19/10/2009
مقدسيو البلدة القديمة صامدون رغم خطر انهيار بيوتهم نتيجة الحفريات الإسرائيلية



أ ش أ
يخشي عمر صيام ' 47 عاما' سقوط أطفاله في حفرة بمدخل بيته بالبلدة القديمة في القدس نتجت عن هبوط أرضي بفعل الحفريات التي عمدت إليها سلطات الاحتلال الإسرائيلي منذ احتلالها المدينة عام 1967 بحثا عن الهيكل المزعوم.


ولاحظ موفد وكالة أنباء الشرق الأوسط إلي الضفة الغربية التشققات في كل مكان في البيوت الواقعة بجوار الجدار الغربي للمسجد الأقصي المبارك وبلدة سلوان الحامية الجنوبية للمسجد.

وتقول زوجة صيام وهي تحمل صغيرها "الحفرة التي ظهرت ابني فعلا /غطس/ فيها لأنه ضعيف وقليل 'الحجم' والحمدلله أنه لم يسقط 'كلية' لاننا كنا لن نعرف أين هو".

ويقول صيام وهو يشير إلي مدخل البيت " هذه ساحة كبيرة يلعب فيها 10 أطفال .. ولا يوجد غير هذا الممر .. نحن الآن نراها 'الحفرة' بهذا الاتساع ولا نعرف فقد يأتي الليل وقد ازدادت اتساعا."

ويقول خليل تفكجي، مدير دائرة الخرائط في جمعية الدراسات العربية في مدينة القدس المحتلة إن " إسرائيل تحاول باستمرار تغيير الملامح التاريخية والديمغرافية للقدس؛ فقد سحبت ما يزيد علي 10 آلاف هوية من عائلات فلسطينية منذ عام 1967 وحتي عام 2009، إلي جانب هدم 876 منزلا منذ عام 1994 وحتي منتصف عام 2009 وطرد سكانها خارج حدود المدينة حيث أصبحوا دون مأوي".

وتكثف إسرائيل في الفترة الأخيرة من وتيرة الحفريات الإسرائيلية علي طول الجدار الغربي والجنوبي للمسجد الأقصي المبارك ، مما أدي الي حدوث سلسلة من الانهيارات في بيوت البلدة القديمة.

ويسمع أهل البلدة القديمة أصوات آلات الحفر الإسرائيلية تحت بيوتهم علي مدار الساعة والتي تؤدي الي اهتزازات قوية.

وتقول الزوجة وهي تقف في إحدي الغرف أمام خزانة للملابس غطت جزءا من تشقق يمتد من أسفل الحائط إلي أعلاه" منذ شهور نسمع صوت ضجيج تحت الأرض والبلاط يهتز .. أحيانا في الصباح وأحيانا في الليل ، معظم الأوقات نشعر أن هناك اهتزازا والجيران كذلك .. وصارت التشققات تزاداد بالبيت."

ويضيف أحمد قراعين من بلدة سلوان " فجأة وجدنا جرافات وبلدوزرات وكراكات في المنطقة .. لا نعرف كيف ننام."

وتسبب أصوات الجرافات الإسرائيلية ازعاجا بالغا لسكان البلدة القديمة بالقدس لدرجة أن الطفل وديع أحمد لا يستطيع تحصيل دروسه ويروي ذلك بأسي " أكون قاعدا علي الكرسي في البيت أدرس ' أذاكر' وعندما أسمع صوت الماكينات لا أستطيع 'المذاكرة'".

وإذا كانت أصوات الماكينات تؤثر علي دراسة الأطفال، فإنها تسبب مشكلة من نوع آخر لجميل هزاع الذي يقول "حتي الأذان 'الصادر' من المسجد الاقصي لا نسمعه بسبب ضجيج الحفارات والجرافات ".

ويقول خليل تفكجي، مدير دائرة الخرائط في جمعية الدراسات العربية في مدينة القدس المحتلة إن ما تقوم به سلطات الاحتلال الإسرائيلي حاليا هو إنشاء مدينة أخري تحت القدس لتنسجم مع معتقداتهم.

وبطبيعة الحال لا تسمح سلطات الاحتلال للسكان بمشاهدة هذه الحفريات، لكن صامد جمال أحد الذين تضررت منازلهم في البلدة القديمة تجرأ ونزل إلي أسفل فشاهد "أعمدة حديدية مغطاة بأخشاب".

أما حربي عبدالرزاق الذي يسكن إلي الناحية الغربية للمسجد الأقصي فيقول "أنا نزلت تحت ورأيت بلدة قديمة مثل القدس لكن بدون بيوت .. مساحات كبيرة فارغة .. يعني يمكن أن تسير تحت الارض حتي تصل إلي سلوان 'في الناحية الجنوبية للمسجد الأقصي'."


وتحت وطأة الحفريات الإسرائيلية المتصاعدة علي امتداد الجدار الغربي للمسجد الأقصي المبارك والناحية الجنوبية حيث بلدة سلوان أخذت رقعة التشققات والانهيارات أسفل بيوت القدس تتسع يوما بعد يوم ما يهدد بيوت البلدة القديمة بالانهيار الكامل.

وينظر عباس الحجاج إلي فروقات بين حافة الحائط والإطار الخشبي لباب غرفته ويقول "الاسرائيليون يحفرون أنفاقا أسفل البيت .. البيت يهتز بشدة والاطفال يعيشون في رعب" .. ويضيف مراد كراتشي من بلدة سلوان وقد أزال بيديه من الحائط طبقة من المحارة بدت رخوة " انظر إلي هذه التشققات .. البيت سينهار"؟.

وكشفت صحيفة "هآرتس" قبل أيام عن شريط مصور يؤكد أن جمعية "إلعاد" الاستيطانية تنفذ أعمال حفريات بدعم من السلطات الإسرائيلية في حي سلوان المحاذي للبلدة القديمة في القدس رغم علمها بأن هذه الحفريات تشكل خطرا علي مبان عربية وتهدد بانهيارها.

ويقول جواد صيام الناطق الاعلامي لتجمع أهالي سلوان " عندما ظهرت التشققات وجدنا أن 21 بيتا بها تصدعات ووصلت اليوم فوق 40 بيتا " .

وتنظر الحاجة رويدة إلي تصدع في أعلي حائط بالبيت وتقول " التشقق يزداد .. الغرفة الاخري كلها تشققات .. البيت علي وشك الانهيار علينا".

وتضيف فاتنة الفتياني بينما تمرر اصبعها علي تصدع في أحد حوائط بيتها " التشقق مساحته كبيرة يمتد من أرضية الغرفة إلي السقف ويتسع من أعلي .. أما التشقق في الحمام فهو عرضي والتشقق العرضي أكثر خطرا من التشقق الطولي."

وتزداد معاناة السكان المتضررة بيوتهم من التشققات في فصل الشتاء.

وتعبر الطفلة كوثر صيام عن ذلك وهي تدقق في تصدع بسقف الغرفة " لا نعرف النوم في الشتاء.. الأمطار تسقط علينا".

ولا يعرف علي وجه التحديد عدد الأنفاق التي حفرتها سلطات الاحتلال في البلدة القديمة، لكنها علي ما يبدو كثيرة. وكان أحدثها ما أعلنه مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية في سبتمبر الماضي عندما أكد وجود نفق جديد تحت بلدة سلوان يتجه نحو المسجد الأقصي بطول يزيد علي 120 مترا وبعرض متر ونصف المتر وبارتفاع 3 أمتار ويستهدف هذا النفق الاتصال بشبكة الأنفاق تحت بلدة سلوان والمتجهة هي الأخري نحو المسجد الأقصي.

ويبدأ النفق من أسفل مسجد عين سلوان عند زاويته الغربية ويتجه إلي أعلي شمالا مع ميلان بسيط نحو الغرب وتشكل هذه الأنفاق مجتمعة خطرا مباشرا علي بيوت سلوان التي تشقق الكثير منها جراء الحفريات الإسرائيلية وبسبب هذه الحفريات انهار أحد الصفوف المدرسية في مدرسة بنات القدس التابعة للأنروا علي بعد نحو 40 مترا عن المسجد الأقصي.

ويقول إبراهيم الجولاني " منذ 1967 أعرف انهم كانوا يحفرون نفقا واحدا لكن الظاهر أنهم يحفرون أكثر من عشرين أو ثلاثين نفقا.. كل هذا لكي يصلوا إلي المسجد الأقصي."

ويضيف من فوق سطح بيته المطل علي ساحات المسجد الأقصي " الأنفاق التي يحفرها اليهود تحت الأقصي وتحت البلدة القديمة تمر من أسفل باب المغاربة حتي تصل إلي عين سلوان وهذه الانفاق سببت تشققات في بيوتنا ولا يوجد بيت غير معرض للسقوط ".

ويخشي السكان ترميم هذه البيوت علي اعتبار أن الحوائط والأرضيات لن تتحمل أية عمليات إعادة بناء. وفي هذا الصدد يقول حربي عبدالرزاق بعد أن أزاح سجادة البيت لتظهر الأرضية بدون بلاط " لا أستطيع أن أعيده .. البيت سينهار."

ورغم هذه الأخطار التي تهدد المقدسيين إلا أنهم يبدون تصميما كبيرا علي البقاء في بيوتهم رغم الاغراءات الإسرائيلية بتركها. ومن بين هؤلاء الحاجة رويدة التي تقول وهي ترفع نظرها إلي السقف الذي ظهر منه حديد التسليح " هذا السقف من كثرة التشققات تساقطت منه أجزاء فوقنا لكننا انشاء الله صامدون في القدس حتي لو ردم علينا " .

ويضيف أحمد قراعين " لن أخرج من بيتي .. حتي لو انهار علي وعلي أولادي .. حاولوا 'الإسرائيليون' يغرونا بالمال .. لكننا لن نتركه. "
http://www.elaosboa.com/