كتب لوقا في [ 1 : 1 ] : (( إذ كان كثيرون قد اخذوا بتأليف قصة في الأمور المتيقنة عندنا كما سلمها إلينا الذين كانوا منذ البدء معاينين وخداما للكلمة رأيت أنا أيضا إذ قد تتبعت كل شيء من الأول بتدقيق أن اكتب على التوالي إليك أيها العزيز ثاوفيلس لتعرف صحة الكلام الذي علّمت به ))
يتبين لنا من مقدمة الخطاب الموجه من لوقا إلى صاحب السمو ثاوفيلس أن كثيرين هم الذين كتبوا مثل ما كتبه لوقا في بيان حال المسيح . فأين هذه الأناجيل ؟ فمن الواضح جداً أنه كانت هناك كثرة في كتابة الأناجيل في ذلك الزمن . . فأين هي ؟ ثم أليس من الممكن أن تكون هذه الأناجيل قد نقلت واحتوت على بعض من أقوال وبشارات المسيح بالنبي الخاتم ؟
وتعدد دائرة المعارف الأمريكية ( ENCYCLOPEDIA AMERCANA ,1959 ) أشهر الأناجيل الغير معترف بها والتي منها :
إنجيل توما _ إنجيل بطرس _ إنجيل باسيليوس _ إنجيل فيلب _ إنجيل ماتياس _ إنجيل برثولماوس _ إنجيل أندراوس _ إنجيل الانكراتيين _ إنجيل ثداوس _ إنجيل غمالائيل _ إنجيل أبللس _ رؤيا إستفانوس . . . وغيرها من الأناجيل .
وعلى ذلك لم تكن الأناجيل الأربعة التي يتضمنها حالياً الكتاب المقدس هي الأناجيل الوحيدة التي كانت قد دُوِّنت في القرون الأولى بعد الميلاد ، فقد كان هناك الكثير من الأناجيل. وهذا هو السبب الذي دفع لوقا أن يكتب رسالته إلى صديقه ثاوفيليس التي اعتبرتها الكنيسة فيما بعد من كلام الله : (( إذ كَانَ كَثِيرُونَ قَدْ أَخَذُوا بتأليف قِصَّةٍ فِي الأمور الْمُتَيَقَّنَةِ عِنْدَنَا كَمَا سَلَّمَهَا إلينا الَّذِينَ كَانُوا مُنْذُ الْبَدْءِ مُعَايِنِينَ وَخُدَّاماً لِلْكَلِمَةِ رَأَيْتُ أَنَا أيضا إذ قَدْ تَتَبَّعْتُ كُلَّ شَيْءٍ مِنَ الأول بِتَدْقِيقٍ أَنْ أَكْتُبَ عَلَى التَّوَالِي إِلَيْكَ أَيُّهَا الْعَزِيزُ ثَاوُفِيلُسُ لِتَعْرِفَ صِحَّةَ الْكَلاَمِ الَّذِي عُلِّمْتَ بِهِ. )) لوقا 1: 1-4
ومن المعلوم أن المجامع الأولى قد حرمت قراءة الكتب التي تخالف الكتب الأربعة والرسائل التي اعتمدتها الكنيسة فصار أتباعها يحرقون تلك الكتب ويتلفونها ، فنحن لا ثقة لنا باختيار المجامع البشرية لما اختارته فنجعله حجة ونعد ما عداه كالعدم . وها هو مجمع (ترنت) الذي عقد في القرن الخامس عشر والذي صادق على قرارات مجمع
( قرطاج "Carthage" سنة 397 بشأن الأسفار السبعة وحكم بقانونيتها ، فجاءت الكنيسة البروتستنانية بعد ذلك في أوائل القرن السادس عشر ورفضت قرارات هذين المجمعين بمجمع آخر !
يقول القس السابق عبد الأحد داود :
(( إن هذه السبعة والعشرين سفراً أو الرسالة الموضوعة من قبل ثمانية كتاب لم تدخل في عداد الكتب المقدسة باعتبار مجموعة هيئتها بصورة رسمية إلا في القرن الرابع بإقرار مجمع نيقية سنة 325 م . لذلك لم تكن أي من هذه الرسائل مصدقة لدى الكنيسة . . . وهناك أي في مجمع نيقية تم انتخاب الأناجيل الأربعة من بين أكثر من أربعين أو خمسين إنجيلاً ، وتم انتخاب الرسائل الإحدى والعشرين من رسائل العهد الجديد من بين رسائل لا تعد ولا تحصى ، وصودق عليها ، وكانت الهيئة التي اختارت العهد الجديد هي تلك الهيئة التي قالت بألوهية المسيح ، وكان اختيار كتب العهد الجديد على أساس رفض الكتب المسيحية المشتملة على تعاليم غير موافقة لعقيدة نيقية وإحراقها كلها )) [ الإنجيل والصليب صفحة 14 ]
ويقول المؤرخ ( ديورانت ) في كتابة قصة الحضارة المجلد الثالث :
(( وصدر مرسوم إمبراطوري يأمر بإحراق كتب آريوس جميعها ، ويجعل إخفاء أي كتاب منها جريمة يعاقب عليها بالإعدام ))
ويقول الكاتب المسيحي حبيب سعيد :
(( وبذلك فض المؤتمر النزاع القائم ، وقرر إبعاد آريوس وأتباعه وحرق الكتاب الذي أودعه آراءه الملحدة ))
وقد أعلن “آدم كلارك” في المجلد السادس من تفسيره: (( إن الأناجيل الكاذبة كانت رائجة في القرون الأولى للمسيحية ، وأن فايبر بسينوس جمع أكثرَ من سبعين إنجيلاً من تلك الأناجيل وجعلها في ثلاث مجلدات )).

كما أعلن فاستوس الذي كان من أعظم علماء فرقة ماني في القرن الرابع الميلادي: (( إن تغيير الديانة النصرانية كان أمراً محقاً، وإن هذا العهد الجديد المتداول حالياً بين النصارى ما صنعه السيد المسيح ولا الحواريين تلامذته ، بل صنعه رجل مجهول الاسم ونسبه إلى الحواريين أصحاب المسيح ليعتبر الناس )).

وقد كتب في مسألة تعدد الأناجيل الكثير من مؤرخي النصرانية ، فيقول العالم الألماني “دى يونس” في كتابه (الإسلام): “إن روايات الصلب والفداء من مخترعات بولس ومَنْ شابهه من المنافقين خصوصاً وقد اعترف علماء النصرانية قديماً وحديثاً بأن الكنيسة العامة كانت منذ عهد الحواريين إلى مضى 325 سنة بغير كتاب معتمد ، وكل فرقة كان لها كتابها الخاص بها”. [ راجع المدخل إلى العهد الجديد ]

الغريب أن الكنيسة هي التي حددت الكتب الصحيحة التي يجب أن تُداوَل وألغت الباقي واعتبرها كتب غير قانونية ، ومنها كتب ورسائل للمسيح نفسه ، وكتاب لمريم العذراء ، وأناجيل أخرى كثيرة للحواريين تلاميذه.
فبأي سلطان عملت الكنيسة هذا ؟
لا يستطيع أي إنسان مسيحي عاقل ومنصف أن يقول إن الكنيسة لا تخطيء.

فقد خرج علينا بابا الفاتيكان هذه الأيام باعتذارات رسمية عما قامت به الكنيسة في سالف العهد من اضطهاد لمخالفيها في العقيدة أو الرأي ؛ إذن البابا والكنيسة تخطيء.
كما علمنا من الاعتداءات الجنسية التي وقعت في سالف العهد أو التي نسمع هنا هذه الأيام وسيدفع الفاتيكان تعويضات مالية باهظة للمتضررين ، كما قامت بفصل بعض الأساقفة والقساوسة الذين ثبتت عليهم تهمة الاعتداءات الجنسية على الأطفال الذكور والبنات القصَّر والسيدات والراهبات. إذن فكل من البابا والكنيسة يخطيء.

قرر المجمع المسكونى الخامس للكنيسة أن المرأة خالية من الروح الناجية التي تنجيها من جهنم!
وقرر مجمع آخر أن المرأة حيوان نجس ، يجب الابتعاد عنه ، وأنه لا روح لها ولا خلود ، ولا تُلقَّن مباديء الدين لأنها لا تُقبَل عبادتها ، ولا تدخل الجنة ، ولا الملكوت ، ولكن يجب عليها الخدمة والعبادة ، وأن يكمم فمها كالبعير أو كالكلب العقور ، لمنعها من الضحك ومن الكلام لأنها أحبولة الشيطان.

وفى عام 1500 تشكل مجلس اجتماعي في بريطانيا لتعذيب النساء ، وابتدع وسائل جديدة لتعذيبهن ، وقد أحرق الآلاف منهن وهنَّ أحياء ، وكانوا يصبون الزيت المغلي على أجسامهن فقط لمجرد التسلية. وحتى لا يختلف عليك الأمر فقد كان القضاة هم رجال الكنيسة. إذن البابا والكنيسة تخطيء.


البابا إسكندر السادس اتخذ له عشيقة اسمها جيلبا فارنيس موفورة الجمال ، صغيرة السن ، اغتصبها من خطيبها ، واحتفظ بها بعد ارتقائه كرسي البابوية. إذن البابا والكنيسة تخطيء.

البابا يوحنا الثاني كان خليعاً ماجناً اتُّهِمَ من قِبَل 40 أسقفا و17 كاردينالاً بأنه فسق بعدة نساء. وأنه قلَّدَ مطرانية (طودى) لغلام كان سنه 10 سنين ، ثم قُتِلَ وهو متلبس بجريمة الزنا مع امرأة ، وكان القاتل له زوجها. إذن البابا والكنيسة تخطيء.


والبابا اينوسنت الرابع كان متهماً بالرشوة والفساد. إذن البابا والكنيسة تخطيء.


والبابا اكليمنضوس الخامس عشر كان يجول فيينا وليون لجمع المال مع عشيقته. إذن البابا والكنيسة تخطيء.

والبابا يوحنا الثالث والعشرين متهم بأنه سمَّم سلفه ، وأنه باع الوظائف الكنسية ، وأنه كان كافر لوطياً. إذن البابا والكنيسة تخطيء.

يقول الراهب جروم في كشفه عن منابع الفساد في مراكز الديانة النصرانية: (إن عيش القسوس ، ونعيمهم ، كان يزرى بترف الأغنياء والأمراء - ولقد انحطت أخلاق الباباوات انحطاطاً عظيماً ، واستحوذ عليهم الجشع ، وحب المال ، وعدوا أطوارهم حتى كانوا يبيعون المناصب والوظائف في المزاد العلني ، ويؤجرون الجنة بالصكوك ، ويأذنون بنقض القوانين ويمنحون شهادات النجاة وإجازة حل المحرمات والمحظورات ، ولا يتورعن عن التعامل بالربا والرشوة. إذن البابا والكنيسة تخطيء.

ولقد بلغ من تبذيرهم للمال أن البابا اينوسنت الثامن اضطر إلى أن يرهن تاج البابوية ... ويذكر عن البابا ليو العاشر أنه أنفق ما ترك سلفه من ثروة ، بالإضافة إلى دخله وإيراد خليفته المنتظر. إذن البابا والكنيسة تخطيء.

وكانوا يفرضون الإتاوات على الناس ، ويستخدمون أبشع الوسائل في استيفائها من الأغنياء والفقراء على السواء ، ولا يأنفون من استيفاء هذه الإتاوات والضرائب ، حتى من البغايا اللواتي يستخدمن أعراضهنَّ للحصول على المعيشة - بل كانوا يشجعون على البغاء العلني بإعطاء التراخيص والإجازات لمن يريد من العاهرات ممارسة مهنة البغاء. إذن البابا والكنيسة تخطيء.

وقد أحصى عدد من حصلن على التراخيص في عهد أحد الباباوات فوجد أن عددهن يتجاوز 000 16 (ستة عشرة ألف) امرأة في مدينة روما وحدها. إذن البابا والكنيسة تخطيء.

وكيف لا تُخطيء الكنيسة أو أعلى سلطة بها وهو البابا ، وكتابهم المقدس يعُج بقصص زنا الأنبياء وفجورهم وعبادتهم الأوثان؟ أأصدق أن نبي الله إبراهيم باع عرضه (تكوين 12: 11-16) أو نبي الله داوود زنى بامرأة جاره (صموئيل الثاني 11: 2-5)، أو نبي الله سليمان عبد الأوثان (ملوك الأول 11: 5) ، ثم أقول بعصمة البابا ورجاله؟

أما عن الكتاب نفسه التي رشحت الكنيسة محتواه ليكون مقدساً من عند الله دون غيره ، يقول الأب (بولس إلياس) في كتابه “يسوع المسيح” صفحة 18: " إن الأناجيل بُنِيَت على المعتقدات فقد نشأت المعتقدات بواسطة بولس ، ثم كتب بولس رسائله بين سنة 55 وسنة 63 ميلادية ، بَيْدَ أنَّ الإنجيليين لم يبدءوا كتابة أناجيلهم إلا في سنة 63 ميلادية ”.

ويقول " جورج كيرد " : إن أول نص مطبوع من العهد الجديد كان الذي قدمه أرازموس عام 1516 م ، وقبل هذا التاريخ كان يحفظ النص في مخطوطات نسختها أيدي مجهدة لكتبة كثيرين، ويوجد اليوم من هذه المخطوطات 4700 ما بين قصاصات من ورق إلى مخطوطات كاملة على رقائق من الجلد أو القماش ، وأن نصوص جميع هذه المخطوطات تختلف اختلافا كبيراً ولا يمكننا الاعتقاد أن أيَّا منها قد نجا من الخطأ ، ومهما كان الناسخ حي الضمير فإنه ارتكب أخطاء ، وهذه الأخطاء بقيت في كل النسخ التي نقلت من نسخته الأصلية ، وأن أغلب النسخ الموجودة من جميع الأحجام قد تعرضت لتغييرات أخرى على أيدي المصححين الذي لم يكن عملهم دائماً إعادة القراءة الصحيحة.”

ويؤكد تشيندورف الذي عثر على نسخة سيناء ( أهم النسخ ) في دير سانت كاترين عام 1844 والتي ترجع إلى القرن الرابع : إنها تحتوي على الأقل على 16000 تصحيح ارجع إلى Realenzyklopädie) ) ترجع على الأقل إلى سبعة مصححين أو معالجين للنص، بل قد وجد أن بعض المواقع قد تم كشطها ثلاث مرات وكتب عليها للمرة الرابعة . (ارجع في ذلك إلى "Synopse "لهوك ليتسمان "Huck-Lutzmann "صفحة (11) لعام 1950 .)
وقد اكتشف ديلتسش ، أحد خبراء العهد القديم و[أستاذ] ومتخصص في اللغة العبرية ، حوالي 3000 خطأً مختلفاً في نصوص العهد القديم التي عالجها بإجلال وتحفظ.


ويقول القس شورر: إن الهدف من القول بالوحي الكامل للكتاب المقدس، والمفهوم الرامي إلى أن يكون الله هو مؤلفه هو زعم باطل ويتعارض مع المباديء الأساسية لعقل الإنسان السليم ، الأمر الذى تؤكده لنا الاختلافات البينة للنصوص ، لذلك لا يمكن أن يتبنى هذا الرأي إلا إنجيليون جاهلون أو مَن كانت ثقافته ضحلة (ص 128)، وما يزيد دهشتنا هو أن الكنيسة الكاثوليكية مازالت تنادي أن الله هو مؤلف الكتاب المقدس .