المستشرق:
هو العالم الذي يشتغل بتلك الدراسات، وأغلب المستشرقين يهدفون من دراستهم تشكيك المسلمين في معتقداتهم وتراثهم التاريخي والفقهي، وإضعاف روح المقاومة الروحية والمعنوية في نفوس المسلمين..

لقد كان الاستشراق وليد الاحتكاك بين الشرق الإسلامي والغرب النصراني أيام الفتوحات الإسلامية للغرب، وإبَّان الاستعمار الغربي الصليبي للشرق، وعن طريق السفارات والرحلات، وكان الدافع الأساسي لحركة الاستشراق الجانب اللاهوتي النصراني بغية تحطيم الإسلام من داخله بالدس والكيد، وإثارة الشبهات والشكوك حول مبادئه وقيمه وشرائعه وتاريخه.
بدأ الاستشراق اللاهوتي الديني فقد بدأ بشكل رسمي حين صدور قرار مجمع فينا الكنسي عام 1312هـ بإنشاء عدد من كراسي اللغة العربية في عدد من الجامعات الأوربية.
وقد ظهر مفهوم الاستشراق في أوربا في نهاية القرن الثامن عشر، إذ ظهر أولاً في إنجلترا عام 1779م، وفي فرنسا 1799م، وفي سنة 1838م أدرج في قاموس الأكاديمية الفرنسية.
ويعد القرنين التاسع عشروالعشرين عصرا الازدهار الحقيقي للحركة الاستشراقية ففي شهر مارس 1795م أنشأت الحكومة الفرنسية مدرسة اللغات الشرقية الحية، وبدأت حركة الاستشراق في فرنسا تتجه نحو اتخاذ طابع علمي على يد سلفستر دي اس 1838م الذي أصبح إماماً للمستشرقين في عصره، وإليه يعود الفضل في جعل باريس مركزاً للدراسات العربية يؤمّها التلاميذ والعلماء من مختلف أوربا ليتعلموا على يديه.
وفي منتصف القرن التاسع عشر قام المستشرقون بإنشاء جمعيات للدراسات الاستشراقية في مختلف بلدان أوربا وأمريكا، فتأسست أولاً الجمعية الآسيوية في باريس عام 1822م، ثم الجمعية الملكية الآسيوية في بريطانيا وايرلندا عام 1823م، والجمعية الشرقية الأمريكية عام 1842م، والجمعية الشرقية الألمانية عام 1845م، وأول مجلة استشراقية أصدرها "هام برجشتال" في فينا باسم "ينابيع الشرق" من سنة 1809-1818م وفي عام 1895م ظهرت في باريس مجلة الإسلام الاستشراقية، وفي 1906م ظهرت مجلة العالم الإسلامي التي أصدرتها البعثة العلمية الفرنسية في المغرب، ثم تحوّلت هذه المجلة إلى مجلة الدراسات الإسلامية، وفي عام 1910م ظهرت مجلة الإسلام الألمانية، وفي 1912م ظهرت مجلة عالم الإسلام الروسية، وفي 1911م ظهرت مجلة العالم الإسلامي الأمريكية برئاسة القس زويمر رئيس المبشرين في الشرق الأوسط.
وشهد القرن التاسع عشر بداية عقد المؤتمرات الدولية الاستشراقية، ففي باريس عام 1873م عقد أول مؤتمر دولي استشراقي، ثم توالى عقد المؤتمرات الاستشراقية، وقد بلغ عددها العشرات، وهي تضم مئات العلماء المتخصصين في الدراسات الإسلامية، وقد نشرت بحوث ودراسات المؤتمرات الاستشراقية في عدة مجلدات، ولا يزال المستشرقون يستفيدون من نتائج هذه المؤتمرات في كتاباتهم ومؤلفاتهم التي يبثون فيها مواقفهم التشكيكية من الإسلام عقيدة وشريعة وتاريخاً.
وقامت الجامعات الغربية بتأسيس كراسي للدراسات الاستشراقية في علوم الإسلام وآدابه وحضارته، ولقد تخرّج على أيدي الأساتذة المستشرقين عدد من المستشرقين الجدد وعدد لا يستهان به من الطلاب القادمين من العالم الإسلامي، ومما يأسف له أن بعضهم أصبحوا معاول هدم في بلدانهم الإسلامية

1 -انظر الاستشراق والخلفية الفكرية للصراع الحضاري ص 18-40، الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب المعاصرة، إصدار الندوة العالمية للشباب الإسلامية، السعودية ص 33 وما بعدها، عقائد وتيارات فكرية معاصرة ص 156-157، أجنحة المكر الثلاثة ص 89 وما بعدها.


2 - انظر الاستشراق والخلفية الفكرية للصراع الحضاري ص 18، أجنحة المكر الثلاثة للميداني