بسم الله الرحمن الرحيم
ربما كان منهج الجدل هو المحطة الأولى والأخيرة في منهج السيد الدكتور سيد القمنى في كتاباته وحوارياته.
فهو يعطى لنفسه الحرية المطلقة في تأويل الحدث التاريخي وإعطاؤه مسوغ صحته ببعثرة الخبر وانتقاء ما يؤيد قضيته ثم بمسوغات تؤيد وتؤكد نتائج أعدت سلفا.
ثم يجعل الدكتور من هذه النتائج بدهيات ومسلمات ومعايير للقياس ودعونا نضع بعض الامثله من كتابات السيد الدكتور :
اقتباس
===========
((لأن التاريخ لو تجمد لما هاجر النبي (ص)، ولما انتصر في بدر، ولظلت الآيات المكية فاعلة، ولكان القرآن كله مكياً داعيا للمسالمة والمعاملة بالحسنى والصبر الجميل، لكن التاريخ تحرك فظهر الطارئ الجديد مع الهجرة وبدء الحرب على طريق التجارة المكي ، فتحرك الوحى وجاءت آية السيف لتنسخ آيات حرية الإعتقاد وأي تفكير خارج المقدس الإسلامي تحديدا))

السيد الدكتور يعزو كل ذلك إلى حركة التاريخ، والتاريخ نتاج حركة بشريه وماحدث في مكة من المسالمة ثم القتال في المدينة – على حد قوله- هو حركه تاريخية، ومن ثم نسأل الدكتور مالذي يعنيه بالقول" فتحرك الوحى و جاءت آية السيف لتنسخ آيات حرية الاعتقاد" هل التاريخ يصنعه الوحي؟ اعتقد إن (( تحريك الوحي)) لا يصنع التاريخ ولا يحركه في فكر ومنهج السيد الدكتور ومن ثم يظل السؤال عالقا بعيدا عن (حتمية الفهم) حتى لا نتهم بفساد الفهم والتأويل.. نسال الدكتور .. هل الوحي المقدس هو المحرك لتاريخ الدعوة في مكة ثم المدينة أم أن ذلك يرجع إلى إبداع الجماعة وظروف اللحظة التاريخية؟
فان كانت حركة التاريخ إبداع جماعي وظاهرة تلتصق بفعل الفرد فما الذي يقصدة بتحرك الوحى؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
بعد ان استشهد الدكتور بالحراك التاريخي المؤيد بالطارئ الجديد عندما تحرك الوحى، خرج بنتيجة : ((وجاءت آية السيف لتنسخ آيات حرية الإعتقاد وأي تفكير خارج المقدس الإسلامي تحديدا)).

ونلاحظ أن الدكتور في حديثه لا يتحدث عن وحى ولا عن تاريخ مكة والمدينة وإنما يأتي بهذه الأحداث ليدلل على حركة التاريخ.
السيد الدكتور صاغ الأحداث وقام بعمل المونتاج اللازم ثم وضع لهذه الأحداث النتائج المرتبة سلفا، ثم ساق كل هذا ليدلل به على حركة التاريخ وبعده عن التجمد؟
وهنا نعود إلى منطلق الحديث وهو.. تلوين التاريخ وتجزيئه والافتئات عليه حتى يصير حجة ومسلمه وبديهية تصلح دليلا على حركة التاريخ ومعيار يقيس به الدكتور قضاياه ،
ودعونا نعود إلى تلك المسلمات التي ابتدعها الدكتور ويقوم بطرحها كأمر يدهى بل ويجعلها مقياسا لإثبات قضاياه في كتاباته.
والسؤال : هل نسخت آية السيف حرية الاعتقاد؟
هذا خطأ تعمده الدكتور من اجل خدمة قضاياه. ونلزمه بالدليل
أولا : نسأله.. مالذى نسخته آية السيف؟ ومن قال بأنها نسخت حرية الاعتقاد؟ وهل في نص الآية ما يشير إلى نسخ حرية الاعتقاد؟ إن التطبيق على الأرض على مدى 1400 سنه يهدم هذا الادعاء .. وفهم الآية يستوجب أن تعطينا فهم السلف لها عندما قاموا بالتطبيق على الأرض؟ هل لديك دليل واحد على أن المسلمين بنص هذه الآية اجبروا أحدا أو شعبا على الإسلام بالسيف؟
الدكتور يحاول إشاعة الوهم الجماعي بتمرير بدهيات غلط في سياق الحديث عن الحراك التاريخي ، وتمرير التاريخ بعد إعادة إنتاجه بهذه الطريقة يمثل تزويرا بينا .

ولعل الحديث عن حرية الاعتقاد وهو حديث مشوق يدفعنا لنسال السيد الدكتور لنتعلم وننهل من علمه..مالذى يقصده بحرية الاعتقاد؟ نريدك سيدي أن تعلمنا أولا مفهوم الحرية وثانيا مفهوم الاعتقاد وثالثا علاقة الأخلاق والقيم بهما ..

يقول الدكتور:" وعليه فإن البيئة تشكل بمشاركة البشر ونتيجة تفاعلهم معها ، ضميراً جمعياً يتمثل واقعياً في مجموعة نظم و قواعد و عادات و تقاليد ، تحكمها القيم التي توافق عليها هذا الضمير الجمعي. و هو ما يتم غرسه في الطفولة و التنشئة الاجتماعية ، فتتحول القيم إلى معاني داخلية تضع شروط السلوك ، تصبح مثل أوبريتور داخلى باطنى سبق تصنيعه ، مهمته تشغيل السلوك وفق ضوابط تحمي هذه القيم. و من ثم تتشكل القيم بحسب ظروف الجغرافيا و البيئة و شكل المجتمع و ظروفه......."

((بينما قيم العولمة في زماننا هي نتيجة تطور هائل حدث للمعاني و المفاهيم القيمية لتحمل دلالات جديدة تناسب زماننا ، و لم تكن في مخزونهم المعرفي أصلاً ، لقد أنشأ الله الغابة و أنشأ لها قيمها ، و أنشأ الإنسان الحضارة و أنشأ لها قيمها ".

الدكتور هنا يجعل من القيم أمرا نسبيا مردوده إلى الضمير الجمعي الذي هو نتاج المحتوى المعرفي للفرد فتوحد المحتوى المعرفي ينتج عنه سلوكا جماعيا تتوحد فيه الجماعة ومن ثم فهذا المحتوى المعرفي لا يعرف التحديث إلا من خلال البيئة والتربية التي عاشها الفرد في مجتمعه ومن ثم فلا وجود لقيم مطلقه ولا قيم نسبية ولا يوجد ادنى سياج اخلاقى لهذه القيم بل انهاتمثل ضميرا جماعيا يصوغه العقل والضمير الجمعي.. وعليه فإن الصواب والخطأ والخير والشر في مفهوم الدكتور جميعها أمور نسبيه ، ولا ضير ان يترسب في الضمير الجمعي أن ممارسة الجنس تمثل قيمة من قيم الحرية.
يقول الدكتور : ((بينما قيم العولمة في زماننا هي نتيجة تطور هائل حدث للمعاني و المفاهيم القيمية لتحمل دلالات جديدة تناسب زماننا ، و لم تكن في مخزونهم المعرفي أصلاً ، لقد أنشأ الله الغابة و أنشأ لها قيمها ، و أنشأ الإنسان الحضارة و أنشأ لها قيمها .

كنا نتمنى أن يفرد لنا الدكتور بعضا من وقته ليشرح لنا ويعلمنا قيم العولمة...فشخصي باعتباري من الفئة الوسطي لا يعرف هذه الكلمات الكبرى(قيم العولمه) وما يصل إلى عقلي هو نتاج هذه القيم... اسمع عن القتل بيد باردة لشعوب وأمم تحت مسمى العولمة.. وشركات تنتهب الدول الصغيرة تحت قيم العولمة.. ونسمع ونرى ممارسة الحرية في تأثيم الفضيلة وإعلاء الرزيلة وآسف يا دكتور إن كنت اسمى (الاستريتش) رزيله والحجاب فضيلة لان عقلي والمحتوى المعرفي عندي يقول بذلك وليس هذا ذنبي بل ذنب البيئه والمجتمع المتجمد الذى عشت وتربيت فيه.
يقول الدكتور : (لقد أنشأ الله الغابة و أنشأ لها قيمها ، و أنشأ الإنسان الحضارة و أنشأ لها قيمها)
فالمنشى لقيم الغابة هو الله والمنشى لقيم الحضارة هو الإنسان وأنا ادعوك لنقارن بين فعل الرب وبين فعل الإنسان ولا أتصور أن قيم الحضارة التي أبدعها الإنسان يمكن أن تتدنى إلى قيم الغابة والعكس فان قيم الغابة لا يمكن أن تتطور إلى قيم الحضارة التي أبدعها الإنسان بفرض أن الغابة تشير إلى التخلف والحضارة تشير إلى الرقى في أدبيات سيادتكم ومن فهمنا لقولك يمكننا أن نستنتج الفرق بين فعل الرب وبين فعل الإنسان.
أخيرا نقول :
أن الدكتور في طرحه لقضاياه يأتينا بقوالب جاهزة لمنتج تاريخي تمت صياغته بمعرفة السيد الدكتور ثم يوظف هذا المنتج فيفرضه كبدهية ومسلمة تقوم حجه ودليل على الحراك التاريخي
إنها وسيله مكشوفة للنيل من تاريخ الإسلام ونحن لا نمانع في أن نسبر غور هذا المنتج وليسمح لنا الدكتور أن نشاركه فحص هذا المنتج لنعرف ويعرف هو أيضا مدى فساد هذا المنتج لان بعثرة الاطروحه وتجزيئها وإخفاء بعضها وإبراز ما يريده ثم جمع المتناثرات في سياق يبدوا للناس انه متسق كل هذا لا يمثل خليقة العلم و ويخرج صاحبه من الحياد العلمي وارجع السيد الدكتور الى كارل بوبر ويبدوا أن كارل تنبأ بأعمال السيد الدكتور.
وللحديث بقية .....
mOSLIMONLINE