول العربية والغربية ... و ماذا نلبس الطفل بعد الاستغناء عن القماط ؟ وماذا تذكر المصادر الطبية حول صحة ما يفعله القماط بالطفل ؟ ويتساءل الدكتور مرة أخرى لو سألنا أي أم عن فوائد القماط لأجابت :
( يكَولون بدون كَماط يطلع أعوج ، يطلع أحنف ، ميعرف يمشي ، مينام ، يتفزز ويتكَمز ، يخاف من يديه ، ما أعرف أشيله وأخاف عليه ) ، ثم يجيب عن تساؤلها:
أما أنه إذا لم نقمط الطفل يكون أعوج أو أحنف لخرج كل الرجال والنساء في جميع بلدان العالم مثل ما تقول لأن أكثرهم لا يستعملون القماط ، وأما أنه لا يعرف النوم ويفز من نومه ... لأننا لم نوفر له الجو الهادئ والمحيط الدافئ ، وأما كونه يخاف من يديه أو يؤذي نفسه بأظفاره .... بإمكاننا أن نقص له أظفاره مرتين في الأسبوع فنتغلب على هذه الحالة أيضاً ... وأما كون الأم لا تعرف أن تحمل طفلها الرضيع ، مع أن قدرات الإنسان تفوق كل الثديات الأخرى والتي نلاحظها تحمل صغارها بكل خفة وتوازن ومن دون أي خطر.
اضرار القماط على الطفل : ويذكر الدكتور عيسى الساعدي أهم الأضرار التي يسببها القماط فيقول:
1ـ يعيق حركة الطفل ويبطئ نموه الجسدي واستجابته وحركته وتفاعله مع محيطه الخارجي
2ـ يعيق طرح الفضلات من جسمه ، ونلاحظ ذلك حالما نفك قماطه يبدأ الطفل بطرح فضلاته
3ـ يعيق تنفسه الطبيعي ، اذ دائما ما يعيق هذا القماط قفصه الصدري وحجابه الحاجز.
4ـ تتسبب مادة اليوريا الناتجة من البول والتي يبقى الطفل فيها مدة طويلة وقماطه مبلل بتآكل جلده ووسلخه والتهابه بسبب الرطوبة والاحتكاك.
ماذا نلبس الطفل الوليد بعد الأستغناء عن القماط ؟
يجيب الدكتور : يكفي قص عدة قطع من قماش قطني مربعة نظيفة وناعمة ، تطوى كمثلثات وتستعمل كحافظات للطفل أو شراء حافظات جاهزة ، ويكفي متر من القماش لعمل ثلاث بيجامات أو ثلاث دشاديش أو شراء بدلات جاهزة من السوق عادات خاطئة نمارسها مع المولود الجديد :
وهناك بعض العادات الخاطئة التي نمارسها مع المولود الجديد، بدون أثبات علمي لها ، بل لمجرد أن النساء الأخريات تستعمله ..... مثل:
1ـ الكحلة:التي توضع على العين أو السرة وفيها مادة الرصاص التي يمكن أن يمتصها الجسم وتسبب مضاعفات خطيرة.
2 ـ حزام البطن: يستعمل لمنع الخلع عند حمل المولود. وهذه خرافة، فما عليك سوى حمله بالطريقة الصحيحة.
3 ـ القماط (رباط الطفل):يمنع تقوس الرجلين.. فهو يمنع حرية تحرك مفصل الورك ويفضل عدم استخدامه.
4 ـ تمليح الطفل الوليد: تضر ضرراً بالغاً بالطفل, وقد يسبب الصوديوم الموجود بالملح نزيفاً دماغياً.. ومضار أخرى.
5 ـ ثدي الطفل الوليد:هناك من يعصر الثدي لأنه منتفخ وهذا يسبب أوراماً وتعفنات.. لذا يجب تركه وهو يختفي عند الأسبوع الثامن.
6 ـ الأسنان: هناك اعتقاد أن الطفل يتعرض للتقيؤ والإسهال والحرارة، لكن ثبت أنه لا يوجد للأسنان هذه الأعراض.
7 ـ ملابس الطفل: هناك قاعدة: ما يحتاجه الطفل من الثياب هو نفس ما تلبسه الأم زائد قطعة، ولا حاجة للإكثار من الملابس.
القماط في العالم : ينفي الدكتور عيسى ـ في كراسه المذكور آنفاً ـ وجود القماط في الدول الغربية والعربية ،ولكن بعد البحث والتحقق من هذا النفي ثبت أن أكثرها يستعمله كما في مصر، والتي نظمت مؤخراً مؤتمراً طبياً تحت شعار
( اعطني حريتي ... أطلق رجلي ) والذي خصص لمناقشة مشكلة خلع الورك لدى الأطفال في المراحل العمرية الأولى، ويمهد هذا المؤتمر لاطلاق حملة طبية وطنية لفحص مفصل الورك وسلامة العظام لدى كافة المواليد، والتي تتسبب فيها العادة الشعبية الخاطئة التي تعرف (بالقماط) وفي اليمن تختلف عادات الولادة من منطقة لأخرى، ولكنهم عادة ما يستعملون القماط ، وفي الكويت يسمون القماط ( مهاد ) وعند البدو يسمونه
( زهماله ) ، وأما الخيط فيسمونه ( مقاط ) ، وعند المصريين يسمونه ( اللفه ) . وفي العراق أشار الكثير من الاختصاصيين حول أضرار القماط ، وقد أسهب الشيخ جلال الحنفي وكذلك الدكتور المرحوم كمال السامرائي في وصف القماط وتثبيت أضراره ومنافعه.. كما نبهت الجهات الطبية في الغرب منذ الستينيات إلى خطورة عادة ربط أرجل الأطفال
المواليد بـ (القماط) لتسببها في أمراض كثيرة ، وقداصطلح عنه عند الانكليز
( swaddle )وأما النسوة الأفريقيات فهن يحملن أطفالهن مقمطين على ظهورهن وكذلك أطفال الاسكيمو ، وفي ألبانيا مثلاً وخاصة في القرى والأرياف يشد الاطفال منذ أول يوم من ولادتهم كاللفافة
( السيجارة ) وترضعهم أمهاتهم وهم مشدودون ، ولا تفك عنهم أربطتهم إلا مؤقتا لتنظيف أجسامهم وتبديل لفافاتهم المتسخة.
وأخيراً تبقى هذه الدراسات هي محاولات جادة للوصول إلى ترك هذه العادة أو الاستمرار بها ، والأمر متروك للأم أيضاً حول الأخذ بنتائج هذه الدراسات والبحوث ،وهي وحدها التي تقرر ومن خلال التجربة فوائده من أضراره.

مع دوام الصحة والعافية لاطفالنا

م.ن




منقول