مفاهيم خطرة حكم التدرج بالاسلام

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات


مـواقـع شـقــيـقـة
شبكة الفرقان الإسلامية شبكة سبيل الإسلام شبكة كلمة سواء الدعوية منتديات حراس العقيدة
البشارة الإسلامية منتديات طريق الإيمان منتدى التوحيد مكتبة المهتدون
موقع الشيخ احمد ديدات تليفزيون الحقيقة شبكة برسوميات شبكة المسيح كلمة الله
غرفة الحوار الإسلامي المسيحي مكافح الشبهات شبكة الحقيقة الإسلامية موقع بشارة المسيح
شبكة البهائية فى الميزان شبكة الأحمدية فى الميزان مركز براهين شبكة ضد الإلحاد

يرجى عدم تناول موضوعات سياسية حتى لا تتعرض العضوية للحظر

 

       

         

 

    

 

 

    

 

مفاهيم خطرة حكم التدرج بالاسلام

النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: مفاهيم خطرة حكم التدرج بالاسلام

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Oct 2009
    المشاركات
    5
    آخر نشاط
    13-10-2009
    على الساعة
    01:45 AM

    افتراضي مفاهيم خطرة حكم التدرج بالاسلام

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    بســم الله الـرحمــن الرحيــم

    حكم التدرج في تطبيق الشريعه مفاهيم خطيرة جدا

    السؤال: فضيلة الشيخ يدور كلام كثير حول حكم التدرج في تطبيق الشريعة ، فما هو الجواب في هذه المسألة ؟!----

    جواب الشيخ:



    الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد :

    قبل أن نبيـّن هذه المسألة الجليلة ، ينبغي أن ننبّه إلى أنَّ من أعظم أسباب انتشار الخلاف ، وإعقابه الفتن ، هو خوض من هبّ ودبّ في مثل هذه المسائـل ، حتـَّى تقطعـوا رأيهم بينهـم زُبـُراً ، كلُّ حزب بما لديهم فرحون ، ولو أخذوا بمفهومي الإجتهاد ، والتقليد ، الذين وضعهما علماؤنا لضبط الفتوى ، فلا يخوض في هذه المسائل إلاَّ من شُهـد له بالعلم ، واشتهر بذلك ، وعـُرف شيوخـُه فيه ، ثـمَّ المقلـد يصمـت ، لقضي على أكثـر هذه الفتن .

    وفي صحيح البخاري من حديث ابن عباس رضي الله عنه : أنَّ عمر غضب لما سمع كلاما من عامة الناس في موسم الحج عن شأن البيعة ، ‏فقال : ( إني إن شاء الله لقائم العشيَّة في الناس ، فمحذرهم ، هؤلاء الذين يريدون أن يغصبوهم أمورهم ، قال ‏ ‏عبد الرحمن بن عرف رضي الله عنه : ‏ ‏فقلت يا أمير المؤمنين لا تفعل فإنّ الموسم يجمع ‏رعاع ‏الناس ‏ ‏وغوغاءهم ‏ ، ‏فإنهم هم الذين يغلبون على قربك ، حين تقوم في الناس ، وأنا أخشى أن تقوم فتقول مقالة يطيرها عنك كلَّ ‏ ‏مطير ‏، ‏وأن لا يعوها ، وأن لايضعوها على مواضعها ، فأمهل حتى تقدم ‏ ‏المدينة ‏ ، ‏فإنها دار الهجرة ، والسنة ، فتخلص بأهل الفقه ، وأشراف الناس ، فتقول ما قلت متمكنا ، فيعي أهل العلم مقالتك ، ويضعونها على مواضعها ، فقال ‏ ‏عمر : ‏ ‏أمَّا والله ، إن شاء الله ، لأقومن بذلك أوَّل مقام أقومه ‏‏بالمدينة).

    قال ابن حجر رحمه الله : ( وفيه التنبيه على أنّ العلم لا يودع عند غير أهله , ولا يحدث به إلاّ من يعقله , ولايحدث القليل الفهم بما لا يحتمله ) .

    والمصيبة اليوم أنَّ الذي يضع مقالات العلماء في غير مواضعها ، ويطير بها كــلّ مطير ، ليس الغوغاء ، ورعاع الناس فحسب ، بل أسفل منهم ، وهـم الحثالة ، ذوو الجهالة ، والأسمـاء المختصرة ، والألقـاب التي بغير شيء مفتخرة ، وهم في علوم الشرع ، أحـطّ منزلة من مجهول العين ـ فضلا عن مجهول الحال ـ أي : المبهمون ، وإذا كان من شؤم مجهول الحال أنه يسقط به إسنادٌ مسلسلٌ بالأئمة الثقات إن جرى ذكره فـيه ، فكيف بالمبهـم الذي لايُعـرف أنفـُـه من فيه ؟!!

    فهذه والله فتنة لكلِّ مفتون ، وبدعةٌ عابثة عصرية من سخافات العقول ، أبتُلـي بهـم من ابتُلي من ضعاف التفكيـر ، حتـّى أخاضوه في التضليل والتكفيـر .

    كما ننبـّه أنّ من خطورة هذه المسألة أنّ بعض الحكـّام يستغلّهـا للالتفاف على الشريعة .

    ولهذا فيجب التفريق بين من ظاهـر حاله السعي للتغيـّير ، وهو مع ذلك يقيم الإسلام على نفسه ، ومن تحت يده ، ويعلم من حاله ذلك ، ظاهراً ، وباطنـاً ، فهو من أهل التديّن في الظاهـر ، فيبدو عليه الصدق فيما ينويه من التغيير إلى الشريعة .

    وبين من هو مخالف للشرع ، بعيدٌ عنه ، في أحواله الخاصة ، والعامة، فهو يتلاعب بهذه المسألة تلاعب المنافقين بآيات ربّ العالمين ، فهذا لايجوز أن يُجـارى في عبثه بالإسلام ، ومن فعل ذلك فهو شريكه في الآثام .

    وعلى أية حال فهذه المسألة التي سأل عنها السائل ، وهي التدرج في تطبيق الشريعة ، قـد تندرج تحت واحـدة من هذه القواعد الكبار :

    أحدهما : سقوط التكليف بالعجـز.
    والثانية : ( فأتوا منه ما استطعتم ).
    والثالثة : ارتكاب أخف الضررين.
    والرابعة : تقديم الأرجح عند التعارض بين المصالح والمفاسـد.

    وإذا علم أنَّ تطبيق الشريعة في نظام الدولة ـ وليس على نفس الإنسان ومن تحت يده فحسب ـ قـد يعنـي ـ في بعض البلاد ـ تغيير واقع كبيـر مخالف للشريعة ، كثيـر التفاصيل ، في حياة معقَّدة ، تطرأ فيها آلاف المسائل الجديدة ، التي تحتاج إلى علماء ، وقضاة ، على دراية بما يقضـون فيه ، فلا يقول أنـَّه يمكن فعل ذلك بغيـر تدريج مطلـقاً إلاَّ جاهـل لـم يتصوَّر المشروع أصـلا ، وهـو لا يعرف ماذا يعني هذا العنـوان الكبيـر ، وإنما أخذ عنوانـاً وطار فيه مطار الغوغـاء ، والدهماء !

    فإذا انضـمِّ إلى أنَّ المشروع في مثل هذه البيئـة ، كونها بيئــةً ذات تحفــُّز دائم لحـرب عدوّ متربّص ، وحصار خانـق منغِّـص ، مع قلـّة الإمكانات ، وضعف القدرات ، فإنَّ من يظن تحريـم التدرّج مطلقـا ، فهو من أجهـل الناس ، ولا يقول هذا ـ أصـلاً ـ إلاَّ من لم يمارس الفتوى ، ولا القضاء ، ولا يعرف أعباءهما في الناس ، وإنما قصـر نظره على مسائل محددة ، وتعصّـب عليها .

    وإذا كان شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ( لاسيما في هذه الأزمنة المتأخرة التي غلب فيها خلط الأعمال الصالحة بالسيئة في جميع الأصناف ، لنرجّح عند التزاحم ، والتمانع خير الخيرين ، وندفع عند الاجتماع شـر الشرِّين ، ونقدم عند التلازم ـ تلازم الحسنات والسيئات ما ترجح منها ـ فإنّ غالب رؤوس المتأخرين ، وغالب الأمة من الملوك ، والأمراء ، والمتكلمين ، والعلماء ، والعباد ، وأهل الأموال يقع ـ غالبا ـ فيهم ذلك ) الاستقامة (2/168)

    إذا كان هذا في ذلك الزمان فكيف بنا نحن اليـوم ؟! وقد انتشر الفساد ، وعم البلاد ، وصارت القوانين الوضعية ، ربما تسري على كلِّ شيء صغيـرٍ وكبيـرٍ ، في حياة الناس.

    وكيف ليت شعري يُقـال يحــرم التدرّج مطلقــا ، وأنـّه لايحـل لمن أوتي مقاليد السلطة إلاّ يجعـل الناس يستيقظون بين عشية ، وضحاها ، ليجدوا حياتهم كلّهــا صارت إلى الشريعة محتكمة ، وبالهدى في جميع مناحي الحيـاة ملتزمـة ؟!!

    ولهذا فلابد أن يتناقض قائل هذا القول العجيـب في حالـه ، وهو لايشعـر ، ومن الطريف أنّ شخصاً جادلني مرة في هذه المسألة ، فقلت له متى جئت من السفـر ؟ قال البارحة ، قلت بجواز دولتك ، قال نعم ، قلت بأية قوانين دوليـّة سمحوا لك بالدخول ؟ ولماذا أبرزت الجواز وعليه شعار الدولة الحاكمة بغير الشريعة ، طالبا ـ ضمنيـّا ـ العمل بتلك القوانين التي تقنن التنقل بين الدول ، للسماح لك بعبور الحدود ، فبهـت ! وقلت له : أنت تسمع من مجاهيل يكتبون في ( إنترنت ) ، وقّعـوا عقـداً ليسمح لهم بهذه الكتابة في موقـع ، يخضع لقوانيـن وضعية ، مع شركات تخضع لقوانين دول كافرة ، وقد يكونون ـ مع ذلك ـ مقيمين فيها بعد توقيعهم على لجوء سياسي تحتكم قوانينه لتلك الدول ، بما فيها من إقرار بجريانها على أنفسهم ، وأهليهم ، وكلُّ ذلك يعذرون أنفسهم فيه ، ويتأوّلـون ، ثم لايريدون أن يعذروا إخوانهـم في أيِّ تأويل تأوّلــوه ، أليس هذا من التشاحّ النفسي الذين يحصل بين الجماعات بسبب نجاح بعضها على حساب الآخر ليس إلاّ ؟!

    وقلت له من يـظنُّ أنه لو قام حاكم يريد العمل بالشريعة ، في ظـلّ بلاء الناس بكلِّ هذه القوانين الوضعيّة ، والواقع المخالف للشـرع ، لايحتاج إلى التدرج حتى يغيـِّر هذا كلَّه ، ولو كان هذا التدرج في الإعلان أيضـا ، حتى إنـّه قـد يضطرّ إلى القول بخلاف ما يضمره لمن يخشى غائلته ، القول بخلاف ذلك من أجـل نجاح التغيير إلى الشرع ، حتـّى يمُضـي من شريعة الله ، ما يمكنه من غيـر أن يفسد عليه ما أراد ، وله أن يفعل ذلك ، وليس هذا من التنازل المذموم .

    وليس هذا بأشدّ مما ذكـره ابن حجر في الإصابة في ترجمة الصحابي الجليل عبدالله بن حذافة السهمي لما أسرته الروم : ( فقال ـ أي زعيم الروم ـ قبل رأسي وأنا أخلـّي عنك ، فقال : وعن جميع أسارى المسلمين ، قال نعم ، فقبل رأسه ، فخلّى بينهم ، فقدم بهم على عمر ، فقام عمر فقبل رأسه ، وأخرج بن عساكر لهذه القصة شاهداً من حديث بن عباس موصولاً ، وآخر من فوائد هشام بن عثمان من مرسل الزهري‏ ) ‏.

    فهذا الصحابي الجليل ـ إنْ صحت الرواية ـ تأوَّل في تقبيل رأس الطاغوت الأكبر في ذلك الزمـان ، مما ظاهره ـ والصحابة من ذلك براء ـ توقير الطاغوت ، وتعظيمـه ، لما رأى من أنه يجوز تحمّل هذه المفسدة ، في سبيل تحصيل مصلحة راجحة عظيمة.

    من يظـنُّ ذلك ، فسبب أنه لم يعان هذا الأعباء العظيمة ، أعني أعباء أمة بعيدة عن دينها ، وشريعة ربها ، ولا يتصور تفاصيلها ، وإنما يجلس مع أمثاله يلقون بالأحكام بغير علم.

    وقلت له لقد كان لطالبان سفيـرٌ في باكستان ، والسفير لايقبل رسميا إلاّ وفق قوانين الدولة ، بل كان لها سفير في بعض دول الخليج أيضا ، وكانت تتدرج في تغيير بعض ما يخالف الشـرع ، وتتلطـّف فيها ، حتى تنجح في تغييره ، حــذراً من أن تحصـل مفسدة راجحة ،

    فالواجب أن نعذر الذين نعرف عنهـم ، أنهم يحملون مشروعا إسلاميا ، ويتضح ذلك على أحوالهم ، ويبدو جليـَّا من فكرهم ، ومحاضنهم التي يربـُّون فيها أنصارهم ، يجب أن نعذرهـم إن تأوّلوا في التدرج في تحويل المشروع الإسلامي إلى واقع حياتي ، لاسيما مع كثرة أعباءهم ، ومع كثرة الشرور في الناس ، فكيف إذا انضمّ إلى ذلك كونهم محاربين ، ومحاصرين؟!

    ومن يسـوّي بين هؤلاء الإسلاميين ، وبين العلمانيّين الذين يتبنـُّون الفكر العلماني في أحزابهم ، ويربّون عليه كوادرهم ، ويقيمون عليهم مشروعهم سـرَّا وعلانية ، من يسوّي بينهم ، فهـو متنكّب الهدى ، حاكم بالجور ، مثيـرٌ للفتن في بلاد الإسلام .

    وقلت : لم يكن العلماء قـطّ يسوّون بين حملة الفكر الإسلامي الذين يتأولون في المشاركات السياسية ، السعـي للتغير عبرهـا ، وبين الأحزاب العلمانية ، فيكفـِّرون الجميع ، ويستحلـُّون دماءهم ، ويدعون إلى قتالهم !!

    فهذا الفكر الغالي ، والشاذ جديد على الساحة الإسلامية ، لاندري مـَن رؤوسه ، ولايعرفون بعلم ، ولا سابقة فيه ، ولهذا لايهتدون لتناقضاتهم فيما يدّعون ، فإذا قيل لبعضهم تكفرون هذه الجماعة الإسلامية لأنها تأولت في التدرّج في الشريعة ، أو في المشاركة السياسية ، قالوا لانكفـرّهم ، ثم يعاملونهم معاملة الكفـّار ، ويسمونهـم طواغيت !

    ثـمَّ يلقـون بكلامهم هذا إلى الصغار ، والجهـّال ، المتعطشين للجهاد ، ويصورن لهم إخوانهم في الحركات الأخرى كأنهم شياطين في جثمان إنس ، ويدخل بينهم شياطين حقيقية تؤجج هذه النار ، حتى تُذبـح الحركات الإسلامية ـ وبعضها جهادية كما في العراق ـ بسيوف ظاهرها إسلامية ، وحقيقتها جهل بالإسلام ، وظلم للأنام ، تحركها من حيث لاتشعر دوائر الإجرام.

    والله المستعان ، وإنا لله وإنا إليه راجعون ، ونسأل الله أن يكفَّ عاديتهم على الأمـة بلطفه .

    ولنعد الآن إلى إيضاح مسألة التدرج في تطبيق الشريعـة :

    أما اندراج التدرج في الشريعة فيما ذكرت من قواعد الفقه ، فكما يلي :

    أما سقوط التكليف بالعجز ، فهذا واضح ، فقد يعجز الحاكـم أن يغيـّر بعض الجوانب ، لعدم وجود آلات التغييـر ، فيسقط عنه ، وإذا كان محاصراً ـ مثلا ـ ولا يمكن جلب القضاة الشرعيين بما يكفـي ، فإنه يتدرَّج ، فيبدأ بما يقدر عليه ، ويؤجِّـل ما يعجـز عنه إلى القـدرة ، وأما فعل ما يقدر عليه العبد من الوجوب ، فكذلك قد يفعل بعض الواجب ، ويتدرج حتى يُكمـل ما وجـب عليه فعله إذا قـدر ، فهذا ما كُلـف به شرعا أصـلا ، وهذا كلـُّه لا إشكال فيه ، ولا يخلو عبـد من الحاجة إليه أصلا ، وهو من تيسير الشريعة السمحة التي جاءت بـ ( ما جعل عليكم في الدين من حرج ) .

    وأما إرتكاب أخـفّ الضررين ، فقـد تقـرّر فـي الشريعة ، أنـَّه يجــوز فعل الضرر الأقـل ، إذا كان الأكبـر لايندفـع إلاَّ بذلك ، فلو كان الحاكم يعلم أنَّه لـو منـع التدرج ، لأدَّى ذلك إلى مفسدة أعظم ، هي سقوط المشروع برمِّتـه ، وفشـله ، فله أن يتـدرَّج دفعا لأعظم الضررين .

    ويُستدل على قاعدة إرتكاب أخف الضررين ، بما في صحيح البخاري : ( جاء أعرابي فبال في طائفة المسجد ، فزجره الناس فنهاهم النبي ‏‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏فلمـَّا قضى بوله ، ‏ ‏أمر النبيّ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏بذنوبمن ماء ‏ ‏فأهريق عليه) .

    قال ابن حجر رحمه الله : (بل أمرهم بالكف عنه للمصلحة الراجحة ، وهو دفع أعظم المفسدتين باحتمال أيسرهما . وتحصيل أعظم المصلحتين بترك أيسرهما).

    فهذا النبيُّ صلى الله عليه وسلم أجّـل تغيير منكر هو من أعظم المنكر ، وهو البول في مسجده الشريف عليه الصلاة والسلام ، وفي حضرته عليه الصلاة والسلام ، لما في عدم التأجيل من مفسدة أعظـم.

    وقال في مراقي السعود :

    وارتكب الأخفّ من ضرين
    وخيـّرنْ لدى استــوا هذين
    كمن على الجريح في الجرحى سقط
    وضعف المكث عليه من ضبط

    وهذا كما ذكر الذهبي عن ميمون بن مهران ، سمعت عمر بن عبد العزيز يقول : ( لو أقمت فيكم خمسين عاما ما استكملت فيكم العدل ، إني لأريد الأمر من أمر العامة ، فأخاف ألا تحمله قلوبهم ، فأخرج معه طمعا من طمع الدنيا ، فإن أنكرت قلوبهم هذا ، سكنت إلى هذا ) تاريخ الذهبي 4/170

    وفي البداية والنهاية ( وإني لأريد الأمر ، فما أنفذه إلا مع طمع من الدنيا ، حتى تسكن قلوبهم ) 9/200

    وورد عنه أنه قال : ( ما طاوعني الناس على ماأردت من الحق، حتى بسطت لهم من الدنيا شيئاً) حليـة الأولياء 5/290

    وقال لإبنه أيضا : ( إنّ قومك قد شدّوا وهذا الأمر عقدة عقدة، وعروة عروة، ومتى أريد مكابرتهم على انتزاعما في أيديهم ، لم آمن أن يفتقوا على فتقاً تكثر فيه الدماء، والله لزوال الدنيا أهون علي ، من أن يراق في سببي محجمة من دم ، أو ما ترضي أن لا يأتي على أبيك يوم من أيام الدنيا إلا وهو يميت فيه بدعة ، ويحيي فيه سنة ، حتى يحكم الله بيننا ، وبين قومنا بالحق وهو خيرالحاكمين )حلية الأولياء 5/282، وصفة الصفوة لابن الجوزي 2/128

    ولا ريب أنّ إصلاح العوائد المخالفة للشرع ، بالتدريج شيئاً فشيئاً ، مع مفسدة بقاء المظالم بأيدي أصحابها حينـاً من الوقت ، خير من ترك الإصلاح كلّه ، أو الوقوع في فتنة يعقبها فساد كلّ شيء.


    وأما العمل بالأرجح عند تعارض المصالح مع المفاسد ، فقد يكون التعجل في التطبيق مفسدته راجحة على مصلحة التدرج ، فيجب سلوك الأرجح.

    كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ( وقولي عند عدم المعارض الراجح فإنه قــد لا يترك الحرام البيـِّن ، أوالمشتبه ، إلاَّ عند ترك ما هو حسنة موقعها في الشريعة ، أعظم من تلك السيئة ،مثل من يترك الائتمام بالإمام الفاسق فيترك الجمعة ، والجماعة والحج ، والغزو ـ يعني وحينئذ فلا يترك هذا الحرام بل يفعل ـ وكذلك قد لا يؤدّي الواجب البيـّن ، أو المشتبه ، إلاَّ بفعل سيئة أعظم إثمـا منتركه ، مثل من لا يمكنه أداء الواجبات من الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكرلذوي السلطان ، إلاَّ بقتال فيـه من الفساد أعظم من فساد ظلمه ) ويعني أنه لايفعل هذا الواجب بل يتـرك في هذه الحالة.

    فإذا نظر الحاكـم إلى مآلات الأمور ، وثمارها ، وتبين له أنَّ المصلحة في التدرج أرجح من مفسدة التأجيل ، جاز له فعل ما ترجحت مصلحته .

    قال العلامة عبدالرحمن السعدي : ( ومما يؤيد ذلك ما قاله غيرواحد من أهل العلم ، منهم شيخ الإسلام بن تيمية وابن القيم أنه إذا أشكل عليك شيء ، هل هو حلالٌ أم حرام ، أو مأمور به أو منهي عنه ؟ فانظر إلى أسبابه الموجبة ، وآثاره ، ونتائجه الحاصلة ، فإذا كانت منافع ، ومصالح ، وخيرات ، وثمراتها طيبة ، كان من قسم المباح ، أو المأمور به ، وإذا كان بالعكس ،كانت بعكس ذلك ، طبق هذه المسألة على هذا الأصل ، وأنظر أسبابها وثمراتها ، تجدها أسبابا لا محذور فيها ، وثمراتها خير الثمرات).

    والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا ، وحسبنا الله ونعم الوكيل ، نعم المولى ، ونعـم النصيــر.



    فضيلةالشيخ/حامدبن عبدالله العلي 00حفظه الله
    ورحمة الله وبركاته
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jun 2008
    المشاركات
    11,741
    الدين
    الإسلام
    الجنس
    أنثى
    آخر نشاط
    17-04-2024
    على الساعة
    12:49 AM

    افتراضي

    بسم الله الرحمن الرحيم

    جزا الله الشيخ خير الجزاء

    المسألة خلافية بين العلماء

    لي عودة باذن الله

    وفقكم الله
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    تحمَّلتُ وحديَ مـا لا أُطيـقْ من الإغترابِ وهَـمِّ الطريـقْ
    اللهم اني اسالك في هذه الساعة ان كانت جوليان في سرور فزدها في سرورها ومن نعيمك عليها . وان كانت جوليان في عذاب فنجها من عذابك وانت الغني الحميد برحمتك يا ارحم الراحمين

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jun 2008
    المشاركات
    11,741
    الدين
    الإسلام
    الجنس
    أنثى
    آخر نشاط
    17-04-2024
    على الساعة
    12:49 AM

    افتراضي

    بسم الله الرحمن الرحيم
    أخي في الله

    كما ذكرت سابقا وما لا يخفى عليكم أن المسألة خلافية

    سأعرض الرأي الثاني بالحجج

    هذه بعض فصول بحث الشيخ عبدالرحمن حسن حبنكة الميداني
    عضو المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي
    أستاذ بجامعة أم القرى سابقاً



    الفصل السادس
    التدرج في تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية

    لدينا حالتان :
    الحالة الأولى : حالة مجتمع إسلامي ، في بيئة إسلامية طال عهدها في نظام دولة إسلامية ، تطبق ما تعلم من أحكام الشريعة الإسلامية ، بطواعية وانقياد ، وقد ذاق أفراده حلاوة الاستقرار والأمن في ظل تطبيقات أحكام الإسلام.
    الحالة الثانية : حالة من يدخل حديثاً في الإسلام، من الأفراد، أو الجماعات قبائل أو شعوباً ، وكذلك من هو بعيد عن المجتمع الإسلامي.
    أولاً :- أما الحالة الأولى فينطبق عليها ما كان عليه مجتمع أصحاب الرسول r من حوله في المدينة، وكل مجتمع مسلم تماثل حالته مجتمع أصحاب الرسول من حوله، فأسوته وقدوته هذا المجتمع.
    وقد كان التدرج في تطبيق الأحكام الشرعية على مجتمع أصحاب الرسول من حوله، مسايراً تماماً للتدرج في التشريع.
    فكان الحكم الشرعي إذا نزل به البيان الرباني، أو نطق به الرسول r ، يأخذ طريقه إلى التطبيق طواعية أو إلزاماً دون تأخير ولا تأجيل ، إلا ما كان من الأعمال مؤقتاً كصيام رمضان، أو مطلوباً على التراخي كالحج ، أو متوقفاً على توجيه أمر الإمام الأعظم للمسلمين، كالقتال في سبيل الله.
    وكان كل من بلغه الحكم الشرعي من المسلمين المستقرين في الإسلام، الذين ذاقوا حلاوة الاستقرار فيه، وصحبوا الرسول r، يسارع إلى تطبيقه طائعاًُ مختارً ، أو مسوقاً بسلطان الدولة الإسلامية ، أو بتأثير البيئة الإسلامية الضاغطة إلى التطبيق، ولو لم يكن للمخالفة عقاب محدد ينفذه السلطان المسلم.
    وكان الرسول rيتابع نفسه أحياناً تطبيقات الحكم الشرعي داخل مجتمعه. وكان المأمورون من أصحابه بمتابعة التطبيق في الناس، يقومون بمراقبة الناس، وحملهم على التطبيق، إذا كان من الأعمال الظاهرة، الصالحة للمتابعة العلنية.
    ومن هنا ظهر في المجتمع الإسلامي ما يسمى بنظام الحسبة.
    · فمن أمثلة متابعة الرسول r ،ما رواه مسلم والترمذي وأبو داود وغيرهم، عن أبي هريرة :
    أن النبي r مر في السوق على صبرة طعام ، فأدخل يده فيها، فنالت أصابعه بلللاً ، فقال : ( ما هذا يا صاحب الطعام ؟ ).
    قال : يا رسول الله أصابته السماء.
    قال : " أفلا جعلته فوق الطعام حتى يراه الناس ؟ من غشنا فليس منا " .
    · ومن أمثلة متابعة غير الرسول r من أصحابه ، ما رواه البخاري ومسلم عن أنس رضي الله عنه قال :
    كنت ساقي القوم في منزل أبي طلحة ، وكان خمرهم يؤمئذ الفضيخ ، فأمر رسول الله r منادياً ينادي : ألا إن الخمر قد حرمت .
    قال : فقال أبو طلحة : أخرج فأهرقها ، فخرجت فهرقتها ، فجرت في سكك المدينة.
    فقال بعض القوم : قد قتل قوم وهي في بطونهم ، فأنزل الله : (لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآَمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (93)) ( المائدة ، 5 مصحف ، 112 نزول ).
    ثانياً : وأما الحالة الثانية : وهي حالة من يدخل في الإسلام حديثاً ، من الأفراد أو الجماعات ، وكذلك من هو بعيد عن المجتمع الإسلامي، فأسوتنا بالنسبة إليه فعل الرسول r وبياناته.
    * أما الفعل الرسول فقد كان يدعو أولاً إلى الإيمان بالله وحده لا شريك له في ربوبيته ، وإلى عباده وحده لا شريك له في إلهتيه ، ثم يأمر من استجاب لذلك بالصلاة ، ثم بالزكاة ثم ببقية أركان الإسم بالتدريج، وينهي عن الكبائر الكبرى كالقتل بغير حق، والزنا ، وأكل أموال الناس بالباطل، ويحذر من الظلم والبغي والعدوان.
    وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتلطف بالوافدين إليه من البلاد النائية ، فيخفف عنهم من بيانات التكاليف الدينية ترفقاً بهم ، ومراعاة لأحوالهم ، وأحوال بيئاتهم.
    روى البخاري ومسلم وغيرهما عن طلحة بن عبيد الله ، قال : جاء رجل إلى رسول الله r من أهل نجد ، ثائر الرأس ، يسمع دوي صوته ولا يفقه ما يقول ، حتى دنا ، فإذا هو يسأل عن الإسلام فقال رسول الله r " خمس صلوات في اليوم والليلة".
    فقال : هل على غيرها ؟
    قال : " لا إلا أن تطوع ".
    قال رسول الله r :" وصيام رمضان ".
    قال : هل على غيره ؟
    قال : " لا إلا أن تطوع ".
    قال : وذكر له رسول الله صلى الله عليه وسلم الزكاة.
    قال : هل على غيرها ؟
    قال : لا إلا أن تطوع.
    قال : فأدبر الرجل وهو يقول : والله لا أزيد على هذا ولا أنقص.
    قال رسول الله r : " أفلح إن صدق ".
    وفي رواية : " دخل الجنة إن صدق " .
    وكان الرسول r يقتصر لدى المبايعة على الكليات الكبرى من الدين. روي البخاري عن جرير بن عبدالله قال :
    " بايعت رسول الله r على شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً رسول الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، والسمع والطاعة ، والنصح لكل مسلم ".
    * وأما بيان الرسول r الكاشف لترتيب الأولويات، في الدعوة إلى الدخول في الإسلام ، والمطالبة بتطبيق أحكام شرائعة ، فحسبنا فيه هديه لمعاذ بن جبل حين بعثه إلى اليمن.
    روى البخاري بسنده عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ، أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث معاذاً رضي الله عنه إلى اليمن فقال : " أدعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ، فإن هم أطاعوا لذلك ، فأعلمهم أن الله قد افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة ، فإن هم أطاعوا لذلك ، فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم ، وترد على فقرائهم " .
    وجاء في رواية أخرى أنه قال له :
    " إنك تقدم على قوم أهل كتاب، فيكن أول ما تدعوهم إليه عبادة الله ، فإذا عرفوا الله فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم خمس صلوات في يومهم وليلتهم ، فإذا فعلوا فأخبرهم أن الله فرض عليهم وكاة من أموالهم وترد على فقرائهم ، فإذا أطاعوا بها فخذ منهم وتوق كرائم أموال الناس ".
    ولهذا الحديث روايات أخرى عند البخاري ، ومسلم ، وابن حبان ، وابن خزيمة ، وسنن البييهقي الكبرى ، وسنن الدارقطني ، بألفاظ متقاربة مؤداها واحد.
    وهي كلها تدل على التدرج في التطبيق بسب الأولويات ، ولا تأذن للداعي بتوجيه أحكام الشريعة الإسلامية دفعة واحدة .
    توقف التدرج في التشريع بعد كمال الدين دون التدرج في التطبيق وإذ توقف التدرج في التشريع بعد أن أكمل الله للمؤمنين دينهم ، إذ أنزل يوم الجمعة في حجة وداع الرسول r ، والناس معه وقوف في عرفة قوله تبارك وتعالى في سورة " المائدة ، 5مصحف ، 112 نزول ) : ( ... اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا .... (3)).
    فالدين دين الله ، والحكم فيه له وحده ، والمسلمون ولو أجمعوا قاطبة لا يملكون تأخير إيجاب ما أوجبه الله في شريعته، أو تأخير تحريم ما حرمه الله في شريعته لعباده.
    ولكن لم تتوقف سياسة التدرج في التطبيق ، إذا كان حال الناس يقتضي ذلك، في اجتهاد أهل العقل والرشد والحكمة .
    فباستطاعة الحكماء الفقهاء ، من ذوي السلطة الإسلامية ، الأخذ بسياسة التغاضي عن تطبيق بعض الأحكام الشرعية، اتباعاً لسنة التدرج الحكيم في التطبيق .
    ولا يعتبر تأجيل التطبيق بالنسبة إلى بعض الأحكام الشرعية ، التي ترج استقرار المجتمع ، من خيانة الأمانة في الإمارة ، أو رقة الدين والاستهانة به ، أو من اتباع خطوات الشيطان، بشرط صحة العزم على التطبيق ، بعد استيفاء الشروط المواتية له في المجتمع ، مع العمل على اتخاذ الوسائل التمهيدية التي تجعل التطبيق أمراً حكيماً ميسوراً ، يملك السلطان أمره فيه، دون إحداث قلقلة واضطراب في المجتمع.
    ودليل هذه وصية الرسول r لمعاذ بن جبل ، حين بعثه إلى اليمن كما سبق آنفاً.
    وهذا من السياسة الحكيمة في الإدارة.

    الفصل السابع
    نظرات بشأن أوليات وأولويات التطبيق

    بالنظر إلى واقع دول وشعوب الأمة الإسلامية في عصرنا الحاضر، البعيد عن تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية في الأنظمة والقوانين منذ عهد بعيد ، حتى صار حالها مماثلاً لأحوال أمة دخلت في الإسلام حديثاً ، مبتدئة بالقاعدة الإيمائية ، فالصلاة بصورة إفرادية لا إلزام بها من قبل السلطة الإدارية.
    وبالنظر إلى ضغوط الدول العظمى في العالم على المسلمين، ومؤامراتها الكيدية في كل مكان، والملزمة لهم ولد ولهم إلزاماً شديداً بإصدار قوانين وأنظمة تخالف شرائع الإسلام وأحكامه.
    وبالنظر إلى وجود مناصرين لهذه الدول من ملاحدة وفساق ، ينتمون إلى شعوب الأمة الإسلامية انتماء قومياً ، وتقتضي الديمقراطيات التي تفرض في العالم، إعطاءهم حق المشاركة في اختيار القوانين والأنظمة التي تطبق عليهم.
    فالذي ينبغي لأهل العقل والرأي السديد، والرشد والحكمة ، اتخاذه، ممن لهم سلطات إدارية، أو كلمات مسموعات وآراء مقبولة لدى الشعب والدولة ، أن يعمدوا إلى سنة التدرج التي سبق بيان مستندها العقلي والشرعي في الفصول السابقة، والتي رأينا فيها أن الحكمة في السياسة الشرعية تقتضي الالتزام بها، لدى إصدار القوانين والأنظمة والقرارات المقتبسة من كتاب الله ، وسنة رسوله ، وإجماع المسلمين، والراجح من اجتهادات الفقهاء الموثوق بهم ، مع الاستفادة من مؤتمرات فقهية تجمع خيرة فقهاء هذا العصر، والمشتملة على أحكام الشريعة الإسلامية ، الصالحة لأن تصدر بها قوانين وأنظمة وقرارات تلتزم بها الدولة المسلمة، ويطيع لها المجتمع المسلم الخاضع لهذه الدولة، المتجهة بعزيمة صادقة ليس فيا رياء ولا خداع، لإصدار هذه القوانين والأنظمة والقرارات ، ووضعها موضع التطبيق الفعلي بصورة تدرجية حكيمة وحازمة.
    وينبغي بعد أن تأخذ صيغتها النهائية من قبل اللجان المختصة، التي اعتمدت فيها على مقررات اللجان والمؤتمرات الفقهية، التي جمعت أهل الحل والعقد الفقهي من فقهاء المسلمين في العالم الإسلامي ، أن تأخذ الموافقة عليها من مجلس الأمة ، الذي يعطيها غطاء ديمقراطياً أمام الدول العظمة الضاغطة ، التي تتخذ من الأساليب الديمقراطية ذرائعها لفرض قوانينها وقراراتها الوضعية ، المخالفة لدين الله لعباده.
    وينبغي بعد ذلك أن تعرضها للاستفتاء العام ، بعد تهيئة أكثرية الشعب سياسياً للموافقة عليه ، والمطالبة به بإلحاح معلن جماهيرياً وإعلامياً .
    والذي اراه أن يكون التدرج متبعاً الأوليات والأولويات.
    أولاً : من الأوليات والأولويات إصدار قوانين ومراسيم وقرارات تعليم الدين الإسلامي للمسلمين ، ضمن مناهج تصاعدية تكاملية مسايرة لأساليب العصر ، والمفهومات الثابتات الصحيحات ، من العلوم التي قال العلماء فيها كلماتهم النهائية، والبعيدات عن زيوف أصحاب الأهواء والمفسدين في الأرض. وتتناول هذه المناهج التصاعدية التكاملية العقائد الإيمانية ، والأخلاق ، وأسس الفكر الديني ، وأحكام العبادات ، وأحكام نظام الأسرة الإسلامية ، وأحكام المعاملات في السلم والحرب، في كل مراحل التعليم، من مرحلة الحضانة فالمرحلة الابتدائية ، فالإعدادية ، فالثانوية ، فالجامعية ، وحتى غاية الحصول على شهادة الدكتوراه ، مع بيان الأدلة الشريعة.
    ويرافقها الإلزام بتنقية العلوم الأخرى، التي تدرس في المؤسسات التعليمية كلها، من كل ما يخالف الحقائق الإسلامية ، مع الاستفادة من مطابقة بعض حقائق العلوم، لما جاء في الإسلام من حقائق ، تثبيتاً للإيمان بان الإسلام دين الله الحق ، المنزل على رسوله الصادق الأمين.
    ثانياً : ومن الأوليات والأولويات إصدار قوانين ومراسيم وقرارات التعليم الإلزامي المجاني، لجميع الأجيال الناشئة وحتى غاية التعليم العالي ، بشرط أن يثبت الناشئ أهليته وكفايته الذهنية ، والنفسية ، والاجتهادية ، لمتابعة التعليم الذي تتبع في الوسائل المشددة الحازمة في الحضور والنجاح والرسوب ، والذي لا يسمح فيه بتكرار الرسوب في السنة الدراسية الواحدة ، أو الفصل الدراسي الواحد ، بأكثر من مرة واحدة.
    وإلا كان ملزماً بنفقات دراسية ، حتى يثبت أهليته وكفايته.
    وقد يقتضي تحقيق التعليم المجاني العالم فرض ضرائب خاصة بتسديد نفقات التعليم.
    ويحسن الاستفادة من أنظمة الدول السابقة في مجال التعليم المجاني العام، التي أخذ التعليم لديها وضعاً مستقراً.
    ثالثاً : ومن الأوليات والأولويات إصدار قوانين ومراسيم وقرارات التأمين الصحي العام، وما يحتاج إليه من ضرائب لتسديد نفقاته.
    ويحسن الاستفادة من أنظمة الدول السابقة في هذا المجال.
    رابعاً : ومن الأوليات والأوليات إصدار قوانين ومراسيم وقرارات تنظيم جباية الزكاة، وإنفاقها على مستحقيها ، وفق الأساليب والأنظمة الحضارية الراقية للجباية والإنفاق.
    ويرافقها إصدار قوانين ومراسيم وأنظمة التأمين الاجتماعي الاقتصادي.
    خامساً : ومن الأوليات والأولويات إصدار القانون الشامل لأحكام نظام الأسرة المسلمة ، وفق أحكام الشريعة الإسلامية، المؤيدة بالقرآن والسنة، وسائر مصادر الشريعة الإسلامية.
    ومن ضمنه نظام المواريث كما شرع الله عز وجل ، وبين رسوله الكريم، عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.
    وينبغي أن يوافق على نظام الأسرة الفقهاء المعتمدون في العالم الإسلامي ، المؤهلون للمشاركة بنظرات فقهية اجتهادية ، بعيدة عن التعصب المذهبي ، وبعيدة عن التشددات اللاتي لا تلائم سماحة الإسلام.
    سادساً : ويلي ما سبق إصدار قوانين ومراسيم وقرارات ضبط المعاملات المالية بين الناس، وفق أحكام الشريعة الإسلامية، أخذاً بالراجح من مختلف المذاهب الإسلامية، بحسب الأدلة من القرآن والسنة وسائر مصادر الأحكام الدينية.
    ويرافقها ما يضبط الحقوق المالية كسباً وإنفاقاً.
    سابعاً : ويلي ما سبق إصدار القوانين والمراسيم والأنظمة والقرارات ، التي تضبط حقوق الإنسان بشأن الضروريات الخمس ( الدين – النفس – العقل – المال – العرض ) ضمن أحكام الشريعة الإسلامية ، ومنها أحكام القصاص ، ثم الحدود.
    ثامناً : استكمال تأسيس المؤسسات الإسلامية البنكية البديلة للمؤسسات الربوية المنتشرة في كل بلاد الدنيا ، ودعم المؤسسات البنكية الإسلامية، بكل ما يمكن من دعم، بغية نشرها في العالم.
    ليكون وضعها السليم قاطعاً لأعذار المعتذرين، بعدم وجود مؤسسات مالية بنكية ، تضمن لهم حقوقهم المالية ، والاستثمار المشروع وفق أحكام الشريعة الإسلامية.
    ويلي ذلك إصدار قوانين تحريم الربا بحزم ، إذ يكون قد وجد البديل المناسب، وهو الأفضل والأحسن، والأكثر فائدة لعموم الناس ، والذي لا يسمح باستغلال الأفراد الجشعين الظالمين لأموال ذوي الحاجات والضرورات للقرض الحسن.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    تحمَّلتُ وحديَ مـا لا أُطيـقْ من الإغترابِ وهَـمِّ الطريـقْ
    اللهم اني اسالك في هذه الساعة ان كانت جوليان في سرور فزدها في سرورها ومن نعيمك عليها . وان كانت جوليان في عذاب فنجها من عذابك وانت الغني الحميد برحمتك يا ارحم الراحمين

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jun 2008
    المشاركات
    11,741
    الدين
    الإسلام
    الجنس
    أنثى
    آخر نشاط
    17-04-2024
    على الساعة
    12:49 AM

    افتراضي

    سؤل الشيخ القرضاوي حفظه الله
    هل ممكن تطبيق الشريعة بالتدريج وهل الشريعة إذا طبقت هي فقط الحدود كما يفهمها كثير من الناس.
    فأجاب فضيلته
    قضية التدريج هي سنة من سنن الله في الكون، فالله تعالى يخلق الإنسان نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم كسونا العظام لحماً ثم ينزل رضيعاً ففطيماً فغلاما فيافعاً فشاباً فكهلاً، وهكذا الشرع بدأ متدرجا لم يأتي دفعة واحدة، بدأ بالعقائد والأخلاقيات ثم التشريعات شيئاً فشيئاً مثل التدرج في تحريم الخمر، فنحن نؤمن بالتدرج، ولكن التدرج ما معناه؟ فهي تفهم خطأ، فأحيانا يقصد بالتدرج تمويت الأمر، فالتدرج أن تصل للأمر درجة فدرجة، أن يكون لك هدفاً محدداً وله خطة ومراحل، في الخمس سنوات الأولى أعمل كذا والخمس الأخرى أحقق كذا، بحيث في 15 سنة أكون قد طبقت الشريعة تطبيقاً كاملاً، فهذا معنى التدرج، ولكن أقول التدرج 30 عاما ونحن كما نحن.
    كلا هذا هو التدرج، ونبدأ بأشياء مهمة، وأنا نرى أن نبدأ بأن نغرس الإيمان في نفوس الناس والأخلاق أي العملية التوعوية والتربوية، وهذا تقوم به وزارات التربية والتعليم والإعلام والجامعات وأجهزة الثقافة والفكر والمساجد، وهذه أشياء يجب ألا تؤخر، ثم أبدأ بالأشياء الاجتماعية، والاقتصادية وآخر شيء العقوبات، ولكن للأسف بعض الناس عندما حاولوا التطبيق بدءوا بالعقوبات وبدؤوها بعقوبة الردة مع أن الردة أمر نادر.

    المصدر:

    http://www.islamonline.net/servlet/S...=1122528620284
    التعديل الأخير تم بواسطة فداء الرسول ; 14-10-2009 الساعة 12:53 AM
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    تحمَّلتُ وحديَ مـا لا أُطيـقْ من الإغترابِ وهَـمِّ الطريـقْ
    اللهم اني اسالك في هذه الساعة ان كانت جوليان في سرور فزدها في سرورها ومن نعيمك عليها . وان كانت جوليان في عذاب فنجها من عذابك وانت الغني الحميد برحمتك يا ارحم الراحمين

مفاهيم خطرة حكم التدرج بالاسلام

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. مفاهيم مغلوطة عن أهل الكتاب :
    بواسطة مجدي فوزي في المنتدى الرد على الأباطيل
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 29-05-2014, 02:10 AM
  2. فتاة اليوم.. مفاهيم وطموحات
    بواسطة نعيم الزايدي في المنتدى منتديات المسلمة
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 11-03-2011, 07:44 PM
  3. سنتا التدرج والأجل المسمى
    بواسطة فداء الرسول في المنتدى المنتدى الإسلامي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 20-05-2010, 12:09 AM
  4. مفاهيم ومصطلحات توراتية شائعة يجب تصحيحها -2-
    بواسطة ismael-y في المنتدى منتدى نصرانيات
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 15-08-2009, 02:37 PM
  5. القدس مفاهيم يجب أن تصحح
    بواسطة المهندس زهدي جمال الدين محمد في المنتدى المنتدى العام
    مشاركات: 10
    آخر مشاركة: 24-11-2007, 07:42 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

مفاهيم خطرة حكم التدرج بالاسلام

مفاهيم خطرة حكم التدرج بالاسلام