بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
يقول جلَّ ثناؤه وتقدست أسماؤه: {وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى, وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى, ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاء الْأَوْفَى, وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنتَهَى, وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى, وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا}.
إخوةَ الإسلامِ والإيمان: يا أمةَ محمدٍ في هذا الزمان:
سبحانَ الذي أضحكَ وأبكى وأماتَ وأحيا, بكى الناسُ من ضنكِ العيشِ وصعوبةِ الحياةِ في غزة ثم علتْ وجوهَهم الابتسامةُ بعد الانفراجِ اليسيرِ الذي تحققَ بتحطيمِ جانبٍ من الحدودِ المصطنعة, وتأمينِ حاجاتِهم الأساسيةِ من ضروراتِ الحياة, فسبحان الذي أضحكَ وأبكى.
وأوشكَ القحطُ أن يصيبَ البلادَ والقنوطُ أن يلامسَ العباد, لولا عنايةُ اللهِ ورحمتُه التي وسِعَتْ كلَّ شيء, ففرِحَ الناسُ على استمرارِ الحياةِ بنزولِ الغيث فسبحانَ الذي أمات وأحيى.
إخواني في الله: الذي يجبُ أن نقفَ عنده متأملين, ومن أحداثه معتبرين, لنضعَ أيدينا بأيدي العاملين. هو فرحُ الناسِ لإزالةِ جزءٍ يسيرٍ ولوقتٍ قصيرٍ من الحدودِ المصطنعةِ الممزِقةِ للعالمِ الإسلامي, وتأمينِ حاجاتِهم الأساسيةِ التي لا غنى عنها لبقاء حياتِهم.
فكيف بهم إذا أدركوا الحياةَ الطبيعيةَ للمسلمين في دولةٍ واحدةٍ يحكمُهم حاكمٌ واحدٌ تحتَ رايةِ واحدة.
والأمرُ الآخرُ هو هطولُ المطرِ بعد انقطاع وحياةُ الأرضِ وإشباعُ الجياع. ففرِحَ الناسُ فرحاً عظيماً, فكيف بهم لو أدركوا نزولَ النصرِ كما ينزلُ المطر, وكلهما غيثٌ وكلهما غيبٌ ولا يعلمُ الغيبَ إلا الله. لا شكَ أن العيونَ ستبكي فرحاً, والصدورَ ستنشرحُ بهجةً, والقلوبَ ستسعدُ رضاً, والنفوسَ ستمتلئ اطمئناناً, والألسنةَ ستلهَجُ حمداً وشكراً وثناءً للهِ ربِّ العالمين.
وعندها يعلمُ الجميعُ أن الأيامَ دُولٌ والنصرَ للإسلام ومن رَحْمِ البلاءِ يُولدُ الفرجُ وبعد الغروبِ شروق ولكلِّ ليلٍ نهاية ولا بدَ من طلوعِ الفجرِ وانبلاجِ الصباحِ وإشراقِ الأنوار, لتختبئ كلُّ الزواحفِ الليليةِ من الحاقدين والماكرين والمثبطين وسينحني عظماءُ الأرضِ كلُهم إكباراً لعظمةِ الإسلام وهيبةِ دولتِه ورجالِه.
وصدق رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: { لا يلبثُ الجَورُ بعدي إلا قليلاً حتى يَطلُع, فكلما طَلُعَ من الجَور شيءٌ ذهبَ من العدلِ مثلُه حتى يُولد في الجَور من لا يعرفُ غيرَه. ثم يأتي اللهُ تبارك وتعالى بالعدلِ فكلما جاءَ من العدلِ شيءٌ ذهبَ من الجَور مثلُه حتى يُولد في العدلِ من لا يعرفُ غيرَه }.
قال الشافعي _رحمه الله_ (العدل هو حكمُ الله المنزل) ولا يحكم به كاملاً إلا دولة الخلافة.
اللهم اجعلنا من شهودها وجنودها وجعلنا من المؤمنين الذين قلت فيهم: وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ.
{فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ } [/align]
المفضلات