قراءة / مالك شبل في كتابه «الإسلام والعقل» يدفع تهمة اللاعقل عن الدين الحنيف
عن دار النشر الباريسية (بيران) صدر للمفكر العربي الدكتور مالك شبل، قبل أيام كتاب جديد يقع في 238 صفحة، يحمل عنوان: «الاسلام والعقل: صراع الأفكار», وهو مساهمة فكرية تأتي في سياق النقاش الذي تجدد حول الاسلام بعد 11 سبتمبر، ليغنيه باتجاه الدفاع عن براءته من دعاوى التشدد التي يسعى البعض في الغرب، ومن بين المسلمين أيضا، الى إلصاقها بالدين الحنيف.
والكاتب الدكتور مالك شبل هو باحث جزائري الأصل مقيم في فرنسا، متخصص في انتربولوجيا العالمين الاسلامي والعربي وتاريخ الأديان, تشهد له انتاجاته الفكرية الغزيرة مستوى وكما على جرأته في طرق مواضيع ترتبط بعمق وهوامش الدين الاسلامي قلما انتبه اليها غيره من المفكرين العرب، وتلقى تهافتا كبيرا من قراء الفرنسية الفرنسيين والعرب لدرجة أن كتبه تنفد سريعا من المكتبات.
ومن أبرز كتبه «قاموس الحب في الاسلام»، «الحب في الاسلام»، «الخيال العربي الاسلامي»، «الجسد في الاسلام» و«الاسلام ولع فرنسي».
في كتابه الأخير «الاسلام والعقل: صراع الأفكار» الذي نزل الى المكتبات الفرنسية منذ أيام، ينخرط مالك شبل بعمق في معمعات النقاش الجاري حول تحدي الاسلام للغرب، وهو الذي لم يغب أبدا عن شاشات التلفزيونات الأوروبية مدافعا عن الاسلام والمسلمين الذين يفخر بالانتماء اليهم، ليرد على دعاوى التحريض من هذا الجانب أو ذاك بأن الاسلام ــ كدين وكحضارة ــ لا ولم يناهض العقل ولا الحداثة, هذا الاسلام، يقول شبل: «الذي حمل الى العالم الجبر والحساب والعطور وفنون الطبخ والموسيقى ودار الحكمة، واهتم بالفلك المستند الى العقل والى المعارف والعمل والتبادل واحترام الآخر، لقد حاولت (من خلال كتابي) أن أظهر أن الاسلام أكثر انسانية مما نعتقد وأكثر قربا منا لأنه يخاطب العقل فينا والعاطفة، ولم ينزل لينشر الرعب في العالم».
لكن الاسلام بقوة واقع العالم الجديد لما بعد 11 سبتمبر يجد نفسه بين فكي كماشة الجماعات الاسلامية المتشددة التي لا تمثل سوى أقلية من المسلمين من جهة وتسعى الى أسلمة العالم، وغالبية الغربيين الذين لا يفهمون حقيقة الاسلام من جهة أخرى, ويدافع شبل بأن التشدد خلال حقب الاسلام المتلاحقة يواجه من طرف مفكري الاسلام العظماء كابن رشد وابن خلدون والفارابي، وأن الصراع الحالي بين دعاة التشدد ودعاة التعقل ليس جديدا على العالم الاسلامي.
فالعودة الى التاريخ الاسلامي التي تقدمها فصول الكتاب، تكشف للقارئ أن الصراع الفكري بدأ مع حرب الورثة التي أعقبت وفاة الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم)، واستمر مع المعتزلة الذين كانوا أول مفكري الاسلام الأحرار واخوان الصفا,,, ويفرد الكاتب فصلا لما يسميه روح قرطبة التي قدمت للعالم نموذجا متطورا للتسامح الأندلسي بين الديانات السماوية الثلاث، كما يحدثنا عن الصوفية المسلمين وتفتحهم الروحي وعن جدل علماء المسلمين حول العقل واللاعقل.
ان مالك شبل من خلال صفحات كتاب «الاسلام والعقل: صراع الأفكار»، يحلل بحنكة عالم الاجتماع المتمرس بقضايا الاسلام خطاب القرآن، ويستلهم من وقائع التاريخ عناصر التحليل التي لا غنى عنها لكل من يسعى الى فهم ما يجري في العالم الاسلامي راهنا ومستقبلا.
وعلى عادته، يختم مؤلفه الجديد ــ وهو الولوع بالموسوعات الاسلامية ــ بملحق عن أعلام المسلمين الذين ورد ذكرهم في الكتاب، وبجدول كرونولوجي يسرد أهم الأحداث في تاريخ العرب والمسلمين ثم بلائحة طويلة من المراجع المتخصصة موجهة لكل من يبحث عن تعمق أكثر في الموضوع.


المصدر: جريدة الرأي العام